حين انفصلت إيران عن مقاوميها
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
آخر تحديث: 31 أكتوبر 2024 - 9:11 صبقلم: فاروق يوسف كان هناك رد إيراني على عمليتي اغتيال إسماعيل هنية في طهران وحسن نصرالله في بيروت. كان رداً محدودا لم تنتج عنه أضرار كبيرة. بعد ذلك جاء الرد الإسرائيلي الذي وصف بأنه منضبط فيما وصفت إيران أضراره بالمحدودة.“ما هذه المسرحية؟” تساءل الكثيرون وفي ظنهم أن الدولتين ستدمران بعضهما وينتهي الصراع المصيري في الشرق الأوسط.
شعر بعض مناصري الطرفين بالإحباط. وكان ذلك سوء تقدير منهم. في المقابل شعر البعض الآخر أن كل طرف سعى إلى إخفاء خسائره من أجل ألا يشمت به الطرف الآخر. ذلك أيضا لم يكن حقيقيا. لم ترغب إسرائيل في أن تلحق أضرارا فادحة بإيران التي كانت المبادرة إلى أن تكون لغتها في القتال ناعمة. هكذا تتصرف الدول التي تحترم حياة شعوبها وتفكر في مستقبلها. تلك جملة قد لا تكون متداولة وبالأخص أنها تأتي في سياق الحديث عن دولتين لا تكنان حبا للعالم العربي وهما أساس تعاسته وشعوره بالخطر. تعرف إسرائيل وإيران قدرات بعضهما التدميرية. مثلما يمكن أن تؤذي إسرائيل إيران فإن الأخيرة ليست أقل قدرة على الإيذاء. فهل من مصلحتهما أن يتبادلا الأذى؟ ليس من الحكمة القيام بذلك. ولكن إيران ذهبت إلى مجلس الأمن هذه المرة. ما معنى ذلك؟.معناه أنها اختارت الأساليب الدبلوماسية في الرد على إسرائيل وهو إعلان صريح عن عدم رغبتها في إطالة أمد النزاع عسكريا. هي المرة الأولى التي تفعلها إيران وهي التي عُرفت بعدم احترامها القانون الدولي. منذ بدء حرب غزة وإيران تعلن عدم مسؤوليتها عمّا جرى في السابع من أكتوبر 2023. غير أن دخول حزب الله على خط الحرب تحت شعار وحدة ساحات المقاومة قد وضعها في الواجهة. ذلك لأن حزب الله باعتراف أمينه العام السابق هو فصيل قتالي إيراني. كان مقتل زعيم الحزب حادثا فاجعا بالنسبة إلى إيران غير أنه قد يكون نهاية لمرحلة كانت إيران تستعد لمغادرتها بعد أن تأكد لها أن الحرب قد انقلبت على أتباعها المقاومين وأن الموت صار يختطفهم واحدا بعد الآخر وأن ما شهدته غزة من حرب إبادة لم يؤد إلى موقف عالمي مناهض لإسرائيل يمكن أن يغطي على صلتها بما جرى. إن إيران كما كشف ردها المحدود كانت حريصة على ألاّ تستفز إسرائيل بما يدفعها إلى استعمال أقصى قدرتها على ممارسة العنف فلمَ لم تحرص على سلامة أتباعها وأمن المناطق التي يسيطرون عليها وهي على تماس مع إسرائيل التي يمكنها أن تمحو أسباب الحياة فيها في ظل هيمنة بنيامين نتنياهو على القرار السياسي فيها. ولا أظن أن إيران تجهل رغبة نتنياهو في أن يكون نبي القسوة الجديد في التاريخ اليهودي. لقد منحت إيران نتنياهو فرصته الذهبية في أن يمارس كل أنواع البطش والقتل في حق الفلسطينيين واللبنانيين معا. ولو كان من الممكن أن يكون الاعتراف بالحقيقة هو الأساس لكان نتنياهو قد وجه رسالة شكر إلى إيران ضمن سلسلة رسائله التي تكشف عن تغول شعوره بالنصر. ما فعلته إيران بمقاوميها يمكن اعتباره تضحية مجانية لا بأفراد المقاومة وحدهم، بل بالملايين من البشر ممَّن قُدر لهم أن يعيشوا في المناطق التي تقع تحت هيمنة حركة حماس وحزب الله. كانت مجزرة حقيقية نفذها نتنياهو باندفاعة قاتل متمرس غير أن الدعم الدولي الذي تلقاه ما كان ليحظى به لولا تمترس إيران وراء مقاوميها.الجنون الذي أصيبت به إسرائيل بعد السابع من أكتوبر زادته إيران جنونا حين منحت أتباعها في لبنان واليمن والعراق بطاقة خضراء لتوسيع نطاق الحرب. فهل كان ذلك سوء تقدير أم أن إيران كانت على بينة مما يمكن أن يحدث ولم يهمها مصير شعبين وقعا تحت احتلالها بالوكالة؟ الواقع أن إيران لا يهمها شيء سوى صيانة أمنها واستقرارها وبقاء نظامها السياسي. ومَن يصدّق أنها قد أنشأت مقاومتها الإسلامية من أجل تحرير فلسطين إما أن يكون مضللا بمرويات عقائدية أو أنه مرتبط بطريقة أو بأخرى بتلك المقاومة التي هي في حقيقتها جبهات متقدمة للدفاع عن إيران.أما حين شعرت أن أهم جبهتين من تلك الجبهات قد جرى هدمهما فإنها لجأت إلى المجتمع الدولي لتظهر رغبتها في أن يحل القانون الدولي محل الحرب وليُترك نتنياهو حراً في عربداته.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟
اعتبرت مراكز الدراسات الإستراتيجية الإسرائيلية الهجوم على إيران فرصة لتفكيك المشروع النووي الإيراني وتقويض محوره الإقليمي، مع إجماع على أهمية استمرار الضغط العسكري وعدم التسرع في التسوية. ويُظهر تحليل الجبهة الداخلية الإسرائيلية ومواقف الرأي العام دعما ملموسا للعملية العسكرية.
