سودانايل:
2025-06-13@13:27:38 GMT

من ذا الذي يتعشى بالآخر: البرهان أم الكيزان؟

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

لاحظنا أن تاريخ السلطة السياسية لا يحتمل وجود ازدواجية قيادية في صنع القرار لفترات طويلة. وفي بلادنا لدينا نماذج معتبرة في سياق صراع النخبة المدنية - العسكرية حول حيازة النفوذ السلطوي. فقد كان أمام طرف من الشيوعيين أن يطيحوا بالنميري لكنه غلبهم، وفتك بهم بلا هوادة. ولاحقاً حاول النميري نفسه الفتك مرة ثانية بالإسلاميين، ولكن مقادير السياسة أطاحت به وبشريعته، وحلفائه الإسلاميين الذين ورطوه.

ومعظمنا عاصر نهاية الترابي المتحالف مع أبنائه العسكر. إذ مرمطوا به، واعتقلوه، وشتموه، وشككوا في سودانيته. وقال البشير إنه يجوز له شرعاً قتل أميره السابق حتى يدخل بفعله الجنة. تقريباً أحداث كل هذه المباريات بين السلطة والأيديولوجيا اليسارية واليمينية التي دعمتها معشعشة لا بد في بال البرهان. وهو شخص قيل إنه كان كادراً بعثياً أصلاً، ولكنه وشى بمن نسميهم شهداء رمضان الذين أعدمهم الإسلاميون قبل عيد الأضحية ذاك بيوم. ومع ذلك فإن المتأمل ملياً في تاريخ البرهان يرى أنه لا يعد إنساناً مؤدلجاً كما هو حال العساكر الذين عرفناهم. فوضعه القدري في الجيش قاده لأن يكون انتهازياً يسير على هوى مرؤوسيه الإسلاميين، ويمكنه أن يتمثل أدبياتهم لمرحلة محددة، وأن يتعاون معهم لاحقاً بهدف تمديد حلمه في الوصول إلى السلطة عبر عضويته الانتهازية في المؤتمر الوطني. وذلك ما قد كان. قدر البرهان ثم دبر أنه باستطاعة الإسلاميين أن يكونوا قاعدة خفية له بعد انقلابه على الانتقال الديمقراطي. فقد تعاون معهم، ونقض كل أحكام فترة حمدوك الناشدة لإنجاز الديموقراطية. وفي فترة وجيزة أعاد قائد الجيش الآلاف من الإسلاميين إلى الخدمة المدنية. بل ساعده القاضي أبو سبيحة في تقنين عودتهم، ورد ما عدوه مظلمات ضدهم من لجنة إزالة التمكين. وبحلول شهرين بعد الانقلاب سيطر الكيزان على الخارجية، والمالية، والإعلام وبقية الوزارات، وانتهت فكرة محاكمتهم محلياً، أو تفويجهم للجنائية. ولما فشل الانقلاب بان أن وجود رئيسين في المركب سيغرقه. وأعادت أوضاع الحوار حول الاتفاق الإطاري للأذهان أوضاع فترة الخلاف بين نميري والإسلاميين، وكذلك الأوضاع السابقة للمفاصلة بين الشيخ وحواره. ولذلك حاول البرهان المتعاون مع الإسلاميين بدء "الجهاد" ضد الدعم السريع لتجنيب البلاد من القيادة برئيسين أثناء الانقلاب. ولكن وتيرة الحرب سارت على عكس توقعات الحليفين الجديدين: سلطة البرهان والإسلاميين المنتمين للمؤتمر الوطني، وجماعات إسلاموية داعشية، وأهمها جماعة البراء. ومع استمرار القتال الضاري تمكن الإسلاميون من الإحاطة بالبرهان الذي وجد عندهم بالمقابل قاعدة بديلة تساعد في القضاء على حليفه السابق حميدتي. وحتى إذا تمكن الطرفان المتحالفان من تحقيق النصر المؤزر في الحرب سعوا للقضاء على تبعات ثورة ديسمبر بأحلامها المشروعة، ومدنييها الثوريين، ودعمها الميمون الذي وجدته من المجتمع الإقليمي، والقاري، والدولي، ومن ثم يستطيع الجيش وحلفاؤه كما هو متصور إعادة السلطة للإسلاميين برئاسة البرهان لمرحلة مؤقتة. ويُصح القول أيضاً بأن إستراتيجية الطرفين المتحالفين تقوم في المدى البعيد على التضاد بدلاً عن الاتفاق على تقاسم السلطة بينهما. ذلك يعني أن في أي مرحلة من مراحل ألحرب - أو لحظة انتهائها - يفترق الجمعان. فالبرهان ماكر في اللعب بالمختلفين بعضهم بعضاً. وحتى الآن اتضح أنه تلميذ جيد للبشير، ويعرف تماماً الاحتفاظ بالكرة في ملعبه المتسخ. ومن الناحية الأخرى لا يطمئن قادة المؤتمر الوطني للبرهان المتقلب الأطوار. ولذلك فإنهم مجبورون على الوقوف خلفه ما داموا هم الآن أكثر الفئات السياسية استفادةً من الحرب التي أشعلوها. وربما في المستقبل المنظور سيطيحون به عبر عدة سيناريوهات سياسية خشنة، أو خبيثة. كثير من الناس يدركون حتى قبل حديث عبد الحي الأخير أن مصير شهر العسل بين البرهان، وغالب الإسلاميين العسكر من جهة، والمؤتمر الوطني بجانب إسلاميين من الجهة الأخرى إلى زوال. ذلك أثناء الحرب أو بعده، والشواهد كثيرة، وتحتاج إلى شرح وافٍ لا يتحمله هذا الحيز. لكن المهم في كل هذا أن تاريخ الصراع بين قيادتين تسيطران على السلطة السياسية بحكم تحالف أيديولوجي دائماً ما يعيد نفسه مئة بالمئة، أو وقع الحافر على الحافر إلا قليلا. والآن أمام الطرفين فرصة سانحة بعد أن استمعنا إلى حديث عبد الحي الذي يؤمن به معظم قيادة وعضوية المؤتمر الوطني. فإما أن يعجل البرهان بالعشاء، أو يحسن المؤتمر الوطني صنع الغداء. ورغم أن الحرب أولها كلام فلا تكفي فقط المهاترات هنا وهناك بين رموز المتحالفين على خوض الحرب. فنحن بالكاد نحتاج بشدة إلى الاستمتاع بنهاية حقبة البرهان الذي ورطنا في الحرب. وفي ذات الوقت نتوق إلى معايشة غاية الآمال الكيزانية الفاشلة وهي مجسدة أمامنا. ولدي إحساس قوي بأن ليلة السكاكين الطويلة آتية لا ريب فيها لتحقق لنا متعة واحدة، على الأقل.

