هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

العقوبات ليست الداء، بل هي عرض ووسيلة وصمام ضغط، لكنها نادرًا ما تكون علاجًا. في حالة سوريا، أصبحت العقوبات محور الخطاب الدولي، وغالبًا ما تُشتت الانتباه عن الديناميكيات الأعمق التي تُشكل مستقبل البلاد.

 

منذ سقوط بشار الأسد أواخر عام 2024، شنت القيادة الانتقالية السورية حملة دبلوماسية حثيثة لرفع العقوبات الغربية. رسالتهم واضحة: العقوبات تخنق الاقتصاد، وتؤخر إعادة الإعمار، وتقوض التعافي الهش بعد الصراع.

مع أن هذا الادعاء صحيح بلا شك، إلا أنه من المضلل افتراض أن رفع العقوبات وحده كفيل بإعادة إحياء سوريا. فالعقوبات، وخاصة تلك المفروضة بموجب قانون قيصر الأمريكي والتدابير الأوروبية المرتبطة به، حدّت بشكل كبير من وصول سوريا إلى الخدمات المصرفية الدولية، وأثبطت الاستثمار، وأعاقت استيراد السلع الأساسية. ومع ذلك، من الضروري إدراك أن العقوبات لم تُدمّر الاقتصاد السوري؛ بل إن الحرب والحكم المركزي وعقودًا من الحكم الاستبدادي هي التي دمرته.

وهم اعتبار العقوبات العقبة الرئيسية أمام سوريا

إن الرواية القائلة بأن العقوبات هي السبب الجذري للمشاكل التي تعاني منها سوريا ليست مبسطة للغاية فحسب، بل إنها خطيرة أيضًا.

يحول ذلك التركيز عن القضايا الأساسية التي أدت إلى انهيار البلاد في المقام الأول. تُستخدم العقوبات كأداة ضغط سياسي لدفع القيادة الجديدة إلى تقديم تنازلات في تقاسم السلطة واللامركزية والعلاقات الخارجية، أكثر من استخدامها كأداة سياسية حقيقية. ويُطلب من الحكومة الانتقالية الحالية، بهدوء، تلبية شروط تعكس مصالح جيوسياسية لا إنسانية.

يُستغل الوضع الإنساني الملح في سوريا بشكل استراتيجي. تقدم واشنطن وبروكسل إعفاءات انتقائية من العقوبات مرتبطة بمشاريع أو مناطق محددة، مستخدمة الاقتصاد كوسيلة ضغط سياسية. هذا النهج الانتقائي يقوض خطط التعافي الوطني ويخلف تفاوتات بين المناطق، مما يسمح للجهات الخارجية بتحديد وتيرة ونطاق إعادة الإعمار.

لا يقتصر تخفيف العقوبات الذي تسعى إليه سوريا على الإصلاحات الداخلية فحسب، بل يشمل أيضًا تحالفات السياسة الخارجية وتوازنات القوى الإقليمية. ومن بين الشروط غير المعلنة:

الابتعاد عن الفصائل الفلسطينية، وخاصة حماس والجهاد الإسلامي، وقطع خطوط الدعم العسكري واللوجستي.كبح جماح الميليشيات المدعومة من إيران والتي تنشط في سوريا، وخاصة بالقرب من الحدود الإسرائيلية، تحت ضغط من تل أبيب وواشنطن.إدارة القضية الكردية، وخاصة فيما يتعلق بالمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية/وحدات حماية الشعب في الشمال الشرقي، والدفع ضمنًا نحو التسوية أو الحكم الذاتي دون تهديد الوجود الأمريكي أو المصالح التركية.التعامل مع المقاتلين الأجانب، وخاصة أولئك الذين لديهم انتماءات إسلامية عابرة للحدود الوطنية، والتي تعتبرها الحكومات الغربية عاملًا مزعزعًا للاستقرار على المدى الطويل.الاعتراف بالإطار الأمني الإسرائيلي، ولو بشكل غير رسمي، من خلال تليين الموقف التاريخي لسوريا بشأن مرتفعات الجولان وفصائل المقاومة.

