لم تعد القيادة في القرن الـ21 كما كانت في الماضي؛ فبدل المقود البسيط والأزرار التقليدية، بات السائق اليوم محاطا بشاشات رقمية ضخمة، وأنظمة تحكم ذكية، واتصالات متكاملة مع الهواتف المحمولة.

هذه الثورة التكنولوجية التي وُلدت لتمنحنا الراحة والدقة، قد تتحول في لحظة إلى عبء خطر على السلامة، حين تُغري السائق بالنظر إلى الشاشة بدل الطريق، واللمس بدل التركيز.

في هذا السياق، أطلقت منظمة "ديكرا" الألمانية للفحص الفني تحذيرا شديد اللهجة من مخاطر تشتت الانتباه الناتج عن الأنظمة الرقمية الحديثة في السيارات والهواتف الذكية، مؤكدة أن "القيادة أصبحت عمياء جزئيا"، وأن التكنولوجيا التي صُممت لتسهيل القيادة قد تُعقّدها وتعرض الأرواح للخطر.

التكنولوجيا سلاح ذو حدين

المنظمة التي تُعد من أبرز الجهات الأوروبية المعنية بسلامة المركبات، قالت إن تشغيل طرازات السيارات الحديثة أصبح أكثر صعوبة مما يعتقد كثيرون، إذ تختبئ أهم عناصر التحكم -مثل ضبط درجة الحرارة أو تغيير المحطات أو نظام الملاحة- داخل شاشات لمسية متعددة القوائم، تتطلب من السائق البحث والنقر والتنقل بين القوائم أثناء القيادة.

وأكدت "ديكرا" أن هذا النمط من التشغيل يؤدي إلى إطالة فترة صرف الانتباه عن الطريق، وهو ما يشكّل خطرا مباشرا على السلامة العامة.

الاعتياد على تعدد المهام أثناء القيادة يُقلل من سرعة الاستجابة للمفاجآت ما يجعل السائقين أكثر عرضة للحوادث (شترستوك)القيادة العمياء بالأرقام

بحسب دراسة حديثة أجرتها المنظمة، فإن تنفيذ أوامر بسيطة عبر الشاشة يستغرق أكثر من ضعف الوقت اللازم لاستخدام الأزرار المادية القديمة، مما يجعل السائق يقود سيارته فعليا وهو "أعمى مؤقتا".

وتوضح الدراسة أنه عند سرعة 80 كيلومترا في الساعة، فإن فقدان الانتباه لمدة ثانية واحدة يعني أن السيارة تقطع 22 مترا دون رؤية الطريق، بينما تصل المسافة إلى 14 مترا عند سرعة 50 كيلومترا في الساعة، وهي مسافة كافية لوقوع حادث مميت إذا ظهر عائق مفاجئ.

إعلان

وحذّر الخبراء من أن هذه "الثواني الصامتة" قد تكون كفيلة بتغيير مجرى حياة بأكملها.

التكنولوجيا صديقة السائق؟

وترى المنظمة أن تصميم السيارات الحديثة جعل تجربة القيادة أقرب إلى استخدام الهاتف الذكي، ما يحمّل السائق عبئا إدراكيا إضافيا لا يتناسب مع طبيعة الموقف الذي يتطلب تركيزا بصريا وحركيا متواصلا.

وقالت "ديكرا" في تقريرها، "كل ضغطة على الشاشة هي لحظة غياب عن الطريق. التكنولوجيا لا تُخطئ، لكن السائق بشر، والانتباه البشري محدود".

تنفيذ أوامر بسيطة عبر الشاشات المتطورة يستغرق أكثر من ضعف الوقت اللازم لاستخدام الأزرار المادية القديمة (شترستوك)توصيات لتجنّب التشتت

وللحد من هذه المخاطر، نصحت المنظمة الألمانية السائقين بتهيئة السيارة قبل بدء الرحلة، عبر ضبط المقعد والمرايا والمحطة الإذاعية ونظام الملاحة مسبقا، حتى لا يضطر السائق إلى التفاعل مع الشاشات أثناء القيادة.

كما أوصت باستخدام أنظمة "التحدث الحر" (Hands-Free) للهواتف، مع ضرورة تثبيت الهاتف في مكان بعيد عن متناول اليد أثناء القيادة.

لكنها شددت في الوقت ذاته على أن هذه الأنظمة لا تُعفي السائق من المسؤولية، لأن المحادثات المعقدة أو المشحونة عاطفيا يمكن أن تشتّت الذهن حتى مع عدم استخدام اليدين.

"رفيق خطِر" خلف المقود

وتشير المنظمة إلى أن الهواتف المحمولة أصبحت من أبرز أسباب الحوادث الحديثة، ليس بسبب المكالمات فحسب، بل بسبب الرسائل وتطبيقات التراسل ومواقع التواصل.

ويظن كثيرون أن "نظرة سريعة" إلى الشاشة لا بأس بها، لكن الإحصاءات تُظهر أن معظم الحوادث الناجمة عن التشتت حدثت خلال هذه اللحظات القصيرة.

وتحذّر "ديكرا" من أن الاعتياد على التعدد في المهام (Multitasking) أثناء القيادة يُقلل من سرعة الاستجابة للمفاجآت، ما يجعل السائقين أكثر عرضة للحوادث.

وتختتم المنظمة توصياتها بالتأكيد على أن التوقف الآمن لبضع دقائق أفضل من المخاطرة بثوانٍ قاتلة، قائلة: "إذا كنت بحاجة لتعديل إعداد أو الرد على مكالمة، توقف جانب الطريق. لا شيء يستحق أن تفقد حياتك أو حياة الآخرين لأجله".

ويرى خبراء السلامة أن هذه النتائج تضع مصنّعي السيارات أمام مسؤولية جديدة، إذ يجب إعادة تصميم واجهات الاستخدام لتكون أكثر وضوحا وأمانا.

يقول مهندس السيارات الألماني توماس فيشر، "السيارة ليست هاتفا متحركا. التكنولوجيا يجب أن تدعم السائق لا أن تصرفه عن الطريق. كل ضغطة غير ضرورية قد تكلّف حياة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أثناء القیادة

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: أكثر من 900 مريض استشهدوا أثناء انتظار العلاج ونطالب بإجلاء الجرحى

أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة خليل الدقران، إن القطاع الصحي في القطاع يعيش "وضعًا كارثيًا وغير قابل للاستمرار"، مطالبًا بالإجلاء الفوري للمرضى والجرحى للعلاج في الخارج، وفتح المعابر دون تأخير، من أجل إدخال الإمدادات الطبية العاجلة، وترميم المستشفيات المدمرة.


وقال الدقران خلال مداخلة مع قناة القاهرة الإخبارية، إن الاحتلال منذ بداية العام، يمنع خروج المرضى للعلاج في الخارج، وقد استُشهد نحو 950 مريضًا أثناء انتظارهم تصاريح الخروج"، مطالبا بالتحرك العاجل لإجلاء المرضى، خصوصًا المصابين بأمراض مزمنة مثل السرطان.


وأشار إلى أن ما وصل حتى الآن من مساعدات لا يساوي نقطة في بحر من الاحتياجات الصحية الملحة في غزة، مشددًا على أن القطاع الصحي يواجه انهيارًا شاملاً نتيجة الحصار وعمليات القصف المتكررة التي أخرجت معظم المستشفيات الحكومية عن الخدمة، لافتا إلى أن المستشفيات في غزة مكتظة بالكامل وتعاني من نقص حاد في الأدوية، والمستلزمات، والأجهزة الطبية".


وأضاف:"منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، شعرنا بارتياح نسبي نتيجة انخفاض أعداد الشهداء والجرحى الذين كانوا يتوافدون يوميًا بأعداد كبيرة إلى مستشفيات القطاع"، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي خرق الاتفاق بالأمس وقام باستهداف معظم محافظات غزة، ما أسفر عن ارتقاء 47 شهيدًا.
 

طباعة شارك المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة خليل الدقران القطاع الصحي فتح المعابر دون تأخير إدخال الإمدادات الطبية العاجلة ترميم المستشفيات المدمرة

مقالات مشابهة

  • هيئة النقل: أكثر من 1000 مستفيد بخدمة المركبات ذاتية القيادة في الرياض
  • «تعاطي المخدرات على الطريق العام».. القبض على السائق المتهور بالمطرية| فيديو
  • «الأمن العام»: استخدام الجوال والانحراف المفاجئ أبرز مسببات الحوادث في عسير 2024
  • مصرع ربة منزل صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق فى بولاق الدكرور
  • سيارة تنهي حياة سيدة أثناء عبورها الطريق في بولاق الدكرور
  • الصحة الفلسطينية: أكثر من 900 مريض استشهدوا أثناء انتظار العلاج
  • "الحياة الفطرية" يقدم تدريبات لطرق التخدير الحديثة للكائنات البرية
  • الصحة الفلسطينية: أكثر من 900 مريض استشهدوا أثناء انتظار العلاج ونطالب بإجلاء الجرحى
  • التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها أثناء عبورها الطريق الزراعي بالقليوبية