تعز بين تضحيات الأبطال وفشل السلطة !
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
كتب / إبراهيم الجبري:
نفذ #الشباب خلال الأيام الماضية زيارات للابطال المرابطين في جبهات عديدة من جبهات الدفاع عن الجمهورية في محافظة تعز، وجدنا الأبطال يصطفون من شرق المدينة إلى غربها حاملين أرواحهم على أكفهم في سبيل الله والوطن، تحاورهم فتجد في أرواحهم من الصلابة ما يُشعرك بالفخر والاعتزاز وبعظمة التضحيات والصمود وقرب النصر.
كانت زيارة الأبطال تمنحنا الأمل وتجدد طاقتنا، تشعر معهم أنك أمام جيش لا ينكسر، لكن وأنت في طريق العودة تكون المفارقة المؤسفة.. ففي طريق العودة سترى حال المدينة البائس وتشعر بالأسى، وكيف يتم خذلان التضحيات العظيمة ونضالات الأبطال المستمرة، خذلان تصنعه قيادات في السلطة لا تتقن إلا الفشل.
لا وجه للمقارنة بالتأكيد بين عظمة الأبطال في الجبهات مقبل مجموعة من الفاشلين يديرون المحافظة بفشل وفساد مستمرين منذ ستة سنوات، دون تحقيق أي شيء يمكن من خلاله تقبّل بقائهم في قيادة السلطة.
قدمت تعز أكثر مما قدمته كل المحافظات الأخرى، نزفت، وحاصرتها المليشيات الحوثية ولا زالت، توزع ابناء المحافظة على مختلف الجبهات دفاع عن اليمن، فكان الثمن هو ابقاء هذه السلطة المثخنة بالفساد الذي وصل حدا لا يمكن السكوت عنه أكثر، فالمدينة التي تذود عن الوطن، وتنشد الدولة والجمهورية يقتلها غياب الخدمات، وفشل السلطات وفساد المسؤولين. لذلك فهي حتى الآن مدينة بلا خدمات عامة، لا مياه ولا كهرباء ولا صحة ولا مؤسسات محترمة.
في قطاع المياه أهدر ما يزيد عن 21 مليون دولار خلال السنوات الماضية دون تحقيق أي أثر فعلي، والمدينة لا زالت بدون مياه..!!، الأمر ذاته في قطاع الكهرباء حيث تم تقديم العديد من المقترحات الجادة والعملية من قبل مانحين ومستثمرين لإعادة الكهرباء العامة، وتحسين خدماتها للناس بأسعار مناسبة تخفف الاعباء عن كاهل السكان وتحسن الخدمات العامة وتنعش الاقتصاد المحلي، بيد ان هذا كله تجاهلته السلطة المحلية لأغراض لا يمكن فهمها إلا على حقيقتها كحالة فساد.
لم يقتصر فشل السلطة في تعز على ملفي المياه والكهرباء فقط، بل امتد للقطاعات الأخرى، وحال المدينة وسكانها شاهد أثبات، ولا يمكن لذي عقل تجاهله أو تبريره.
الأمر الأكثر غرابة هو أن السلطة ذاتها استلمت مبالغ أخرى كبيرة كمخصصات مالية شهرية قدمت من قائد المقاومة الوطنية وعضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، دون أن يكون لها أثر يذكر. الأمر الذي يطرح علامة استفهام حول طبيعة هذه المبالغ الشهرية التي كانت تصرف من الساحل، فهل هي مبالغ شخصية أم صرفت لتطبيع الأوضاع في المحافظة؟!
وفي حال تم صرفها لتطبيع الأوضاع بالفعل فينبغي معرفة في أي بنود تم صرف تلك المبالغ على الأقل الساحل يكون على معرفة ، والتي تتراوح بين 300 إلى 500 الف ريال سعودي شهريًا؟ وأين ذهبت تلك المبالغ طالما لا يوجد أي تحسن في الخدمات العامة؟!
فخامة الأخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، لقد خرج أبناء تعز واصطفوا جميعًا لاستقبالك والهتاف باسمك، كبارهم قبل صغارهم، ورأوا فيك أملًا بالخلاص من هذا الحال البائس وتحسين أوضاعهم، لكن خيبة الأمل هي كل ما بقي لهم اليوم وهم يعيشون هذه الأوضاع، ونار غضبهم التي ترونها اليوم بعيدة ستكبر وتصلكم في حال لم يتم معالجة أوضاعهم، فهم أبناء محافظتك يا سيادة الرئيس وقبل ذلك فجميعهم قدم تضحيات لا تقدر بثمن في سبيل الجمهورية واستعادة مؤسسات الدولة.