ولم يتم تدوين أي من هذه المطالب في وثائق عامة، ولكنها تشكل النص الفرعي لكل تفاوض بشأن التنازل عن العقوبات، ومساعدات إعادة الإعمار، والتطبيع السياسي.

علاوة على ذلك، فإن فكرة أن رفع العقوبات يؤدي تلقائيًا إلى التعافي هي فكرة مضللة. فالاقتصاد السوري في حالة انهيار، حيث يعيش أكثر من 85% من السكان تحت خط الفقر، والليرة السورية تفقد قيمتها، ولا تزال السلع الأساسية كالوقود والأدوية والكهرباء نادرة. حتى لو كان رفع العقوبات جزئيًا، فسيساهم في تخفيف بعض المعاناة، ولكن بدون سيادة على العملية وقرار السوريين بمستقبلهم السياسي، يصبح التعافي لعبة مصالح خارجية.

هذا ليس موقفًا إنسانيًا محايدًا، بل هو نموذج لانخراط مشروط يُعطي الأولوية للأهداف السياسية الخارجية على السيادة السورية الداخلية. هذا يؤخر معالجة السؤال الجوهري: أي نوع من سوريا يُعاد بناؤه؟

الأزمة الأعمق: الشرعية السياسية والانحلال الهيكلي

الأزمة الأعمق في سوريا ليست اقتصادية فحسب، بل سياسية في جوهرها. إن غياب الشرعية السياسية يهدد الاستقرار على المدى الطويل أكثر مما قد تفعله العقوبات. على مدى أكثر من نصف قرن، فككت أنظمة الأسد أي هيكل كان من شأنه أن يتحداها، بما في ذلك المحاكم والبرلمانات والأحزاب والنقابات. بعد عقد من الحرب، أصبحت هذه المؤسسات ضعيفة وغير موثوقة. السوريون اليوم أكثر تشتتًا من أي وقت مضى بسبب الجغرافيا والطائفية والأيديولوجيا والصدمات. رفع العقوبات لن يغير ذلك؛ بل عملية سياسية شاملة حقيقية.

يبدو أن الحكومة الانتقالية الحالية، بقيادة أحمد الشرع، مهتمة بالاعتراف الدولي أكثر من اهتمامها بإعادة بناء الحكم. ويركز التعاون الدولي في المقام الأول على المال بدلاً من العدالة أو التمثيل أو آليات المساءلة. يتطلب التعافي الاقتصادي في سوريا إنشاء مؤسسات شرعية تعكس تنوع المجتمع السوري وتحمي الحقوق. وبدون هذه الإجراءات، قد تكون جهود التعافي غير متوازنة، وإقصائية، وربما غير مستقرة.

أحمد الشرع وعودة الحكم المركزي

منذ توليه السلطة كرئيس مؤقت، قدّم الشرع نفسه رمزًا لسوريا الجديدة. كان الشرع شخصية بارزة في هيئة تحرير الشام، وهو الآن يدعو إلى الانتقال والاعتدال. وقد وعد بالحوار الوطني، والإنعاش الاقتصادي، والانتخابات في نهاية المطاف.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: رفع العقوبات فی سوریا أکثر من التی ت

إقرأ أيضاً:

الفريق أسامة ربيع: إيرادات قناة السويس لا تزال في مرحلة التعافي

كتبت- داليا الظنيني:

أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن إيرادات قناة السويس لا تزال في مرحلة التعافي، مشيرًا إلى أن القناة "تخسر حوالي 60%" من إيراداتها، وأن الأرقام الحالية "لا تتناسب مع العودة" الكاملة.

خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج "الساعة 6" على قناة "الحياة"، أوضح ربيع أن عدد السفن التي تعبر القناة زاد من 30 سفينة إلى 36 أو 40 سفينة، معربًا عن أمله في أن تساهم عودة السفن الأكبر في زيادة العائد.

أكد الفريق أسامة ربيع أن النقل البحري كله يتأثر بالاضطرابات والأحداث العالمية، مشيرًا إلى أن التجارة البحرية تتعامل مع أرقام هائلة وسفن ذات قيمة عالية وطواقم بشرية.

