النووي الأمريكي من غزة وحتى هيروشيما
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
قصفت أمريكا الشعب الياباني بالقنابل النووية لمرة واحدة، ولكنها لم تطرد يابانيا واحدا من أرضه، ولم تشرد يابانيا من بيته، ولم تستول على مصانع اليابانيين ومزارعهم.
ولم تحتل مدنهم وقراهم، ولم تتركهم لاجئين في شتى أصقاع الأرض، بلا وطن، وبلا هوية، ولم تواصل أمريكا ذبح اليابانيين على مدار الوقت، ومطلع كل شهر، وكأن الموت الأمريكي قدر اليابانيين الذين شنوا هجومهم العسكري على بير الهاربر، فاستحقوا القنابل النووية التي قتلت عشرات آلاف البشر.
تواصل المجازر
ما يتساقط على رأس الفلسطينيين من قنابل إسرائيلية وصواريخ هي أكثر وحشية وإرهابا من القنابل النووية الأمريكية التي ألقيت على هيروشيما، وهذه السكين الإسرائيلية تواصل الحز على العنق الفلسطيني دون انقطاع، ودون توقف، ودون رحمة، منذ وطأت أول قدم صهيونية لأرض فلسطين، واشتبكت مع الفلاحين الفلسطينيين، الذين رفضوا ترك أراضيهم للعصابات اليهودية سنة 1908، لتتواصل المجازر بحق الشعب الفلسطيني من ثورة 1919، وحتى ثورة البراق 1929، ومن ثم ثورة 1936، وما تلاها من مجازر بريطانية صهيونية، بحيث لم يخل يوم دون أن يراق دم الفلسطينيين، ودون أن يخترق الخنجر الصهيوني أحشاء مستقبلهم.
أمريكا قصفت اليابان بقنبلتين نوويتين، لمرة واحدة، واكتفت بذلك، ولكن إسرائيل لم تكتف بقصف الفلسطينيين بالتهجير من ديارهم، واغتصاب مدنهم وقراهم سنة 1948، وهذه أكثر وحشية من القنبلة النووية، بل لاحقتهم على طول الوقت بالتآمر تارة، وبافتعال المعارك تارة أخرى، حتى صار الدم الفلسطيني المراق في الشوارع من علامات الشرق، ومن مقومات الوجود الإسرائيلي، وهم يشكلون المجموعة الإرهابية 101، بقيادة الإرهابي شارون، سنة 1951، والتي واصلت اقتحام غزة، وتصفية المدنيين، وقتل المواطنين، خلال اصطفافهم أمام مراكز الأونروا لتوزيع المساعدات، وهذه قنبلة نووية أخرى، حتى جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة سنة 1956، ليذبح الجيش الإسرائيلي كل عنق وصلت إليها السكين الإسرائيلية، وهذه قنبلة نووية ثالثة.
حصار بيروت
سنة 1967، ذبح الصهاينة من المصريين والسوريين والأردنيين مئات آلاف العرب، وذبح الصهاينة من سكان غزة عدة آلاف، لتتواصل المجازر بحق سكان غزة والضفة الغربية منذ ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا دون توقف، فمن الغارات على الأردن، إلى الغارات والتصفيات في المدن اللبنانية، وحتى حصار بيروت 1982، ليتجاوز عدد المعتقلين الفلسطينيين مليون معتقل، ويتجاوز عدد القتلى الفلسطينيين مئات آلاف القتلى مع انتفاضة الحجارة 1978، ومن ثم انتفاضة الأقصى 2000، وما تلى ذلك من اقتحام للضفة الغربية سنة 2002.
ومن ثم شن المعارك العنيفة على غزة 2009، وعدوان 2012، وعدوان 2014، وما تلى ذلك من ذبح للفلسطينيين في الضفة الغربية خلال انتفاضة 2015، ومن ثم المعارك اليومية على حدود غزة، حتى جاءت معركة طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهذه المعركة بحد ذاتها فاقت بإرهابها ما تعرضت له اليابان من قنابل نووية.
هذا الاستعراض السريع للمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، جاء للتذكير أن أمريكا ألقت على اليابان قنبلتين نوويتين لمرة واحدة، فقتلت من قتلت، ودمرت ما دمرت، ليحيا الشعب الياباني بعد ذلك فوق أرضه، وفي مصانعه ومزارعه بلا عدوان أمريكي مباشر، وهذا ما لم يتحقق للفلسطينيين الذين ما زالوا يتلقون القنابل الإسرائيلية، ويُذبحون بأحدث ما انتجته الصناعات الحربية الأمريكية، دون توقف، ودون رادع، ودون وازع من أخلاق، أغلقت عليها الأمم المتحدة الأدراج، بفعل الفيتو الأمريكي.
ومن المفارقات المقززة في هذه المقارنة، أن القنابل النووية الأمريكية التي ألقيت على اليابان، كانت من إبداع الصناعات الإرهابية الأمريكية، وقد يكون بعض يهود أمريكا جزءاً من صناعة القنبلة النووية الأمريكية، ليتلقى الشعب الفلسطيني في القرن الواحد والعشرين، قنابل أمريكية الصنع، شارك في تطويرها وتهويل تفجيراتها صهاينة، يحملون الجنسية الأمريكية، ولكن ولاءهم وانتماءهم لإسرائيل.
