رد عليهم بإلقاء القمامة من الطائرة.. ثورة 7 ملايين أمريكى ضد استبداد ترامب
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
شهدت الولايات المتحدة واحدة من أكبر موجات الاحتجاج فى تاريخها الحديث، حيث خرج نحو 7 ملايين متظاهر فى مختلف الولايات، بما فى ذلك نيويورك وواشنطن العاصمة وشيكاغو وميامى ولوس أنجلوس، للمشاركة فى مظاهرات واسعة ضد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته. وأثارت هذه الاحتجاجات اهتماما داخليا ودوليا، نظرا لحجمها الكبير وانتشارها الجغرافى غير المسبوق، بالإضافة إلى توقيتها الحساس الذى يتزامن مع دخول الإغلاق الحكومى أسبوعه الثالث، وتصاعد المعارضة للحملة العسكرية التى يشنها ترامب على المدن التى يقودها الديمقراطيون، فضلا عن فعاليات دولية تضامنية فى مدن كبرى مثل لندن وباريس وروما ولشبونة، ما أضفى بعدا عالميا على الحدث، وأكد أن الغضب من سياسات ترامب تجاوز حدود الولايات المتحدة.
احتشد متظاهرون فى ساحة تايمز سكوير بمدينة نيويورك وهم يحملون لافتات كتب عليها شعارات مثل «لا شيء أكثر وطنية من الاحتجاج» و«قاوموا الفاشية»، فيما تجمع الآلاف فى حدائق بوسطن وأتلانتا وشيكاغو، وساروا فى شوارع واشنطن ووسط مدينة لوس أنجلوس. كما اعتصموا أمام مبانى الكابيتول فى ولايات يقودها الجمهوريون، ومحكمة فى بيلينغز بولاية مونتانا، إضافة إلى مئات الأماكن العامة الأصغر. وفى مشاهد لافتة، تحولت بعض الفعاليات إلى ما يشبه حفلات الشوارع مع وجود فرق موسيقية، ولافتات ضخمة تحمل ديباجة «نحن الشعب» من دستور الولايات المتحدة يمكن للناس التوقيع عليها، بجانب متظاهرين يرتدون أزياء قابلة للنفخ أبرزها الضفادع التى برزت كرمز للمقاومة فى بورتلاند بولاية أوريغون.
وفى مانهاتن، هتف المتظاهرون المناهضون لإسرائيل «فلسطين حرة»، وطالبوا أيضا الرئيس – الذى توسط مؤخرا فى اتفاق سلام تاريخى بين إسرائيل وحماس – بالخروج من منصبه.
ووفقا لبيان أصدره منظمو احتجاج «لا للملوك»، فإن الحشود المشاركة مثلت «إحدى أكبر المظاهرات التى نظمت فى يوم واحد عبر تاريخ الولايات المتحدة»، حيث تجاوز عدد المشاركين مظاهرات يونيو الماضى بأكثر من مليونى شخص. وأكد المنظمون أن هذه الأرقام تمثل مؤشرا واضحا على تنامى الغضب الشعبى من سياسات الإدارة الأمريكية.
شاركت منظمات مدنية وحقوقية بارزة فى هذه التعبئة، بما فى ذلك اتحاد الحريات المدنية الأمريكى والاتحاد الأمريكى للمعلمين ومنظمة 50501 وحملة حقوق الإنسان ومنظمة Indivisible، إلى جانب منظمة MoveOn التى لعبت دورا محوريا فى الحشد. وقالت كاتى بيثيل، المديرة التنفيذية لحركة «موف أون»، فى بيان: «فى المدن والبلدات، الكبيرة والصغيرة، الريفية والضواحي، فى المناطق الحمراء والمناطق الزرقاء، يتجمع الملايين منا سلميا من أجل لا ملوك لإرسال رسالة واضحة لا لبس فيها: القوة ملك للشعب».
