احتجاجات لا ملوك.. هل يهدد التحرك الشعبي أجندة إدارة ترامب؟
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
تتصاعد الاحتجاجات السلمية في الولايات المتحدة تحت حركة تعرف باسم "لا ملوك"، في تحدٍ مباشر لأجندة الإدارة الحالية التي تسعى لتقييد الحقوق الدستورية والمدنية.
ونشر موقع "ذي إنترسبت" تقريرًا يسلط الضوء على أهمية الاحتجاجات السلمية الواسعة ضد إدارة ترامب، والتي تُعرف باسم "لا ملوك"؛ حيث تشكّل هذه الاحتجاجات تحديًا كبيرًا لأجندة ترامب الاستبدادية، وتسعى إلى حماية الحقوق الدستورية والمدنية التي ينص عليها الدستور الأمريكي.
وقال الموقع في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إن إدارة ترامب تخشى بشدة الاحتجاجات الجماهيرية السلمية، وقد بدأ قادة الحزب الجمهوري، من رئيس مجلس النواب مايك جونسون إلى النائب عن ولاية مينيسوتا توم إيمر ووزير النقل شون دافي، حملة لتشويه احتجاجات "لا ملوك"، واصفين إياها بأنها "كراهية لأمريكا" و"إرهاب داخلي"، رغم أنها مظاهرات محمية دستورياً تهدف إلى رفض السياسات السلطوية وغير الدستورية للإدارة.
وتهدف هذه الرواية إلى تشويه أكبر يوم احتجاج جماهيري في تاريخ الولايات المتحدة، حيث يُتوقع أن يشارك ملايين الأمريكيين في أكثر من 2500 مظاهرة في جميع الولايات، رفضاً لتقويض الحقوق المدنية والدستورية، وطموحات حركة "ماغا" الفاشية.
تأثير صور المعارضة
وأوضح الموقع أن الصور القوية للاحتجاجات السلمية، حتى الصغيرة منها، لاقت صدى واسعًا وفضحت الروايات الزائفة التي تروج لها الإدارة الأمريكية، وأظهرت حجم المعارضة ومصداقية المشاركين، مما يضع قادة الحزب الجمهوري في موقف محرج أمام الرأي العام.
فمن خلال إظهار حجم المعارضة لسلطوية حركة "ماغا" والتعاطف اليومي مع الأمريكيين الذين يتخذون موقفًا صالحًا، تشكل احتجاجات "لا ملوك" مشكلة حقيقية في العلاقات العامة لليمين المتطرف؛ فهي تنسف الروايات الخيالية التي عملت حركة "ماغا" جاهدة على بنائها وتقوض مصداقيتها.
وأضاف الموقع أن هذه الاحتجاجات توقظ الجمهور غير المتفاعل سياسيًا، وتُظهر أن هناك رفضًا واسعًا يصعب تجاهله لأجندة النظام، وتمنح الناس شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم في معارضتهم، كما أنها تولد تغطية إخبارية وصورًا قوية تشكل دليلًا دامغًا على أن الأمور ليست على ما يرام.
قوة الإقناع في الاحتجاج
واعتبر الموقع أن الاحتجاجات باعتبارها دليلًا على التحدي الواسع النطاق تتجاوز حدود الجمهور الأمريكي؛ فهي تلقى صدى لدى الجماهير الدولية وصناع القرار الرئيسيين في مؤسسات مثل المحكمة العليا والجيش وغيرها من المؤسسات التي قد تكون قريباً في وضع يسمح لها بتقرير ما إذا كانت ستستمر في الامتثال لمطالب الإدارة.
