سواليف:
2025-05-11@13:21:22 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 102من سورة آل عمران: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ”.
في هذه الآية الكريمة جملة من المواقف ينبغي للمتأمل فيها التوقف عند كل منها مطولاً:
أولها في الخطاب: فعندما تبتدئ آية بـ (يا أيها الذين آمنوا)، فإن ما يتلوها أمر لكل مسلم واجب التنفيذ، حيث أن المؤمنين توصيف لكل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وعندما نزلت الرسالة الخاتمة على آخر الأنبياء المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، صار من لزوم الإيمان على من عاصرها من أتباع الرسالات السابقة أن يؤمن بها وبكتاب الله (القرآن)، لأن الإيمان كل متكامل ولا يجوز انكار أي من كتب الله أو رسله، وعلى ذلك فمن أصر على تكذيب الرسول أو رسالته فذلك يعني التكذيب بالدين، لذا تسقط عنه صفة الإيمان.


ثانيا: يجب أن نعلم أن الإيمان لا ينفع من رفض الإستجابة لما أمره به الله، فإبليس ظل مؤمنا ولم يكفر بالله، فقد قال: “فَبِعِزَّتِكَ” لكنه لما عصى أمر الله غضب عليه وطرده من رحمته.
لذلك فعلى المؤمن أن ينفذ كل أمرٍ أمرَ الله المؤمنين به، وهو هنا من شقين: تقوى الله واتباع الإسلام.
ثالثا: التقوى لغةً من الوقاية، وهي الصون والحماية، وهو اصطلاحا أن يتجنب المؤمن غضب الله وسخطه، ويتمثل ذلك عمليا بعبادته بأداء فرائضه، وفعل أوامره، وترك نواهيه عن خوفٍ من الله، وعن رغبةٍ فيما عنده.
أما حق تقاته فتكون بتمثل الله أمامه يراقبه في كل حركاته وسكناته خشيةٍ له سبحانه، وعن تعظيمٍ لحرماته، وعن محبةٍ صادقةٍ له سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
رابعا: في قوله تعالى (ولا تموتن الا وانتم مسلمون) قمة الإبهار البلاغي، وذلك في استعمال (لا) التي تستعمل للزجر والنهي عن أمر يأتيه الإنسان، ويملك الخيار في أن يفعله أو لايفعله، لكن الموت أمر لا يملك الإنسان أن يقرر فيه مكانا ولا زمانا ولا كيفية، فلماذا جاء النهي عن فعله وكأنه في يد الإنسان؟.
إذاً فقد أراد رب العزة أن يقول للمؤمن: إن كان ليس بمقدورك أن تفعل شيئا إزاء الموت والذي سيأتيك من غير استئذان ولا تنبيه، فكن مستعدا له طوال الوقت …أي حافظ على أن تكون مسلما طوال حياتك.
خامسا: يريد الله أن يعلمنا أن الإسلام ليس مجرد نطق الشهادتين، فلو كان كذلك لما ذكرنا الله تعالى على أن نحافظ على كوننا مسلمين، فليس ذلك بأن نواصل التلفظ بالشهادتين طوال الوقت، بل بالممارسة العملية لمعنى الإسلام، أي تمثل مواصفات المسلم طوال حياته، والتي نستنبطها من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها:

“مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ” [صحيح مسلم].
سادسا وأخيرا: فإن ابتداء الآية بخطاب المؤمنين وانتهائها بالمسلمين، له دلالة عميقة، وهي أن واجب المؤمن هو تقوى الله، أي الحرص على أن يتوخى في حياته نيل رضاه وتجنب ما يغضبه، وأكثر ما يغضبه هو الشرك والكفر. ما ينجي من الشرك هو التوحيد، أي إفراد الله وحده بالألوهية والربوبية، وما ينجي من الكفر هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، مع عدم التفريق بين أحد من رسله، وهذا هو مضمون ما دعت إليه الرسالة الخاتمة.
لذلك يشترط في المؤمنين لاعتبارهم كذلك، يجب أن يكونوا مسلمين، بدلالة التأكيد عليهم إن كانوا يهمهم أن يقبل الله إيمانهم أن يحرص على ألا يأتي أجل أحدهم إلا وقد كان دخل في الإسلام.

مقالات ذات صلة اضطرابات جوية واسعة النطاق (أمطار رعدية وتساقط للبَرَد) تشمل دولاً عدة من إقليم البحر المتوسط 2024/09/03

“ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ” [حديث صحيح:]

“مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” [صحيح مسلم].

“لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. [متفق عليه].

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

السديس يشدد على أهمية أمن الحرمين وعدم الذهاب للحج إلا بتصريح

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، المسلمين بتقوى الله -عز وجل- قائلا "في زمان كثرت فيه الفتن الظلماء، وعمت محن الدهماء، وفي أغوار الأحداث وأعماقها تتألق قضية فيحاء عريقة بلجاء، من الضرورات المحكمات، والأصول المسلمات، ومن أهم دعائم العمران والحضارات، إنها قضية الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان".

والدة الأشقاء المكفوفين: حلمي أن يؤم ابني المصلين في الحرم الشريفبث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين

وقال  الدكتور عبدالرحمن السديس، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام، إن الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حيث قال: ( رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ )، فقدَّم الأمن على الرزق، بل جعله قرين التوحيد فجمع في دعائه بين أمنين عظيمين؛ الأمن العام الشامل لحفظ الأنفس والأبدان، والأمن العقدي، الذي يُراعى فيه التوحيد الخالص لله تعالى، وهذا معنى عظيم من معاني الإيمان الذي جاءت به شريعة الإسلام.