أما الأحزاب السياسية في المحافظة فلن نقول إلا أن الله ابتلانا بمجموعة من الأحزاب الانتهازية، التي لا يهمها وضع الناس ولا تعبر إلا عن مصالح ورغبات قياداتها، والسعي خلف المحاصصة واصطياد المكاسب الذاتية دون أدنى شعور بحجم المأساة التي تسبب بها فشل ممثليهم في السلطة المحلية وفسادهم الذي بات يزكم الأنوف.
إن تعز لا تزايد على الجمهورية بما قدمته من تضحيات، وإن أبنائها من أكثر الناس تضحية دون منّ، لكن واقع الحال مأساوي، ودون معالجة الوضع فإن صبر الناس لن يدوم، وسكوتهم لن يستمر فالمسؤولية اليوم مضاعفة واستحقاقات الناس لا تقبل التأجيل.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
سعيد ثابت: الشرعية المرتعشة للمجلس الرئاسي لا يمكن أن تحسم حربا أو تُنجز سلاما
أكد المحلل السياسي سعيد ثابت سعيد، أن الرهان على الشرعية المرتعشة لمجلس القيادة الرئاسي لن تحسم حربا ولا يمكن أن تنجز سلاما، في ظل غياب الإرادة السياسية المستقلة النابعة من الداخل.
وقال مدير مكتب قناة الجزيرة في اليمن سعيد ثابت سعيد في مقال له: "يطرح بعض الأصدقاء من السياسيين والحزبيين فكرة (الشرعية المقاتلة أو الشرعية المقاوِمة) باعتبارها الأداة السياسية الممكنة لاستعادة الدولة اليمنية المغدورة، إلا أن هذا الطرح يصطدم بجوهر التكوين الفعلي للسلطة القائمة؛ فمجلس القيادة الرئاسي الذي تأسس في 7 أبريل 2022 لم يُبن على تصور (صراعي) أو (تحرري) وإنما على أساس (تسوية) تدار عبر الحوار كما جاء صراحة في إعلانه التأسيسي الذي نص على "تفويض المجلس بالتفاوض مع جماعة "أنصار الله" لوقف إطلاق نار شامل والدخول في تسوية سياسية تقود إلى مرحلة انتقالية".
وأوضح أن "هذا التفويض لا ينسجم مع مفهوم "الشرعية القتالية" بل يُحيل بوضوح إلى نموذج تفاوضي هدفه الانتقال من (النزاع) إلى (التهدئة)"، مشيرا إلى أن النص الرسمي استخدم لأول مرة الاسم الذاتي للجماعة الحوثية (أنصار الله) دون أي توصيف قانوني أو سياسي ما يعكس تحولا في الخطاب من (المواجهة) إلى (الاعتراف الضمني)!".
ولفت وكيل أول نقابة الصحفيين اليمنيين، إلى أن "الحديث عن تحويل هذه الشرعية إلى قيادة مقاومة يتجاهل السياق الذي نشأت فيه وطبيعة وظيفتها المعلنة؛ فهي (سلطة انتقالية) بتفويض إقليمي وليست (قيادة ميدانية) نابعة من الداخل.. ومنذ تشكيلها لم تُقدّم مؤشرات تُثبت امتلاكها مشروعا فعليا لاستعادة الدولة أو بسط السيادة".
ونوه إلى أن الواقعية السياسية تقتضي التمييز الواضح بين (إدارة الأزمة) باعتبارها حالة مؤقتة، و(تغيير مسار الأزمة) باعتبارها مهمة استراتيجية؛ فاستعادة الدولة تتطلب (قيادة تحمل تفويضا شعبيا ورؤية وطنية) لا مجرد (توافق خارجي هش). أما (الشرعية) حتى تكون قادرة على النهوض بهذه المسؤولية فلا بد أن تستند إلى (مشروعية تمثيلية) و (إرادة سياسية مستقلة) تنبع من الداخل لا تُدار من الخارج.
وبين سعيد ثابت، أن "الرهان على شرعية مجلس القيادة الرئاسي في غياب مشروع وطني واضح لن يفضي إلى التحرير.. وإنما سيُبقي اليمن رهينة واقع انتقالي معلّق: لا حرب تُحسم… ولا سلام يُبنى".