وأكد الموقع أن الاحتجاجات الجماهيرية لا تؤثر فقط على الرأي العام، بل إنها تلقى صدى في مؤسسات حاسمة مثل المحكمة العليا والجيش، وقد أظهرت الأبحاث الواسعة النطاق التي أجرتها العالمتين السياستين إيريكا تشينوويث وماريا ستيفان حول قوة الاحتجاج السلمي كيف يؤثر الاحتجاج والامتثال المؤسسي على بعضهما البعض؛ حيث توصلتا إلى أنه بمجرد مشاركة 3.5 بالمائة من سكان بلد ما في احتجاج سلمي مستمر، فإن الأنظمة الاستبدادية تجد صعوبة، إن لم يكن استحالة، في تنفيذ أجنداتها.
وتعد الاحتجاجات الجماهيرية أيضًا أحد أقوى أدوات الإقناع المتاحة حتى بالنسبة لبعض المترددين، فإدارة ترامب لا تزال تعاني من عدم شعبية شديدة، ومن المحتمل أن تدفع احتجاجات "لا ملوك" هذه الشعبية إلى مستويات جديدة من الانحدار.
وأضاف الموقع أن التاريخ الأمريكي يثبت أن الاحتجاجات الجماهيرية كانت حاسمة في تحقيق تقدم ديمقراطي، مثل الحقوق المدنية وحق التصويت للنساء، وقد لخص عالم الاجتماع تشارلز تيلي الصفات الرئيسية التي تجعل الاحتجاجات الجماهيرية مقنعة وشعبية ودائمة؛ وهي المصداقية، والوحدة، والعدد، والالتزام، والتنوع، وكلها حاضرة في احتجاجات "لا ملوك".
وقد كانت آخر مرة ظهرت فيها هذه المجموعة الكاملة من الصفات في الولايات المتحدة خلال احتجاجات جورج فلويد السلمية، والتي غيرت بقوة الحوار الوطني حول العنصرية المنهجية. ففي صيف سنة 2020، اعتبر ما يقرب من 1 من كل 5 أمريكيين العلاقات العرقية أهم مشكلة تواجه البلاد، واعترفت الغالبية بأن العنصرية المنهجية مشكلة مجتمعية، وقد كان هذا الارتفاع في الوعي العام والحاجة الأخلاقية الملحة لإنهاء العنصرية المنهجية مقنعًا ودائمًا لدرجة أنه دفع الناخبين الديمقراطيين للتسجيل وساعد في دفع جو بايدن للفوز في انتخابات عام 2020.
وزفق الموقع؛ يساعد هذا الإطار في فهم التهديد الذي يراه نظام "ماغا" في احتجاجات "لا ملوك": أن ملايين الأمريكيين العاديين من جميع مناحي الحياة يقفون معًا للمرة الثانية من أجل القيم الأمريكية الأساسية والحقوق الدستورية والمدنية ويشكلون تهديدًا وجوديًا للطموحات الاستبدادية. إنها نقطة تحول قد تؤدي إلى تسارع تراجع الدعم الذي يلقاه مشروع "ماغا" السياسي، وتنمي الحركة المؤيدة للديمقراطية التي تعارضه، وتزرع بذور الشك داخل صفوف الإدارة.
الفاشيون يردّون الهجوم
وأشار الموقع إلى أن الأنظمة السلطوية حول العالم بدأت تدرك خطورة الحركات الاحتجاجية السلمية؛ حيث تشير أبحاث الباحثة إيريكا تشينوويث إلى أن هذه الحركات لم تعد تحقق النجاح نفسه الذي كانت تحققه في العقود الماضية، وذلك بسبب تنسيق الأنظمة فيما بينها وابتكار استراتيجيات جديدة للحد من تأثيرها، مثل التحكم في تدفق المعلومات والسعي إلى تجريم الاحتجاج بشكل مباشر. وهذا يحدث في الولايات المتحدة أيضًا، إذ تدرك إدارة ترامب تماماً قدرة الاحتجاجات الجماهيرية السلمية على تشكيل الرأي العام، ولهذا تتحرك بسرعة لتفكيك البنية التحتية للمعارضة والتنظيم المدني.
