أحد أكبر التشكيلات العسكرية في درعا، ضم نحو 1200 عنصر، قاده أحمد العودة، ويعد امتدادا للواء "شباب السنة" الذي تأسس عام 2012، وحارب قوات النظام السوري المخلوع وميليشياته التي سيطرت على درعا، وبعد اتفاق التسوية عام 2018 الذي رعته روسيا، ألحق اللواء بالفيلق الخامس التابع للجيش السوري، ومع ذلك كان شبه مستقل، وبقي فاعلا إلى أن أعلن حل نفسه في أبريل/نيسان 2025 عقب أشهر من إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

النشأة والتأسيس

تأسس اللواء نتيجة اتفاق تسوية بين المعارضة السورية في درعا وبين روسيا في يوليو/تموز 2018، على خلفية حملة عسكرية خاضها جيش النظام المخلوع على المنطقة بدعم من موسكو، وهزمت فيها المعارضة.

وكان منتسبو اللواء يتبعون الكتيبة العسكرية المحلية في درعا المعروفة بـ"شباب السنة"، وكانت تتبع بدورها جيش اليرموك التابع للجبهة الجنوبية.

وخاضت الكتيبة معارك عدة ضد محاولات اقتحام نفذها جيش نظام الأسد والأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة له في مدينة بصرى الشام والمناطق المحيطة بها.

وفي عام 2016 نجحت -بالتعاون مع فصائل محلية أخرى بينها مجموعات إسلامية- في السيطرة على المدينة وعلى جميع المقرّات العسكرية والأمنية والحواجز المنتشرة فيها.

إعلان

شهدت الكتيبة بعدها توسعا متسارعا، فتحولت أولا إلى لواء ثم إلى ألوية عدة، مع الإبقاء على اسمها الأصلي "شباب السنة".

وارتبط هذا الفصيل لاحقا بـ"الجبهة الجنوبية" التي كانت مدعومة من غرفة العمليات المشتركة المعروفة بـ"الموك" التي زودته بأسلحة ثقيلة متنوعة، إلى جانب ما حصل عليه من غنائم.

أحمد العودة

القائد العسكري لكتيبة "شباب السنة" ثم لواء "شباب السنة" الذي تحول بدوره إلى فرقة بالاسم نفسه، ثم إلى قوات "شباب السنة".

حصل العودة على إجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة دمشق، وبرز مع انطلاق الثورة السورية عنصرا في الجيش السوري الحر، وشارك إلى جانب فصيله في معارك عدة في محافظة درعا، والتحق بالجبهة الجنوبية عام 2014.

انخرط في معركة السيطرة على بصرى الشام التي أخرجت جبهة النصرة و"كتيبة المثنى" وغيرها من المنطقة في مارس/آذار 2015، قبل أن يُنقلب عليه عام 2016 لكنه استطاع استعادة السيطرة على المنطقة وقيادة الفصيل من جديد.

وأصبح فصيله من أبرز الفصائل المسلحة في محافظة درعا من حيث التمويل والتأثير، بدعم مباشر من غرفة العمليات الدولية المعروفة "الموك".

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2017، اختير العودة عضوا في وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية في مؤتمر الرياض 2.

محطات

تميّزت مدينة بصرى الشام المعقل الرئيسي لفصيل "شباب السنة" بقيادة العودة، بدرجة من الاستقرار النسبي -أيام نظام الأسد- مقارنة ببلدات وقرى ريف درعا الشرقي، التي شهدت انفلاتا أمنيا وعمليات اغتيال ونهب، لا سيما في المناطق التي وجدت فيها مجموعات غير منضبطة تابعة للفصيل ذاته.

وحتى عام 2018 حافظ "شباب السنة" على موقف عدائي واضح تجاه النظام السوري، وواصل العودة خطابه التصعيدي، مؤكّدا في تسجيلات متتالية أن "المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد".

تغيّر الوضع جذريا مع بدء الحملة العسكرية على الجنوب السوري، انتهت بتوقيع اتفاق تسوية برعاية روسية، سلّم فيها العودة السلاح الثقيل، وسوّى أوضاع المقاتلين، وتولّى إدارة مفاوضات تسليم باقي المناطق من قلعة بصرى الشام.

إعلان

انخرط العودة، بدعم من شخصيات مقربة من موسكو، في مفاوضات سرية متكررة مع ضباط روس، ما أفضى إلى ولادة "اللواء الثامن" التابع للفيلق الخامس المدعوم روسيا وترأسه العودة، وأصبح الذراع العسكرية لروسيا في الجنوب السوري، لكنه حافظ على استقلالية نسبية رغم تبعيته التنظيمية للنظام.

وبدأ اللواء في أواخر 2018، بإرسال عناصره إلى جبهات الساحل السوري، خاصة في معسكري سلمى والدويركة، على أساس "مناوبات عسكرية" لا مشاركة فعلية في المعارك، وانضم إلى اللواء مئات من مقاتلي الفصائل السابقة، سعيا لتجنب الاعتقال أو التجنيد الإجباري.

