ناقشت الدورة الخامسة من منتدى عمان للقيمة المحلية المضافة، التي جاءت بعنوان "الاستثمار في تنمية المحافظات" أهمية تحقيق النقلات النوعية في إستراتيجيات الأعمال؛ بما يتوافق مع رؤية "عُمان 2040"، والاستثمار في تنمية المحافظات والقيمة المضافة المحلية وفقًا للرؤية المستقبلية، والتي انطلقت اليوم بمحافظة مسقط برعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي، محافظ مسقط.

وتأتي أعمال الدورة مستهدفة تنمية مُستدامة للمجتمع العُماني؛ عبر توفير منصة التقاء بين المعنيين والخبراء والمختصين لوضع أطر واضحة تضمن فاعلية أكبر لاستثمارات برامج القيمة المضافة في تنمية المحافظات، وتعزيز الإنفاق على المنتجات الوطنية، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظات، وزيادة أعدادها في المجالات التي تخدم إستراتيجية التنويع الاقتصادي، في ضوء "السياسة الوطنية للمحتوى المحلي" نحو توفير فرص عمل للعُمانيين وتوطين الصناعات وتشجيع رواد الأعمال والشركات الناشئة؛ تحفيزًا للمزايا التنافسية للمحافظات، وتنسيق جهود الجميع لتعزيز مستوى استفادة المجتمع المحلي.

وهدف المنتدى إلى إيجاد معاملات ربط واقعية بين استثمارات القيمة المحلية المضافة وأولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة"، إضافة للاتفاق على الجدوى التنموية لإنشاء "الصندوق الوطني لبرامج القيمة الوطنية للشركات"، مع بلورة مسارات تنفيذ واقعية للسياسة الوطنية للمحتوى المحلي تضمن توفير فرص العمل وتوطين الصناعات، وصولًا لأُطر عملية تعزِّز فاعلية الاستثمار في التنمية المحلية وتحفِّز مؤشرات تنافسية المحافظات؛ وذلك وفق محورين رئيسيين: برامج القيمة المحلية المضافة وتنمية المحافظات، وشركاء التنمية والاستثمارات المستدامة.

وفي تصريح صحفي خاص لـ "عمان" قال الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف البلوشي: يحمل المنتدى مواضيع مهمة ترتبط بتعزيز الاقتصاد العماني في المرحلة القادمة مع التركيز على تنمية المحافظات، مشيرا إلى أن المحتوى المحلي يعد من المحاور الاستراتيجية التي وردت في رؤية عمان 2040 وهو مطلب ملحّ للانتقال بالاقتصاد العماني إلى مرحلة أكثر تقدما واستدامة.

وتابع الخبير الاقتصادي أن مسار القيمة المحلية المضافة هو مسار مهم للاقتصاد العماني، مشددا على أنه يجب الدفع به نحو الأمام من خلال تطبيق الملفات ذات الصلة ووضع قوانين إلزامية على الشركات لتعظيم المحتوى المحلي.

وقدّم الورقة الترحيبية للمنتدى حاتم بن حمد الطائي، الأمين العام، رئيس اللجنة العليا لأعمال المنتدى، وقال إنه على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعته جهود تعزيز القيمة المحلية المضافة، فإنه لا تزال تختلط على البعض -ولا سيما غير المتخصصين- الفوارق بين مفهوم القيمة المحلية المضافة، ومفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات.

وعرَّف الطائي القيمة المحلية المضافة على أنها الجهود المبذولة من أجل إبقاء الموارد المحلية داخل المنظومة الاقتصادية، وتشغيلها في نطاقها المحلي، دون خروجها إلى أي منظومة اقتصادية أخرى خارج الدولة، وتعني التوسُّع في المشتريات المحلية وتوطين المشروعات ودعم المنتج المحلي، وزيادة إسهامات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عملية الإنتاج.

وأضاف أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تعني الإسهام الاجتماعي الطوعي من أجل دعم المجتمعات المحلية، وتقديم خدمات لهم، مثل بناء المؤسسات الصحية أو التعليمية أو دعم الفئات الأكثر احتياجًا، وغيرها من أوجه المسؤولية الاجتماعية.