وأفاد الموقع بأن الشخصية الرئيسية وراء هذه الجهود في حركة "ماغا" هو ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي عبّر بوضوح عن نيته القضاء على المعارضة السياسية من خلال فرض رواية تعتبر أي معارضة لأجندته تهديداً يجب قمعه باستخدام كامل سلطات الدولة. وقد استغل ميلر الفرصة مؤخرًا لإنشاء تصنيف جديد لـ"الإرهاب الداخلي" لتبرير التحقيقات وتفكيك وتمويل منظمات المجتمع المدني المعارضة.
تمضي الإدارة أيضًا في خططها لاستخدام مصلحة الضرائب كسلاح عن طريق إطلاق تحقيقات جنائية ضد المنظمات الخيرية والمدنية ذات التوجهات اليسارية. كما قدم السيناتور الموالي لترامب، تيد كروز، مشروع قانون يسهل توجيه تهم بموجب قانون "ريكو" إلى المنظمات التي تموّل أو تدعم التعبئة العامة، وقد استشهد هذا الأسبوع باحتجاجات "لا ملوك" كأحد أسباب تمرير هذا القانون.
ولم تُخف الإدارة نواياها بشأن الجهات التي تنوي استهدافها أولاً، إذ صرّح ترامب بنفسه أنه يريد ملاحقة أعدائه من اليسار، واستندت الإدارة إلى تقرير ضعيف من مركز الأبحاث المحافظ "كابيتال ريسيرش سنتر"، يُعتقد أنه وثيقة إرشادية لحملة القمع، وقد صنّف مجموعات مثل "إنديفيزيبل"، و"صوت اليهود من أجل السلام"، وحركة "صن رايز" الشبابية بأنها "تحرض على الإرهاب".
وأكد الموقع أن استهداف هذه المنظمات ليس صدفة، فهي من أكثر الجهات قدرة على تعبئة الجمهور الأمريكي سلميًا على نطاق واسع، وتنظيم احتجاجات جذابة إعلاميًا تؤثر في الرأي العام. وبالتالي، فإن القضاء على هذه المنظمات التي تمكّن الأمريكيين من المشاركة في التعبئة السلمية الواضحة هو وسيلة فعالة لضمان أن التصورات التي تصل إلى الجمهور عن المعارضة هي تلك التي تدعم رواية "ماغا" عن "اليسار المختل".
وأكد الموقع على أنه لهذا السبب، فإن المعارضة الجماهيرية واسعة النطاق باتت ضرورية الآن ، قبل أن تترسخ هذه الحملة القمعية بالكامل. والتي يجب وصفها على حقيقتها: محاولات لقمع حرية التعبير، وانتهاك التعديل الأول للدستور، وإسكات المعارضة.
واختتم الموقع بالإشارة إلى أنه ليس من الواضح كيف ستتراكم آثار هذا الاحتجاج، لكن المعارضة الظاهرة أمر بالغ الأهمية. لذا فإن أي شخص يقلقه ما يحدث في هذا البلد يجب أن يذهب إلى احتجاج "لا ملوك"، ثم يذهب إلى الاحتجاج التالي أيضًا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية لا ملوك ترامب امريكا ترامب لا ملوك المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الرأی العام إدارة ترامب الموقع أن لا ملوک إلى أن
إقرأ أيضاً:
لا ملوك في أميركا.. ترامب على موعد مع "زحف غاضب"
يتوقّع أن يشارك ملايين الأشخاص، السبت، في مسيرات، من نيويورك إلى سان فرانسيسكو، ضد سياسة دونالد ترامب في يوم من الاحتجاجات تنظمها حركة "نو كينغز"، أي "لا ملوك"، عبر أنحاء البلاد.
وتفيد حركة "نو كينغز" الداعية إلى المسيرة في شعار حملتها بأن "الرئيس يعتقد أن سلطته مطلقة. لكن في أميركا، ليس لدينا ملوك، ولن نستسلم للفوضى والفساد والقسوة".
