جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-15@22:33:57 GMT

"‏بريكس".. حديث الإعلام العالمي

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

'‏بريكس'.. حديث الإعلام العالمي

 

 

صالح بن أحمد البادي

 

 

انتهت قمة بريكس وأصدرت قرارتها المهمة، وقد ‏حضر افتتاح القمة 24 من رؤساء الدول والحكومات، وغاب عن القمة الرئيس البرازيلي بسبب إصابته بالرأس إثر سقوطه بمنزله وحضر نيابة عنه وزير خارجيته.

‏قمة مجموعة "بريكس" أو "بريكس بلس" مُهمة جدا، ورغم أن السعودية لم تؤكد عضويتها بعد وبحضور أعضاء يحضرون لأول مرة هي الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران، ‏يبدو جلياً أن بريكس ستُحسِّن من شروط العضوية بهذا التجمع العالمي، لبناء عضويات ذات جودة عالية تتوافق مع اقتصاديات دولها من حيث الحجم، وكذلك من حيث التنوع والاستدامة والنمو.

وقد حضر افتتاح بريكس 24 من زعماء العالم، وهذا يشكل اهتماما جيدا لكن الغرب بلا شك يرى أن هذه القمة ستصنع له تحديات من حيث تشكلها وقراراتها.

‏ما يهم مع حجم الاقتصاد هو النمو الأعلى والمستدام؛ لأن أحد الأهداف المتوقعة هو تحفيز التجارة والميزان التجاري بين هذه الدول على المستوى المتوسط وتحفيز عملة موحدة كذلك على المدى المتوسط والطويل ليس من حيث وجود عملة بريكس فمن الواضح أنها ملف هام ومقرر ولكن من حيث أثر العملة على الاقتصاديات الأعضاء والعالم وأيضًا وجود نظام ينافس سويفت المنتشر بالعالم كنظام التحويلات الأوحد.

‏بريكس النامية بشكل محفز، ظهر جليا أن دولها من بين الأسرع نموا اقتصاديا في العالم؛ حيث ‏تشكل بريكس 45% من سكان العالم، فيما تمثل الصادرات وتبادلها التجاري ما يقترب من ربع حجم الصادرات بالعالم. ‏وتأسست بريكس عام 2006 باسم بريك من 4 دول هي: البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقدت أول اجتماع لها في 2009، وفي 2010، انضمت جنوب أفريقيا لتشكل ما يطلق عليه "بريكس"، وبعدها بثلاث عشرة سنة أي بداية هذا العام دخلت مجموعة دول أخرى بينهم دولتان عربيتان هما الإمارات ومصر، ضمن هذا التحالف ليُطلق عليه اسم "بريكس بلس".

يُشكِّل حجم اقتصاد بريكس نهاية العام 2023 ما قيمته 26 تريليون دولار مقارنة مع 12 ترليون دولار في عام 2011، وهو ما يعني أن الاقتصاد يتضاعف كل 10 سنوات تقريبًا.

أحد قراراتها المهمة هو ما أطلق عليه النظام المالي المكافئ، وتحفيز نظام مدفوعات شبيه لنظام "سويفت" لكنه منافس له. ورغم أن المسألة ليست بتلك السهولة ولها تحدياتها لأنها يجب أن ترتبط بعملة قوية ونظام مقاصة عالمي وتحالفات متعددة وقبول جزء أكبر من العالم لاستخدام عملة مع أو غير الدولار وهي مسألة ليست سهلة ولكنها ماضية فبعض الدول الأعضاء استخدمت عملتها المحلية أو عملة وسيطة أخرى لتعزيز قدرات ومكانة وقيمة عملتها المحلية وأثرها عالميا.

 

‏لقد أثارت فكرة النظام المالي المكافئ حفيظة جزء من العالم لكن الدول الأعضاء تؤطره في كل مرحلة بشكل واضح. لذلك فإن التعايش والتعاون معه قد يكون خيارا أسلم.

