جريدة الوطن:
2025-06-27@21:13:45 GMT

بكين والسياسة الناعمة

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

بكين والسياسة الناعمة

جاءت زيارة وزير الخارجيَّة الأميركي (أنتوني بلينكن) قَبل فترة إلى بكين، بعد تأجيل طال واستطال، إثْر ما أسمته واشنطن واقعة «منطاد التجسُّس الصيني» الذي دخل أجواءها، قَبل نَحْوِ ستَّة شهور مضت، وتحديدًا في شباط/فبراير 2023، وما استتبعه من تصعيد إعلامي مُتبادل واتِّهامات، بل وتسخين عسكري أميركي في بحر الصين ومضيق تايوان قرب الشواطئ السياديَّة لجمهوريَّة الصين الشَّعبيَّة.


فقَدْ بدأ وزير الخارجيَّة الأميركي، أنتوني بلينكن، محادثات في الصين الشَّعبيَّة، وهي الزيارة الأعلى مستوى لدبلوماسي أميركي منذ نَحْوِ خمس سنوات للصين الشَّعبيَّة. وبجدول أعمال كان زاخمًا بالملفات والعناوين، حيث تُشدِّد بكين على الخطوات التي اتَّخذتها على الصعيد الدبلوماسي لتعزيز موقفها الرافض لمنطق القوَّة الأميركي التي تستعرض حالها في بحر الصين والعلاقات العسكريَّة التسليحيَّة (التحالفيَّة) مع تايوان، وتزويد الأخيرة بالعتاد المُتطوِّر في مواجهة بكين، خصوصًا سلاح الطيران والصواريخ.
وفي الحقيقة، إنَّ المسائل الخلافيَّة بَيْنَ بكين وواشنطن عميقة ومتعدِّدة ولها أكثر من وجْه: اقتصاديَّة، تجارية، عسكريَّة، أمنيَّة، صراعات قوى دوليَّة…إلخ. وتلخّص الصراع الدائر في الخريطة الدوليَّة، بَيْنَ عالَم ينحو نَحْوَ القطبيَّة المُتعدِّدة، وبَيْنَ مَن يدافع عن القطبيَّة الأحاديَّة. ولا ننسى في هذا المقام الصراع الاقتصادي والتجاري بَيْنَ واشنطن وبكين، والحديث المتواتر عن التَّخلِّي الصيني والروسي التَّدريجي عن الدولار، وتوقيع الصين الشَّعبيَّة والسعوديَّة على أربع وثلاثين اتفاقيَّة، بقيمة حوالي ثلاثين مليار دولار، في قِطاعات التكنولوجيا والطاقة المُتجدِّدة والزراعة والعقارات والتعدين والسِّياحة والرعاية الصحيَّة، فضلًا عن صفقة استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار، كذلك الحال مع طهران، حيث تعتمد بكين، وباعتبارها ثاني مُستهلك للطاقة الأحفوريَّة في العالَم على النفط الإيراني والسعودي بشكلٍ أساسي، وعلى الغاز الروسي.
وبالإجمال، ينظر الجانبان الصيني والأميركي إلى الزيارة التي تمَّت لوزير الخارجيَّة الأميركي على أنَّها خطوة، لا يُمكِن اعتبارها قادرة على إحداث أيِّ خرق حقيقي وجدِّي في مسار العلاقات بَيْنَ بكين وموسكو، لكنَّها تُرطب الأجواء نسبيًّا، وقَدْ تمهِّد لزيارات مسؤولين آخرين، تكُونُ ذات أهمِّية أكبر، وتحديدًا لعقد قمَّة طال انتظارها بَيْنَ الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره الصيني الرئيس القوي (شي جين بينج).
أخيرًا، إنَّ عدَّة أطراف دوليَّة مؤثِّرة في جنوب شرق آسيا، وعلى مقربة من الواقع الجيوسياسي في تلك المنطقة، تتوجَّس في شأن ما يجري بشأن الوضع المتوتِّر بشأن مسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي، وتسعى لخلق فاعليَّة أكثر نجاعة في بناء قنوات اتِّصال بَيْنَ بكين وواشنطن لنزع فتيل التوتُّرات الحاليَّة في منطقة بحر الصين الجنوبي، التي قَدْ تتصاعد خلال أيِّ أزمة محتملة، ومن جملتها ما يجري بَيْنَ السُّفن البحريَّة الأميركيَّة (العسكريَّة) والطائرات في مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي. فيما الاتِّهامات الأميركيَّة تطول بكين، ومِنها أنَّها باتتْ تمتلك «قاعدة تجسُّس» أنشأتها في كوبا، تقول واشنطن بأنَّ تلك القاعدة تسمح لبكين بالقدرة على مراقبة الاتِّصالات على امتداد جنوب شرق الولايات المُتَّحدة.
إنَّ سياسة بكين تتَّسم بالدبلوماسيَّة الهادئة، التي تتجنَّب عمليَّة «المكابشة» في المواجهة، لكنَّها طويلة النَّفْس، بل وقاسية حتى بنعومتها.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة الأمیرکی بحر الصین

