تكهنات وتحليلات حول رسالة واشنطن إلى طهران عبر أبو ظبي
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
طهران- في تطور دبلوماسي لافت، قام المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور محمود قرقاش بزيارة إلى طهران التقى فيها نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وسلّمه رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقا لما كشف عنه عراقجي نفسه.
جاء هذا التطور في وقت تتصاعد فيه التوترات بين واشنطن وطهران، وسط استمرار الضغوط الأميركية، وتزامنا مع خطاب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي وصف دعوات الولايات المتحدة للحوار بأنها "خداع للرأي العام العالمي".
ما يلفت الانتباه ليس فقط مضمون الرسالة الذي لم يُكشف عنه رسميا بعد، ولكن أيضا الطريقة التي وصلت بها إلى طهران. فبينما كانت موسكو مرشحة للعب دور الوسيط، امتنعت عن حمل الرسالة، في خطوة تعكس حسابات روسية دقيقة تجاه المشهد الإقليمي والدولي.
وسبق هذا الامتناع تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي حملت إشارات إلى طبيعة التحولات الجارية في العلاقة بين موسكو وواشنطن، مما يطرح تساؤلات عن موقف روسيا من هذه الوساطة ومدى تأثير ذلك على المعادلة السياسية القائمة.
وتتزايد التكهنات حول محتوى الرسالة، خاصة مع تسريبات تشير إلى أنها حملت تهديدات مباشرة ومحاولات لممارسة مزيد من الضغط على إيران. وإذا صحت هذه التسريبات، فإن الرد الإيراني على الرسالة سيكون حاسما في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، سواء عبر التصعيد السياسي والدبلوماسي، أو من خلال إعادة تقييم مسار التفاوض وفق معطيات جديدة.
إعلانومع تشابك المصالح الإقليمية والدولية، يبدو أن الرسالة الأميركية قد تفتح فصلا جديدا في المواجهة بين واشنطن وطهران، في وقت تزداد فيه الضغوط على جميع الأطراف المعنية.
ضغط وتهديدفي حديثه للجزيرة نت، قال مختار حداد، رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية في إيران، إن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن طلب الولايات المتحدة من موسكو لعب دور الوساطة بين طهران وواشنطن تعكس توجها جديدا في العلاقات بين موسكو وواشنطن، خاصة مع عودة ترامب إلى المشهد السياسي.
لكنه أكد أن هذا لا يعني أن روسيا ستساوم على الملفات التي تهمّ حلفاءها، بل ستسعى لتخفيف التوترات، مشددا في الوقت ذاته على أن نجاح أي وساطة مرهون بسلوك ترامب، الذي وصفه بأنه "متوتر وغير قابل للتقييم".
وأوضح حداد أن موسكو امتنعت عن تسليم الرسالة الأميركية لطهران بسبب التسريبات التي أشارت إلى أن مضمونها كان قائما على الضغط والتهديد، وهو ما ترفضه إيران بشكل قاطع.
وأضاف أن طهران أعلنت مرارا أن أي حوار يجب أن يكون في إطار الاتفاق النووي، وهو ما لم تلتزم به واشنطن في رسالتها، مما دفع روسيا إلى اعتبار أن نقلها قد يعقد الوضع أكثر، وأشار إلى أن هذا الموقف الروسي دفع الولايات المتحدة للبحث عن قنوات أخرى لإيصال رسالتها، إذ لجأت إلى الإمارات رغم وجود وسطاء تقليديين بين طهران وواشنطن.
وبخصوص الموقف الإيراني، أكد حداد أن جميع التيارات السياسية داخل إيران متفقة على رفض أسلوب الضغط الذي تمارسه إدارة ترامب، مشيرا إلى أن هذا الموقف شكل نقطة التقاء بين مختلف التوجهات السياسية في البلاد، كما شدد على أن إيران لن تقبل بأي مفاوضات خارج إطار الاتفاق النووي، خاصة في ظل استمرار سياسة التهديد والعقوبات.
