FP: دعم ترامب لسياسة التجويع في غزة يضر بمصالح أمريكا العالمية
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا أعده فيليب غوردون من معهد بروكينغز وأندرو ميلر من مركز التقدم الأمريكي ناقشا فيه أن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألا يمنح علامة نجاح لـ"إسرائيل" وحصارها لغزة. فمن خلال عمله هذا سيجعل الفلسطينيين يعانون بسبب السياسة الأمريكية.
وأشارا بداية إلى بيان نشره السفير الأمريكي الجديد لـ"إسرائيل" مايك هاكابي على الفيديو بشأن السياسة الأمريكية من غزة.
ويعلق الكاتبان ألا أحد يناقش بضرورة وضع ضغوط على حماس المسؤولة عن الهجمات والمعاناة، لكن بيان هاكابي كان إشكاليا وبشكل صادم. فمن خلال ربط الدعم الأمريكي للمساعدات الإنسانية في غزة بهدف استسلام حماس، كان السفير يؤيد رسميا سياسة العقاب الجماعي التي تتعارض مع القانون الأمريكي والدولي وتتناقض مع القيم الأمريكية وتتعارض مع أهداف السياسة الخارجية لواشنطن.
وذكر الكاتبان باعتبارهما مسؤولين سابقين في إدارة جو بايدن، أنهما على وعي بفشل الإدارة السابقة لتأمين الحماية والدعم الإنساني المناسب لأهل غزة.
فموازنة الدعم لـ"إسرائيل" وحقها بالدفاع عن نفسها ضد عدو لا يريد الاستسلام ويحتفظ بأسرى ويقاتل من الأنفاق أمر مستحيل "على الأقل بالنسبة لنا" كما يقولان.
ومع ذلك فهما يؤكدان بأنه على النقيض من فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد عمل فريق بايدن بلا كلل لتحسين الظروف الإنسانية في غزة، حتى لو لم يكن ذلك كافيا أبدا.
ففي بداية الحرب عام 2023، عندما أعلن وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت "حصارا كاملا" على غزة، ومنع الغذاء والماء والكهرباء، أوضح الرئيس بايدن على الفور أن الخطة غير مقبولة، ورضخت "إسرائيل" على حد قولهما. وعين بايدن مبعوثا خاصا للعمل مع "إسرائيل" والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي عملت بدون تعب على توسيع وصول المساعدات إلى المدنيين الفلسطينيين.
وفي مئات من المكالمات الهاتفية والرسائل النصية من الإدارة، ضغطت الولايات المتحدة على الإسرائيليين السماح بدخول المزيد من المساعدات، وقد فعلت وإن على مضض وبشكل غير كامل.
ويدافع الكاتبان هنا عن سجل بايدن لدعم غزة، حيث قدمت إدارته على مدى الحرب مساعدات لغزة وصلت إلى مليار دولار، وسهلت وصول مليارات أخرى من الآخرين، وساعدت على إيصال أكثر من مليون طن من المساعدات الإنسانية.
ومع أن هذه الجهود ساهمت في حماية الأرواح إلا أنها لم تكن كافية لمنع كارثة إنسانية.
والمشكلة الآن هي أن ترامب، من خلال تأييده لاستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في استخدام المساعدات كوسيلة للضغط، يجعل الكارثة الإنسانية في غزة هدفا سياسيا رسميا.
وبما أن "إسرائيل" لم تعد مضطرة للقلق بشأن الضغوط الأمريكية، أعلن وزير الخارجية جدعون ساعر في الثاني من آذار/ مارس أن "إسرائيل" تخطط لفرض "حصار كامل" على غزة.
وتتضمن هذه الخطة إغلاق جميع المعابر، وهي السياسة ذاتها التي ساعدت إدارة بايدن في منعها بداية الحرب. فمنذ استئناف الحرب بعد خرق وقف إطلاق النار الشهر الماضي لم يدخل القطاع الطعام أو الماء أو الكهرباء، وسط تحذير المنظمات الإنسانية من خطر مواجهة 2.1 مليون فلسطيني، منهم مليون طفلا، الجوع الحاد وانتشار الأمراض والموت.
