نزوح قُرابة 5 ملايين شخص من الخرطوم
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
رصد – نبض السودان
تسبب النزاع الحالي في السودان بنزوح قرابة 5 ملايين من سكان العاصمة إلى باقي الولايات، وتسبب كذلك بزيادة معدلات الفقر إلى 80 بالمئة.
وقال وزير الرعاية الاجتماعية في ولاية الخرطوم، صديق حسن فريني، بتصريحات صحفية اليوم الخميس، أنه تم إجراء مسوحات بمناطق غرب وجنوب مدينة الخرطوم في أوساط المجموعات السكانية الأكثر كثافة بغرض توفير المساعدات الإنسانية، فضلا عن سعي الحكومة لتوفير الدعم الاجتماعي للمواطنين.
وأوضح المسؤول السوداني، أن شكل المساعدات التي توفرها حكومة الخرطوم تتركز بشكل أساسي بتوفير المساعدات الإنسانية، والعلاجية من الأدوية المنقذة للحياة بعد خروج ما يفوق 90 بالمئة من المرافق الصحية عن الخدمة.
وأشار إلى أن ولاية الخرطوم تعتمد على أمور أساسية لدعم سكانها من منظمات المجتمع الدولي، والمجتمع السوداني للتخفيف من آثار الحرب، لافتًا إلى السعي لإعادة أنشطة بعض المرافق الحكومة.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الخرطوم شخص ملايين من نزوح
إقرأ أيضاً:
الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة
الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة
أحمد عثمان جبريل
الذهب في السودان ليس مجرد معدن ثمين، بل هو مرآة صادقة لحالة الدولة نفسها، حيث تنكشف عبره مآزق العجز عن إدارة الثروات، والانكشاف أمام جماعات المصالح التي تسيطر على القرار الاقتصادي دون رادع أو شفافية. في قلب هذا الملف تتصارع اللوبيات الاقتصادية مع سلطة تخضع ولا تقاوم، سلطة خانعة تحت وطأة الضغوط، تميل نحو ما يملي عليها، متنازلة عن سيادتها في لحظات حاسمة.
❝حين تُخضع الدولة ثروتها لمن لا يملك ضميرها، تتحول السيادة إلى سلعة، والوطن إلى منجمٍ بلا حارس.❞
— جبران خليل جبران
1في لحظةٍ تبدو البلاد فيها أشبه بمريضٍ يتنفس على جهاز الدولة، يظهر الذهب- لا بوصفه معدنًا ثمينًا فحسب، بل كجرح مفتوح في الجسد الاقتصادي السوداني.. هذا الذهب الذي وُهب للأرض السودانية بكرم الطبيعة، تحول اليوم إلى لعنة ثقيلة تُعرّي ضعف المؤسسات وتكشف حجم الخضوع للوبياتٍ اقتصاديةٍ ماكرةٍ تكتب القرار وتعيد صياغته على هواها.. لا أحد يجادل أن السودان غني بالذهب، لكن الغنى الحقيقي لا يقاس بما في باطن الأرض، بل بما في ضمير السلطة من قدرة على حفظ الأمانة.
2حين أصر محافظ بنك السودان المقال، برعي الصديق، على أن يكون تصدير الذهب عبر البنك المركزي فقط، لم يكن يمارس عنادًا بيروقراطيًا كما حاول خصومه تصويره، بل كان يتمسّك برؤيةٍ تعتبر أن الذهب ليس مجرد سلعةٍ للتجارة، بل عصب سيادةٍ اقتصادية لا يجوز أن تدار من خارج مؤسسات الدولة.. كان في رؤيته يؤمن أن السيطرة على حصائل الصادر هي مفتاح استقرار العملة وتوجيه الموارد نحو السلع الاستراتيجية، وأن غياب الدولة عن بوابة التصدير هو غيابٌ عن آخر معاقل نفوذها في اقتصادٍ تسيطر عليه شبكات المصالح والتهريب.
3لكن الرجل الذي أراد أن يُمسك بزمام الذهب، وجد نفسه وحيدًا وسط بحر من الذئاب.. نعم فالشركات المصدرة، التي اعتادت أن تعمل عبر قنواتها الخاصة- وزارة التجارة، البنوك التجارية، وشبكات النفوذ القديمة- رأت في منشوره تهديدًا مباشرًا لمصالحها.. لم تكن المشكلة في الفكرة بل في التطبيق، إذ لم يمتلك البنك المركزي الآلية الواضحة ولا القوة المؤسسية التي تمكنه من تنفيذ القرار، فبقي المنشور حبراً على ورق، وبقي الذهب يخرج من بين أصابع الدولة كما يتسرب الماء من كفٍ مثقوب.
