نتنياهو وترامب.. شراكة الإجرام والاستعمار والاستثمار
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
من الواضح تماما، أن الجحيم الذي وعد به الرئيس الأمريكي رونالد ترامب الشرق الأوسط قد بدأ فعلا في غزة؛ مانحا النعيم لمجرمي الكيان الصهيوني، ليكشف بذلك ليس عن انحيازٍ أمريكي كاملٍ "لإسرائيل" فحسب، بل عن شراكةٍ مع الفاشية النازية الجديدة المتمثلة بنتنياهو وحكومة المتدينين اليمنيين. هذا الجحيم ظهر من خلال تصريحات ترامب والقاضية بالسيطرة على قطاع غزة، وتهجير سكانه قسريا إلى مصر والأردن اللذين رفضا هذا الطرح، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني وإعلان حقوق الإنسان، وتجاوزا لكل قيم ومبادئ الأمم المتحدة؛ مما يعتبر تطهيرا عرقيا وجريمة حرب ضد الفلسطينيين بقوله "الفلسطينيون ليس لهم سبيل سوى مغادرة غزة"، وهذا ما يعكس العقلية الاستعمارية الاحتلالية الإجلائية العدوانية.
على الرغم من المفاجأة التي شكلتها هذه التصريحات، فإن هكذا خطوات ليست غريبة أبدا عن ترامب الذي سبق أن اعترف بضم الجولان السورية إلى "إسرائيل"، والاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة إليها. إن إصرار ترامب على هذا التهجير القسري وبهذه الظروف يؤكد مما لا يدعو للشك مشروع ترامب الاستثماري الاقتصادي لصالحه ولصالح دولة الكيان، وتأكيدا للوثيقة التي كشفت عنها الاستخبارات الإسرائيلية المتعلقة بخطط التهجير للفلسطينيين من غزة، ووثائق بريتش غاز التي تحدثت عن الكميات المهولة للغاز ذي النوعية النادرة الموجودة في بحر غزة مارين قبالة مخيم النصيرات، والتي تقدر بمليارات الدولارات، وكذلك الوثائق التي كشف عنها معهد إنسبكت الأمريكي "Inspect"، والتي تحدثت عن خطط التهجير القسري.
نسي ترامب أن الفلسطيني هو عامل تغييرٍ وثورة أينما حل، ونسي أيضا السمات الشخصية للفلسطيني ونفسيته وآماله وطموحاته وقدرته على التكيّف مع كل الظروف، فهذا الفلسطيني الذي تحمّل 15 شهرا من القصف بالقنابل والقذائف أمريكية الصنع، والذي تحمّل التدمير لكل جوانب الحياة، وكل أنواع الإبادة، وخبِر كل أنواع التهجير والنزوح واللجوء
يريد ترامب أن يكمل ما بدأه نتنياهو وفشل في تحقيقه حتى الآن من انتزاع الفلسطيني من أرضه ووطنه، بعد تدمير كل جوانب الحياة في غزة من ماء وكهرباء وبناء وخدمات صحية وتعليمية واجتماعية، لذلك فإن ترامب حدد فترة من 10 إلى 15 سنة لإعادة الإعمار، إمعانا منه في القضاء على ما تبقى من حياة للغزيين، وكأحد السيناريوهات التي ستُعتمد للضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم طوعا أو قسرا، وهذا ما يعكس العنصرية التوسعية والفاشية الأمريكية التي تميّز ترامب الآن ومن قبله بايدن، وهذا يتماهى مع الإجرام الصهيوني المتمثل بنتنياهو واليمين الديني المتطرف.
إن ترامب بمخططه هذا ينظر بعين العطف والشفقة إلى "إسرائيل" -كما أشفق بلفور من قبله- بوصفها تعيش على أرض صغيرة وأنها بحاجة إلى مساحة أوسع، فيُصر على تهجير الفلسطينيين لإحلال المستوطنين مكانهم، ويُصر على التطبيع مع دولٍ عربية لينعم نتنياهو وأركان حربه ومستوطنيه بسلام دائم. إن ما يسعى إليه ترامب ليس تغيير جيو- سياسي للشرق الأوسط الجديد الذي يحلم به مع نتنياهو، بل هو تحويل ديموغرافي أيضا في دول الطوق، وهذا ما سينعكس عليه وعلى المنطقة جحيما لن ولم يتوقعه.
