حين يصبح البقاء معجزة: نداء لإنقاذ أرواح المنسيين جبال النوبة و النيل الأزرق
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
حين يصبح البقاء معجزة: نداء لإنقاذ أرواح المنسيين جبال النوبة و النيل الأزرق
بقلم: عمار نجم الدين
لم تكن الأشهر الستة التي قضيتها في جبال النوبة والنيل الأزرق تجربة يمكن نسيانها. عشت هناك وسط مأساة مستمرة، متنقلاً بين مستشفى شالي في النيل الأزرق وقرى يابوس المدمّرة، حيث واجهت يوميًا الموت عن قرب، وعاينت معاناة الناس وهم يصارعون الجوع والمرض بلا أمل.
في مستشفى شالي، عايشت مشهدًا يفتّ القلب: مرضى يموتون من الملاريا وأمراض أخرى يمكن علاجها بسهولة لو توفرت الأدوية، لكن لم يكن هناك من ينقذهم. كنت أدفن معهم ضحايا المرض يوميًا، في جنازات سريعة وبسيطة، بلا وداع أو طقوس. كان الموت أسرع مما نستطيع استيعابه أو التعامل معه.
في يابوس، الوضع ليس أفضل. المستشفى الوحيد في هذه المنطقة يخلو من الأطباء، ويعمل به عدد قليل من الممرضين والفنيين غير المدربين بشكل كافٍ. بين 48 نقطة صحية في النيل الأزرق، تعمل 7 فقط، ولا تضم أيًّا منها طبيباً مؤهلاً. في هذه الأماكن، يصبح الألم جزءًا من الحياة اليومية، حيث يُترك المرضى لمصيرهم مع غياب الأدوية وأدنى درجات الرعاية الصحية.
معادلة السلاح مقابل الغذاء: شرط لا إنساني يديم الصراعما زاد الطين بلة أن الحكومة السودانية تتعامل مع المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط في حربها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. في كل مفاوضة تجري بين الحكومة والحركة، كانت الحكومة تشترط إدخال الغذاء والدواء مقابل إيصال السلاح إلى جنودها، وهم أنفسهم من أشعلوا شرارة الصراع في جبال النوبة في الصراع الدائر بينهم وبين الدعم السريع. هذا الشرط اللاإنساني لا يترك مجالًا للسلام، بل يعزز من فرص استمرار الحرب، ما يعني المزيد من الموت والمعاناة لملايين الأبرياء.
مساعدات عالقة وأزمة تتفاقملم يكن التفاوض على الغذاء مقابل السلاح العقبة الوحيدة. حتى عندما تُمنح الموافقة على تقديم المساعدات، يتم عرقلتها من قبل الحكومة السودانية وفق شروط مجحفة، مما يمنع وصول الإمدادات إلى المناطق المتضررة. هذا التأخير يحرم آلاف العائلات من الإغاثة العاجلة التي تحتاج إليها، ويجعل الوضع الإنساني أكثر خطورة.
لاجئون بلا مأوى وأمل ضائعفي معسكرات مابان ومعسكرات ولاية الوحدة على الحدود مع جنوب السودان ومعسكر كيلو خمسة في إثيوبيا، يواجه مئات الآلاف من اللاجئين أوضاعًا مزرية. هؤلاء اللاجئون لم يفروا فقط من القصف والحرب، بل أيضًا من الجوع واليأس. يتكدس الأطفال والنساء في بيوت الهشة، ينتظرون معجزة تنقذهم من الموت البطيء رغم المساعدات الأممية الشحيحة.
تصاعد الأزمات مع استمرار النزوحمع تصاعد القتال منذ أبريل الماضي، لجأ أكثر من مليون نازح إلى مناطق الحركة الشعبية في النيل الأزرق و جبال النوبة ، ما ضاعف الضغط على الموارد الشحيحة أصلاً. المدارس أُغلقت، والمستشفيات توقفت عن العمل، والصيدليات الخاصة تبيع الأدوية بأسعار لا يمكن للنازحين تحملها. مع كل يوم يمر، يتفاقم الوضع الإنساني أكثر فأكثر، بينما يتلاشى الأمل في غدٍ أفضل.
