تبدأ كثير من الحركات والأحداث الثورية فـي العالم باعتبارها نصيرًا للمظلومين، مدافعة عنهم ومطالبة لحقوقهم، ثم ما تلبث أن تستخدم فـي مآرب أخرى؛ خصوصًا فـي العصر الرأسمالي الحديث وككل نضال آخر فـي سبيل الحق، بدأ الأمر من منطلق الحق والعدالة؛ فلا يعقل أن تظل العبودية أو احتقار النساء أو ظلم الشعوب واستعمارها أو إبادة شعب أصلي، لا يعقل أن تظل كل هذه الأمور مبررة أو مشروعة، لذلك يناضل الإنسان لتحقيق ما كان ينبغي أن يكون بديهيًا.
لا يتم ذكر مصطلح النسوية إلا ويكون مرادفًا للنقد والتمحيص وإثارة الجدل، فالنسوية شيء مختلف فـي تعريفاته التي تناولها مفكرو النسوية ومنظروها، ولكنه يتفق فـي المبدأ الكلي وهو محورية المرأة والنضال لأجل انتزاع حقوقها. ويمكننا القول: إن كتاب البريطانية ماري وولستونكرافت الشهير الذي نشرته عام 1792م «دفاعا عن حقوق النساء» أحد أهم الكتب التي أسست للفكر النسوي -إن لم يكن أهمها على الإطلاق- فـي مرحلة مبكرة جدا، وهو الكتاب الذي صدر بعد سنتين من صدور كتابها «دفاعا عن حقوق الرجال» الذي جاء ردًا على المفكر السياسي الإيرلندي إدموند بيرك صاحب كتاب «تأملات حول الثورة الفرنسية»، وقد انتقدته ماري انتقادًا لاذعًا وحادًا بسبب انتقاده للثورة الفرنسية واعتباره أنها نذير شؤم ومعول سيهدم النظام الاجتماعي، وكذلك رفضه لقلب النظام الأرستقراطي وإسقاطه. وهو ما حفزها لاحقًا إلى كتابة كتابها الذي يهمنا فـي معرض حديثنا عن النسوية ونشأتها الفكرية.
لم تطرح ماري فكرةً واضحةً حول النسوية وماهيتها، كما أنها لم تقم بنحت المصطلح الذي غدا رائجًا ومتداولًا ومعتبرًا الآن؛ بل إن من السخرية بمكان أن يكون ناحت هذا المصطلح رجلًا قصد به السخرية من المطالبين بالمساواة بين المرأة والرجل فـي الحقوق، وهو المؤلف الفرنسي الشهير ألكسندر دوما الابن فـي كتابه «الرجل-المرأة» وهو كُتيّب صغير الحجم، ومن خلال العنوان ذاته يمكن أن يقع الإيضاح وكذلك اللبس؛ وذلك لأن «الرجل-المرأة» هنا ليس من قبيل المقارنة بينهما، إنما من قبيل الشتيمة للرجال المتصفـين بالضعف والأنوثة كما يراها دومًا الابن، والإناث اللاتي يطالبن بالمساواة التي يرفضها دومًا الابن بل وسخّر كتابه للسخرية منها، ومن التحولات الاجتماعية التي بدأت تتبدى فـي ذلك الحين فـي فرنسا خصوصًا وفـي أوروبا عمومًا، لذلك ترجمه البعض إلى «الرجل-الأنثوي» وهي الترجمة الأدق فـي رأيي.
يقول ألكسندر دوما الابن فـي الصفحة الحادية والتسعين من كتابه المذكور «النسويون -اسمحوا لي بهذا النحت اللغوي- يقولون: كل الشر يأتي من عدم الرغبة فـي الاعتراف بأن المرأة مساوية للرجل، وأنه يجب منحها نفس التعليم ونفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل» ولينظر المرء فـي هذه المعركة الفكرية فـي التاريخ القريب، وفـي تمثلاتها ومآلاتها فـي حال اليوم إن كان فـي فرنسا ذاتها أو فـي عموم العالم الغربي. ومن الجدير بالذكر أنه كان يرى بأن الحركة المطالبة بالمساواة تسعى إلى تحويل النساء إلى رجال، وتحويل الرجال إلى نساء. وليس لهذا الأمر علاقة بالمفاهيم الحديثة للجندر والجنس وتطوراتها بالضرورة.