4في قاعة الاجتماعات بمجمع الوزارات، حين احتدم الجدل، غادر برعي الصديق المكان غاضبًا.. لم يكن ذلك غضب مسؤول ضاق بالخلاف، بل غضب رجلٍ أدرك أن المعركة ليست فنية ولا إجرائية، بل سياسية حتى النخاع.. فوزير المالية د. جبريل إبراهيم، اختار الانحياز إلى الشركات، في مشهدٍ بدا فيه محافظ البنك كأنه آخر المدافعين عن فكرة الدولة في زمنٍ تراجع فيه مفهوم السيادة إلى آخر الصف. هناك، بين الجدران الباردة، تَجسّد الصراع بين سلطة خانعة ولوبيات متحكمة، وبين من يؤمن أن الاقتصاد الوطني لا يُدار بالترضيات.
5ولأن السلطة في السودان اعتادت أن تُسكت الأصوات المزعجة لا أن تُجيبها، جاءت الإقالة سريعة كلمح البصر، كخاتمة طبيعية لموقفٍ وطنيٍ صلب.. أُبعد المحافظ، لا لأنه فشل في إدارة السياسة النقدية، بل لأنه تجاوز الخط الأحمر حين حاول أن يُعيد للدولة بعضًا من سلطتها المسلوبة.
لقد خسر برعي الصديق موقعه، لكنه كسب ما هو أثمن من المنصب: شرف أن يقف في صف المبدأ حين صمت الجميع.
6أما من خَلَفَتْه في الكرسي، آمنة ميرغني حسن.. فهذه حديث آخر، فقد جاءت إلى المنصب محمّلةً بأسئلة أكثر من الإجابات.. فهي ليست غريبة عن البنك المركزي، لكنها أيضًا ليست بعيدة عن دوائر النظام القديم الذي أسقطته الثورة. أُبعدت سابقًا بقرار لجنة إزالة التمكين، ثم عادت اليوم إلى ذات المقعد الذي كان يفترض أن يرمز إلى تطهير المؤسسات. وبين هذه العودة وتلك الإقالة، يقف المواطن السوداني متسائلًا: هل هذه الدولة تتعلم من أخطائها أم تدور في فلكها الأبدي؟
7قد تمتلك آمنة ميرغني خبرة مصرفية معتبرة، لكنها تدخل إلى مشهد رمادي لا تملك فيه حرية القرار أكثر مما يملك من سبقها. فالقضية لم تعد في الأسماء، بل في البنية العميقة التي تُمسك بخيوط الاقتصاد من وراء الستار.
لوبيات الذهب لا تهتم بمن يجلس في الكرسي بقدر ما تهتم أن يبقى الكرسي في متناولها، وأن تُدار السياسة النقدية بما لا يهدد امتيازاتها. السؤال الذي يفرض نفسه: هل تستطيع آمنة أن تتجاوز هذا الطوق الحديدي؟ أم أنها ستجد نفسها، طوعًا أو كرهًا، جزءًا من معادلة الخضوع ذاتها؟
8في نهاية المطاف، ليست معركة الذهب بين شخصين أو مؤسستين، بل بين رؤية تريد للوطن أن يكون سيد قراره، وأخرى ترضى له أن يكون تابعًا في اقتصادٍ تُرسم حدوده من خارج الدولة.
بقي أن نقول إن الذهب السوداني اليوم ليس مجرد مورد اقتصادي، بل اختبار أخلاقي لسلطةٍ ما زالت تبحث عن شجاعتها المفقودة. وإذا لم تفهم الحكومة أن الثروة لا تُدار بالخنوع ولا بالمجاملة، فإن الذهب سيبقى رمزًا للضياع لا للغنى، وسيتحول البنك المركزي من حارس لاقتصاد الأمة إلى متفرج على تبديدها.
إنا لله ياخ.. الله غالب
الوسومآمنة ميرغني أحمد عثمان جبريل الثورة الذهب السودان النظام القديم برعي الصديق بنك السودان المركزي بورتسودان لجنة إزالة التمكين