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

تجاوزات الحج والعمرة – التحقيق يبدأ من هنا!!

تجاوزات الحج والعمرة – التحقيق يبدأ من هنا!!
قبل أسابيع كانت الزميلة سوسن بتلفزيون السودان قد سألتني عن خلفية قرار الرئيس البرهان بتشكيل لجنة لبحث تجاوزات المجلس الأعلى للحج والعمرة (مرفق فيديو) وقلت لها أن هذه من القضايا التى أثارتها الصحافة السودانية وعلى الإخوة في الحج والعمرة عرض كل الأدلة التى تدافع عن مواقفهم وعلى اللجنة أن تجمع من جانبها كل الأدلة التى تحقق بها مع المجلس

خلصت في الإجابة إلى أن البلد في حالة سيولة وأننا نحتاج من البرهان تشكيل لجنة تحقيق في كل مؤسسة عامة!
الحقيقة لم أسمع من بعد بنتائج التحقيق في اتهام مجلس الحج والعمرة ولا أعرف أن كانت اللجنة المعنية قد خلصت بالفعل من أعمالها أم أنها لا زالت تعمل او قد انبثقت عنها لجان تماشيا مع الحالة السودانية العامة في قتل الأعمال !!

قبل تكوين لجنة الرئيس البرهان ومنذ أن تفجرت القضية ذهبنا مجموعة من الزملاء لمقابلة الأمين العام لمجلس الحج والعمرة السيد سامى الرشيد بغرض الوقوف على الحقيقة
الأمين سامى الرشيد اعتذر عن الحديث بحجة لقاء عاجل مع رئيس الوزراء واعترضت بشدة على الاعتذار وقلت له في حضور الزملاء أن اللقاء بنا لا يقل أهمية عن لقاء رئيس الوزراء وأننا جئنا بموعد مسبق ولمناقشة قضية حساسة تتعلق بإتهام مجلس الحج والعمرة بالتجاوزات وهي إسم الدلع للفساد

السيد سامى الرشيد أصر على موقفه المعتذر عن الحديث حتى دخل موسم الحج لتخرج القضية للسطح مرة أخرى!
قرأت العديد من المنشورات وطالعت العديد من الصور والفيديوهات حول آداء مجلس الحج والعمرة في هذا الموسم وكلمة واحدة انا أخذ بتقارير الزملاء الصحفيين الذين أدوا فريضة الحج هذا العام وكل ما وقعت عليه منهم يشيد بآداء المجلس الذي يقف على رأسه السيد سامى الرشيد ولكن —