إقرأ أيضاً:

مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام واتساب على أجهزته

أعلن مجلس النواب الأميركي حظر استخدام "واتساب" على جميع الأجهزة الخاصة بالمجلس، وذلك عقب مخاوف أمنية متعلقة بالتطبيق وآلية تشفير البيانات الخاصة به وفق ما جاء في تقرير وكالة رويترز.

وأشار التقرير إلى أن مجلس النواب اعتمد على إرسال مذكرة لجميع الأعضاء والموظفين، مؤكدا حظر استخدام التطبيق بسبب المخاوف الأمنية والتي تتضمن غياب الشفافية حول حماية بيانات المستخدمين وعدم تشفير البيانات المخزنة مما يتسبب في ثغرات أمنية عديدة.

وتأتي هذه المذكرة مباشرة من المسؤول الإداري الرئيسي للمجلس، مرشحا استخدام تطبيقات التواصل الأخرى مثل "تيمز" ومراسلات "آبل" أو "ويكر" التابع لشركة "أمازون" فضلا عن "سيغنال" وتطبيقات "آبل" للتواصل السريع.

ولاقت هذه الخطوة استهجانا واضحا من "ميتا" التي أكد المتحدث الرسمي باسمها أنها تعتمد على أعلى مستوى من الأمن السيبراني مقارنة ببقية التطبيقات.

وتعد هذه الخطوة الأحدث في سلسلة من الأزمات الأمنية التي واجهها تطبيق "واتساب" الفترة الماضية، بدءا من اختراق الشركة الإسرائيلية "باراغون" لهواتف مجموعة من الصحفيين والحقوقيين في أكثر من مكان حول العالم، وربما تعد مشكلة السلطات الإيطالية مع التطبيق أحد أبرز هذه القضايا الراهنة.

وفي كلا الحالتين أنكرت إدارة "ميتا" هذا الأمر واستهجنت بلغة شديدة مدعية أن تطبيقها مؤمّن بشكل كامل وقادر على مواجهة جميع الهجمات السيبرانية مهما كانت.

ولكنها ليست المرة الأولى التي يحظر فيها مجلس النواب استخدام تطبيق ما على الهواتف الصادرة منه، إذ حظر سابقا استخدام تطبيق "تيك توك" عام 2022 تزامنا مع بداية أزمة التطبيق الأمنية.

ورغم ترجيح مجلس النواب لاستخدام تطبيقات أخرى مثل "سيغنال" فإن الأخير ليس آمنا بشكل كامل، وربما كان المثال الأوضح على ذلك أزمة "سيغنال غيت" التي حدثت منذ عدة أسابيع.

إعلان

مقالات مشابهة

  • دور الإعلام اليمني في تعزيز الهوية الإيمانية ومواجهة الحرب الناعمة
  • الصين: أمريكا ستلغي عددا من الإجراءات التجارية التقييدية ضد بكين
  • إيكونوميست: جيش المهندسين الصيني الجديد
  • التجارة الصينية: الولايات المتحدة تلغي عددا من الإجراءات ضد بكين
  • تحركات في الكونغرس الأميركي لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية
  • الجيش الصيني يعلن الجهوزية للقتال.. والسبب؟
  • هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب ضد الصين بسبب تايوان؟
  • وفد من دار نشر بريل (Brill) يزور فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين لبحث آفاق التعاون
  • ترامب يحث الصين على شراء النفط الأميركي
  • مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام واتساب على أجهزته