الثورة نت:
2025-10-25@01:05:01 GMT

“غزة” .. من عار الحصار إلى عار التمنّن

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

 

بعد كل حرب تشنّها إسرائيل على غزة، يخرج العرب الرسميون من سباتهم الطويل ليتحدثوا عن “انتصار الدبلوماسية” و“حكمة القيادة” و“دورهم في وقف العدوان”، وكأنهم لم يكونوا طوال سنوات الدم والرماد شركاء في الحصار والتجويع والخذلان، في كل مرة يطلّون بوجهٍ مصقولٍ بالكذب، يقدمون أنفسهم كوسطاء للسلام بينما كانوا وما زالوا جزءاً من آلة الحصار التي خنقت غزة وأطفأت مصابيحها وقطعت عنها الدواء والهواء.

لقد كان الدور العربي الرسمي، منذ اللحظة الأولى، ذراعاً مكملاً للاحتلال، يفرض القيود على المعابر ويشدد الرقابة على الحدود ويمنع حتى الأنفاس من العبور، يشارك في تجويع مليونين من البشر ثم يخرج ليمنّ عليهم بأنه يسعى لإدخال “مساعدات إنسانية”، وكأن من يمنع عنك الحياة يحق له أن يتفاخر بأنه أرسل لك قطرة ماء.

وما إن تتوقف القنابل وتخمد النيران، حتى يبدأ مشهد التزوير الجماعي للتاريخ، إذ تتسابق الأبواق الرسمية لتصوير الأنظمة التي تواطأت بالصمت والتنسيق الأمني والضغوط السياسية وكأنها صاحبة الفضل في وقف الحرب، بينما الحقيقة أن هذه الأنظمة لم توقف حرباً يوماً، بل أوقفت فقط أي شكل من أشكال المقاومة أو الوعي أو الكرامة داخل حدودها وخارجها.

يتحدثون عن “الثمن” الذي دفعوه، وكأنهم نزفوا من دمائهم أو جاع أطفالهم، بينما الشعوب وحدها من دفعت الكلفة، من ضرائبها المسروقة، ومن اقتصادها المنهوب، ومن صبرها على طغاة ينهشون قوتها باسم “المصلحة الوطنية” و“الاستقرار”، الشعوب هي التي تُقهر وتُقمع وتُسجن حين ترفع صوتها لغزة، أما الحكومات فهي من تعقد الصفقات في الخفاء وتُمسك العصا من وسطها لتنال رضى المحتل وتطمئن سيدها في البيت الأبيض.

أيّ نفاقٍ أشد من أن يقفوا على أطلال غزة بعد كل مجزرة ليتحدثوا عن “دورهم في وقف النار”، بينما كانوا شركاء في حصارها منذ أكثر من عقد ونصف، يغلقون المعابر حين تطلب الحياة أن تمر، ويفتحونها فقط حين يُطلب منهم تمرير صفقات الإذلال والتطبيع، أولئك الذين تاجروا باسم “القضية” ليتستروا على فسادهم الداخلي، يقدمون أنفسهم اليوم كمنقذين لشعبٍ كان ضحية لتواطئهم.

غزة لا تحتاج من يتمنّن عليها بوقف القصف، بل تحتاج من يكفّ عن خنقها حين تتنفس، لا تريد بيانات الشجب ولا قوافل الصور أمام الكاميرات، بل تريد ضميراً عربياً حقيقياً لا يخاف من قول الحق، ولا يساوم على دمها مقابل صفقة أو مقعد أو رضا حاكم.

وهكذا، حين تتحدث تلك الأنظمة عن “الدور العربي”، فإنها لا تقصد سوى دورها في الحفاظ على الاحتلال آمناً مطمئناً، ودورها في منع الموجة من أن تمتد، ودورها في كسر الإرادة الفلسطينية قبل أن تتحول إلى وعيٍ عربي شامل قد يشكل خطرا عليها، لقد نجحوا في تجويع غزة، لكنهم فشلوا في تجويع روحها، فهذه المدينة المحاصرة ما زالت تصنع الكرامة من بين الركام، بينما الأنظمة الغارقة في الفساد تصنع خطاباً من الأكاذيب لتغطي على خذلانها.

سيظل المشهد العربي مأزوماً ما دام الذين خذلوا فلسطين يتحدثون باسمها، وما دام الذين قهروا شعوبهم يزعمون الدفاع عنها، وحدها غزة رغم الألم والجوع، بقيت تقول الحقيقة: أن الحرية لا تأتي من القصور، بل من دماء الصامدين الذين لم ينتظروا منّةً من أحد.

