الإعيسر في بريطانيا.. هل يستطيع إحداث اختراق ناجح في ملف الآثار السودانية المنهوبة؟
تاريخ النشر: 7th, September 2025 GMT
متابعات – تاق برس- أعادت الزيارة التي قام بها وزير الثقافة والإعلام والسياحة السوداني، خالد الإعيسر، يوم الخميس، إلى المتحف البريطاني في لندن، فتح ملف استعادة الآثار السودانية المنهوبة من قلب المتاحف الغربية.
الزيارة، التي وُصفت بالغموض أول الأمر، كشفت لاحقاً عن تحركات دبلوماسية ممنهجة تسعى الخرطوم من خلالها لوضع حجر الأساس لمسار طويل ومعقد يتعلق بذاكرة الشعب السوداني وحقه في تاريخه.
ولطالما كان السودان، بثرائه الحضاري الممتد من ممالك كوش ونبتة ومروي إلى حضارات وادي النيل اللاحقة، مصدراً رئيسياً للقطع الأثرية التي وجدت طريقها إلى متاحف أوروبا وأمريكا خلال الحقبة الاستعمارية.
ويحتفظ المتحف البريطاني اليوم بمجموعة كبيرة من القطع السودانية، بينها تماثيل ملكية وأوانٍ حجرية وقطع جنائزية من مواقع البجراوية ومروي، ما يجعله واحداً من أهم الحواضن العالمية للتراث السوداني خارج البلاد.
ورغم المطالبات المتكررة، لم تتمكن الحكومات السودانية السابقة من تحقيق اختراق ملموس في ملف الاستعادة، إذ غالباً ما تصطدم تلك الجهود بجدل قانوني وسياسي معقد يتعلق بـ”شرعية” اقتناء هذه القطع، وبالقيود التي تفرضها بعض القوانين البريطانية التي تمنع المتحف من التفريط في مقتنياته.
عقد الإعيسر اجتماعات مطولة مع مسؤولي المتحف، وفي مقدمتهم جولي أندرسون، أمينة قسم السودان، وركزت على إعداد قائمة مفصلة بالقطع الأثرية المنهوبة كخطوة أولية، وهو ما يشير إلى أن السودان يتجه نحو تأطير المطالب بشكل رسمي يتيح لاحقاً التحرك عبر القنوات الدبلوماسية والقانونية.
إلى جانب ملف الاستعادة، تطرقت المحادثات إلى برامج دعم صيانة المتاحف السودانية التي تضررت جراء الحرب الأخيرة، في مسعى لإعادة بناء البنية التحتية الثقافية التي تأثرت بشكل كبير.
كما تم الاتفاق على إطلاق نسخة جديدة من مشروع “خيمة السلام السياحية” في الخرطوم، وصيانة معالم أثرية في سواكن، ما يعكس أن الزيارة لم تكن محصورة فقط في ملف الاستعادة، بل جاءت أيضاً في إطار شراكة تنموية ثقافية أوسع.
الزيارة تأتي في وقت تتصاعد فيه الضغوط العالمية على المتاحف الغربية لإعادة ما بحوزتها من آثار منهوبة. فقد شهدت السنوات الأخيرة خطوات بارزة، مثل إعادة ألمانيا للقطع البرونزية البنينية إلى نيجيريا، وتنامي الحملات الإفريقية والعالمية للمطالبة بالعدالة التاريخية.
وفي هذا السياق، يسعى السودان إلى الانضمام إلى الموجة العالمية التي تعيد تعريف علاقة المستعمر السابق بموروث الشعوب. لكن التحديات تبقى كبيرة، فالمتحف البريطاني يواجه أزمة داخلية تتعلق بفضائح فقدان مئات القطع من مقتنياته، ما قد يجعله أكثر تحفظاً في الاستجابة لمطالب الدول.
حتى الآن، لم يُعلن عن تسلّم أي قطعة أثرية سودانية بشكل فعلي، ما يعني أن الحديث لا يزال في طور المسار الدبلوماسي التمهيدي. غير أن مجرد طرح الملف بشكل رسمي، وإعداد قائمة بالقطع المنهوبة، يمثل اختراقاً معنوياً مهماً في ظل سنوات طويلة من الجمود.
