ذوبان جليد الهيمالايا يهدد بـكارثة قد تؤثر على ملياري شخص
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، لم يُظهر ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا أي علامات على التباطؤ. وأصدر علماء المناخ الآن تحذيرا من أن هذا التطور قد يُسفر عن عواقب وخيمة.
وتؤكد دراسة جديدة أن مناطق جبال الهيمالايا تفقد كتلتها الجليدية بمعدل ينذر بالخطر. فقد فقدت نيبال نحو ثلث جليدها على مدار الـ30 عاما الماضية، كما أن معدل فقدان الجليد هذا يتسارع باستمرار في جميع أنحاء سلسلة الجبال.
ووفقا للدراسة التي أجراها المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة، من المتوقع أن تفقد منطقة هندوكوش في الهيمالايا ما يصل إلى 80% من حجم أنهارها الجليدية بحلول نهاية هذا القرن، وقد يؤدي هذا إلى أضرار لا رجعة فيها لعدد لا يحصى من المجتمعات في جميع أنحاء آسيا.
وكانت دراسة أخرى قد أشارت إلى أن أنهار الجليد في منطقة الهيملايا تفقد أكثر من 22 مليون غيغا طن سنويا من الجليد، أي ما يعادل نحو 9 ملايين مسبح أولمبي، كما أن تلك الأنهار لم تعد تراكم ما يكفي من الجليد لتعويض ذوبانها.
وتؤكد إيزابيلا كوزيل، نائبة المدير العام للمركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال، أن الأنهار الجليدية في جبال هندوكوش هيمالايا تعد مكونا رئيسيا في نظام الأرض.
وأضافت أنه "مع اعتماد نحو ملياري شخص في آسيا على المياه التي تحتفظ بها الأنهار الجليدية والثلوج هنا، فإن عواقب فقدان هذا الغلاف الجليدي هائلة للغاية لدرجة تصعب تصورها. نحن بحاجة إلى تحرك القادة الآن لمنع وقوع كارثة".
ويُهدد تراجع الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا الأمن المائي لمئات الملايين من الناس بسبب اضطراب تدفق الأنهار. وتُعدّ تلك الأنهار خزانات طبيعية للمياه، ويُقلّل تراجعها من هذا الإمداد المائي الحيوي. وينطبق هذا بشكل خاص على المجتمعات التي تعتمد عليها لتوفير مياه الشرب والري خلال مواسم الجفاف.
إعلانكما يمكن أن يزيد فقدان الأنهار الجليدية الجبلية أيضا من خطر حدوث فيضانات كارثية ناجمة عن انفجار البحيرات الجليدية، مما قد يؤدي إلى ندرة مياه طويلة الأمد تؤثر على الزراعة والأمن الغذائي وإنتاج الطاقة.
ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، قد نشهد تزايدا في وتيرة فيضانات البحيرات الجليدية، وربما تفاقما في حدتها.
أما خارج آسيا، فيُسهم ذوبان الكتل الجليدية في جبال الهيمالايا بشكل كبير في ارتفاع منسوب مياه البحار عالميا، مما قد يُخلف آثارا بعيدة المدى في جميع أنحاء العالم.
ويشمل ذلك زيادة العواصف والتآكل الشديد، مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في الأراضي، كما قد تشهد المجتمعات المحلية تدفقا للمياه المالحة إلى مصادر المياه العذبة، مما يُفاقم تناقص إمدادات المياه الرئيسية.
ورغم أن توقعات ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا تبدو قاتمة، فإن التفاؤل لا يزال قائما -حسب الدراسة- بوجود هامش من الوقت لإبطاء وتيرة الذوبان، ولكن ذلك يعتمد على الإستراتيجيات الاستباقية والتكيف واسع النطاق.
ومع استمرار الدول في العمل على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المُسبب لارتفاع درجة حرارة الكوكب، والاستثمار في موارد الطاقة المتجددة، يمكن أن نشهد تباطؤا في ارتفاع درجة الحرارة العالمية.
وترى كوزيل أنه لا يزال هناك وقت لإنقاذ هذه المنطقة الحرجة، ولكن فقط إذا بدأت الآن تخفيضات سريعة وعميقة للانبعاثات، فكل زيادة طفيفة في الاحترار تُؤثر على الأنهار الجليدية هنا وعلى مئات الملايين من البشر الذين يعتمدون عليها.
وتشير الدراسة إلى أنه إلى جانب إجراءات التخفيف العاجلة، نحتاج إلى توسيع نطاق صناديق التكيف وبرامجه واستعادة النظم البيئية بسرعة، وتعبئة التمويل لتغطية الخسائر والأضرار.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أكدت -في تقرير لها- أن الأنهار الجليدية في العالم تعرضت للخسارة الكبرى على الإطلاق في كتلتها على مدى 3 سنوات بين عامي 2022 و2024.
وفقدت الأنهار الجليدية العالمية 301 مليار طن متري من الجليد سنويا، مما أسهم في خُمس الارتفاع الملحوظ في مستوى سطح البحر.
ويغطي أكثر من 275 ألف نهر جليدي في جميع أنحاء العالم مساحة تبلغ 700 ألف كيلومتر مربع تقريبا. وتخزن الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية معا ما يقرب من 70% من موارد المياه العذبة في العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات تغي ر المناخ الأنهار الجلیدیة فی جبال فی جمیع أنحاء من الجلید
إقرأ أيضاً:
كيف تؤثر الشاشات الحديثة على تركيز السائق أثناء القيادة؟
لم تعد القيادة في القرن الـ21 كما كانت في الماضي؛ فبدل المقود البسيط والأزرار التقليدية، بات السائق اليوم محاطا بشاشات رقمية ضخمة، وأنظمة تحكم ذكية، واتصالات متكاملة مع الهواتف المحمولة.
هذه الثورة التكنولوجية التي وُلدت لتمنحنا الراحة والدقة، قد تتحول في لحظة إلى عبء خطر على السلامة، حين تُغري السائق بالنظر إلى الشاشة بدل الطريق، واللمس بدل التركيز.
في هذا السياق، أطلقت منظمة "ديكرا" الألمانية للفحص الفني تحذيرا شديد اللهجة من مخاطر تشتت الانتباه الناتج عن الأنظمة الرقمية الحديثة في السيارات والهواتف الذكية، مؤكدة أن "القيادة أصبحت عمياء جزئيا"، وأن التكنولوجيا التي صُممت لتسهيل القيادة قد تُعقّدها وتعرض الأرواح للخطر.
التكنولوجيا سلاح ذو حدينالمنظمة التي تُعد من أبرز الجهات الأوروبية المعنية بسلامة المركبات، قالت إن تشغيل طرازات السيارات الحديثة أصبح أكثر صعوبة مما يعتقد كثيرون، إذ تختبئ أهم عناصر التحكم -مثل ضبط درجة الحرارة أو تغيير المحطات أو نظام الملاحة- داخل شاشات لمسية متعددة القوائم، تتطلب من السائق البحث والنقر والتنقل بين القوائم أثناء القيادة.
وأكدت "ديكرا" أن هذا النمط من التشغيل يؤدي إلى إطالة فترة صرف الانتباه عن الطريق، وهو ما يشكّل خطرا مباشرا على السلامة العامة.
بحسب دراسة حديثة أجرتها المنظمة، فإن تنفيذ أوامر بسيطة عبر الشاشة يستغرق أكثر من ضعف الوقت اللازم لاستخدام الأزرار المادية القديمة، مما يجعل السائق يقود سيارته فعليا وهو "أعمى مؤقتا".
وتوضح الدراسة أنه عند سرعة 80 كيلومترا في الساعة، فإن فقدان الانتباه لمدة ثانية واحدة يعني أن السيارة تقطع 22 مترا دون رؤية الطريق، بينما تصل المسافة إلى 14 مترا عند سرعة 50 كيلومترا في الساعة، وهي مسافة كافية لوقوع حادث مميت إذا ظهر عائق مفاجئ.
إعلانوحذّر الخبراء من أن هذه "الثواني الصامتة" قد تكون كفيلة بتغيير مجرى حياة بأكملها.
التكنولوجيا صديقة السائق؟وترى المنظمة أن تصميم السيارات الحديثة جعل تجربة القيادة أقرب إلى استخدام الهاتف الذكي، ما يحمّل السائق عبئا إدراكيا إضافيا لا يتناسب مع طبيعة الموقف الذي يتطلب تركيزا بصريا وحركيا متواصلا.
وقالت "ديكرا" في تقريرها، "كل ضغطة على الشاشة هي لحظة غياب عن الطريق. التكنولوجيا لا تُخطئ، لكن السائق بشر، والانتباه البشري محدود".
وللحد من هذه المخاطر، نصحت المنظمة الألمانية السائقين بتهيئة السيارة قبل بدء الرحلة، عبر ضبط المقعد والمرايا والمحطة الإذاعية ونظام الملاحة مسبقا، حتى لا يضطر السائق إلى التفاعل مع الشاشات أثناء القيادة.
كما أوصت باستخدام أنظمة "التحدث الحر" (Hands-Free) للهواتف، مع ضرورة تثبيت الهاتف في مكان بعيد عن متناول اليد أثناء القيادة.
لكنها شددت في الوقت ذاته على أن هذه الأنظمة لا تُعفي السائق من المسؤولية، لأن المحادثات المعقدة أو المشحونة عاطفيا يمكن أن تشتّت الذهن حتى مع عدم استخدام اليدين.
"رفيق خطِر" خلف المقودوتشير المنظمة إلى أن الهواتف المحمولة أصبحت من أبرز أسباب الحوادث الحديثة، ليس بسبب المكالمات فحسب، بل بسبب الرسائل وتطبيقات التراسل ومواقع التواصل.
ويظن كثيرون أن "نظرة سريعة" إلى الشاشة لا بأس بها، لكن الإحصاءات تُظهر أن معظم الحوادث الناجمة عن التشتت حدثت خلال هذه اللحظات القصيرة.
وتحذّر "ديكرا" من أن الاعتياد على التعدد في المهام (Multitasking) أثناء القيادة يُقلل من سرعة الاستجابة للمفاجآت، ما يجعل السائقين أكثر عرضة للحوادث.
وتختتم المنظمة توصياتها بالتأكيد على أن التوقف الآمن لبضع دقائق أفضل من المخاطرة بثوانٍ قاتلة، قائلة: "إذا كنت بحاجة لتعديل إعداد أو الرد على مكالمة، توقف جانب الطريق. لا شيء يستحق أن تفقد حياتك أو حياة الآخرين لأجله".
ويرى خبراء السلامة أن هذه النتائج تضع مصنّعي السيارات أمام مسؤولية جديدة، إذ يجب إعادة تصميم واجهات الاستخدام لتكون أكثر وضوحا وأمانا.
يقول مهندس السيارات الألماني توماس فيشر، "السيارة ليست هاتفا متحركا. التكنولوجيا يجب أن تدعم السائق لا أن تصرفه عن الطريق. كل ضغطة غير ضرورية قد تكلّف حياة".