‏ورغم أن حجم الاقتصاد والأثر السياسي العالمي للدول الاثنين معا سيلعبان دورا مهما في تحديد أولويات العضوية لكن في تقديري فإن مجموعة بريكس تريد أن تدعم عوامل أخرى مهمة كعدد السكان للدول الجديدة للتأثير من حيث عددالسكان وكذلك القدرات السياسية للدول حيث إن بعض الدول مثل سلطنة عُمان قد يبدو أن حجم الاقتصاد بها متوسط- يفوق 100 مليار دولار- لكن الموقع الاستراتيجي وسياسات التكامل مع المنطقة والقدرات السياسية النوعية عالية القبول والأثر، كلها عوامل ستؤدي دورًا مُهمًا.

وقد تكون الشراكة بين السعودية وعُمان فرصة سانحة لتعزيز تلك الشراكات، خصوصًا وأن السعودية لم تقرر عضويتها بعد، رغم استلامها دعوة من بريكس. كما إن تأثير بريكس خصوصًا بشرق العالم ووسطه سيزداد من حيث الأثر والقدرات؛ حيث تبدأ طرق التجارة العالمية وتنتهي، وحيث تتحرك صادرات العالم وواردات المواد الخام من العالم وحيث معدلات النمو العالمية الأفضل وحيث وجود دول عالية الكثافة السكانية مثل إندونيسيا ودول أخرى متعددة. كما إن فرص الشرق عالية جداً وتكتلاتها ستشكل تحالفات مُميَّزة ومفيدة.

‏ورغم بعض النظر بوجود تحديات للغرب لكن هذا النمو سيشكل بشكل أو بآخر فرصًا للغرب؛ حيث القدرات والصناعة والخبرات التراكمية ومراكز البحوث والدراسات وفرص الجامعات الأوروبية والأمريكية وغيرها للتعاون. أضف إلى ذلك أنه على المستويات الاستثمارية والتجارية فإن وجود بعضا من التنافسية هو أكبر محفز لصناعة أنظمة مالية أكثر تحفيزا وأكثر اعتدالا على المستويات المتوسطة لكن غالبيتها على المستوى بعيد الأجل.

‏لقد أبدى عدد من الدول الباحثة عن عضوية هذا التجمع العالمي- تزيد على 30 دولة- رغبتها في الانضمام، لكن من الواضح أنه سيتم الاختيار بعناية فائقة لتحقيق الأهداف الكبرى التي تسعى لها المجموعة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لا سلام ولا تسوية دون مصر

كتبت مرارا أنه لا يمكن صناعة خريطة سلام مستدام وحقيقى فى منطقة الشرق الأوسط بعيدا عن مصر. وها هى بلادنا تثبت مرة أخرى حضورها كدولة محورية ومؤثرة فى مجريات الأحداث بالعالم من خلال قمة شرم الشيخ للسلام، وما سبقتها من وساطة دولية نجحت فى وقف حرب الإبادة الإسرائيلية غير المسبوقة ضد المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ فى قطاع غزة، لتضع بذلك حدا لمذبحة دامية، وتُفسد مخططا شيطانيا لتهجير الشعب الفلسطينى بعيدا عن أرضه.

فمنذ السابع من أكتوبر 2023 تبدى الموقف المصرى قويا ومتماسكا وصلبا فى رفض كافة الأطروحات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية المنحازة ضد فلسطين والتى حاولت الضغط فى طريق تهجير سكان القطاع الفلسطينى كحل غير عادل للصراع.

وقف الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية مُعلنا رفضه أى عرض يُبعد الفلسطينيين عن أرضهم، وقال خلال مناسبات عديدة إن مصر لن تكون أبدا بوابة لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم، وإنما ستبقى دائما مدخلا للمساعدات الإنسانية، ضاربا بذلك أروع الأمثلة وأشرفها فى التعامل مع الكارثة الإنسانية.