لواء شبه مستقل

وفي 20 حزيران/يونيو 2020، استُهدفت حافلة تابعة للواء في بلدة كحيل أثناء عودتها من مناوبة في اللاذقية، مما أدى إلى مقتل 9 عناصر وإصابة 25 آخرين، وتحوّل تشييعهم إلى مظاهرة ضد إيران وحزب الله وطالبوا بإسقاط النظام.

وفي نهاية الشهر ذاته، خرّج اللواء في دورة عسكرية حضرها ممثلون روس وقادة محليون من فصائل أخرى، رُفع فيها العلم السوري، لكن عناصر اللواء أنهوا المناسبة بمظاهرة جديدة طالبت بإسقاط النظام.

بين عامي 2018 و2021، توسع نفوذ اللواء الثامن، خاصة في ريف درعا الشرقي، وشهدت تلك المرحلة توترات واشتباكات متكررة مع قوات النظام والأمن العسكري، إلى جانب اتهامات للفصيل بالضلوع في عمليات خطف وتعذيب وتصفيات، إضافة إلى مشاركته في مهام قتالية خارج المحافظة، كما شاركت عناصره في مظاهرات مناوئة للنظام.

ورغم انضمام اللواء رسميا للفيلق الخامس، إلا أنه حافظ على استقلالية شبه كاملة في إدارة مناطقه، مما أثار حساسية لدى النظام المخلوع. وفي عام 2021، صدر قرار بتحويل تبعيته من الفيلق الخامس إلى جهاز الأمن العسكري (الفرع 265)، ضمن مسعى روسي لإنهاء وجود التشكيلات المسلحة خارج سيطرة الدولة.

بقيت مناوبات اللواء محدودة بعد هذا القرار، لكن استمرار عمله بصفته مظلة حماية لمئات من المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة، جعله في موقع تنازع مع أجهزة الأمن ومليشيات محلية. وشهدت هذه الفترة سلسلة اشتباكات واتهامات للفصيل بالضلوع في عمليات خطف وتصفيات ضد خصومه، إلى جانب مشاركته في احتجاجات مناهضة للنظام.

إعلان

في الأعوام 2022–2023، شارك اللواء في عمليات أمنية ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية في درعا، أبرزها قتل فيها قائد التنظيم في مدينة جاسم، وأيضا مواجهات مع مجموعتي "هفو" و"الحرفوش" في درعا البلد.

سقوط الأسد

لكن المنعطف الأهم جاء بعد 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ، مع انطلاق معركة ردع العدوان، التي انتهت بسقوط النظام السوري، إذ أعلنت الفصائل في درعا تشكيل "غرفة عمليات الجنوب" بقيادة أحمد العودة في 6 ديسمبر/كانون الأول، وتمكنت في 48 ساعة من السيطرة على كامل المحافظة.

وكان "اللواء الثامن" أول لواء دخل العاصمة دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وانتشر في بعض المرافق الحيوية ثم انسحب في اليوم نفسه.

وعقب سقوط النظام، التقى العودة بالرئيس السوري أحمد الشرع قبل تنصيبه، معلنا استعداده لحل اللواء ودمج عناصره ضمن جيش الدولة الجديدة. لكن حتى ذلك الوقت، لم يكن قد أبدى تجاوبا مع قرارات حل الفصائل، وتمسك بسيطرته على مناطق ريف درعا الشرقي.

في 11 أبريل/نيسان 2025 اغتال عنصران من اللواء الثامن القائد العسكري بلال الدروبي المقداد في بصرى الشام، فتدخل جهاز الأمن العام سريعا وأرسل تعزيزات عسكرية، مدعومة من مجموعات معارضة للعودة فرضت السيطرة على بلدات الجيزة والسهوة وصيدا والمسيفرة، وسُحب السلاح من عناصر اللواء فيها.

وفي 12 أبريل/نيسان دخلت قوات الأمن العام إلى بصرى الشام، وعُقد اجتماع أمني مع قيادات اللواء ومسؤولين من وزارتي الداخلية والدفاع، انتهى بالاتفاق على تسليم المتورطين في الحادثة، وحل اللواء رسميا وضم منتسبيه إلى مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية.