يحكى أن السفير الأمريكي وعددا من سفراء أوروبا رفضوا مشاركة اليابانيين ذكرى إحياء مذبحة هيروشيما وناغازاكي، والسبب يرجع لعدم دعوة اليابان سفير إسرائيل لحضور المناسبة، وهذا يؤكد على عمق تحالف الإرهابيين، وحقدهم على البشرية.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الياباني غزة العدوان اليابان الولايات المتحدة غزة الاحتلال العدوان مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القنابل النوویة ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الناجون من القنبلة النووية (2)
أ. د. حيدر أحمد اللواتي
بعد مرور ما يقارب من ثلاثين يوما من إلقاء القنبلة النووية بدأ بعض المرضى الناجين يعانون من فقدان شبه كامل لجميع أنواع خلايا الدم وبدأوا يموتون بسبب جميع المضاعفات الطبية المرتبطة بهذه الحالة.
إن سبب ظهور هذه المشاكل الدموية في وقت متأخر، هو أن خلايا نخاع العظم -وهي الخلايا التي تصنع جميع مكونات الدم- تنقسم بسرعة مما يجعلها أكثر حساسية للإشعاع، فكلما زادت سرعة انقسام الخلايا زاد تأثير الإشعاع عليها ومع ذلك، لا تسبق هذه المتلازمة متلازمة الجهاز الهضمي لأن خلايا الدم الناضجة لها عمر متوسط أطول في الدورة الدموية مقارنة بخلايا الجهاز الهضمي؛ ثلاثون يومًا مقابل ثمانية أيام، لذلك، يمكن للدم أن يستمر في أداء وظائفه لفترة أطول قبل أن يُلاحظ نقص الخلايا الجديدة، ومع ذلك، بحلول اليوم الثلاثين، تصبح الخلايا الناضجة قديمة وتبدأ في الموت، وغياب الخلايا البديلة يؤدي إلى فقر دم شديد.
والمحصلة النهائية لهذه القنبلة المدمرة، مقتل 200 ألف شخص، بالإضافة إلى تدمير شبه كامل لمدينة هيروشيما، لكن ذلك لا ينقل لنا الصورة بكاملها، فالناجون من الموت كانت لهم معاناتهم الخاصة بهم، فمع مرور الوقت، بدأت تظهر أمراض مزمنة، مثل فقر الدم، وضعف الجهاز المناعي، والالتهابات المتكررة التي كانت تصعب معالجتها بسبب ضعف قدرة أجسامهم على التعافي، كما ظهرت مشاكل صحية في القلب والرئة، مرتبطة أيضًا بالتعرض للإشعاع.
الأمر الأكثر إثارة للقلق كان ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان بين الناجين، وخاصة سرطان الدم، أو اللوكيميا، كان الأكثر شيوعًا، كما زادت معدلات الإصابة بسرطانات الغدة الدرقية، والرئة، والمعدة، وهي أمراض مرتبطة بالتعرض الطويل للإشعاع النووي.
لقد ظل هؤلاء الناجون يكافحون هذه الأمراض طوال حياتهم، بينما توفي آخرون بسبب السرطان وأمراض أخرى بعد عقود من الحادثة، وبعض هذه الآثار لم تقتصر على الناجين فقط، بل امتدت لتشمل الأجيال التالية، حيث أظهرت بعض الدراسات زيادة في الأمراض الوراثية بين أطفال الناجين.
إلى جانب الأمراض التي فتكت بأجسادهم، فإن الآثار النفسية والاجتماعية كانت عميقة أيضًا، فالناجون عاشوا في ظل صدمة نفسية كبيرة، فقدوا عائلاتهم ومنازلهم، وواجهوا وصمة اجتماعية مرتبطة بالتعرض للإشعاع.
ماذا نفعل حين التعرض لهجوم نووي؟
اتضح لنا أن التهديد الأكبر فور وقوع الانفجار النووي ليس فقط الانفجار نفسه، بل هو الإشعاع الناتج من انفجار القنبلة النووية، ولذا علينا تفادي التعرض لهذا الاشعاع سواء من خلال استنشاق الهواء الملوث أو التعرض الجسدي.
ويعد السرداب أو القبو من أكثر الأماكن التي يمكن أن توفر حماية من الإشعاع، فوجودك تحت الأرض يعني أنك محمي بطبقات من الخرسانة والتربة والجدران التي تحجب الكثير من الإشعاع، ولذا فكلما كان السرداب أعمق وأكثر صلابة، كانت الحماية أفضل، هذا الحجب يقلل بشكل كبير من تعرضك للإشعاع مقارنة بالبقاء في أماكن فوق الأرض أو في غرفة بها نوافذ كثيرة.
ميزة أخرى يوفرها السرداب وهي الحماية من موجة الانفجار، فالانفجار الأولي ينتج موجة صدمة قوية يمكن أن ترسل الحطام بسرعة قاتلة، والسرداب، المخبأ تحت السطح، يوفر بعض الحماية ضد هذه القوة التدميرية.
وتعد الساعات الـ48 الأولى بعد الحدث النووي حاسمة، فمستويات الإشعاع من السقوط الإشعاعي تصل إلى ذروتها فور الانفجار ثم تنخفض بسرعة مع تحلل الجسيمات المشعة، ولذا فالبقاء في مأمن خلال هذه الفترة يقلل من خطر الإصابة بالتسمم الإشعاعي وغيرها من التأثيرات الصحية الفورية، بنسبة تصل الى 100 مرة.
لكن من المهم الالتفات إلى أن الحماية من الاشعاع تعتمد على نوع السرداب، إذ يجب أن يكون السرداب محكم الإغلاق لمنع دخول الغبار الإشعاعي والهواء الملوث، ومن الأفضل أن يحتوي على نوافذ أو فتحات قليلة.
وللحديث بقية...
رابط مختصر