وعلى مدار عامين كاملين ظل الموقف المصرى ثابتا شريفا لا يساوم ولا يتزحزح، رافضا كافة الإغراءات والوعود، ومؤيدا للحق والعدل بقوة، وهو ما أفشل مخططات التصفية، وأقام سدا منيعا أمام فرض إسرائيل للأمر الواقع.

وواصلت مصر دورها كوسيط أساسى ومباشر لتصل بعد مفاوضات مُضنية إلى عقد اتفاق وقف لإطلاق النار فى القطاع، وانسحاب الجيش الإسرائيلى منه، وتسليم الرهائن، والإفراج عن الأسرى، والسماح بدخول المساعدات، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة بإعمار قطاع غزة مرة أخرى وإعادته كأرض صالحة للحياة.

لقد عادت مصر إلى دورها القوى والمؤثر فى المنطقة، وأثبتت بلا أدنى شك للعالم كله أنها الدولة الأكثر استقرارا، والأقدر تأثيرا، والأغنى عقولا وهمما، والتى تتسق مواقفها مع تاريخها ومكانتها فى القضايا المصيرية للأمة العربية.

أمام الشاشات علت رؤوسنا فخرا ونحن نشاهد قادة دول العالم يحتشدون فى مصر كشهود على السلام. سعدنا بوطن عظيم متحضر قوى وفعال وقادر على صناعة السلام والأمان والاستقرار بعد جهود دبلوماسية وسياسية عظيمة تعكس مهارة وحرفية الكوادر المصرية فى مؤسسات الأمن والدبلوماسية على حد سواء، خلف قيادة حكيمة وقوية وواثقة.

لقد أحيت قمة شرم الشيخ التى حضرها قادة وزعماء دول العالم، بريق الأمل مرة أخرى فى إمكانية استعادة السلام بالشرق الأوسط بعد دمار وخراب وانتهاكات صهيونية شديدة الوحشية. فكثير من بلدان العالم تغيرت قناعاتها وصححت تصوراتها لتعمل بجد وصدق فى سبيل التسوية العادلة، بدلا من الانحياز لإسرائيل. وهكذا انحازت حكومات عديدة فى أوروبا إلى رؤى شعوبها لتعترف بالدولة الفلسطينية تحت مظلة إنهاء الصراع الذى طال عقودا ولم يخلف سوى الهلاك.

إن قدر مصر، بحكم موقعها الجغرافى، ومكانتها التاريخية، وتأثيرها السياسى يجعلها دائما صاحبة الدور الأهم فى استئناف أى مفاوضات جادة، وحقيقية للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهو ما تدركه كافة دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ينبغى البناء عليه.

ومرة أخرى تحية صادقة للجهود الوطنية المصرية المخلصة الداعمة دائما لقضايا العدالة، ولكافة الجهود العربية التى بذلت لدعم الحق الفلسطينى المشروع فى وطن محرر، وسلام، وتنمية.

وسلام على الأمة المصرية

 

مقالات مشابهة

  • هل تنهار القوة الأمريكية بسبب الدَّيْنْ والعجز؟
  • شريف عامر: حديث ترامب عن عودة حرب غزة بكلمة منه لعب "بأعصاب العالم"
  • لا سلام ولا تسوية دون مصر
  • التأشيرة الخليجية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي لكل دولة من الدول الأعضاء
  • دبلوماسي روسي: ندعم مساعي زيمبابوي للانضمام إلى مجموعة «بريكس»
  • النائبة أمل سلامة: شجاعة الرئيس السيسي أنهت الحرب وجعلت مصر حديث العالم بحكمتها وأمنها
  • صندوق النقد الدولي يتوقع تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2% عام 2025
  • الرئيس الأمريكي يطلب مغادرة الإعلام قاعة قمة السلام للاجتماع برؤساء الدول
  • أسوأ وظيفة صحفية.. لماذا تلاشى دور الوسيط في الإعلام الأميركي؟
  • الأردن يستقبل العشرات من أسطول الصمود العالمي