وفي 13 أبريل/نيسان 2025، أعلن العقيد أكرم الحوراني، المتحدث باسم اللواء الثامن، قرار حل الفصيل، ووضع كل إمكانياته البشرية والعسكرية تحت تصرف وزارة الدفاع السورية، منهيا بذلك مرحلة من النفوذ والتقلبات العسكرية والسياسية امتدت سنوات في جنوب سوريا.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اللواء الثامن أبریل نیسان السیطرة على بصرى الشام شباب السنة اللواء فی إلى جانب فی درعا

إقرأ أيضاً:

سُمية تصنع النجاح بين صقيع روسيا وشغف العودة إلى الإمارات

موسكو: عدنان عكاشة
يُفارقون الإمارات جسداً وأرواحُهُم تبقى... هذا ما يُجسده عدد من أبناء المواطنات، فيما يطوف بعضهم العالم ويصنعون قصص نجاحهم المتنوعة، خارج الدولة وداخلها..
سُمية المرزوقي، التي التقتها «الخليج» في موسكو، بطلة إحدى قصص نجاح أبناء مواطنات الدولة، وهي تعيش وتدرس وتعمل في روسيا منذ نحو 7 سنوات، حيث تُعلم اللغة الروسية للعرب وغيرهم من أبناء العرقيات الأخرى هناك، وحيث تواصل العمل مُحمّلةً بالكثير من الأحلام والآمال، بين دفء الإمارات وصقيع روسيا، ومن شغف العودة للدولة إلى طموح خدمة الوطن.
سمية المرزوقي، 26 عاماً، من أبناء المواطنات، وهي من إمارة أبوظبي، تعيش حالياً في موسكو، وتعمل في وظيفة محاسبة وإدارة في سبير بنك بالعاصمة الروسية، تخرجتْ في جامعة موسكو الحكوميّة للتكنولوجيا، في تخصص هندسة البرمجيات والذكاء الاصطناعي.

حضارة جديدة


تقول سُمية: روسيا هي بلد والدي، رحمه الله، الذي يعود إلى إقليم داغستان المسلم في روسيا الاتحادية، وما دفعني للعيش والعمل في روسيا، في موسكو تحديدًا، رغبتي في الاطلاع على حضارة جديدة وعريقة ومُثيرة للاهتمام، بجانب تنمية الذات، وصولاً إلى هدفي الكبير، وهو خدمة الوطن الحبيب الإمارات، بشكل أفضل وعلى أُسس علمية ومهنية متقدمة.

الانتقال إلى موسكو


تختصر سُمية قصة انتقالها للعمل والعيش والدراسة في موسكو: جئنا إلى روسيا مع شقيقي الكبير، أرمان المرزوقي، بهدف تعلُّم اللغة الروسية والدراسة في العاصمة موسكو، حيث عشت ودرست في البداية اللغة الروسية، ومن ثم التحقت بالجامعة ونلت درجة البكالريوس، وأدرس حالياً دراسات عليا، ومن المُتوقع أن أحصل قريباً على درجة الماجستير، في تخصص البرمجة والذكاء الاصطناعي.
تُضيف سُمية المرزوقي: بعد ذلك، قررت شقيقتي الصغيرة المجيء من الإمارات إلى روسيا، من أجل الدراسة واكتساب المؤهلات العلمية والمهارات المنشودة في الحياة وسوق العمل، حيث التحقتْ هي أيضاً بالجامعة ذاتها لكن في مدينة كالوجا، القريبة من موسكو، واختارت التخصص نفسه، لما ينطوي عليه من تطور منشود وانعكاسات إيجابية على واقع ومستقبل دولتنا الحبيبة، في إطار مسيرة التنمية والاستدامة، التي تعكف عليها الإمارات، وضمن سياسة ومفهوم «تمكين المرأة»، الذي تتبناه دولتنا وقيادتنا الرشيدة.
وترى سمية أن تجربتها الشخصية في روسيا كانت غنية ومليئة بالتحديات والفرص، وهو ما ترى أنه ينسجم مع سياسة الدولة ورؤية القيادة الرشيدة في تمكين المرأة الإماراتية.
تُعبّر سُمية المرزوقي عن عميق شكرها وبالغ امتنانها وتقديرها للقيادة الرشيدة للدولة على دعم وتمكين المرأة.
وتُنوه سُمية بالدور الكبير لعائلتها، وتحديداً لوالدتها أسماء المرزوقي، على دعمها.

مقالات مشابهة

  • درعا تبدأ إزالة رموز النظام البائد… خطوة نحو تجميل المدينة واستعادة الهوية
  • وزير الداخلية السوري: اعتقال وسيم الأسد خطوة في ملاحقة رموز الإجرام
  • وسيم الأسد تاجر المخدرات الذي ساهم بقمع معارضي النظام السوري المخلوع
  • القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة بعد سقوط النظام
  • الأمن السوري يعتقل وسيم الأسد في كمين
  • الأمن السوري يعتقل وسيم الأسد في كمين .. من هو؟
  • سقوط "رجل الظل".. الأمن السوري يعتقل قياديًا بارزًا متهمًا بجرائم حرب مروعة!
  • المفوضية العليا للاجئين: أكثر من 85 ألف لاجئ سوري في الأردن عادوا إلى بلدهم
  • عاجل | عودة أكثر من 85 ألف لاجئ سوري طوعياً من الأردن
  • سُمية تصنع النجاح بين صقيع روسيا وشغف العودة إلى الإمارات