لقد نسي ترامب أن الفلسطيني هو عامل تغييرٍ وثورة أينما حل، ونسي أيضا السمات الشخصية للفلسطيني ونفسيته وآماله وطموحاته وقدرته على التكيّف مع كل الظروف، فهذا الفلسطيني الذي تحمّل 15 شهرا من القصف بالقنابل والقذائف أمريكية الصنع، والذي تحمّل التدمير لكل جوانب الحياة، وكل أنواع الإبادة، وخبِر كل أنواع التهجير والنزوح واللجوء التي بلغت أحيانا أكثر من 25 مرة مُتنقلا من منطقةٍ إلى أخرى ضمن مساحة 365 كـم مربعا هي الأكثر كثافة في العالم، والموت يحيط به من كل جانب، تارة يحمل خيمة وتارة يحمل جسدا مكفنا ابنه أو ابنته.
هذا الفلسطيني العصيُّ على الهزيمة يرى في الأنقاض والركام قوته وعزيمته على إعادة تدويرها وبناء صرح حياته من جديد. لم يدرك ترامب أن الفلسطيني يعود من الموت يحيا ويغني، فيقول هذا الفلسطيني "عهد الله ما نرحل، نموت، نجوع ما نرحل". إن الفلسطيني يعشق الموت العزيز كما يعشق الحياة الكريمة، فهو رمز العزة والإباء ورمز الكرامة والكبرياء، إنه كالسنديان والزيتون متجذرا في الأرض لا الرّياح العاتية ولا العواصف الهوجاء تستطيع أن تقتلعه من غزته، من أرضه، من مخيمه، من شاطئه، من بيت حانونه وجباليته، ورفحه، وحي زيتونه، وتل هواه، ودير بلحه.
ما يطرحه ترامب يمثل تخليا عن التزاماته ومسؤولياته الدولية كدولة عظمى تدّعي دوما حرصها وحمايتها للأمن والاستقرار والسلم العالمي. إن في طرحه هذا يعيد ترامب للأذهان سلطة ودور شرطي العالم الذي يحكم بقوة السلاح وسطوة الطغاة؛ خرقا وانتهاكا لكل القوانين والأعراف والقيم والمبادئ التي أجمع عليها العالم
إن الفلسطيني عنوان الانتماء للوطن، وصرخة الحياة بوجه الغاصبين والمستعمرين الجدد، فهل يعي ترامب ذلك؟ إن ذرف الدموع على غزة والغزيين واستعطاف العالم عليهم يستدعي -إذا كان ترامب صادقا بمشاعره وعواطفه- أن يعيدهم إلى الأرض التي هُجّروا منها، وإلى الوطن الذي سُلب منهم، وأن يعيد من جاء مهاجرا من بقاع شتى في أوروبا وآسيا وأمريكا إلى حيث كان؛ لا أن يتذرع ترامب وأركان إدارته بأن غزة مكان غير آمن، وأن هناك أبنية آيله للسقوط، وأن هناك أكثر من 30 ألف طن من المتفجرات لم ينفجر بعد.
ألا يطمح أن ينهي ترامب الحروب؟ ألم يَعدْ بذلك؟ ألا يريد أن يكون صانع سلام؟ فالسلام يبدأ هنا، بإعادة الأرض لأصحابها وليس استبدالها بأرضٍ أخرى في دول مجاورة وإن كانت شقيقة، وإعمارها بأموال "دول الشرق الأوسط" كما قال.
إن ما يطرحه ترامب يمثل تخليا عن التزاماته ومسؤولياته الدولية كدولة عظمى تدّعي دوما حرصها وحمايتها للأمن والاستقرار والسلم العالمي. إن في طرحه هذا يعيد ترامب للأذهان سلطة ودور شرطي العالم الذي يحكم بقوة السلاح وسطوة الطغاة؛ خرقا وانتهاكا لكل القوانين والأعراف والقيم والمبادئ التي أجمع عليها العالم.
