بين رفاهية قاعة الرقص وإغلاق الحكومة.. أمريكا إلى أين؟
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
بين أصوات المطارق في قاعة الرقص الفخمة بالبيت الأبيض وصمت ملايين الموظفين الفيدراليين الذين لم يتلقوا رواتبهم بسبب الإغلاق الحكومي، يطرح سؤال ملح: إلى أين تتجه أمريكا؟ فبين البذخ الشخصي والإدارة المتعثرة، يبدو أن الولايات المتحدة تواجه واحدة من أصعب مراحلها السياسية والاقتصادية في تاريخها الحديث.
ينشغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمشاريعه الشخصية، وعلى رأسها حلمه القديم ببناء قاعة رقص فخمة تمتد على مساحة 90 ألف قدم مربعة وتُقدّر تكلفتها بنحو 200 مليون دولار.
لكن هذه الفخامة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع الذي يعيشه ملايين الأمريكيين. فبينما تُدق المطارق في البيت الأبيض، يجد آلاف الموظفين أنفسهم بلا رواتب، متوقفين عن العمل، ومعرضين لضغوط مالية كبيرة بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل يومه الثاني والعشرين، ليصبح ثاني أطول إغلاق في التاريخ الأمريكي.
الإغلاق الحالي جاء نتيجة لفشل الكونغرس في تمرير مشروع قانون تمويل قصير الأجل، بسبب الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول الرعاية الصحية وتأمين ملايين المواطنين من ارتفاع الأقساط التأمينية. وفي هذا السياق، صرح الرئيس الأمريكي خلال جلسة جمعته مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بأن إدارته «لن تُبتز من الديمقراطيين»، في إشارة واضحة إلى تمسك الجمهوريين بمواقفهم ورفضهم تقديم تنازلات. هذا الصراع يعكس أزمة الثقة بين الأطراف السياسية ويزيد من صعوبة الوصول إلى حل سريع لإنهاء الإغلاق.
وفي الوقت الذي يغمر فيه البيت الأبيض بمظاهر البذخ والترف الشخصي، مثل إضافة أعمدة أعلام ضخمة، ورصف حدائق البيت الأبيض، وتزيين المكتب البيضاوي بالذهب، يجد ملايين المواطنين أنفسهم ضحايا إغلاق حكومي يوقف الخدمات الحيوية ويجمد الرواتب. هذا التناقض يطرح أسئلة أخلاقية وسياسية حول أولويات القيادة الأمريكية ومدى مسؤوليتها تجاه الشعب.
تشهد المدن الأمريكية الكبرى منذ أسابيع موجةً متصاعدة من المظاهرات ضد سياسات الإدارة، تحولت من احتجاجات مطلبية إلى أزمة شرعية تهز أركان النظام السياسي. فقد شارك ملايين الأمريكيين في جميع أنحاء الولايات المتحدة في احتجاجات “لا للملوك” الثانية ضد الرئيس دونالد ترامب، مسجلين بذلك أكبر مظاهرة في يوم واحد ضد رئيس في السلطة في التاريخ الحديث. هذه الاحتجاجات الشعبية تأتي في سياق الإغلاق الحكومي المستمر، وتدهور الخدمات العامة، وشلل المؤسسات الفيدرالية، لتبرز الانقسام العميق بين القيادة والمواطنين، ولتؤكد أن الاستياء لم يعد مجرد نقاش سياسي، بل حركة جماهيرية تعكس شعورًا واسعًا بعدم العدالة وانحراف المسار الديمقراطي
لم تعد الأزمة مجرد خلاف سياسي بين اليمين واليسار، بل باتت تعبيرًا عن تصدع بنيوي في الكيان الأمريكي ذاته. فالصراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي تجاوز حدود التنافس الانتخابي إلى صراع على هوية الأمة ومستقبلها. الديمقراطيون يتهمون الجمهوريين بقيادة ترامب بتحويل الدولة إلى أداة لخدمة الشركات الكبرى وتهميش الطبقة الوسطى، بينما يرى الجمهوريون أن خصومهم قادوا البلاد نحو الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، وأن سياساتهم تهدد ما يسمونه “أمريكا العظيمة”.
