صحيفة البلاد:
2025-05-19@23:45:00 GMT

هل ينوب المترجم الآلي يوماً ما عن الإنسان؟

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

هل ينوب المترجم الآلي يوماً ما عن الإنسان؟

قرأت ذات يوم هذا السؤال الذي عنونت به مقالي في منصة اكس، وتباينت آنذاك الإجابات عليه. ولست هنا لأقدم إجابة قطعية، بل أثير التساؤلات مقارنةً بينه وبين صانعه، المترجم البشري وذلك مما لاحظته ووقفت عليه من خبرة امتدت في هذا المجال لأكثر من عقد من الزمان. لننطلق من أن المترجم البشريّ، هو إنسان يعرف لغتين أو أكثر بثقافاتهم المختلفة على نقيض نظيره الآلي الذي يترجم استناداً على ما أُدخل فيه من لوغاريتمات لا تحمل في طيّاتها أي مشاعر أو اعتباراتٍ للمتلقي.

إن إلمام المترجم البشريّ بثقافات اللغات التي يترجم منها أو إليها ، يعطيه ميزة التعرف على المواضيع الحساسة والمشاعر الإنسانية التي قد تعتري الأمم تجاه قضية أو موضوع محدد، فعندما يترجم المترجم السعودي خبراً عن مشاريع رؤية ٢٠٣٠ ، فستعتري نبرة الحديث الفخر منعكساً في انتقائه للمفردات. ويظهر ذلك أيضاً في أقرانه من المترجمين العرب مما لاحظته بحثياً وعملياً أثناء ترجمة العبارات المخالفة شرعياً أو تربوياً كالكلمات النابية وذلك مراعاة لطبيعة المجتمعات العربية المحافظة. وهذه الصبغة الإنسانية والثقافية لا يمكن للمترجم الآلي مجاراتها.

ننتقل بالإضافة إلى ما سبق إلى تحدِِّ آخر للمترجم الآلي، ألا وهو التعامل مع اللهجات المحلية التي تتمايز لكل دولة، بل أيضاً في نطاق الدولة الواحدة. وقد تكون هذه اللهجات أصعب من أن تحصى أو تدون تدويناً لوغاريتمياً ليكون لها برنامج خاص يحتويها. في حين أن المترجم المتمرس قادرٌ على التمييز بين هذه اللهجات، وفهم سياق الحديث ومفردات اللهجات المميزة.

أخيراً وليس آخراً، تزدهر اللغات وتتطور بالتعاملات اليومية بين البشر والذي يعدُ تحدٍ شائك للآلات. فتحدث أغلب المعاجم العربية أو الإنجليزية دوريّاً لتواكب التطور الذي يطرأ على اللغات إما بإدخال كلمات جديدة أو إزالة آخرى لدخولها طيّ النسيان. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، يستخدم الناس في العالم أجمع كلمة “الساندويتش” التي أدخلت على العربية باستخدام استراتيجية النقحرة وذلك لأن معناها العربي الذي أُصدر بداية استخدام هذه الكلمة في المجتمعات العربية كان عبارة عن وصفها بالتالي: “الشاطر والمشطور وما بينهما” مما يجعل استخدامها بصورة يومية مستحيل لصعوبتها وطولها، مقارنة بأن هذه الكلمة تستخدم لتصف طعاماً يعد بسرعة. ففي هذه الحالة مثلاً، قرر البشر أن يُنَحُوا الجملة الوصفية ويدخلوا الكلمة الإنجليزية إلى العربية لاستخدامها مستندين على سهولتها لهم وقدرتهم استخدامها اليوميّ، فهذا التقدير البشري لا يتم آلياً وإن قُدّر آلياً فسيكون بمساعدة بشريّ.

اللغات واللهجات أُوجدت ليتواصل البشر فيما بينهم لينقلوا ثقافاتهم وعلومهم لشعوب العالم أجمع، فهي بدأت بالبشر وللبشر وكما يقال :”أهل مكة أخبر بشعابها”.
عضو هيئة تدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

AbeerAlkahtani1@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

ثورة تكنولوجية.. ابتكار جهاز عصبي يحاكي عمل الدماغ البشري

طور مهندسون في جامعة RMIT الأسترالية جهازاً عصبياً صناعياً متقدماً قادرًا على محاكاة وظائف الدماغ البشري، حيث يستطيع التعرف على حركات اليد، تخزين الذكريات، ومعالجة البيانات المرئية في الوقت الفعلي، مما يعد نقلة نوعية في مجالات الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة وأنظمة التفاعل البشري.

