يحمل أحمد الشماسي، أحد أبناء مدينة المكلا، ورقة نقدية بقيمة 500 ريال سعودي، ويجوب بها بين شركات ومحال الصرافة في المدينة، بحثًا عن سيولة من العملة المحلية تُمكّنه من شراء احتياجات أسرته اليومية. 

كان الشماسي يحتفظ بهذا المبلغ لوقت "الزنقة"، لكن تأخر صرف المرتبات لشهرين متتاليين أجبره على محاولة تصريفه، غير أن أبواب شركات الصرافة أُغلقت في وجهه.

وفي حين يحدد البنك المركزي سعر بيع الريال السعودي عند 428 ريالاً يمنيًا والشراء عند 425 ريالًا، وجد الشماسي نفسه مضطرًا لبيعه بما لا يتجاوز 350 ريالًا عند بعض التجار الذين استغلوا غياب العرض والطلب الرسمي في السوق.

الأزمة التي تعصف بالمكلا وباقي المحافظات المحررة ليست مجرد خلاف بين مواطن وصرافة، بل هي انعكاس مباشر لصراع السياسات النقدية بين البنك المركزي اليمني وشركات الصرافة. فبينما يشترط البنك المركزي الالتزام بسعر صرف محدد (425 ريالًا للسعودي)، يمتنع الصرافون عن الشراء بحجة أن السعر غير مجدٍ اقتصاديًا لهم، مكتفين بتقديم عمليات بيع وتحويل محدودة بسقف ألفي دولار ولأغراض علاجية أو دراسية. 

هذا التعنت خلق سوقًا موازية سمحت للتجار وأصحاب المحال باقتناص العملات من المواطنين بأسعار زهيدة، في ظل غياب رقابة فعالة أو حلول عاجلة.

ويكشف الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري أن الأزمة أعمق من مجرد تسعير للعملات، فهي تعكس خلافًا مستحكمًا بين محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي ورئيس الحكومة سالم بن بريك حول آلية صرف المرتبات المتعثرة منذ أربعة أشهر.

وأضاف في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك": أن البنك المركزي اليمني في عدن، لم يمنع الصرافيين والبنوك من المصارفة أو شراء العملات الأجنبية، وإنما اشترط عليهم سعر صرف محدد 425 ريال للسعودي، وأوقف بيع وتحويل العملات الأجنبية إلا بسقف الألفي دولار وفق الشروط والضوابط المحدودة ولأغراض علاجية ودراسية خارج البلاد.

وأوضح إن قرار امتناع الصرافيين عن شراء أو مصارفة العملات الأجنبية، يعود إلى قرارات تخصهم ومصالحهم وكمحاولة للضغط على البنك المركزي لفتح سقف الشراء وفقا لقرار تعويم الصرف، باعتبار شرائهم للسعودي بسعر الصرف المقيد من البنك المركزي غير مجد لديهم. وتابع: "وللعلم ايضا فان البنك المركزي لا يمتلك صلاحية منع الصرافيين المرخصين من قبله، من اجراء عمليات مصارفة وشراء العملات الأجنبية؛ لأن هذه الأمور من المهام الرسمية الأساسية لشركات ومنشآت الصرافة".

مصادر مصرفية قالت أن الحكومة طرحت ثلاثة خيارات لتغطية العجز في السيولة من العملة المحلية: السحب على المكشوف من حسابات الحكومة، وهو ما رفضه المحافظ بدعوى أن الحساب مكشوف منذ سنوات بمبالغ هائلة، والخيار الثاني مصارفة احتياطات البنوك ومكاسب تحسن سعر الصرف، وهو خيار رفضه البنك باعتباره مساسًا بأموال البنوك التجارية، في الخير الثالث كان صرف المرتبات من الحاويات المطبوعة سابقًا والمحتجزة في موانئ عدن وجدة والمكلا، وهو ما وصفه المحافظ بـ"الكارثة" التي ستقود لانهيار أي استقرار للعملة.