ترامب، الذي جاء بشعار “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد”، أعاد معه صراعات قديمة حول معنى العظمة. الجمهوريون يرونه المنقذ الذي تحدى “الدولة العميقة”، بينما يراه الديمقراطيون طاغية يهدد أسس الجمهورية ويحوّل منصب الرئاسة إلى أداة للحكم الفردي. وبين هذا وذاك، يقف الشعب الأمريكي منقسمًا بين من يراه بطلًا قوميًا ومن يراه نذير سقوط الإمبراطورية.
الانقسام لم يعد سياسيًا فحسب، بل أيديولوجيًا وثقافيًا وأخلاقيًا. فبينما يسعى الجمهوريون للحفاظ على قيم تقليدية، يدعو الديمقراطيون إلى “أمريكا الحديثة” القائمة على الانفتاح والمساواة. وسط هذا الصراع، تفقد الولايات المتحدة شيئًا فشيئًا قدرتها على تقديم نموذج موحد لما تعنيه كلمة “أمة”. فالحلم الأمريكي الذي جمع يومًا المهاجرين والفقراء والطموحين، بات حلماً متنازعًا عليه ويُستعمل لتبرير الانقسام لا لتوحيد الصفوف.
في الخارج، لم يعد المشهد الأمريكي كما كان. العالم يراقب بانبهار ودهشة سقوط هيبة “الزعيم العالمي”. فالدولة التي طالما رفعت شعار الحرية وحقوق الإنسان، أصبحت هي نفسها مسرحًا للاحتجاجات والانقسام. الدول التي كانت واشنطن تُملي عليها معايير الديمقراطية، باتت تتحدث اليوم عن ضعف المؤسسات الأمريكية وتآكل نموذجها السياسي.
ما يحدث في واشنطن اليوم هو تجسيد لسقوط فكرة “الاستثناء الأمريكي” التي طالما تباهت بها الإدارات المتعاقبة. فكل ما كانت أمريكا تهاجم به الآخرين — من فساد سياسي، وانقسام مجتمعي، واستغلال للسلطة — أصبح واقعًا داخلها. المؤسسات تتراجع أمام سلطة الرئاسة، والإعلام منقسم، والكونغرس غارق في المعارك الحزبية، فيما تتراجع الثقة بمؤسسات الدولة الفيدرالية إلى أدنى مستوياتها.
ترامب، بقدر ما يمثل تحديًا للنظام التقليدي، قد يكون رمزًا لنهايته. فهو لم يخلق الانقسام، بل كشفه، وأظهر هشاشة المؤسسات أمام سلطة فردية تمتلك الجرأة على تجاوز كل الخطوط. وبين ضجيج المطرقة في قاعة الرقص التي يحلم بها ترامب، وصمت الموظفين الأمريكيين العاجزين عن تقاضي رواتبهم، يلوح سؤال مصيري في الأفق: هل ستنجح أمريكا في إنقاذ نفسها من مصير من سبقها، أم أن عقارب التاريخ قد بدأت تدور عكس مصلحتها؟
الأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على استعادة جمهوريتها ومصداقيتها، أم أن الانقسام والفساد السياسي بدأ يقودها نحو منعطف نهاية الإمبراطورية التي طالما اعتُبرت رمزًا للعظمة والهيمنة العالمية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اللوتري الأمريكي.. خطوات ورابط التسجيل في قرعة الهجرة إلى أمريكا 2025
اللوتري الأمريكي ارتفعت معدلات البحث خلال الأيام الماضية حول اللوتري الأمريكي 2025، أو ما يعرف ببرنامج الهجرة العشوائية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بالاضافة الي خطوات ورابط التسجيل في قرعة الهجرة إلى أمريكا 2025.
حيث يسعى آلاف المواطنين سنويا إلى الحصول على فرصة التقديم في هذا البرنامج الرسمي الذي تنظمه وزارة الخارجية الأمريكية، طمعا في الفوز بالبطاقة الخضراء التي تتيح الإقامة الدائمة والعمل القانوني داخل الولايات المتحدة.