لكن رد الفعل الجمهورى جاء حادا، حيث وصف المشرعون الاحتجاجات بأنها «مسيرة كراهية لأمريكا»، فيما اتهموا المتظاهرين بالمساهمة فى استمرار الإغلاق الحكومي. فى المقابل، رفض المنظمون هذه المزاعم، مؤكدين أن المظاهرات تمثل تعبيرا مشروعا عن الإرادة الشعبية، وأن المسئولية عن الأزمة تقع على عاتق الإدارة الأمريكية. كما سخرت حملة ترامب عبر منصات التواصل الاجتماعى من المتظاهرين بنشر مقطع فيديو أنشئ بالكمبيوتر يظهر الرئيس مرتديا ملابس ملكية وتاجا وهو يلوح من شرفة ويلقى القمامة على المتظاهرين.
فيما انضم السياسيون الديمقراطيون إلى الاحتجاجات فى ولايات عدة. فقد كتب زعيم الأقلية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر على منصة X إلى جانب صور له وهو يرفع لافتة كتب عليها «أصلحوا أزمة الرعاية الصحية»: «ليس لدينا ديكتاتوريون فى أمريكا. ولن نسمح لترامب بمواصلة تقويض ديمقراطيتنا». وفى واشنطن العاصمة، ألقى السيناتور بيرنى ساندرز خطابا رئيسيا أمام آلاف المحتجين قال فيه: «نحن لسنا هنا لأننا نكره أمريكا، نحن هنا لأننا نحب أمريكا». كذلك نشر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون كورى بوكر وآدم شيف مقاطع فيديو أثناء حضورهم المظاهرات، حيث كتب شيف: «هكذا تبدو الديمقراطية. شكرا لكل أمريكا على التعبير عن رأيها». وشارك السيناتور كريس مورفى لقطات من ولاية كونيتيكت قائلا: «مذهل. لهذا السبب يُرجّح أن يُسجّل اليوم كأكبر يوم احتجاج سلمى فى تاريخ أمتنا الممتد على مدى 250 عاما».
وفى مواجهة هذا الحراك الشعبي، وضع عدد من حكام الولايات الجمهوريين قوات الحرس الوطنى فى حالة تأهب استعدادا للاحتجاجات. هذه الخطوة أثارت انتقادات من الديمقراطيين، حيث قال جين وو، أحد كبار الديمقراطيين فى الولاية: «إن إرسال جنود مسلحين لقمع الاحتجاجات السلمية هو ما يفعله الملوك والديكتاتوريون – وقد أثبت جريج أبوت للتو أنه واحد منهم». كما أمر حاكم ولاية فرجينيا الجمهورى جلين يونجكين بتفعيل الحرس الوطني، رغم أن تقارير محلية أشارت إلى أن القوات لم تكن منتشرة فعليا أثناء المظاهرات.
وأبرز تقرير صادر عن كلية هارفارد كينيدى أن الاحتجاجات فى عام 2025 اكتسبت بعدا جديدا من حيث الامتداد الجغرافى والشرائح المشاركة، موضحا أن الموجة الأخيرة وصلت إلى مناطق تقليدية داعمة لترامب بشكل أعمق مما حدث خلال ولايته الأولى. وأكد التقرير أن الفعاليات، رغم صغر حجم بعضها مقارنة بالمتوسط الوطني، إلا أنها اتسمت بتنوع لافت بين المشاركين والمناطق المستهدفة، ما جعلها تختلف عن موجات الاحتجاج السابقة التى تركزت فى المدن الكبرى.
ويرى المراقبون أن اتساع رقعة هذه المظاهرات وامتدادها إلى الضواحى والمناطق الريفية التى لطالما شكلت جزءا من القاعدة الانتخابية لترامب يعكس بداية تآكل محتمل فى شعبيته. كما يشيرون إلى أن هذا الحراك الضخم، المرتبط بمنظمات مدنية ونقابية وحقوقية، يعكس تحولا نوعيا فى المعارضة الأمريكية لإدارته، ويضعه أمام تحديات سياسية متصاعدة داخليًا وخارجيًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إلقاء القمامة الطائرة أمريكي ترامب الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً: