يمانيون../
أكد الباحث الجزائري المختص في شؤون مواجهة الفكر المتطرف والعنف والإرهاب، الأستاذ الدكتور نور الدين أبو لحية أن المشروع القرآني -الذي أسس مداميكه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه- يُعَدُّ المشروع الأمثل والحقيقي للأمة الإسلامية والمنقذ لها.

وأوضح -في حوار خاص لموقع أنصار الله- أن المشروع القرآني يتميز عن غيره من مشاريع المقاومة -بالرغم من أنها تصب في اتجاه واحد- في كونه يجعل القرآن الكريم المنطلق الأساسَ لكل تحركاته، كونَ القرآن الكريم النقطة المشتركة لمختلف الطوائف والمذاهب والجماعات الإسلامية.

الدكتور أبولحية ذكر العديد من التفاصيل حول العدوان الإسرائيلي على غزة، والواقع المأساوي للأمة الإسلامية، وغيرها من المستجدات. في ما يلي نَصُّ الحوار:

* بداية كيف تقرؤون الوضع في فلسطين بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وهل تتوقعون عودة المواجهات مجدداً؛ لا سيما في ظل دعوات ترامب بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟

** بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة نستطيع القول إن المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد من محور المقاومة انتصرت على الكيان الصهيوني وحلفائه، وذلك كونهم نجحوا في منع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه التي أعلنها منذ بدء طوفان الأقصى. ونستطيع القول إن الأمة الإسلامية دخلت دورة جديدة ومرحلة جديدة بخلاف السابق.

في الطور السابق كانت الأمة الإسلامية كلها تهتف باسم فلسطين والقدس، وتدعي أنها تناصر قضايا الأمة الإسلامية ونحو ذلك، لكن عندما جاء طوفان الأقصى وحصلت كربلاء جديدة وحصلت ملحمة جديدة، تميز هنا الخبيث من الطيب، وتميز أصناف الأمة، ولم يبق فيها إلا الصالحون المجاهدون الأوفياء لكلماتهم، وبرز الدور الحقيقي لمحور الجهاد والمقاومة.

والشيء الأبرز هو ظهور اليمن في هذه الأحداث المفصلية، وتصدره الساحة في مناصرة غزة، وهي مرحلة ما قبل النصر، لأنه لا يمكن أن يثمر الربيع من دون الشتاء. صحيح أنه حصل ابتلاء وتمحيص ومصائب في شكلها الظاهري، ولكن النتيجة الحتمية هي النصر المؤزر.

بالنسبة لعودة المواجهات في ظل دعوة ترمب، ربما يستبعد ذلك، بسبب عدم جدوائية المعركة في تحقيق أهدافهم التي لم ينجحوا طيلة المواجهة لعام كامل ونيف، وربما السبب الأكبر يكمن في الدور اليمني الفاعل والمؤثر جدا على الكيان الصهيوني.

* الجبهة اليمنية المساندة لغزة كانت مفاجئة للكثيرين. كيف تقرؤون حجم التدخل اليمني بالاستناد إلى رصيد اليمن القيمي والإيماني؟

** اليمن كان لها دور كبير جداً في هذا الأمر. طبعا حزب الله أبلى بلاء حسنا وأدى كل ما عليه، لكن للأسف، بعد سقوط سوريا في يد الإرهابيين حصل حصار شديد للبنانيين.

وطبعا لبيئة لبنان أو ما يسمى الوسط الذي فيه المقاومة اللبنانية ليس كاليمن، فلذلك لم يستطيعوا إكمال المساندة. وكذا الوضع في العراق، الوضع متأزم جداً، والمقاومة العراقية تعاني من ضغوط مشددة من بعض النافذين في الداخل العراقي، والجمهورية الإسلامية في إيران أيضا لها ظروفها الخاصة، وبالتالي الجبهة الوحيدة التي بقيت واستمرت ولها أيضا ظروفها المناسبة هي جبهة الإسناد اليمنية.

اليمن كان لها دور بارز جدا في تضييق الخناق على الكيان الصهيوني في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والأبيض المتوسط والمحيط الهندي، ووقف إطلاق النار بغزة يعود الفضل فيه بعد الله إلى صمود المقاومة الفلسطينية والدور القوي لجبهة الإسناد اليمنية. ولذلك تحدث الناطق العسكري لكتائب القاسم أبو عبيدة وكذلك القيادي بحركة حماس خالد الحية أن اليمن إخوان الصدق، وفعلا فاليمن يمثلون أحفاد أجدادهم الأنصار الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه واله وثبتوا معه، والصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة اليمنية هي التي ستحافظ على قرار وقف إطلاق النار.

اليمنيون طبعا كانوا أولي بأس شديد وأصحاب إيمان وأصحاب حكمة كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ولكن كانت السياسة التي تحكم اليمن خاضعة للأمريكان والإسرائيليين وعملائهم من آل سعود، ولذلك خفت دور اليمني في الفترة الماضية، ومع بزوغ ثورة 21سبتمبر وتحرر اليمن واستقلاله برز الدور الحقيقي لليمن ليكون عنصرا فاعلا على المستوى المحلي والدولي، وهي ثمرة من ثمار المشروع القرآني العظيم الذي أسس مداميكه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه.

لليمن موقع استراتيجي فريد يجعل دورها محوريا على المستوى العالمي، ولذلك يُجمِع المسلمون أن تحرير فلسطين وإزالة الغدة السرطانية من المنطقة مرهون باليمن، وهي من سيؤهلها الله لتحقيق النصر الموعود.

* البعض يطرح أن “إسرائيل” انتصرت في هذه المعركة من خلال تنفيذ عمليات اغتيالات واسعة طالت قادة كبارا، أبرزهم إسماعيل هنية وشهيد الأمة السيد حسن نصر الله. كيف تردون على ذلك؟

** من يظن أن استشهاد القادة سيسهم في انتصار الكيان الصهيوني فهو واهم وغير منطقي وبعيد عن المعنى الحقيقي للمفهوم القرآني، فالشهداء القادة هم امتداد للنصر، هم مطر ينزل على الأرض الظمأى لتنبت من جديد، وخير دليل وشاهد على صدق ما طرحه شهيد القرآن السيد حسين الحوثي رضوان الله عليه أنه جاء بعد استشهاده انتصارات عظيمة ومتراكمة وصلت للمواجهة المباشرة مع قوى الهيمنة والاستكبار العالمي أمريكا و”إسرائيل”، وكل ذلك ببركة المشروع القرآني والقائد الرباني السيد عبد الملك الحوثي يحفظه الله.

في لبنان استشهد عباس الموسوي وخلفه السيد حسن نصر الله. في فلسطين استشهد إسماعيل هنية والسنوار وغيرهم من القادة. هكذا هي السنن الإلهية؛ يستشهد قائد ويخلفه قائد يكمل مسيرته، ثم يصبح أولئك الشهداء رموزاً وأيقونات تؤثر في من بعدهم.

لماذا لا نرى جهات أخرى تُغتال؟ لماذا لم تقتل أمريكا الجولاني مع أنه كان ضمن قوائم الإرهاب التي وضعتها أمريكا؟ لأنهم يخدمون قضيتها. ولذلك وقوع شهداء وخاصة من القادة هذا يدل على أن المسار صحيح.

مثل ما كان الانتصار شهادة الإمام الحسين عليه السلام، في شهادة الإمام زيد عليه السلام، وهكذا كثير من شهداء العترة الطاهرة، كما يقال الدم يغلب السيف، بعد ذلك انتصرت ونشطت.

وطبعا الانتصار في الحقيقة هو انتصار المفهوم، عندما تبقى مواجهة، مجرد بقاء مواجهة مع أعداء الله هذا وحده يكفي. لأنه عندما نرى الآن في الساحة تيارات السلفية والتيارات الحركية كلها سقطت في العمالة، وصارت متخاذلة، بل صارت تطبع مع الكيان الصهيوني وتدعو الأمة إلى التطبيع. في نفس الوقت نرى من هم القادة الذين يمثلون الأمة، هم هؤلاء، وعلامة صدقهم أنهم استشهدوا، واستشهدوا على يد أمريكا.

السيد حسن نصر الله أرسلت عليه 80 طناً من المتفجرات، يعني كأنهم أرادوا أن يغتالوا دولة ويقتلوا دولة وشعبا وليس شخصا واحدا؛ طبعا مثل ما حصل للإمام الحسين عليه السلام، وهذا يدل على مصداقية هذا الشخص.

وبالتالي ظهور المؤمنين الصادقين؛ هذي علامة انهزام “إسرائيل” وهي تعرف ذلك. كذلك “إسرائيل” فضحت في العالم أجمع؛ التي كانت تدعي الإنسانية وتدعي الديموقراطية، وكذا أمريكا، بل هكذا الحضارة الغربية ظهرت بصورتها الحقيقية.

ولذلك ما حصل في الحقيقة هو انتصار كبير للأمة الإسلامية، وأشرف ما حصل فيه هو تميز الدين الحقيقي عن الدين الوهابي، الدين الحقيقي الإسلامي القرآني، دين محمد الأصيل الذي تتبناه المقاومة عن غيره من أنواع الإسلام التي دجنت، والتي هي للأسف الفئة الباغية، وتتبنى الطلقاء وتتبنى مفاهيم لا علاقة لها بالدين.

وبالتالي هذا الانتصار ليس انتصارا فقط كما يقال عسكريا، هو انتصار ثقافي، انتصار ديني. والآن، هذا الوضع الجديد أصبح الكل يستحي، الإخوان المسلمون يستحون من الحديث عن فلسطين؛ حزب الإصلاح يستحي، حركات سلفية تستحي، الجهة الوحيدة التي تتكلم عن فلسطين وتتكلم عن قضايا الأمة هي هذه الجهة المؤمنة، التي توالي العترة الطاهرة، التي تحب نبيها، تجعل قرآنها هو قائدها وبالتالي هذا انتصار كبير.

* بعد استشهاد السيد حسن نصر الله أدرك الجميع مدى التأثير الكبير الذي كان يلعبه نصر الله في مختلف الملفات. كيف استطاع أن يلعب كل هذا الدور المؤثر؟

** السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه قائد كبير واستثنائي وتاريخي، ونموذج تاريخي إيماني، بكلماته، جاذبيته، بطريقة إدارته، بحكمته، ولذلك أثنى عليه الجميع بدءاً من السيد حسين رضوان الله عليه، والسيد عبد الملك كثيراً ما أثنى عليه، والعلاقة بينهما علاقة متينة وصلبة، وأنا في الحقيقة أراهما كما يقال وجهان لعملة واحدة.

أرى السيد حسن نصر الله كأنه السيد عبد الملك والسيد عبد الملك كأنه السيد نصر الله. لذلك حينما استشهد السيد حسن نصر الله بالرغم من هول الفاجعة وأثرها في نفوس جماهير المقاومة، غير أن الله تعالى عوّض ذلك العزاء بالحضور المواكب والدوري للسيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله طيلة معركة طوفان الأقصى.

* أصدرتم عدة مؤلفات قيمة. ما أبرز ما يركز عليه الدكتور أبو لحية؟

** سأوردها باختصار: السلسلة الأولى التنزيل والتأويل. هذه السلسلة تحاول أن تقرب وجهات النظر. طبعا معظم هذه السلاسل قرآنية تتعلق بالقرآن أو تتبنى الرؤية القرآنية. ولذلك كثيرا، ربما ما أطرحه كأنها شروح وتفصيلات لهذا الأمر.

والبداية أنا لدي سلسلة سبعة كتب بعنوان “مسيرة وقيم”، هي تعرض ما ذكره السيد عبدالملك والسيد حسين حول القضايا المختلفة، والمسيرة القرآنية، وقيم الإيمان بالله، وقيم الإيمان بالمعاد إلى آخره. آخرها -وهو مهم جدا- المسيرة القرآنية وقيم المشروع الحضاري، والذي تحدثت فيه عن مشروع المسيرة القرآنية، وهو مشروع يشمل كل قضايا الأمة الإسلامية .

من السلاسل -كما قلت- “التنزيل والتأويل” وهي سلسلة تفسيرية ولكن بطريقة ربما مختلفة، بشكل روائي كأنه شخص يحاول أن يرحل ويتعرف على القضايا القرآنية.

وطبعا -بالمناسبة- أنا كنت مصنِّفا صنفين: هناك كتب أكاديمية طريقة علمية عادية، وهناك كتب أصيغها بطريقة الرواية. أحيانا نفس الفكرة أعرضها بالطريقتين.

السلسلة الثامنة “الدين والدجل”. هذه سلسلة عمومية، الرد على التيارات المختلفة إسلاميا طبعا، خصوصا تيارات السلفية. أولها كتاب “اعترافات هارب لسجون وهابية”. وهو أيضا كتاب روائي نشر على شكل حلقات في المجلات الإسبانية. ثم نشر بعد ذلك كتاب مستقلا، أيضا أبيّن فيه أفكار الوهابية وكيف هي حقيقتها والردود عليها، ولكن بطريقة كما قلت قصصية روائية.

“لحوم مسمومة” رواية نصبت أيضا في مصر على شكل كتاب، وأيضا على شكل حلقات. تنوعت العنوانين بين القرآن، والأيدي الآثمة، ودعاة على أبواب جهنم. كل هذه أيضا قصص، وكلها في ردود على التيارات السلفية.

هناك كتب من تأليفي بعنوان: (السلفية والنبوة المدنسة، السلفية والوطنية المقدسة، التراث السلفي تحت المجهر، كلكم كفر) وفيها إثبات أن التيارات السلفية تكّفر الأمة جميعا، ورواية “شيخ الإسلام في قفص الاتهام” تتكلم عن ابن تيمية وتأثيره في مدرسة السلفية وأفكاره المختلفة التي جاء بها.

أما سلسلة “العرفان بين التصوف والقرآن” ففي هذه السلسلة أحاول أن أوضح الأفكار الدخيلة على الإسلام، سواء من حيث الأسانيد والرجال؛ مثل عبد الله بن أبي ومعاوية، أو من حيث الأفكار المختلفة، وكذلك سلسلة “الإلحاد والدجل” وهي سلسلة متخصصة للرد على أطروحات الملحدين.

من أبرز مؤلفاتي كتب بعنوان الحضارة الإسلامية الجديدة للأمام الخميني والخامنئي وكذا للسيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله .

* تفتقر الأمة إلى المشاريع الإسلامية البارزة، لكن في اليمن ظهر المشروع القرآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي. ما رؤيتكم حول هذا المشروع؟

** لدي شرح طويل عريض وسلسلة طويلة من المقالات والكتيبات حول المشروع القرآني تبثه إذاعة سام أف أم وإذاعة صنعاء وإذاعات أخرى.

المشروع القرآني اليمني الأصيل هو المشروع الحقيقي للأمة الإسلامية، والمنقذ لها في مرحلتنا الراهنة، وهو يتميز عن غيره من مشاريع المقاومة بالرغم أنها تصب في مصب واحد، غير أن ميزة المشروع اليمني يكمن في تركيزه الكبير على القرآن الكريم وجعله المنطلق الأساس لتحركات المشروع، وهي الأساس المشترك للأمة الإسلامية قاطبة بمختلف مذاهبها ومكوناتها.

موقع أنصار الله – حاوره محمد المطري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السید حسن نصر الله للأمة الإسلامیة الأمة الإسلامیة المشروع القرآنی الکیان الصهیونی رضوان الله علیه السید عبد الملک إطلاق النار السید حسین

إقرأ أيضاً:

مخاطر توجه الحركة الصهيونية اليهودية لاستهداف الأمة من منظور خطاب السيد القائد

يمانيون../
في خطاب السيد القائد اليوم، كان تركيزه الكبير مُنصبًا على المستقبل الاستراتيجي للأمة، والمخاطر المحدقة بالأمة ضمن مخطط الاستهداف الكبير؛

إذ إن المخاطر، وهي ظاهرة ضمن مخطط استراتيجي معادٍ مدروس ويتم على مراحل لاستهداف الأمة في الصميم، تحتم دق جرس الخطر، وكما قال السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي فإن “المرحلة الآن بالغة الخطورة ضمن توجه الحركة الصهيونية اليهودية لاستهداف أمتنا”.

يشير السيد القائد إلى أدوات المخطط الصهيوني الغربي الكبير واستخدامها اليوم بهذه الكثافة، سواء كانت “الحرب الصلبة أو الحرب الناعمة”، في سياق المخطط المتكامل، والحروب الدائرة على العرب والمسلمين، سواء كانت حروبًا نارية أو حروبًا ناعمة تستهدف الثقافة وتشويه قيم وموروث الأمة، وهذه ليست وليدة اليوم، كما أنها، كما يقول السيد القائد، “ليست مجرد ردود أفعال ولا حوادث وقتية عابرة بل في إطار استهداف شامل وهجمة مستمرة”، حيث يعمل “المخطط الصهيوني اليهودي التدميري ضد أمتنا الإسلامية في خطين واتجاهين متوازيين: هجمة عسكرية صلبة، وهجمة بالحرب الناعمة”.

ويخاطب السيد القائد في حديثه العميق حالة الوعي لدى الأمة، بتفصيل يتناول تحركات العدو وما يقوم به للنيل من كل العرب والمسلمين في “هذه الحرب التي لم تتوقف ضد أمة العرب والإسلام، حيث لها أهدافها العميقة، فـ “الأعداء اليهود الصهاينة وأذرعهم؛ أخطبوط الشر الأمريكي الإسرائيلي البريطاني وقوى الغرب المتصهينة معهم يدركون ما تمتلكه أمتنا الإسلامية من عوامل القوة المعنوية والمادية”؛ فهي تمتلك مقومات غير عادية يحاول الأعداء إلغاء حضورها، و”من المقومات الكبرى التي تؤهل الأمة لحماية نفسها وتمنحها المنعة في مواجهة أعدائها أن تكون هي الأمة التي تحمل إرث الأنبياء والرسل”، كما عبر السيد القائد.

ولأنها تحمل هذا الإرث الكبير في بعده العالمي، فهذا يستوجب أن تتحمل مسؤوليات هذا الدور المشرف حيث “مسؤولية أمتنا الإسلامية ورسالتها العالمية أن تقوم بدور عالمي في الدعوة إلى الخير والسعي لإقامة القسط وحماية المستضعفين وإرساء دعائم الحق”.

وفي ظل إدراك العدو للدور العالمي للإسلام والإرث الكبير الذي يمتلكه العرب والمسلمون، فإنه يرى أنه لا بد أن يستهدف “دورها ورسالتها وهويتها وثرواتها وموقعها”. فالأطماع الكبيرة والشهية الأمريكية الإسرائيلية، كما عبر السيد القائد، “مفتوحة بجشع كبير جداً في أوطان شعوبنا وثرواتها وموقعها الجغرافي وبحقد شديد في نفس الوقت”.

وفي سياق حديثه الذي يعيد تذكير الأمة بأسباب تصاعد مستوى الخطر الكبير من “الهجمة العدوانية على أمتنا”، يؤكد السيد القائد أن “وضعية الأمة والخلل الكبير في داخلها على مدى أجيال وقرون” هو سبب الهجمة الشرسة على الأمة اليوم، وأن اختراق العدو للعرب والمسلمين من الداخل كان ذا تأثيرات ماثلة للعيان في واقع الأمة، فـ “حجم الاختراق من الأعداء للأمة في مراحل طويلة وعلى مدى زمن طويل هو ما أوصل الأمة إلى حالة التيه الرهيب اليوم”.

وفي ظل هذا الوضع وحالة التيه التي تعيشها أمة الإسلام، فإن “الأعداء يعملون على أن تبقى (الأمة) بكل ما تمتلكه من عناصر قوة وإمكانات مكبلة تجاه ما يفعلونه، بل أكثر من ذلك، أن تتحول إلى أداة طيعة لهم في تنفيذ مخططاتهم التدميرية”، حيث تغلب عليها مظاهر الضعف والشتات والفرقة التي تزيدها وهنًا.

لكن المخطط كبير وكارثي ومدمّر كما يراه السيد القائد، وكما يجهله أو يتغافل عنه ملايين العرب والمسلمين. لهذا جاءت “الصرخة في وجه الاستكبار تجلٍّ لموقف مبكر في مواجهة المشروع الصهيوني مع مطلع الألفية الثالثة”.

ويمكن النظر إلى ذلك المخطط وتأثيراته في سياق تشخيص السيد القائد لحال الأمة، حيث “العدو يحول مئات الملايين من أبناء الأمة إلى أناس غير مستعدين لحمل البندقية لمواجهته ويجعلهم تلقائياً يضعون السلاح”، مع السعي الدؤوب لـ “قتل الروح المعنوية والدوافع لتجميد مئات الملايين من أبناء الأمة، وترسيخ الهزيمة النفسية لديها”.