بحسب الصحفي الداعري أن هذه الخيارات الثلاثة تحولت إلى محور خلاف سياسي واقتصادي ينعكس سلبًا على الموظفين الذين يجدون أنفسهم بلا رواتب، فيما يتمترس كل طرف خلف مبررات قانونية ومؤسسية، متجاهلين معاناة الناس.

البنك المركزي يبرر موقفه بأن الاستقرار النسبي للعملة في الأشهر الأخيرة تحقق بفضل سياسات صارمة، منها إغلاق أكثر من 70 شركة صرافة مخالفة بدعم دولي، ويخشى أن يؤدي أي إنفاق تضخمي إلى انهيار هذا التوازن. في المقابل، ترى الحكومة أن تعطيل صرف المرتبات يفاقم الاحتقان الاجتماعي ويقوض أي إصلاح اقتصادي.

وفي محاولة لتوفير سيولة نقدية بعيدًا عن الخيارات التضخمية، أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، اليوم الاثنين، فتح مزاد لبيع أدوات الدين العام المحلي طويلة الأجل، عبر إصدار سندات خزينة لأجل ثلاث سنوات بقيمة أولية 10 مليارات ريال يمني قابلة للزيادة.

وأوضح البنك أن المزاد سيُجرى في 10 سبتمبر 2025، وأن الحد الأدنى للعطاء يبلغ 50 مليون ريال، فيما حُدد العائد السنوي عند 20% تُدفع فائدته كل ستة أشهر. واعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تمثل محاولة لسحب السيولة من السوق بطريقة منظمة، وتوفير موارد لتمويل الالتزامات الحكومية بعيدًا عن الطباعة النقدية أو السحب على المكشوف.

ويرى خبراء أن جوهر الأزمة لم يعد اقتصاديًا بحتًا، بل سياسيًا في المقام الأول، إذ يظل الحل مرهونًا بتدخل مجلس القيادة الرئاسي لفض الاشتباك بين الحكومة والبنك المركزي، وضمان تدفق الموارد العامة إلى الخزينة الرسمية. وفي غياب هذا التدخل، ستظل معاناة مواطنين مثل أحمد الشماسي مرآة يومية لانهيار السياسات الاقتصادية وتغوّل مصالح السوق على حساب حياة الناس.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: العملات الأجنبیة البنک المرکزی صرف المرتبات ریال ا

إقرأ أيضاً:

تفاصيل تعديل عوائد شهادات البنك الأهلي بعد قرار المركزي

بعد  إعلان البنك المركزي المصري عن خفض أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة 1% (ما يعادل 100 نقطة أساس)، سارع البنك الأهلي المصري، إلى تحديث العوائد على شهادات الادخار التي يطرحها، لتتماشى مع التغيرات الراهنة في السياسة النقدية والظروف الاقتصادية العامة في البلاد.

قرار البنك المركزي 

وكان البنك المركزي قد أعلن عن خفض سعر الفائدة على الإيداع ليصل إلى 21.00%، وسعر الفائدة على الإقراض إلى 22.00%، كما تم تخفيض سعر الائتمان والخصم إلى 21.50%. 

وفي هذا الإطار، قام البنك الأهلي بإجراء تعديلات مباشرة على العوائد الخاصة بشهاداته، وفي مقدمتها "الشهادة البلاتينية ذات العائد المتغير"، التي تم تخفيض عائدها السنوي بمعدل 1%.

ومن جانبه، يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن من مميزات شهادات الإدخار، التوازن في الطلب على العملات الأجنبية والذهب، والفائدة على الشهادات تجعلها منافسة للأصول التي يقلق المستثمرون من تذبذبها، فتحول جزءا من المدخرات إليها، مما يخفف الضغط على الدولار والذهب.

وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "إضافة إلى تعزيز الاستقرار النقدي عبر استقطاب السيولة من السوق المفتوحة وربطها بالشهادات، يساعد ذلك في ضبط حركة السيولة".

العوائد الجديدة  بالبنك الأهلى المصري

الشهادة البلاتينية ذات العائد المتغير:
تم تعديل العائد السنوي ليصبح 21.25% بدلا من 22.25%، ويتم صرف العائد كل 3 أشهر، بينما يظل الحد الأدنى لشراء الشهادة هو 1000 جنيه. 

وهذه الشهادة مرتبطة بشكل مباشر بسعر الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي، ما يجعلها تتغير تبعا لتحركات السياسة النقدية.

الشهادة البلاتينية ذات العائد المتدرج (يصرف شهريا):

هذه الشهادة تمتد لمدة 3 سنوات، ويكون العائد فيها متدرجا حسب كل سنة:

 - في السنة الأولى: يحصل المستثمر على عائد 21% سنويا يصرف شهريا.

 - في السنة الثانية: ينخفض العائد إلى 16.75% سنويا.

 - في السنة الثالثة: يكون العائد 13.5% سنويا.
وتبدأ قيمة الاستثمار في هذه الشهادة من 1000 جنيه مصري.

الشهادة البلاتينية ذات العائد السنوي:
أيضا لمدة 3 سنوات، وتتميز بصرف العائد مرة واحدة سنويا، وتكون نسب العوائد كالتالي:

 - 23% في السنة الأولى.

 - 18.5% في السنة الثانية.

 - 14% في السنة الثالثة.

 - ويشترط حد أدنى للاستثمار بقيمة 1000 جنيه.

الشهادة البلاتينية بعائد شهري ثابت:
ولمدة 3 سنوات أيضا، يحصل العميل على عائد شهري ثابت بنسبة 17% من إجمالي قيمة الشهادة، مع حد أدنى للاستثمار يبدأ من 1000 جنيه.

بـ 500 جنيه.. كيف تشتري شهادة ادخار إسلامية من البنوك؟فائدة تصل 100%.. أفضل شهادة ادخار 2025

والجدير بالذكر، أن تأتي هذه التحديثات ضمن استراتيجية البنك الأهلي المصري لمواكبة قرارات البنك المركزي، وضمان تقديم منتجات ادخارية تنافسية في السوق المحلي. 

ورغم خفض الفائدة، ما زالت الشهادات الجديدة تعد من بين الأعلى في السوق المصري، مع تنوع كبير في خيارات العائد لتلبية احتياجات مختلف شرائح العملاء، سواء الراغبين في دخل شهري منتظم، أو عائد سنوي مرتفع على المدى المتوسط.

التعديلات الجديدة على شهادات الإدخار في بنك مصر بالجنيه والدولار لعام 2025بعد قرار البنك المركزي.. أعلى شهادات ادخار حاليا في البنوك طباعة شارك شهادات شهادات الإدخار شهادات البنوك البنوك البنك المركزي المصري البنك الأهلى المصري

مقالات مشابهة

  • الدولار يواصل الانخفاض في البنك المركزي إلى 47.49 جنيه
  • أسعار العملات الأجنبية و الدولار مقابل الجنيه السوداني
  • سعر الدولار والعملات الأجنبية اليوم الثلاثاء7 أكتوبر 2025.. فيديو
  • أسعار العملات العربية و الأجنبية في مصر اليوم.. الثلاثاء 7-10-2025
  • سعر الدولار في البنك المركزي المصري اليوم الاثنين
  • ارتفاع أسعار الخضروات يضاعف معاناة المواطنين في عدن
  • تفاصيل تعديل عوائد شهادات البنك الأهلي بعد قرار المركزي
  • محافظ المركزي يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الخطط النقدية والتحول الرقمي
  • سعر الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية اليوم الاثنين 14-4-1447
  • تراجع أسعار العملات الأجنبية في مصر