* كاتب فلسطيني

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تحذير من تكرار مأساة الحصار.. حماس تندد بابتزاز الاحتلال للملف الإنساني

الجديد برس| جدد الناطق باسم حركة “حماس” في غزة حازم قاسم، التزام الحركة الكامل بتفاصيل اتفاق وقف الحرب في غزة، مؤكدًا الحرص على إنجاح هذا الاتفاق وتنفيذه على أرض الواقع. وأوضح قاسم في تصريح اليوم الجمعة أن “حماس” حصلت على ضمانات واضحة من مصر وقطر وتركيا، إلى جانب تأكيدات مباشرة من الولايات المتحدة، بأن الحرب انتهت فعلياً، وأن تنفيذ بنود الاتفاق يمثل نهاية كاملة لها. وطالب قاسم بالضغط على الاحتلال الصهيوني للوفاء بالتزاماته، وعلى رأسها وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وكافٍ. كما حذّر من أن الاحتلال يتستخدم الورقة الإنسانية لابتزاز المواقف السياسية، داعياً إلى تحرك جاد لمنع تكرار سياسات التجويع التي مارسها الاحتلال خلال سنوات الحصار الطويلة. وفي سياق متصل، أعلن الناطق باسم “حماس” أن الحركة حريصة على التوافق الوطني الفلسطيني لحل جميع القضايا العالقة الخاصة بشكل الحكم في غزة ما بعد الحرب، مؤكداً أن السلطة الفلسطينية “أحد العناوين الفلسطينية التي لا يمكن تجاوزها”. وقال قاسم: “نحن مقبلون على حوار وطني فلسطيني بقلوب مفتوحة وأيدٍ ممدودة لجميع القوى الفلسطينية، داعياً الأخيرة إلى الانحياز إلى حالة الإجماع الوطني الموجودة في غزة والمشاركة في الحوار بروح مسؤولة. وأضاف أن “هذا وقت توافق وطني وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية الضيقة”، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة خطيرة “ليس على حركة حماس فقط، بل على الشعب الفلسطيني بأكمله في غزة والضفة الغربية”، ما يستوجب توحيد الجهود في مواجهة التحديات. وفيما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، أكد قاسم التزام الحركة الكامل بتنفيذه بكل تفاصيله، مبيناً أن هناك حوارات وجهوداً ميدانية متواصلة مع الوسطاء لضمان تطبيقه بشكل شامل. وأشار إلى أن “حماس” نفذت المرحلة الأولى من الاتفاق عبر تسليم الأسرى الأحياء وبعض الجثامين، وتعمل حالياً على استكمال تسليم ما تبقى منها. أما المرحلة الثانية من الاتفاق، فأوضح المتحدث باسم الحركة أنها تتطلب مزيداً من النقاش والتفاهم مع الوسطاء، لأنها تتضمن قضايا عامة وإشكاليات معقدة تحتاج إلى مقاربات دقيقة. وشدد على أن الهدف المركزي لـ”حماس” هو الوصول إلى وقف كامل ودائم للحرب على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة. ونبه قاسم إلى أن دولة الاحتلال ارتكبت منذ بدء سريان وقف إطلاق النار خروقات عدة، من بينها قتل 90 فلسطينياً وإغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات الكافية، مشيراً إلى أن “ما تعلنه “إسرائيل” شيء، وما يجري على الأرض شيء آخر”. وختم قاسم بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيداً من العمل الدبلوماسي والوطني المشترك، مستندة إلى جهود الوسطاء وضماناتهم، لضمان تنفيذ الاتفاق وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بشكل شامل ودائم.

مقالات مشابهة

  • تحذير أممي من تفاقم الِأزمة الإنسانية في السودان
  • تحذير من تكرار مأساة الحصار.. حماس تندد بابتزاز الاحتلال للملف الإنساني
  • روح الصمود لا تقهر.. أهل غزة يثبتون للعالم أن الإرادة أقوى من الحصار
  • في القصيم يحتفون بالتاريخ السعودي ورجاله الذين صاغوا ذاكرة الوطن وأمجاده
  • مدير الرعاية الصحية بجنوب سيناء يوجه برفع كفاءة الأداء داخل وحدات الرعاية الأولية
  • ناطق سرايا القدس: تحية لإخواننا في اليمن الذين فرضوا حصاراً بحرياً غير مسبوق على العدو المجرم
  • جثامين الشهداء الذين سلمتهم “إسرائيل”.. أدلة واضحة لممارسة تعذيب وحشي ومرعب
  • الفلبين تكشف عن سجن جديد للنواب الذين قد يواجهون محاكمات بالفساد
  • بالصورة والفيديو.. وجدوه بعد سنوات من البحث عنه.. شاهد: لقاء مؤثر بين معلم سوداني وتلاميذه السعوديين الذين قام بتدريسهم قبل أكثر من 40 عام