وشدد الطائي على الدور الرائد والمُهم لاقتصاد المحافظات في تعزيز النمو الاقتصادي للدولة، لكن هذا الدور يستلزم مزيدا من التوسُّع في مشروعات القيمة المحلية المضافة، والعمل المتواصل على اكتشاف الفرص الكامنة في كل محافظة؛ بل في كل ولاية، وبلورة هذه الفرص في صورة مشروعات متكاملة تخدم مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها.

وألقى المهندس غالب الهنائي، مدير عام المحتوى المحلي بمجلس المناقصات بيان افتتاح أعمال الدورة الخامسة من المنتدى، تحدث من خلاله عن تنمية المحتوى المحلي في المحافظات، مشيرًا إلى استراتيجية المحتوى المحلي، التي تستهدف القوى العاملة الوطنية، والمنتجات الوطنية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تعظيم العائد من الإنفاق المحلي.

وأبرزَ مدير عام المحتوى المحلي بمجلس المناقصات كذلك مبادرات الأمانة العامة لمجلس المناقصات؛ حيث صدرت لائحة تنظيم المحتوى المحلي، والقائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية، وإضافة متطلبات المحتوى المحلي في نظام "إسناد"، إلى جانب بناء القدرات من خلال تدريب موظفي الجهات الحكومية وتنظيم حلقات عمل لتطبيق المحتوى المحلي، فضلًا عن إطلاق برنامج "إمكان".

أكثر من 1600 مشروع

وأفاد الهنائي بأن مؤشرات المبادرات توضح أن عدد المشروعات والعقود بلغ أكثر من 1700 مشروع عقد خلال عام 2023، وأنه في العام الجاري بلغ العدد حتى الآن أكثر من 1600 مشروع وعقد، موضحا أن القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية تتضمن 2083 سلعة، و127 خدمة، و249 وظيفة.

أما ورقة العمل الرئيسية فقدمها الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، الذي تحدث عن العلاقة بين أسعار النفط والنمو في الناتج الإجمالي المحلي بالأسعار الثابتة.

استقرار الأموال

ولفت البلوشي إلى أهمية تطوير منهجية استراتيجية لبرامج القيمة المحلية المضافة، واتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها زيادة استقرار الأموال وتدويرها محليًّا، من خلال إقامة أنشطة اقتصادية، وإنتاج سلع وخدمات يغلب عليها المكون المحلي، وتحليل أفضل الممارسات العالمية لتمكين منظومات القيمة الحلية المضافة والمؤسسات العاملة بها، وتحليل أهم المؤثرات والتطورات التي من شأنها أن تؤثر على استراتيجية القيمة المحلية المضافة في السوق العماني، وبناء القدرات البشرية المتخصصة والمعرفة الكافية والمهارات المطلوبة لوضع برامج القيمة المضافة المحلية في موضع التنفيذ، والإشراك الحقيقي للقطاع الخاص وتمكينه في رسم السياسات وتحديد الأولويات الوطنية فيما يتعلق بالمحتوى المحلي، والدفع نحو مبادرات الشراء التعاقدي، وتأهيل الشركات المحلية، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، فنيًّا وإداريًّا وتقنيًّا، وتعزيز قُدرتها على مُحاكاة المواصفات والمقاييس العالمية المطلوبة محليًّا ودوليًّا.

وقدم المهندس حامد بن عبدالله العبدلي، مدير عام سلاسل التوريد بالشركة العُمانية للنطاق العريض الكلمة الرئيسية للمنتدى، كاشفًا أنه خلال الفترة من 2017 حتى 2021 بلغ إجمالي إنفاق سلسلة التوريد 144,191,905 ريالات عمانية، فيما بلغ إجمالي المبالغ المسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 23,309,769 ريالًا عمانيًّا، فيما سجلت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 16%.

وأوضح العبدلي أنه خلال الفترة من 2022 حتى 2024، بلغ إجمالي إنفاق سلسلة التوريد 81,836,689 ريالًا عمانيًّا، فيما بلغ إجمالي المبالغ المسندة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 26,832,720 ريالًا عمانيًّا، وسجّلت نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 33%.

تلا ذلك تدشين الطبعة الأولى من كتاب "المحتوى المحلي في سلطنة عُمان.. نحو مستقبل مستدام ومزدهر" إعداد المهندس كهلان الخروصي.

وتضمن المنتدى جلسة نقاشية حول "برامج القيمة المضافة وتنمية المحافظات"، ناقشت التقدُّم المُحرز على مستوى أولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة"، والدور التنموي المُتطلَّع إليه من الشركات العاملة في سلطنة عمان للمساهمة في تسريع وتيرة تنمية المجتمع المحلي عبر استثمارات برامج القيمة المحلية المضافة، وآلية التنسيق والتعاون مع مكاتب المحافظين والولاة لتحقيق مزيدٍ من الإفادات.

أما الجلسة النقاشية الثانية فجاءت تحت عنوان "شركاء التنمية والاستثمارات المستدامة"، وهدفت الجلسة إلى تحديد مسارات الشراكة في تنمية المحافظات والتحديات الحالية ومقترحات الحلول، واستعراض الرؤى حول خطط ضمان توفير فرص العمل والتدريب، وتوطين الصناعات، واستشراف فاعلية الاستثمار في التنمية المحلية وتحفيز مؤشرات تنافسية المحافظات من وجهة نظر استثمارية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الصغیرة والمتوسطة القیمة المحلیة المضافة فی تنمیة المحافظات المحتوى المحلی القیمة المضافة الاستثمار فی بلغ إجمالی من خلال

إقرأ أيضاً:

رئيس غرفة تجارة حلب : رفع العقوبات الأمريكية على سوريا خطوة مهمة لدفع الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد

أكد محمد سعيد شيخ الكار رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة حلب، أن قرار الإدارة الأمريكية برفع العقوبات عن سوريا يمثل خطوة إيجابية ومهمة على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، حيث سيشكل خطوة مهمة لدفع الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد رغم ما يواجهه من تحديات ورهانات.

وأوضح الكار، في تصريح خاص مع وكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن التعافي الاقتصادي الشامل في سوريا لا يزال بحاجة إلى إصلاحات عميقة، وإعادة تأهيل البنى التحتية، وتفعيل الشراكات الإقليمية، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والمصارف، مشيرا إلى أن العقوبات الأمريكية التي فرضت على سوريا خلال العقود الماضية استهدفت الشعب السوري بطرق مباشرة وغير مباشرة، وأدت إلى إنهاك القطاعات الاقتصادية الرئيسية، من صناعة وزراعة وتجارة وخدمات.

ولفت إلى امتلاك سوريا مؤهلات اقتصادية كبيرة، منوها إلى تنوع الاقتصاد السوري من حيث قوة القطاع الصناعي؛ فضلا عن المحاصيل الاستراتيجية التي تزود الصناعة بالمواد الأولية مثل القطن للمنسوجات، والقمح للمعجنات، والزيتون للزيوت، إضافة إلى قطاع تجاري عريق وموقع جغرافي استثنائي يربط القارات الثلاث يشكل بوابة آسيا على المتوسط، فضلا عن إرث سياحي غني يجمع بين المعالم الدينية والثقافية والطبيعية، ما يعزز من إمكانات القطاع السياحي كمصدر دعم إضافي للاقتصاد الوطني.

ورغم تفاؤله بنتائج رفع العقوبات، يرى رئيس غرفة تجارة حلب أن التحديات الماثلة أمام الاقتصاد السوري لا تزال جسيمة، وعلى رأسها تأمين مصادر الطاقة؛ موضحا أن التركة الثقيلة للنظام السابق تركت بنية تحتية مدمرة، لا سيما في قطاع الكهرباء، حيث تحتاج محطات التوليد إلى صيانة شاملة، كما تتطلب خطوط النقل إعادة تأهيل.

وأشار إلى أن منطقة الشيخ نجار الصناعية في حلب تضم نحو ألفي معمل، بينها أكثر من 400 معمل وشركة عادت للعمل وهي بحاجة ماسة لتوفير الكهرباء والطاقة لتشغيل خطوط الإنتاج، مؤكدا أن عجلة الاقتصاد لن تتحرك ما لم تحل هذه المعضلة الجوهرية.