لم يؤثر كتاب ماري التأثير الذي قلب الأمور رأسًا ومباشرة، ولكنه كان حجر الأساس لكل ما بعده فـي سياق النضال لحريات النساء وحقوقهن، لأجل هذا كله لا يمكن أن نبحث فـي تاريخ النسوية دون أن نذكر أثرها الثقافـي والفكري. ولا يمكن أيضًا أن نتغافل عن البدايات فـي معرض نقدنا للنهايات، أو لواقع الحال. كما أن الأحداث الأخيرة فـي غزة وما يحدث من انتهاك صارخ لكل قيم الإنسانية والنضال لأجل الحق، جعل كل الحركات المنادية بالحريات تحت المجهر. فكأن غزة غدت الميزان الذي تقاس به موضوعية الأفكار والمعتقدات والتصرفات التي تكون مع الخير أو الشر، أو مع الحق وضده، فما بدأ كنضال من أجل الحقوق؛ لا ينبغي بحال أن يكون مناداةً لحقوق تفضيلية بناء على عرق أو لون أو منطقة جغرافـية. فالإنسان وقيمته وقدسية النفس الإنسانية، لا يحددها موقعه على الخريطة، بل الإنسان هو الإنسان فـي الشرق والغرب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ا الابن
إقرأ أيضاً:
السباحة في سن الثلاثين طريقك نحو الصحة والجمال الداخلي
السباحة في سن الثلاثين تبدأ المرأة في مرحلة من التوازن بين النضج والأنوثة الحيوية والاستقرار لكنها أيضًا قد تواجه ضغوط الحياة اليومية وتغيرات جسمانية طبيعية سواء بسبب العمل أو الحياة الأسرية أو التغيرات الهرمونية.
فوائد السباحة في سن الثلاثينأوضح الدكتور وسام الدين خبير العلاج الطبيعي، فى تصريحات خاصة لـ صدى البلد، عن أهمية السباحة كرياضة متكاملة تقدم فوائد صحية ونفسية لا تقدّر بثمن.
اللياقة البدنية دون إجهاد
السباحة من أكثر التمارين أمانًا على الجسم لأنها لا تسبب ضغطًا على المفاصل أو العظام وهذا يجعلها مناسبة تمامًا للمرأة في الثلاثين حيث تمنحها القوة والمرونة واللياقة دون تعريضها للإصابات الشائعة في التمارين الأخرى كما تعمل السباحة على تنشيط جميع عضلات الجسم من الذراعين إلى الساقين ومن الظهر إلى البطن مما يمنح الجسم مظهرًا مشدودًا ومتناسقًا.
تعزيز صحة القلب والشرايين
تُعد السباحة من التمارين القلبية الممتازة التي تعمل على تقوية عضلة القلب وتحسين الدورة الدموية وتنظيم التنفس بانتظام السباحة تنخفض احتمالية الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وهي من المشكلات الصحية التي تبدأ بالظهور في هذا العمر خاصة مع قلة النشاط البدني أو الجلوس لفترات طويلة.
دعم صحة المفاصل والعظام
مع تقدم العمر تبدأ المرأة تدريجيًا في فقدان بعض الكتلة العضلية وكثافة العظام لكن السباحة تساعد على تقليل هذه الآثار لأنها تعزز حركة المفاصل بشكل طبيعي وتحافظ على قوة العضلات والأنسجة دون تحميل وزن الجسم بشكل مباشر وهذا يجعلها مثالية لمن تعاني من آلام الظهر أو الركب أو تصلب المفاصل.
وسيلة فعالة للتحكم في الوزن
في سن الثلاثين قد يبدأ معدل الحرق في الانخفاض تدريجيًا مما يزيد من صعوبة الحفاظ على الوزن المثالي السباحة تساعد على حرق السعرات الحرارية بفعالية دون عناء وتزيد من معدل الأيض بطريقة طبيعية كما أنها تشجع على التوازن في الشهية بسبب تأثيرها الإيجابي على الهرمونات المتعلقة بالجوع والشبع
تأثير نفسي رائع ومزاج مستقر
واحدة من أهم فوائد السباحة أنها تحسن الحالة النفسية بشكل كبير فعند التواجد في الماء ينخفض مستوى التوتر ويبدأ الجسم في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين والتي تمنح شعورًا بالراحة والهدوء الداخلي كما أن التركيز في التنفس والحركات أثناء السباحة يمنح العقل فرصة للراحة من الأفكار السلبية أو القلق.
تحسين جودة النوم
كثير من السيدات في الثلاثينات يعانين من اضطرابات النوم بسبب ضغوط العمل أو تربية الأطفال أو التغيرات الهرمونية السباحة تساعد الجسم على الاسترخاء وتُشجّع على النوم العميق والمتواصل وتقلل من الأرق وتزيد من قدرة الجسم على التعافي أثناء الليل.
مرونة وليونة أعلى
السباحة تُعيد للجسم مرونته الطبيعية لأنها تعتمد على حركات متكررة خفيفة ومتناغمة تزيد من مدى حركة المفاصل وتُقلل من تيبّس العضلات وهذا ينعكس على الأداء اليومي للمرأة في أعمالها وأنشطتها ويجعلها أكثر نشاطًا وخفة في الحركة.
ثقة بالنفس وشعور دائم بالحيوية
ممارسة السباحة بانتظام تمنح المرأة شعورًا قويًا بالإنجاز والسيطرة على جسدها ومع تحسن شكل الجسم وزيادة اللياقة والطاقة تشعر المرأة بالثقة بالنفس والجاذبية وهذا ينعكس على كل جوانب حياتها من العمل إلى العلاقات إلى تقديرها لذاتها
السباحة أسلوب حياة وليس مجرد رياضة
السباحة ليست مجرد نشاط رياضي بل هي وقت خاص تستعيد فيه المرأة توازنها وهدوءها وتمنح نفسها لحظات من الراحة النفسية والجسدية بعيدًا عن ضغوط الحياة.