وقال إن هذا يعطي أصحاب السفن الحق في إعطاء الأولوية للهاجس الأمني وسلامة السفينة والبضاعة والطاقم، مشيرًا إلى أن هناك أحداثًا متواترة تحدث كل يوم، وأن الهيئة تتعامل مع كل حدث حسب خطورته وقيمته.

وأوضح أن المنطقة من باب المندب إلى قناة السويس أصبحت آمنة الآن، حيث لم تسجل أي هجمات صاروخية على السفن منذ 2 ديسمبر الماضي، وأن السفن الخمس التي عبرت مؤخرًا "عدت بسلام"، مما يشجع السفن الأخرى على العودة، مشددًا على أن الهيئة تتعامل "يوم بيوم" مع المشهد العالمي الضبابي.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

أسامة ربيع إيرادات قناة السويس الحرب الإيرانية الإسرائيلية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة الفريق أسامة ربيع: نجحنا في التعامل مع جنوح سفينة "القدس" خلال 60 دقيقة أخبار عمرو أديب يحذر من كارثة إشعاعية: "التهور الإسرائيلي" يهدد المنطقة أخبار خبراء يحللون حسابات المكسب والخسارة في الحرب الإيرانية الإسرائيلية أخبار لخفض الاستهلاك.. إجراءات عاجلة داخل مقار ومنشآت الكهرباء أخبار

إعلان

الثانوية العامة

المزيد مدارس امتحانات الثانوية العامة 2025.. مراجعة ليلة الامتحان في اللغة العربية مدارس امتحان الثانوية العامة| كيف تتغلب على رهبة الامتحانات؟.. خبير تربوي يوضح مدارس مراجعة ليلة الامتحان لطلاب الثانوية العامة في اللغة العربية -(فيديو) مدارس تغييرات مفاجئة في لجان الثانوية العامة 2025 -تفاصيل مدارس غدًا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2025 بامتحان اللغة العربية

أخبار رياضية

المزيد رياضة عربية وعالمية "والدتى تمنعني من مقابلة الغرباء".. لامين يامال يكشف علاقته بممثلة أفلام مصراوي ستوري مشهد من مباراة صن داونز وبوروسيا يحدث لأول مرة في التاريخ (صورة) رياضة عربية وعالمية قرار من الجهاز الفني للأهلي قبل مواجهة بورتو في كأس العالم للأندية رياضة عربية وعالمية بيلينجهام سجل.. أهداف الشوط الأول من مباراة صن داونز وبوروسيا دورتموند رياضة عربية وعالمية نجم الأهلي يغادر معسكر الفريق متجها إلى القاهرة

إعلان

أخبار

الفريق أسامة ربيع: إيرادات قناة السويس لا تزال في مرحلة التعافي

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

"مصراوي" يواصل تفوقه.. سارة أبو شادي تفوز بجائزة "True Story Award" العالمية عن تحقيق "الفخ الروسي" 36

القاهرة - مصر

36 24 الرطوبة: 20% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • رأي.. إردام أوزان يكتب: الشرق الأوسط في عصر الصراع المفتوح.. من سيرسم الخطوط؟
  • مواطنون في حلب: زيادة الرواتب بادرة إيجابية تضيء طريق التعافي
  • لماذا سوريا من أكثر البلدان تضررًا من حرب إسرائيل وإيران؟
  • حدود النار والسيادة.. بين كسر الهيمنة أو السقوط في فخ المساومة
  • قزيط: التخويف بالعقوبات الدولية أكثر ردعًا من تنفيذها لدى قادة الميليشيات
  • الفريق أسامة ربيع: إيرادات قناة السويس لا تزال في مرحلة التعافي
  • أسماء الشركات النفطية والشحن والقيادات الحوثية التي طالتها عقوبات أمريكا الأخيرة
  • حسين بن عطية: بيان برلين يدعم تشكيل حكومة ليبية موحدة والتغيير قادم
  • سويسرا ترفع عقوبات اقتصادية عن سوريا
  • مفاجأة دولية.. سويسرا تفك قيد العقوبات عن سوريا وسط ترحيب رسمي واسع!