وبالنسبة للقطاعات الأكثر جاهزية للاستفادة من رفع العقوبات، بين شيخ الكار أن جميع القطاعات تأثرت بشدة نتيجة الحرب وتراكم العقوبات، ولذلك فهي بحاجة إلى إعادة تأسيس وضخ استثمارات جديدة، ففي القطاع الزراعي دعا إلى توفير قروض بدون فوائد للفلاحين، وشطب الديون المتراكمة عليهم عبر المصرف الزراعي التعاوني، لتمكينهم من استعادة الإنتاج ؛ أما قطاع النقل فهو بحاجة إلى إعادة تأهيل الطرق وفتح طرق سريعة وتطوير البنى التحتية للمرافئ البحرية والمرافئ الجافة.

وعلى صعيد الاتصالات، شدد على أهمية ربط الشبكة السورية بالاتصالات العالمية لتوفير سرعات إنترنت ملائمة تسهم في دعم قطاعات النقل البحري والجوي والخدمات اللوجستية، فيما اعتبر أن قطاع الطاقة لا يزال في بداياته ويتطلب تأسيسا من جديد، من حيث البنية والمصادر وتمويل المشاريع.

  وفيما يتعلق بجاذبية البيئة القانونية السورية للاستثمارات الأجنبية، أكد شيخ الكار أن الحكومة تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لجذب رؤوس الأموال، مشيرا إلى وجود خط تواصل مباشر بين وزارة الاقتصاد والفعاليات الاقتصادية لتعديل أي قانون أو مرسوم يعيق العمل التجاري أو الصناعي، وإلى إصدار قرار بإعفاء الاستثمارات الجديدة من الضرائب لمدة عامين، وهو ما يظهر مرونة وتجاوبا رسميا مع متطلبات المستثمرين، حيث تعمل الجهات المعنية على مواكبة خطط التطوير المطلوبة لجذب الاستثمارات، سواء من الدول العربية أو الأجنبية.

وفي رده على سؤال حول دور المصارف الخليجية في المرحلة المقبلة، أشاد الكار لـ"قنا"، بوقوف دول الخليج العربي، في مقدمتهم دولة قطر، إلى جانب الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، حيث قدمت الدعم اللازم في مختلف المراحل؛ قائلا في هذا الخصوص "إن المعرفة العميقة للأشقاء الخليجيين بالسوق السورية وثقتهم بالمواطن السوري كفاعل اقتصادي ستدفعهم للعودة بقوة إلى السوق بعد تفعيل نظام سويفت".

وفي ختام تصريحه لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، توقع محمد سعيد شيخ الكار رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة حلب، أن تلعب المصارف الخليجية دورا محوريا في تمويل مشاريع الاستثمار، لا سيما في القطاعات الإنتاجية والخدمية، مؤكدا أن رفع العقوبات يشكل فرصة سانحة لانطلاقة جديدة للاقتصاد السوري، لكن هذه الانطلاقة لن تتحقق من دون دعم دولي وإقليمي، واستثمارات نوعية تعيد بناء القطاعات الأساسية.

وجاء إعلان الولايات المتحدة عن قرارها رفع العقوبات عن سوريا أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية في مستهل جولة خليجية الشهر الماضي، حيث التقى بنظيره السوري أحمد الشرع، مؤكدا العمل على تطبيع العلاقات بين البلدين.

مقالات مشابهة

  • وزيرة التنمية المحلية: تحسن ملحوظ في نسب ممارسة تنظيم الأسرة بالمحافظات
  • هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة توقع مذكرة تفاهم مع صادرات البحرين
  • رئيس غرفة تجارة حلب : رفع العقوبات الأمريكية على سوريا خطوة مهمة لدفع الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد
  • الجبهة الوطنية: دعم الأبطال والمواهب الرياضية في المحافظات
  • كيف استعدت التنمية المحلية لاستقبال عيد الأضحى؟
  • التنمية المحلية: ضوابط صارمة لذبح الأضاحي استعدادا لاستقبال عيد الأضحى
  • تجهيز الساحات والميادين.. كيف استعدت التنمية المحلية لاستقبال عيد الأضحى؟
  • هل تتحمل الدولة ضريبة القيمة المضافة عن خدمات التعليم لمقيم من أم مواطنة؟.. توضيح من الزكاة والجمارك
  • الإسكان: الدولة تسعى للارتقاء بمستوى المنتج المحلي وتوطين الصناعة الوطنية
  • وزارة الاستثمار تعزز حضورها الدولي في منتدى الشرق الأوسط للاستثمار الرياضي