ويتفق باحثو هذه المراكز على أن الحل المثالي للمعضلة الإيرانية هو إسقاط النظام، وأن هذا يمكن أن يحدث من خلال ضربات عسكرية واستخباراتية لمقدرات النظام ومؤسساته، وتشجيع الجمهور الإيراني على إطلاق انتفاضات لإسقاط النظام الإيراني.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"دبلوماسية التجارة لا المعونة".. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقياlist 2 of 2أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالميend of listواستقصت ورقة تحليلية عنوانها: "مراكز الأبحاث الإسرائيلية والهجوم على إيران توصيات بمواصلة الضربات ومنع تطوير الصواريخ الإيرانية" نشرها مركز الجزيرة للدراسات للباحث نهاد محمد الشيخ خليل، ما تناولته مراكز الأبحاث الإسرائيلية عن الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي اندلعت بين 13 و23 يونيو/حزيران 2025، بالبحث والتحليل.
وناقشت الورقة ما صدر عن مركزين يحظيان بأهمية في إسرائيل، هما: معهد دراسات الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية (مسجاف)، ومعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "آي إن إس إس" (INSS).
وقد اعتمدت هذه الورقة على تحليل نصوص الأوراق المنشورة على موقعي المعهدين خلال الحرب، بوصفها مؤشرا على المزاج الإستراتيجي الإسرائيلي.
وتم تقسيم الدراسة إلى 6 محاور أساسية هي:
إنجازات الضربة العسكرية. تشخيص واقع إيران ومحورها. أهداف الحرب كما طرحتها مراكز البحث. صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية. المواقف الإقليمية والدولية. الموقف الأميركي. خلاصة واستنتاجاتتُظهر الورقة تفاعلا واسعا ومعمقا ومواكبا للوقائع من معهدي الأبحاث اللذين تناولت الدراسة أوراقهما (معهد دراسات الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية، ومعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي).
ويمكن إجمال أبرز الاستنتاجات التي خلصت لها الدراسة في النقاط التالية:
أولا: تمجيد الإنجازات العسكرية في مجالي الدفاع والهجوم، إضافة إلى القدرات الاستخبارية، والنجاح في استعادة الردع بعد هزة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهذه نقطة اتفاق بين المعهدين. ثانيا: برزت تباينات بين توقع إمكانية إسقاط النظام الإيراني، كما رأى باحثو مسجاف، وتحذيرات مركز "آي إن إس إس" من المبالغة في تقدير الضعف الداخلي الإيراني. كما يظهر تباين في تقييم صمود إيران؛ إذ رأى بعض المحللين أنها ضعيفة وقابلة للانهيار، بينما شدد آخرون على تماسك النظام ورغبته في جرّ إسرائيل لحرب استنزاف. ثالثا: تشابه الخطاب في كلا المعهدين في تصوير الحرب فرصة إستراتيجية لتفكيك المشروع النووي الإيراني وتقويض محوره الإقليمي، مع إجماع على أهمية استمرار الضغط العسكري وعدم التسرع في التسوية. رابعا: يُظهر تحليل الجبهة الداخلية الإسرائيلية ومواقف الرأي العام دعما ملموسا للعملية العسكرية؛ وهذا يعطي غطاء سياسيا للقدرة على استمرارها في حدود 3 أشهر على أقصى تقدير، لكن الأغلبية كانت تبدي استعدادا للصمود لمدة شهر واحد. خامسا: تتقاطع التحليلات في قراءة حذرة لمواقف دول الخليج والأردن، التي تمزج بين إدانة الهجوم وتفادي التصعيد مع إيران، وفي نفس الوقت المشاركة في اعتراض الصواريخ والطائرات المُسيّرة المنطلقة من إيران باتجاه إسرائيل. سادسا: يتفق باحثو المعهدين على أن الحل المثالي للمشكلة الإيرانية هو إسقاط النظام، وأن هذا يمكن أن يحدث من خلال ضربات عسكرية واستخباراتية لمقدّرات النظام ومؤسساته، وتشجيع الجمهور الإيراني على إطلاق انتفاضات لإسقاط النظام الإيراني. إعلان