هذا ما ظهر في نموذج القضية الفلسطينية كمثال، وما آلت إليه هذه القضية في الوجدان العربي الإسلامي. يقول السيد القائد: “عندما نتأمل واقع الأمة ما قبل 20 عاماً نجد اليوم ضعفاً كبيراً في تفاعل الشعوب مع القضية الفلسطينية. ذلك الضعف في التفاعل الشعبي مع هذه القضية، بحسب السيد القائد، “جرأ الأنظمة على أن تتخذ مواقف سلبية”.”

ولأن “العدو لا يهدف فقط إلى السيطرة الجغرافية على أمتنا، بل إلى السيطرة على الأفكار والثقافات والولاءات والعداوات”، فإن “الصورة النهائية التي يمكن أن نتصورها وفق المخطط الصهيوني هي السيطرة على مكة والمدينة ومساحة واسعة من البلاد العربية”. فهو يسير في مسار تصاعدي للوصول إلى غاياته الكارثية والتدميرية والاستباحة للأمة. ومن دلائل ذلك ما يحصل في غزة والضفة والقدس وفي فلسطين عمومًا وفي سوريا وغيرها، حيث تبدو تصريحات ترامب حول قناة السويس المصرية أحد كواشف “مشروع الاستباحة الذي لن يستثني أحدًا”.

في مقابل هذا استمر السيد القائد في كلمة اليوم في مخاطبة حالة الوعي العربي الإسلامي، حول مقومات الأمة الضخمة، والقدرات الهائلة، حيث الجغرافية المتنوعة والاستراتيجية بثقلها العالمي، والإمكانات الهائلة، والكتلة البشرية الضخمة التي تصل إلى ملياري مسلم… وهي إمكانات كفيلة بأن تمنح العرب والمسلمين المناعة والعزة، فهي ليست “أمة صغيرة، محدودة العدد، ضعيفة الإمكانات، محدودة الجغرافيا، يمكن للأعداء حسم المعركة معها بكل سهولة”؛ ولذا يؤكد السيد القائد أن “أمتنا تغفل عن مقوماتها وإمكاناتها وعناصر القوة فيها، بينما الأعداء يدركون حقيقة ذلك”.

وهو بهذا يحث الأمة أفرادًا وجماعات للنهوض، والأخذ بأسباب النصر ومواجهة مخططات الأعداء، إذ يبرز الدور اليمني في خطابات السيد عبد الملك كنموذج طليعي مقاوم يمكن للأمة البناء عليه للخروج من حالة الوهن التي هي سمتها الراهنة، في ظل أحداث متراكمة تشجع الأمة للمبادرة والأخذ بأسباب النصر وهزيمة العدو، كما يفعل اليمن اليوم مع العدو الأمريكي الغربي الصهيوني.

مقالات مشابهة

  • المنافقون.. الوجه الآخر للعدوان على الأمة الإسلامية
  • جدل حول مناقشة البرلمان الجزائري مشروع قانون التعبئة العامة
  • باحث: 7 أكتوبر كانت الفرصة التي انتظرها الإخوان لإحياء "الربيع العربي"
  • مخاطر توجه الحركة الصهيونية اليهودية لاستهداف الأمة من منظور خطاب السيد القائد
  • السيد القائد يستنهض الأمة ويطلق صرخة الحرية في وجه مشاريع أخطبوط الشرّ الصهيوني
  • السيد القائد: المشروع القرآني عظيم وناجح وقوي وفعال في بناء الأمة وفي تطوير قدراتها
  • السيد القائد يؤكد الوقوف إلى جانب حزب الله في أي تصعيد عدواني شامل يقدم عليه العدو الإسرائيلي
  • السيد القائد:المشروع القرآني أثبت فاعليته في تحصين من يتحرك على أساسه من الولاء لأمريكا ولإسرائيل
  • السيد القائد: الأمريكي لم يضعف قدراتنا .. ولينتظر البريطاني عواقب عدوانه
  • الحوثي يحذر من مخطط أمريكي إسرائيلي لطمس الهوية الإسلامية.. صمت الأمة خيانة