ما هو اللوتري الأمريكي؟اللوتري الأمريكي أو Green Card Lottery هو برنامج سنوي معتمد من الكونجرس الأمريكي وتديره وزارة الخارجية، يهدف إلى منح ما يصل إلى 55 ألف تأشيرة سنويا للأشخاص من الدول ذات معدلات الهجرة المنخفضة إلى أمريكا، من بينهم مصر.
ويعد بمثابة نظام قرعة إلكترونية يتم فيه اختيار الفائزين بشكل عشوائي بين المتقدمين المؤهلين، حيث يحصل الفائز على الإقامة الدائمة بالولايات المتحدة مع حق العمل والدراسة والعيش بحرية.
يستمر التقديم الإلكتروني في برنامج الهجرة العشوائية حتى 6 نوفمبر 2025 عبر الموقع الرسمي الوحيد للبرنامج: (https://dvprogram.state.gov). وبعد هذا الموعد، يتم غلق باب التسجيل تمهيدا لبدء عمليات الفرز والإعلان عن النتائج في مايو 2026، على أن تبدأ إجراءات إصدار التأشيرات للفائزين خلال الفترة من أكتوبر 2026 وحتى سبتمبر 2027.
شروط التقديم في قرعة الهجرة الأمريكية 2027يشترط للتقديم أن يكون لدى المتقدم جواز سفر ساري المفعول أثناء فترة التسجيل، إلا إذا أعلنت الخارجية الأمريكية استثناء رسميا لذلك العام.
كما يجب الالتزام بقاعدة عدم التكرار، حيث يؤدي تقديم أكثر من استمارة إلى الاستبعاد التلقائي من القرعة.
ويتعين على المتقدم إدخال جميع البيانات الشخصية بدقة كما هي مثبتة في المستندات الرسمية، بما في ذلك الاسم الكامل، وتاريخ الميلاد، والحالة الاجتماعية، ومعلومات الأسرة.
كما يشترط على الذكور من الدول التي تطبق التجنيد الإجباري تقديم ما يثبت الموقف من الخدمة العسكرية.
أما الصورة الشخصية، فيجب أن تكون حديثة وواضحة بخلفية فاتحة، بمقاسات 600×600 بكسل، وترفع إلكترونيا وفقا للمواصفات التي تحددها وزارة الخارجية الأمريكية.
يتم التسجيل إلكترونيا فقط من خلال موقع البرنامج، عبر فتح استمارة (DV-2027) وملء البيانات المطلوبة بعناية.
وتشمل الخطوات:
إدخال المعلومات الشخصية مثل الاسم، تاريخ الميلاد، الدولة، ومعلومات الاتصال.
تحديد صفة المتقدم سواء كان الشخص الرئيسي أو أحد أفراد أسرته.
إدخال المؤهل الدراسي أو الخبرة العملية المطلوبة.
تحميل الصورة الشخصية بالمواصفات المحددة.
مراجعة البيانات جيدا قبل الإرسال، إذ لا يمكن تعديلها بعد الإرسال.
الاحتفاظ برقم التأكيد (Confirmation Number) الذي يستخدم لاحقا لمعرفة النتيجة عبر الموقع الرسمي.
تختار وزارة الخارجية الأمريكية أكثر من 100 ألف متقدم مؤهل مبدئيا عبر القرعة الإلكترونية، ثم يتم منح 55 ألف تأشيرة فقط بعد استكمال المستندات المطلوبة.
في حال الفوز، يتم تحديد مقابلة شخصية في السفارة الأمريكية وتقديم الأوراق الرسمية مثل المؤهل الدراسي وجواز السفر والسجل الجنائي وإثبات الحالة الاجتماعية، قبل إصدار التأشيرة النهائية.
الرسوم والمواعيد الرسميةبدءا من عام 2025، تم فرض رسوم تسجيل إلكتروني قدرها دولار واحد فقط للمشاركة في القرعة، بينما تبلغ رسوم التأشيرة للفائزين 330 دولارا تدفع بعد القبول.