وبين  الدكتور عبدالرحمن السديس، أنه منذ أشرقت شمس هذه الشريعة الغراء ظللت الكون بأمن وارف، وأمان سابغ المعاطف، لا يستقل بوصفه بيان، ولا يخطه يراع أو بنان.

وقال: "تلك هي المنهجية الإسلامية الصحيحة لهذه القضية الشاملة الربيحة، قضية الأمن والأمان، فهما جنبان مكتنفان للإيمان، منذ إشراق الإسلام، إلى أن يُحشر الأنام، فلقد أعلَى الإسلام شأنها، ورفع شأنها، من خلال التزام الإيمان والتوحيد وجانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في كل أمور الحياة".

ولفت النظر إلى أن من قضايا العصر المؤرقة التي رمت الإنسانية بشرر، واصطلى بها العالم الإسلامي وتضرر، ذلكم الغزو الفكري المتتابع، والاستهانة بعقول البسطاء المتراقع المصادم لشريعة الإسلام، والمضاد لهدي خير الأنام، لم تنشب آثاره، تتأرجح بعقول بعض الشباب الأغرار، ومن يغرر بهم، ويقتل لهم في الذرى والغوارب لذا فإن من أهم أنواع الأمن: الأمن الفكري، بل هو لب الأمن وركيزته، لأن الأمم والأمجاد والحضارات إنما تقاس بعقول أبنائها وأفكارهم، لا بأجسادهم وقوالبهم.

وحذر  الدكتور عبدالرحمن السديس، من الاختراقات الإلكترونية بشتى صورها وأنواعها، وجرائم الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحًا للجميع مبينًا أنه أمام تلك الأنشطة الإجرامية متعددة الأوجه؛ فإن الواجب الوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول شق الصف وإحداث الفرقة والخلل، بالكذب على القيادات والرموز والعلماء بمقاطع مكذوبة، أو أقوال منتحلة من خلال تفعيل الأمن المجتمعي، والإبلاغ عن كل ما يخل به، فهو ضرورة حتمية لمعرفة أساليب النصب والاحتيال، وكيفية التعامل معها والوقاية منها، وحملات الحج الموهومة والمضللة؛ لوقاية المجتمع من الجرائم المستحدثة التي تنتهك الحقوق والحريات، وتستهدف الدين والأنفس والعقول والأعراض والأموال، وأن من البشائر والآمال أن نسبة الوعي بهذه الحرب محل إشادة وتقدير، فلا تهزها الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، التي هي نتاج أحقاد مفضوحة مكشوفة، ولهذا فإن الوعي المجتمعي أساس الأمن المجتمعي، محذرًا البعض أن يكون أدوات أو مطايا للأعداء دون أن يشعروا، بتصديق تلك الترهات.

ورأى الشيخ عبدالرحمن السديس أن الناجحين والطموحين أفرادًا ومؤسسات، ودولًا وكيانات، تتناوشهم سهام الحاسدين والحاقدين في كل مكان وزمان.

وأكد أن من أعظم النعم والآلاء نعمة الأمن والأمان؛ فبلادنا بحمد الله آمنة وهي بحفظ الله محفوظة، مشددًا على أهمية أمن الحرمين الشريفين وقاصديهما، ذلك أن الحج عبادة شرعية، وقيم حضارية، تلبية ورجاء ودعاء، وذكر ونداء، وخشوع وصفاء، وتوبة وثناء، فهو نظام كامل، ومنهج شامل، وعبادة خالصة مؤكدًا أهمية التزام الأنظمة والتعليمات والتوجيهات ومنها: لا حج إلا بتصريح، وهو من لوازم شرط الاستطاعة، تحقيقًا للمقاصد الشرعية الكبرى في جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وإثراء تجربة القاصدين والزائرين الدينية والقيمية، وأنه يجب تعاون المواطنين والمقيمين والمسلمين جميعًا في هذا الجانب الأمني المهم.

وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بضرورة الوحدة والاعتصام لمواجهة المخاطر والتحديات، خاصة مآسي إخواننا المستضعفين وأحبتنا المكلومين في فلسطين العزيزة، والمسجد الأقصى المبارك، فلا ننساهم من دعائنا، ونبتهل إلى الله أن يكشف عنهم ما نزل بهم، وينصرهم على عدوهم.

طباعة شارك المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس الفتن خطبة الجمعة الحرمين الشريفين الحج

مقالات مشابهة

  • لماذا شرعت الأضحية في الإسلام؟.. تعرّف على 3 أسباب لهذه السُنة
  • قيمة السماحة في الإسلام .. على جمعة يعدد فوائدها
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فوائد حسن معاملة الآخرين في الإسلام.. علي جمعة يكشف عنها
  • الفرق بين الحمد والشكر.. تعرف عليه
  • السديس يشدد على أهمية أمن الحرمين وعدم الذهاب للحج إلا بتصريح
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • شجرة الخيزران وحبل الله وزوال الظالمين
  • ادعى أنه المهدي والبابا الشرعي للكاثوليكية.. من هو عبد الله هاشم؟
  • السيد القائد يرسم معالم المرحلة: الإيمان محرك والإرادة سلاح والعزة هدف