إن مصائر الشعوب والدول لا يقررها مزاجُ شخصٍ لا يرى سوى نفسه ومصالحه وحلفائه من شذاذ الآفاق، أو توقيعٌ يملأ الصفحات، ولا تُقررها دولةٌ تمتلك كل عوامل القوة لإخضاع الآخرين، إن الشعوب التي هزمت أعتى الإمبراطوريات الاستعمارية عبر التاريخ لقادرة أن تقرر مصيرها بنفسها، وإن الشعب الفلسطيني كسائر هذه الشعوب، وهو الذي صمد صمودا أسطوريا على كل أنواع الإبادة، لقادر -مع مقاومته الباسلة ومع تضامن ومناصرة الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم- أن يهزم مشاريع الاستيطان والتهجير، وعنوانه خيمة ولو كانت فوق أنقاض بيته في وطنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة إسرائيل التهجير إسرائيل غزة تهجير ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا الفلسطینی الذی تحم ل ترامب أن کل أنواع وهذا ما
إقرأ أيضاً:
حدث ليلا| الكهرباء: لا تخفيف للأحمال خلال الصيف.. ياسمين عبد العزيز عن سبب تألقها: عشان بقيت سنجل.. وترامب: مستاء من أفعال بوتين
حرصا على تقديم خدمات الاطلاع المتكاملة على ملف الأخبار لقرائنا الكرام؛ يقدم موقع "صدى البلد"، موجزا لجميع الأخبار المحلية والعربية والعالمية على مدار الساعات الأولى من يوم الاثنين، ويتضمن أهم الأحداث.
الكهرباء: لا تخفيف للأحمال خلال الصيف.. وتوفير 8.3 مليار جنيه
أكد منصور عبد الغني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه لا توجد أي نية لتطبيق تخفيف الأحمال خلال فصل الصيف، موضحًا أن التيار الكهربائي سيكون متاحًا لجميع الاستخدامات سواء كانت صناعية أو زراعية أو منزلية أو تجارية، دون انقطاع.
استقالة رئيس مؤسسة غزة الإنسانية احتجاجا على تدهور مبادئ العمل الإغاثي
أعلن جيك وود، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "غزة للمساعدات الإنسانية"، استقالته من منصبه، مؤكدًا أن الظروف الراهنة في القطاع تجعل من المستحيل تنفيذ برامج الإغاثة دون الإخلال بالمبادئ الأساسية للعمل الإنساني، وعلى رأسها الحياد والإنصاف والاستقلالية.
ياسمين عبد العزيز عن سبب تألقها: عشان بقيت سنجل
أقيم، أمس الأحد، احتفال فنل كبير ضمن فعاليات الدورة التاسعة من حفل جوائز كأس إنرجي للدراما، الذي تنظمه إذاعة راديو إنرجي 92.1، حيث تم تكريم عدد من أبرز نجوم وصناع الأعمال الدرامية التي عرضت خلال موسم رمضان 2025، وعلى رأسهم فريق مسلسل وتقابل حبيب.
19 شهيدا في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في غزة
وأفادت مصادر بأن الغارة الجوية استهدفت مدرسة فهمي الجرجاوي الواقعة في حي الدرج بمدينة غزة، حيث كانت تأوي أعدادًا كبيرة من العائلات الفلسطينية التي نزحت من مناطق القتال، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء والمصابين، فيما لا تزال عمليات البحث والإنقاذ جارية.
الزمالك يقترب من التعاقد مع مدرب صن داونز السابق
كشف الإعلامي أمير هشام، عبر حسابه الشخصي على فيس بوك، عن تطورات مثيرة في ملف المدير الفني الجديد لنادي الزمالك.
ترامب يعلق الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الإثنين، تعليق فرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من دول الاتحاد الأوروبي حتى 9 يوليو 2025، بعد اتصال تلقّاه من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين طالبت فيه بتمديد المهلة المحددة سابقًا.
ترامب: مستاء من أفعال بوتين ونبحث فرض عقوبات إضافية على روسيا
أعرب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن استيائه الشديد من التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا، متهمًا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بارتكاب أفعال تسببت في مقتل أعداد كبيرة من المدنيين، مشيرًا إلى أن واشنطن تدرس فرض عقوبات جديدة على موسكو.
التفاصيل الكاملة لحريق مخزن ملابس بمنطقة استثمار بورسعيد العامة | شاهد
نجحت قوات الحماية المدنية التابعة لمديرية أمن بورسعيد فى السيطرة الكاملة على حريق بعد نشب عصر اليوم بأحد مخازن المنطقة العامة للاستثمار يحتوي على كميات من الملابس الجاهزة المصنعة.