يحظى برنامج اللوتري الأمريكي، أو ما يعرف رسميا باسم برنامج الهجرة العشوائية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، باهتمام واسع حول العالم نظرا لما يوفره من فرص واقعية للحصول على الإقامة الدائمة داخل أمريكا بطريقة قانونية ومجانية تقريبا.
ويعرف مصطلح Lottery في اللغة الإنجليزية بمعنى اليانصيب، وسمي البرنامج بهذا الاسم لأنه يعتمد على نظام القرعة السنوية العشوائية التي تنظمها وزارة الخارجية الأمريكية تحت إشراف الكونجرس الأمريكي، وتجرى مرة كل عام بمشاركة ملايين المتقدمين من مختلف الدول.
ويهدف البرنامج إلى منح تأشيرات الإقامة الدائمة المعروفة باسم البطاقة الخضراء (Green Card) لما يقرب من 55 ألف شخص سنويا من الدول ذات معدلات الهجرة المنخفضة إلى الولايات المتحدة، من بينهم مصر.
وتتيح هذه البطاقة لحامليها التمتع بكافة الحقوق الأساسية للمقيمين الدائمين في أمريكا، بما في ذلك حق العمل والتعليم والعيش بحرية في جميع الولايات.
يعد الفوز في برنامج الهجرة العشوائية بمثابة نقطة تحول كبيرة في حياة الفائزين، حيث يمنحهم العديد من الامتيازات التي توازي ما يتمتع به المواطن الأمريكي، باستثناء بعض الحقوق السياسية المرتبطة بالجنسية.
وتتمثل أبرز هذه المميزات فيما يلي:
الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة الأمريكية: يحصل الفائز باللوتري على إقامة قانونية دائمة داخل الولايات المتحدة، تتيح له العيش في أي ولاية يختارها دون قيود زمنية أو شروط تجديد سنوية.
حرية السفر والتنقل: يتمتع حاملو البطاقة الخضراء بحق السفر بحرية من وإلى الولايات المتحدة دون الحاجة إلى تأشيرات إضافية، ما يمنحهم ميزة الاستقرار والتنقل السلس بين الدول.
العمل القانوني الكامل: يمكن لحاملي البطاقة الخضراء العمل في أي قطاع داخل أمريكا سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة، دون الحاجة إلى تأشيرات عمل إضافية، كما يحق لهم تأسيس مشاريع خاصة أو ممارسة الأعمال الحرة.
الاستفادة من الخدمات العامة: يحصل المقيمون الدائمون على العديد من المزايا الحكومية مثل الرعاية الصحية والتعليم العام والضرائب والتأمينات الاجتماعية، فضلا عن برامج الضمان الاجتماعي والتقاعد التي يستفيد منها المواطنون الأمريكيون أنفسهم.
الحق في الدراسة بالجامعات الأمريكية: يمكن للفائزين وأبنائهم الالتحاق بالمدارس والجامعات الأمريكية بتكلفة أقل مقارنة بالطلاب الأجانب، مع إمكانية الحصول على منح دراسية داخل المؤسسات التعليمية.
إمكانية الحصول على الجنسية الأمريكية: بعد الإقامة لفترة قانونية متصلة، يحق لحاملي البطاقة الخضراء التقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية دون أن يفقدوا جنسيتهم الأصلية، ليصبحوا مواطنين أمريكيين بكامل الحقوق والواجبات.
سهولة تجديد البطاقة: تكون البطاقة الخضراء صالحة لمدة عشر سنوات، ويمكن تجديدها بسهولة عبر إجراءات إلكترونية مبسطة دون الحاجة إلى مغادرة الولايات المتحدة.
ويمثل اللوتري الأمريكي حلما للملايين حول العالم، خاصة للشباب الباحثين عن فرص أفضل للحياة والعمل والتعليم، إذ يعد أحد المسارات الشرعية والأكثر أمانا للهجرة إلى الولايات المتحدة، بعيدا عن الطرق غير القانونية أو الهجرة غير النظامية التي قد تنطوي على مخاطر جسيمة.