قاد البروفيسور سوميت واليا، رئيس مركز المواد والمستشعرات البصرية الإلكترونية، نتائج البحث التي نشرت في مجلة Advanced Materials Technologies، فريق البحث الذي استخدم مادة فائقة الرقة من ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS₂)، وهي مادة تلتقط الضوء وتحوله إلى إشارات كهربائية مشابهة لتلك التي تصدرها الخلايا العصبية في الدماغ. يعمل الجهاز بطريقة تشبه الدماغ، حيث يخزن الإشارات ويطلق نبضات عند تراكمها، مما يمكنه من الاستجابة الفورية للتغيرات المحيطة دون استهلاك كبير للطاقة أو وقت المعالجة.

وأوضح البروفيسور واليا أن الجهاز “يحاكي قدرة العين على التقاط الضوء وقدرة الدماغ على معالجة المعلومات البصرية، مما يجعله يشعر بالتغيرات البيئية فوراً ويكوّن ذكريات دون الحاجة إلى كم هائل من البيانات أو الطاقة.”

خضع الجهاز لاختبارات أظهر فيها دقة 75% في التعرف على الصور الثابتة بعد 15 دورة تدريب، و80% في المهام الديناميكية بعد 60 دورة، كما تمكن من اكتشاف حركة اليد عبر تقنية الإدراك الكنتوري، مما يقلل الحاجة لمعالجة كل إطار على حدة ويوفر الطاقة. هذه “الذكريات” المخزنة تجعله أقرب إلى طريقة عمل الدماغ البشري.

ويؤكد الباحثون أن لهذه الأنظمة العصبية الصناعية إمكانات كبيرة في تطوير تقنيات ذكية موفرة للطاقة، وقال أحد مؤلفي الدراسة، الحوراني، إن “التقنية تسمح للروبوتات بالتعرف على سلوك الإنسان بسرعة ودقة، وهو أمر بالغ الأهمية في البيئات الصناعية والمنزلية عند العمل بجانب البشر.”

وأشار واليا إلى أن “الجهاز يعمل بطريقة تماثلية تشبه الدماغ على عكس الأنظمة الرقمية التي تستهلك طاقة عالية لمعالجة البيانات، ما يجعله مثالياً لتنفيذ مهام في الوقت الحقيقي، خصوصًا في المركبات الذاتية القيادة حيث رد الفعل السريع أمر حاسم لإنقاذ الحياة.”

كما يتفوق الجهاز على الأنظمة السابقة التي تعتمد على الأشعة فوق البنفسجية، إذ يعمل في الطيف المرئي ويدعم إعادة ضبط الذاكرة لمهام جديدة، مما يفتح المجال أمام تطبيقات معقدة مثل الرؤية بالأشعة تحت الحمراء لمراقبة الانبعاثات والكشف عن السموم.

واختتم واليا بالقول: “نعتبر هذا العمل مكملًا للحوسبة التقليدية وليس بديلاً عنها، حيث تقدم التقنية العصبية ميزات في معالجة البيانات المرئية مع كفاءة طاقة ومعالجة فورية ضرورية.”

مقالات مشابهة

  • المساواة و الإختيار الآلي.. الداخلية تحدد معايير أداء الخدمة العسكرية
  • ثورة تكنولوجية.. ابتكار جهاز عصبي يحاكي عمل الدماغ البشري
  • وقفة في ساحة كلية الطب البشري بجامعة حلب إحياءً لذكرى المظاهرة الكبرى التي شهدتها الجامعة ضد ممارسات النظام البائد وتقديراً لتضحيات الشهداء.
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • شح الأراضي الزراعية حول العالم بفعل النشاط البشري
  • افتتاح مركز الإصدار الآلي للخدمات المرورية في متنة بصنعاء
  • بن حبتور: مشروع المقاومة ينوب عن الأمة في التصدي للمشروع الأطلسي الصهيوني
  • منصور بن زايد يشارك في القمة العربية التي بدأت أعمالها في بغداد
  • نائب إطاري يدعو السوداني إلى التعامل بالمثل مع الدول العربية التي حضرت للقمة بمستويات أدنى
  • جراب المترجم.. ندوة لمتخصصي الترجمة بالأمم المتحدة بألسن عين شمس