وبينما يرى مراقبون أن استعادة الآثار المنهوبة تتطلب معركة قانونية طويلة الأمد، يؤكد آخرون أن الأهمية تكمن في إعادة الاعتبار للذاكرة السودانية، وتعزيز ارتباط الأجيال الجديدة بتراثها الذي ظل موزعاً بين عواصم العالم.
ويرى مراقبون أن زيارة الإعيسر للمتحف البريطاني لم تكن مجرد جولة بروتوكولية، بل بدت كخطوة أولى في مسار تاريخي يسعى السودان من خلاله إلى استرداد حقه في تاريخه وهويته. فبينما تتوزع الآثار السودانية على قاعات لندن وباريس وبرلين، تبقى الخرطوم مطالبة بالاستمرار في هذه الدبلوماسية الثقافية، مستفيدة من المناخ العالمي المتغير الذي يفرض على المتاحف الغربية إعادة النظر في إرثها الاستعماري.
الإعيسرالمتحف البريطانيوزير الثقافة والإعلام والسياحة السودانيالمصدر: تاق برس
كلمات دلالية: الإعيسر المتحف البريطاني المتحف البریطانی
إقرأ أيضاً:
دور وكلاء الذكاء الاصطناعي في إحداث نقلة نوعية في عمليات البيع بالتجزئة
ماكس أفتوخوف، الرئيس التنفيذي، يانغو تك ريتيل
يعمل وكلاء الذكاء الاصطناعي وراء الكواليس لمساعدة المتسوقين وشركات تجارة التجزئة على تحقيق تجربة شراء وبيع أذكى وأسرع والتمتع بها. بصمت وفعالية وبأقصى تأثير ملموس، يغير وكلاء الذكاء الاصطناعي طريقة تتبع الشركات للمخزون وبيع المنتجات. تشير أبحاث غارتنر إلى أن 40% من الشركات التي تتميز بأداء عالٍ تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب، مقارنة بمجرد 19% من الشركات ذات الأداء المنخفض. ومع توقع تجاوز سوق التجارة الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة 48.8 مليار درهم إماراتي بحلول عام 2028 والتوقعات بأن تبلغ قيمة السوق ذاته في المملكة العربية السعودية 29 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، تحتاج شركات تجارة التجزئة إلى أنظمة قابلة للتطوير لتحقيق النمو.
وكلاء المشتريات
يربط وكلاء المشتريات بين العروض (أو العطاءات) والموردين والعقود، مع الالتزام بالامتثال. بينما يؤدي تنفيذ ذلك بصورة يدوية إلى إبطاء العملية ويترك مجالاً للأخطاء، خاصة في سلاسل التوريد العالمية، يتولى وكلاء المشتريات المدعومين بالذكاء الاصطناعي إدارة العملية من البداية إلى النهاية، وصياغة طلبات تقديم العروض، والبحث عن الموردين، ومقارنة العطاءات، مما يقلل من الجهد اليدوي بنسبة 70% إلى 80%. بالإضافة إلى ذلك، يوم الوكلاء الافتراضيون بقراءة مؤشرات السوق، وتحديد أفضل إجراءات التوريد، وتنفيذها مباشرةً في أنظمة المشتريات. ومع كل عملية، يبادرون بتحسين التوصيات وتسريع الجداول الزمنية، مما يُحوّل المشتريات من عبء إداري إلى ميزة استراتيجية.
وكلاء تعويض النقص (إعادة التعبئة)
في السابق، كانت إعادة تعبئة المخزون عملية يدوية وتفاعلية، مما تسبب غالباً في فائض المخزون أو نفاده. يراقب وكلاء إعادة التعبئة المخزون يومياً، ويتوقعون الفجوات، ويبادرون بتعديل الطلبات وفقاً لذلك لتقليل الهدر والمبيعات المفقودة بنسبة تصل إلى 30%.
وفي نفس الوقت، تكتشف الرؤية الحاسوبية مستويات الرفوف وحركة العملاء لإعادة طلب المنتجات المتناقصة تلقائياً، وإعادة توزيع المخزون عبر المواقع، والمبادرة بإعادة توجيه عمليات التوصيل في حال تغير الظروف، بدقة تصل إلى 95% لضمان حصول العملاء على نفس المنتجات التي يرغبون بها.