ومن المقرر تنظيم أكثر من 2700 تظاهرة السبت في المدن الأميركية الكبرى وكذلك في بلدات صغيرة في ولايات جمهورية وكذلك قرب مقر إقامة الرئيس في مارالاغو في فلوريدا حيث يمضي عطلة نهاية الأسبوع.
ويقول المنظمون إنهم يتوقعون مشاركة ملايين الأشخاص.
وفي منتصف يونيو، جمع اليوم الأول من التعبئة التي نظمتها الحركة نفسها والتي تضم حوالى 300 جمعية، ملايين الأشخاص من كل الأعمار، في أكبر احتجاج منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض.
وفي ذلك اليوم، احتفل دونالد ترامب بعيد ميلاده التاسع والسبعين بعرض عسكري ضخم عبر شوارع العاصمة الأميركية.
إرهاب
وكان ترامب الذي هدد في يونيو الماضي بالرد على المتظاهرين "بقوة كبيرة جدا"، علّق هذا الأسبوع عبر محطة فوكس نيوز قائلا "إنهم يصنّفونني ملكا. أنا لست ملكا".
واستنكر مسؤولون في حزبه التظاهرات المقبلة، وذهبوا إلى حد مقارنتها بالإرهاب.
ووصف زعيم الجمهوريين في مجلس النواب مايك جونسون المسيرات المقررة بأنها "تعبئة كراهية ضد أميركا"، مؤكدا "أراهن على أنكم سترون فيها أنصارا لحماس وأنتيفا" الحركة السياسية التي صنفها الرئيس الأميركي أخيرا على أنها "منظمة إرهابية".
بدوره، اتهم النائب عن ولاية مينيسوتا توم إيمر الديمقراطيين بالاستسلام "للجناح الإرهابي في حزبهم".
وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند غلين آيفي لوكالة فرانس برس، الجمعة: "ستؤدي هذه الحركة دورا حاسما في مستقبل أميركا، لذلك أنا أفهم سبب قلقهم"، مشيرا إلى أنه سيشارك في المسيرات.
وفي مواجهة "إساءة استخدام السلطة من جانب دونالد ترامب وحلفائه"، أكدت ديدري شايفلينغ، وهي مسؤولة في منظمة الحقوق المدنية والحريات العامة الكبرى ACLU التي شاركت في تنظيم هذه التعبئة، في وقت سابق "لن نسمح بإسكاتنا".
انتفاضة سلمية
ودعا نجم هوليوود روبرت دي نيرو إلى المشاركة في الاحتجاج في مقطع فيديو حضّ فيه مواطنيه على الانتفاضة "بشكل سلمي" ضد "الملك دونالد ترامب".
ومنذ عودته إلى السلطة في يناير، أحدث دونالد ترامب خللا في توازن الديمقراطية الأميركية، وتجاوز صلاحيات الكونغرس والولايات وهدد معارضيه بإجراءات قانونية انتقامية.
ونشر الجمهوري الذي يزداد خطابه عدائية، قوات عسكرية في معاقل ديمقراطية يقول إن الهدف منها مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة وحضّ كبار ضباط الجيش أخيرا على التحرك ضد "العدو في الداخل".
ومن المقرر أن تقام تجمعات السبت في المدن التي نشر فيها ترامب الحرس الوطني، مثل واشنطن وشيكاغو، وكذلك في تلك التي يخطط للقيام بذلك فيها، مثل بوسطن ونيو أورلينز.
وفي يوم التعبئة السابق، شارك مشاهير مثل الممثل مارك رافالو والكوميدي جيمي كيميل الذي علّق برنامجه الحواري موقتا في وقت لاحقا تحت ضغط من إدارة ترامب.
ومن المقرر أيضا تنظيم تحركات مماثلة في مدن كندية كبرى مثل تورونتو وفانكوفر وأوتاوا.