وفي ما يتعلق بالمشهد الدبلوماسي، أشار حداد إلى أن الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي، بما في ذلك الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) بالإضافة إلى الصين وروسيا، تواصل مسار المفاوضات المتعددة الأطراف، إذ أجرت إيران مؤخرا جولات عدة من المحادثات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي.
إعلانوأضاف أن هناك مفاوضات ثلاثية مرتقبة بين إيران وروسيا والصين في بكين، وذلك يعكس دخول جميع الأطراف، باستثناء الولايات المتحدة، في مرحلة جديدة من المشاورات.
واختتم حداد حديثه بالقول إن واشنطن أمام خيارين: إما العودة إلى إطار الاتفاق النووي لعام 2015، أو الاستمرار في سياسة الضغوط القصوى التي أثبتت التجربة أنها لن تحقق أهدافها وستؤدي فقط إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
مستوى العلاقاتومن جانب آخر، صرّح المحلل السياسي محمد حسين واحدي بأن الرسالة المذكورة ليست مجرد رسالة عادية إلى إيران للتفاوض، بل إنها تحدد مستوى العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.
وأكد أن ترامب -وفق التسريبات- قد أدرج فيها خيار التفاوض أو الحرب، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يعتمد دائما على سياسة الترهيب لانتزاع تنازلات، كما فعل مع كندا وبنما وأوكرانيا، وهو الآن يسعى لتطبيق الأسلوب نفسه مع إيران.
وأضاف واحدي للجزيرة نت أن روسيا تُعتبر عنصرا حاسما لكل من الولايات المتحدة وإيران، لافتا إلى أن ترامب حاول التقرب من موسكو بهدف تفكيك التحالف الثلاثي بين الصين وروسيا وإيران، لكنه أشار إلى أن الاتهامات الموجهة لترامب بشأن تواصله مع روسيا جعلته مترددا في إظهار تقارب واضح معها أو منحها دورا محوريا في التعامل مع إيران.
وفي هذا السياق، أوضح أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حملت رسالة مهمة لطهران تؤكد استعدادها لتحسين علاقاتها الدولية، لكنه أشار إلى وجهة نظر أخرى ترى أن أي تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا قد يكون ضارا بالمصالح الإيرانية.
وأشار واحدي إلى أن ترامب ربما كان يسعى لإيصال رسالة جديدة ومختلفة هذه المرة، موضحا أن الرسالة لم تُرسل عبر القنوات التقليدية مثل سويسرا أو قطر أو عُمان، بل اختيرت الإمارات لتكون الوسيط.
وبشأن رد طهران على الرسالة، أكد واحدي أن ذلك سيعتمد على محتواها وشروطها، موضحا أنه إذا كان ترامب يسعى إلى نزع كل أوراق القوة الإيرانية، بما في ذلك وكلاؤها الإقليميون، وقدراتها النووية، وصواريخها، وطائراتها المسيّرة، فمن المؤكد أن طهران سترفض ذلك.
إعلانوأضاف أنه إذا رفضت إيران هذه الشروط، فإن ذلك قد يؤدي إلى تكرار السيناريو السوري ويمهد لاحقا لهجوم إسرائيلي على إيران. لكنه ختم بالإشارة إلى أن إيران قد تكون منفتحة على أي خيار ثالث أو نهج أكثر اعتدالا في الرسالة، إذا كان متاحا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الاتفاق النووی وزیر الخارجیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل تنجو إيران من آلية الزناد في ظل مباحثاتها مع الترويكا الأوروبية؟
وسط تصاعد التوترات في المنطقة وتلويح واشنطن وتل أبيب بمهاجمة طهران مجددا، تباحثت إيران مع الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) أمس الجمعة في مدينة إسطنبول التركية حول الملف النووي الإيراني ومسألة العقوبات، لكنهما لم يتوصلا لنتائج ملموسة، كما كشفت مصادر إيرانية.. فهل تنجو إيران من سيف العقوبات الأوروبية؟
وفي المقابل، اتفقت إيران والترويكا الأوروبية على مواصلة المناقشات بهدف كسر الجمود بشأن البرنامج النووي الإيراني، ووصف كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، الذي ترأس وفد طهران إلى جانب مجيد تخت روانجي، اللقاء بأنه كان "جادا وصريحا ومفصلا".
وركز الاجتماع -الذي عُقد في القنصلية الإيرانية- على إمكانية إعادة فرض العقوبات الدولية التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، والذي حدّ من أنشطة التخصيب الإيرانية مقابل تخفيف الإجراءات العقابية.
وفي الوقت الذي يلوّح فيه الأوروبيون بفرض عقوبات على إيران في حال عدم تسجيل أي تقدم يخص العودة إلى المباحثات والسماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع النووية الإيرانية، تسعى طهران من خلال مشاركتها في اجتماع إسطنبول إلى منع تفعيل ما تسمى بـ"آلية الزناد" وتجنب اتهامها بتخريب المسار الدبلوماسي، كما يقول أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران، الدكتور حسن أحمديان في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر".
ووُضعت "آلية الزناد" في صلب الاتفاق النووي لعام 2015، لأن الولايات المتحدة كانت تقول إنه لا ثقة لديها في إيران التي -برأيها- يمكن أن تتنصل من التزاماتها، أي أن هذه الآلية -والكلام للضيف الإيراني- هي أداة بيد الأطراف الأخرى التي تراقب مدى التزام طهران بالاتفاق النووي.
ورغم قبول دخولها في محادثات مع الترويكا الأوروبية، فإن إيران ترى من جهتها أن لا ثقة لديها لا في الأميركيين ولا في الأوروبيين، ويقول أحمديان إن أوروبا دعمت إسرائيل في الحرب التي شنتها على إيران في يونيو/حزيران الماضي، وإن ما تريده بلاده اليوم هو الحصول على ضمانات حقيقية، ولكن من روسيا والصين.
إعلان ضمانات أوروبيةووفق أستاذ العلوم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة برمنغهام، سكوت لوكاس، فإن إيران لا تريد، ولا الترويكا الأوروبية، الوصول إلى مرحلة تطبيق "آلية الزناد"، مشيرا إلى أن على أوروبا أن تمنح ضمانات لإيران بأنها لن تتعرض لهجوم مرة أخرى وأنه لن تكون هناك عقوبات إضافية من أجل أن تنسحب من مرحلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، كما قال لوكاس، وتسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى المنشآت النووية الإيرانية.
وفي ظل عدم الاعتماد على الولايات المتحدة التي انسحبت من اتفاق 2015 وعدم التنبؤ بما سيقوم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يقول لوكاس إن الأوروبيين يمكنهم التوصل مع إيران إلى صيغة ما قد تكون موافقتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة تتراوح بين 3% و6% والسماح لدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويطالب الأوروبيون إيران بإعادة التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واستئناف التفاوض مع واشنطن وبإيضاح ما حل بالبرنامج النووي ومكان المخزون الإيراني، وهي مطالب يستغرب منها أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران، بقوله إن بلاده تعرضت لحرب وضربت المواقع الإيرانية، وكاميرات الوكالة الذرية كانت ترصدها، ورغم ذلك لم تصدر الوكالة أي بيان.
ولكن الضيف الإيراني لم يستبعد أن تستجيب بلاده لمطالب الأوروبيين كنوع من المقايضة للحصول على ضمانات تتعلق برفع التجميد عن بعض الأرصدة الإيرانية وقضايا أخرى، مشيرا إلى أن الحديث عن التخصيب سواء بـ20% أو 60% هو خارج الإطار.
وتُصر إيران على أن أنشطة التخصيب تقع ضمن حقوقها القانونية، لكن واشنطن تعتبر أن التخصيب خط أحمر.