وكلاء إدارة المحتوى
يواجه وكلاء إدارة المحتوى ضغوطاً مستمرة لتحديث رفوف المتاجر الرقمية بمنتجات جديدة، حيث يؤثر أي تأخير لعرض المنتجات على المبيعات بسرعة. يُنشئ وكلاء إدارة المحتوى بطاقات المنتجات تلقائياً بناءً على صورها، ويكتبون العناوين والأوصاف والعلامات وفقاً لمعايير المنصة. يُقلل هذا بشكل كبير من وقت عرض المنتجات، ويمكّن شركات تجارة التجزئة من طرح منتجاتها أونلاين في غضون ساعات قليلة. من خلال تحليل الاتجاهات والآراء، يكيّف الوكلاء الافتراضيون المحتوى مع تفضيلات العملاء، مما يضمن توافق أوصاف المنتجات مع الجمهور المستهدف. تمكّن هذه السرعة والاتساق شركات تجارة التجزئة من التوسع في الأسواق وتحقيق إيرادات أسرع.
وكلاء التسعير
يتتبع وكلاء التسعير تحولات السوق، ووحدات تخزين المنتجات لدى المنافسين، والتقلبات الموسمية، وتكاليف سلسلة التوريد على مدار الساعة، ويُيادرون بتعديل الأسعار وفقاً لبيانات المرونة للحفاظ على القدرة التنافسية مع حماية هوامش الربح. بالنسبة لمتاجر البقالة، يساهم التسعير الديناميكي برفع القيمة الإجمالية للبضائع بنحو نقطة مئوية، وهي زيادة كبيرة في قطاع تتراوح هوامش الربح فيه بين 2% و 5%. كما يساهم وكلاء التسعير الفتراضيين بتحسين العروض الترويجية ورسوم التوصيل والخصومات بشكل فوري لتحقيق التوازن بين الربحية وتوقعات العملاء.
وكلاء دعم العملاء
يقدم وكلاء دعم العملاء المساعدة بلغات متعددة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في قطاعات مختلفة مثل الاتصالات والرعاية الصحية والخدمات المصرفية، ويتعاملون مع أعداد كبيرة من المكالمات، ويحلون المشاكل الروتينية فورًاً، مع رفع الحالات المعقدة إلى فرق العمل البشرية، مما يُحسِّن أوقات الاستجابة ويخفض تكاليف الخدمة ويرتقي بمستوى رضا العملاء بشكل عام. يُعزز الذكاء الاصطناعي الحواري هذا الأمر بشكل أكبر من خلال تقديم دعم شخصي بلغة العميل/المستخدم، واقتراح خيارات مُخصصة، وإثراء تجربة العملاء بمستوى يتجاوز قجرات معظم موظفي المتاجر.
وكلاء التوظيف
هناك قيمة كبيرة بشكل خاص لوكلاء التوظيف الافتراضيين في الأسواق التي تضم قوى عاملة وافدة كبيرة مثل الإمارات العربية المتحدة، حيث يعملون على أتمتة عمليات التوظيف ذات الحجم الكبير. من خلال فرز المرشحين، وجدولة المقابلات، وإدارة متطلبات الامتثال، يُقلّلون بشكل كبير من الوقت الذي تستغرقه عملية التوظيف ويُحققون وفورات في التكاليف تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات في أسواق التوظيف. كما أنهم يتولّون أداء المهام المتكررة التي يصعب على البشر إدارتها على نطاق واسع، مثل معالجة آلاف السير الذاتية بسرعة، والتحقق من الامتثال، وتنسيق لوجستيات المقابلات عبر المناطق الزمنية دون أخطاء.
الصورة الأكبر
يُوفر وكلاء الذكاء الاصطناعي لشركات تجارة التجزئة القدرة على التكيف في الأسواق السريعة. ومع توقعات بمساهمة الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 150 مليار دولار أمريكي في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030، تُعتبر المنطقة في وضع جيد لتبني هذه التقنيات وتفعيلها.
ورغم أن العديد من المتاجر لا تزال تعتمد إلى الآن على أنظمة تقليدية صارمة، إلا أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يعملون على إحداث نقلة نوعية تعزز من قدرات شركات تجارة التجزئة على تجاوز العقبات والارتقاء بعملياتها بصورة مستمرة ومستقلة. سواء كان ذلك من خلال تعديل الأسعار أثناء زيادة الطلب أو إنشاء قائمة منتجات جديدة في غضون دقائق، يعمل وكلاء الذكاء الاصطناعي بهدوء من وراء الكواليس ويحوّلون مكاسب الكفاءة إلى نتائج حقيقية للشركات.