ولكن بعودة الحديث عن تجاوزات الحج والعمرة على السيد سامى الرشيد أن يخرج للرأي العام بما يفيد في هذا الملف
سؤال محكمة الرأي العام -ما الذي حدث في اتهام مجلس الحج والعمرة ؟!
#اواصل

تجاوزات الحج والعمرة-التحقيق يبدأ من هنا(٢)
بكرى المدنى
أمس تساءلت عن نتائج لجنة التحقيق في التجاوزات التي شكلها الرئيس البرهان لمجلس الحج والعمرة ووزعت المنشور على نطاق واسع من الصفحات والمجموعات
حول تقييم موسم الحج الأخير امنت على كتبه معظم الصحفيون الذين كانوا في موسم الحج الأخير وهي تقارير إيجابية في معظمها ولكن السؤال كان عن قضية التجاوزات السابقة والتى اعادتها للمشهد كثير من الأحاديث الناقدة للمجلس حول الموسم الأخير

السيد ابراهيم معوض مسؤول الإعلام بمجلس الحج والعمرة راسلني قائلا أن لجنة الرئيس البرهان قد أنهت أعمالها مؤكدة عدم وجود شبهات أو تجاوزات للمجلس المذكور
الغريبة أننى لم اسمع طوال الفترة الماضية أن اللجنة المعنية قد انتهت من أعمالها واعلنت عن نتائجها!!
لست انا فقط ولكن لم يصادفنى أي تعليق على ما كتبت من الزملاء والقراء معلنا عن سماعه بنتائج اللجنة المذكورة!!
اعتقد ان عملا مماثلا كان يقتضى إعلان ومؤتمر صحفي بقدر الزخم الذي أحدثه اتهام المجلس
لم يعلن مجلس الحج والعمرة براءته للناس بالقدر الكافي ولم تقم لجنة البرهان نفسها في تقديري بالإعلام اللازم عن ذلك !

اكتفي على ما يبدو كل طرف بما تم التوصل إليه وسطر ذلك على ورقة يبرزها عند الحاجة وهو الإجراء الذي لم يغن عن السؤال!!
مواقف المجلس الأعلى للحج والعمرة السابقة والقائمة تتصدر المشهد ولم يعد الانحاء للعاصفة مجديا أو منجيا
الأمر تعاظم على الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة السيد سامى الرشيد وأصبح لزاما عليه مخاطبة الرأي العام حول العديد من الاستفهامات وهو الأمر الذي رفضه اول مرة كما ذكرت في منشور الأمس!!

لم يعد هناك مجال أمام السيد سامى الرشيد من عقد مؤتمر صحفي عاجل للإجابة على العديد من أسئلة الرأي العام والإجابة عليها بمنتهى الشفافية سواء كانت حول نتائج لجنة البرهان أو الإتهامات اللاحقة حول بعثة حج هذا العام

المحاولات السابقة للدفاع عن المجلس أو السيد سامى الرشيد من باب التلميح أو التصريح بالاستهداف الجهوي كما سبق في الدفاع عنه أو عن وزير الأوقاف المقال بذات الحجج/ أمرا ليس مقنعا في زمان تتشكل فيه السلطة في غالبها من أبناء الأقاليم المهمشة سابقا وكذلك الأجهزة!

المواجهة فقط والدفاع عن المواقف والإجابة على لجان التحقيق على الملأ هي ما يفيد في أمر المجلس الأعلى للحج والعمرة وأمينه العام السيد سامى الرشيد
بسبب التعتيم والتكتم لا يثق كثير من الناس في عمل لجان التحقيق ولا يثقون في نتائجها أيضا !

بكرى المدنى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده
  • وزير الخارجية الأمريكي يهنئ روسيا بعيدها الوطني
  • حكومة المساومات،،، كامل إدريس بين سطوة المليشيات وفوضي الكيزان
  • الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد
  • مجلس الأمن والدفاع الوطني ينعقد برئاسة البرهان ويتناول التطورات الأمنية في البلاد
  • خبير سياسات دولية: استدعاء الحرس الوطني وتعبئة المارينز تجاوز لسلطات حاكم كاليفورنيا
  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • جارف الثلوج الذي دَوَّخ فرنسا وأميركا.. من يكون هو شي منه؟
  • تجاوزات الحج والعمرة – التحقيق يبدأ من هنا!!