حاجة ملحّة إلى تدخل دولي عاجلإن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي عاجل سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها. نحن بحاجة إلى فتح الممرات الإنسانية فورًا دون شروط، وتقديم الغذاء والأدوية والمأوى لإنقاذ الأرواح قبل أن يتحول الوضع إلى مأساة أكبر.
نداء لإنقاذ أرواح الأبرياءإن ما شهدته في مستشفى شالي بالنيل الأزرق اقليم الفونج الجديد وفي معسكرات اللاجئين في مابان و معسكرات ولاية الوحدة هو وصمة عار على ضمير الإنسانية. لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عن هذه الكارثة. كل دقيقة تمر تعني مزيدًا من الجوع، مزيدًا من المرض، ومزيدًا من الموت.
إنني أكتب هذه الكلمات ليس فقط كشاهد على المعاناة، بل كنداء إلى كل من يملك ضميرًا وقوة لتحريك الأمور. يجب أن تكون هناك استجابة عاجلة قبل أن نفقد المزيد من الأرواح. ما يحدث في النيل الأزرق وجبال النوبة هو مأساة إنسانية لا يمكن قبول استمرارها.
كل يوم تأخير في التدخل يعني تضاؤل فرص الحياة لملايين الأبرياء. الناس هناك بحاجة إلى العالم الآن.
الوسومالجيش الحكومة الدعم السريع السودان الغذاء مقابل السلاح النيل الأزرق جبال النوبة جنوب السودان عمار نجم الدين كردفان مابان ولاية الوحدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الحكومة الدعم السريع السودان الغذاء مقابل السلاح النيل الأزرق جبال النوبة جنوب السودان كردفان ولاية الوحدة فی النیل الأزرق جبال النوبة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
فرص لهطول أمطار على بعض المناطق بالسلطنة
مسقط - الرؤية
أشارت الأرصاد الجوية العُمانية إلى أن حالة الطقس المتوقعة اليوم الأحد ستكون صحوة بوجه عام على معظم محافظات السلطنة، مع مؤشرات لظهور السحب على جبال الحجر، خاصة في نطاق الحزام الثاني والثالث، خلال فترة ما بعد الظهيرة. ولفتت الهيئة إلى تزايد التوقعات بهطول أمطار متفرقة، قد تكون رعدية ومصحوبة برياح نشطة، وهو ما يشير إلى نشاط جوي مرتقب يميز بدايات موسم الأمطار الصيفي.
ونوهت الأرصاد إلى تزايد فرص تشكل السحب المنخفضة أو الضباب خلال ساعات الليل المتأخرة والصباح الباكر، لا سيما على أجزاء من محافظات جنوب الشرقية والوسطى وظفار، مما قد يؤثر على مدى الرؤية الأفقية في تلك المناطق.
وشهدت أجواء السلطنة يوم أمس السبت أولى زخات المطر لهذا الموسم، حيث تساقطت الأمطار على مناطق متفرقة من جبال الحجر الشرقي والغربي، في انطلاقة مبكرة للموسم الصيفي بعد فترة جفاف امتدت لعدة أشهر. وقد عبر الأهالي عن سعادتهم بهذه الخيرات المنتظرة، التي تنعش الطبيعة وتبث الحياة من جديد في الجبال والوديان.
ومن أبرز المناطق التي شهدت تساقط الأمطار كانت منطقة شرفة وادي بني خروص، في الجهة الشمالية من الجبل الأخضر، حيث هطلت أمطار متقطعة وسط أجواء ملبدة بالغيوم وانخفاض نسبي في درجات الحرارة، ما أضفى على المنطقة طابعًا صيفيًا مبكرًا محببًا.
وفي مشهد أكثر حيوية، استقبلت قرية صومرة، الواقعة في جبال شرق سمائل، أول عاصفة رعدية صيفية لهذا العام. وقد وثّق المواطنون عبر مقاطع الفيديو مشاهد غزارة الأمطار والرعد والبرق، وتناقلت هذه المقاطع منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، حاصدة تفاعلاً كبيرًا من العمانيين الذين رحبوا ببشائر الخير القادمة مع الموسم الجديد.