وفي 25 نيسان/ أبريل أعلن برنامج الغذاء العالمي عن نفاد مخزونه من الأغذية في غزة، وتوقف مصدر قوت لمئات الآلاف من الفلسطينيين. واضطرت الأمم المتحدة إلى تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال لـ 600,000 طفل والتي ساعدت الولايات المتحدة بنجاح في دفعها، وهو ما زاد من خطر انتشار المرض في غزة.
وقال المسؤولان السابقان إن الرئيس الأمريكي ظل صامتا عندما خرقت "إسرائيل" وقف إطلاق النار الشهر الماضي. ويقال إنه أعطى نتنياهو بالفعل الضوء الأخضر. وبعد أيام قليلة، أعلن ترامب إعفاء نفسه من المسؤولية، قائلا: "إنها ليست حربنا، بل هي حربهم".
وقالا إن "إسرائيل" الآن في صدد انتهاك جميع المبادئ التي وضعتها إدارة بايدن لغزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بما في ذلك عدم فرض حصار وعدم تقليص الأراضي وعدم التهجير القسري للفلسطينيين وعدم إعادة الاحتلال وبدون أي اعتراض من ترامب.
وبعد مكالمة هاتفية مع نتنياهو في 22 نيسان/ أبريل، نشر ترامب أنه ونتنياهو "متفقان في كل قضية. وبعد ثلاثة أيام، عندما سئل عن المكالمة، ادعى ترامب أن "موضوع غزة طُرح" وأنه أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه "يجب أن نكون جيدين مع غزة، الناس يعانون"، لكنه لم يقدم أي طلب مساعدات محدد وأضاف أن نتنياهو "شعر بالرضا عن ذلك".
ويعلق الكاتبان أن دعم ترامب لـ"إسرائيل" في حصارها لغزة ليس مجرد فشل أخلاقي ومأساة للفلسطينيين، لكنه لن يساعد "إسرائيل" على تحقيق أهدافها. بل على العكس، ففي حين أن الحصار واستمرار الحرب قد يخدمان سياسة نتنياهو، إلا أن السعي إلى "النصر الكامل" يعرض حياة الأسرى المتبقين للخطر، والذين من الأرجح أن يعودوا سالمين من خلال اتفاق تفاوضي وليس القوة.
وبدلا من القضاء على حماس، فإن المزيد من العمل العسكري في غياب استراتيجية للأمن والحكم في مرحلة ما بعد الصراع قد يؤدي إلى تأجيج المزيد من العنف مع تحول غزة إلى أرض يباب أشبه بالصومال.
كما أن الحصار الإنساني يقوض احتمالات التطبيع الإسرائيلي مع المملكة العربية السعودية، وسيترك الإسرائيليين أكثر عرضة للاتهامات والملاحقات القضائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
ويبدو أن الرأي العام الإسرائيلي يفهم كل هذا بشكل أفضل من نتنياهو. فقد وقع آلاف من جنود الاحتياط والمتقاعدين على رسائل تطالب بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة جميع الأسرى- حتى لو كان ذلك يعني إنهاء الحرب. وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤخرا "قناة 12" الإخبارية الإسرائيلية، فإن ما يقرب من 70% من الإسرائيليين يؤيدون مثل هذه الصفقة، بينما تعارضها نسبة 21% فقط.
كما أن استسلام ترامب الكامل لنتنياهو فيما يتعلق بالحرب يضر بالمصالح الأمريكية. لقد عانت سمعة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي بشكل هائل، وسوف تعاني أكثر إذا دعمت واشنطن سياسة تنتهك بشكل واضح ليس القانون الدولي فحسب، بل وقانونها الخاص أيضا.
كما أن النفاق الملحوظ فيما يتصل بإدانة الولايات المتحدة لغزو روسيا وحصارها لأوكرانيا أدى إلى إضعاف قدرة واشنطن على دعم ذلك البلد، ومبدأ عدم الاعتداء في جميع أنحاء العالم. وأضافا أنه طالما استمرت حرب غزة، فستواصل أمريكا نشر أرصدتها العسكرية بالمنطقة لحماية "إسرائيل" ضد الخصوم مثل إيران والحوثيين، الذين ترتبط هجماتهم على القوات الأمريكية بشكل مباشر بغزة.
وتترك هذه العمليات المكلفة الولايات المتحدة في موقف أضعف في مواجهة التحديات الأمنية من الصين وروسيا وغيرهما.
ويعترف الكاتبان أن انتقاد سجل إدارة بايدن في غزة أمر عادل، ولكن علينا محاسبة ترامب بنفس المعيار. والآن، فهو لم يفشل فقط في التحرك لحماية ملايين المدنيين في غزة، بل إنه يتبنى علانية سياسة معاقبتهم. وقد يكون ترامب يعطي نتنياهو تصريحا لارتكاب سياسة غير أخلاقية وغير قانونية وغير مثمرة، لكن ينبغي علينا ألا نمنحه ذلك.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال امريكا غزة الاحتلال إبادة جماعية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المزید من من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
استجابة لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة… الإمارات تعلن دعمًا بقيمة 550 مليون دولار لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية للأمم المتحدة لعام 2026
بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، أعلنت دولة الإمارات عن تعهّد جديد بقيمة 550 مليون دولار أمريكي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة التي أطلقتها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى جمع 33 مليار دولار في عام 2026 لتقديم الإغاثة لما يقارب 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية حول العالم، بالإضافة إلى خطط مخصصة لدعم اللاجئين والمهاجرين. وتأتي الأولوية العاجلة لإنقاذ 87 مليون شخص يحتاجون إلى دعم فوري بقيمة 23 مليار دولار.
وتأتي هذه المبادرة تأكيدًا على النهج الثابت للدولة في دعم الجهود الدولية لإنقاذ الأرواح والاستجابة للكوارث والأزمات التي تواجه الشعوب الأكثر ضعفًا في مختلف مناطق العالم.
ويعكس هذا الدعم الدور الحيوي الذي تلعبه دولة الإمارات في تعزيز العمل الإنساني متعدد الأطراف، وتعاونها الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وبرامج الإغاثة والتنمية العاملة في الميدان، لضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجًا في الوقت المناسب، بما يتوافق مع توجيهات صاحب السمو بالتركيز على الاستجابة العاجلة والفعّالة.
وقالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، في هذا الصدد:
“تواصل دولة الإمارات التزامها الراسخ بدعم الجهود الإنسانية العالمية، والعمل مع شركائنا في الأمم المتحدة لضمان وصول الإغاثة إلى الفئات الأكثر تضررًا. ويجسد هذا التعهد الجديد توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإيماننا العميق بضرورة التضامن الدولي والاستجابة للنداءات الإنسانية العاجلة بطريقة فعّالة ومستدامة تحافظ على كرامة الإنسان وتحمي حياته.”
رحّب توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، بالدعم الإماراتي، وقال في هذا الصدد: “نداؤنا العالمي يهدف إلى إنقاذ الأرواح في أكثر المناطق تضررًا، وتحويل الخطط إلى حماية حقيقية على الأرض. ويعكس الدعم السخي والسريع الذي قدّمته الإمارات العربية المتحدة لخطة عام 2026 رسالة قوية، تتمحور حول دعم من هم في أمس الحاجة إلى هذه الجهود. ومن واجبنا تقديم استجابة فعّالة ومبتكرة تلبي متطلبات المرحلة الراهنة.”
ويأتي هذا الدعم امتدادًا للشراكة الاستراتيجية القائمة بين دولة الإمارات ومنظومة الأمم المتحدة الإنسانية، ويؤكد استمرار الدولة في لعب دور محوري في مواجهة التحديات الإنسانية الأكثر إلحاحًا، وتعزيز قدرة المجتمع الدولي على حماية الأرواح، ودعم الاستقرار في المناطق المتأثرة بالأزمات، انسجامًا مع توجيهات صاحب السمو بالحفاظ على النهج القيادي لدولة الإمارات في العمل الإنساني العالمي.