الذكاء الاصطناعي بين الحرية والانحلال
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
في خضمّ ثورة الذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال محوري: ما الذي يمكن أن يحدث عندما يعرض النموذج الرقمي محتوى لم نعهده من قبل؟ إن الإعلان الأخير من ChatGPT التابع لـOpenAI، بأن المنصة ستُتيِح بدءًا من ديسمبر 2025 للمستخدمين البالغين الموثّقين إنتاج أو التفاعل مع محتوى إيروتيكي (erotica) – إباحي- يُشكّل مفترقاً أخلاقياً وثقافيا.
عندما نفتح باب «الفضاء الرقمي» للمحتوى الإباحي: ما الذي يحصل؟
أعلنت شركة OpenAI أنها ستتيح لمستخدمي ChatGPT البالغين – بعد التحقق من العمر– أن يُنتِجوا أو يتفاعلوا مع المحتويات الإيروتيكية، وهو ما يرفع «عتبة الحماية» التقليدية التي كانت تفصلُ بين ما يعتبر مقبولاً في الذكاء الاصطناعي وما يُعد محظوراً؛ فوفقًا للشركة يجب أن يعامل البالغون كبالغين، بحيث يتمنكنوا من الوصول لأي محتوى حتى وإن كان غير أخلاقي، مؤكدين على أن المنصة تمتلك الآن آليات تحقق وعزل تجعل من الاستخدام محصوراً على البالغين فقط.
لكن الواقع يشير إلى أن الأمر ليس بسيطاً، فالتاريخ التقني والميداني للذكاء الاصطناعي الذي أتاح للمستخدمين العاديين إنشاء محتوى غير أخلاقي– يحمل في طيّاته مخاطر تتعلّق بالخصوصية، والمقاييس الأخلاقية، وتأثيرها على الناشئة والمجتمع. وهو ما راح ضحيته فتيات من قبل في المجتمع المصري بسبب تقنية التزييف العميق والتلاعب بصور الفتيات.
وهنا نكون على أعتاب مجازفة رقمية، حيث قد تُسهّل الآلة الوصول لمحتوى غير أخلاقي، بدون ضوابط مجتمعية أو أسرية أو أخلاقية. هذا التأثير قد يؤدي إلى «تطبيع مفاهيم» كانت بالأمس محسوبة ضمن فضاءات خاصة أو مقيدة. وفي مصر ومعظم الدول العربية يعد الدخول إلى هذه المنصات تهديداً محتملاً لتوازن القيم الاجتماعية؛ فإذ أصبح من السهل الوصول لمحتوى إباحي عبر حوار مع آلة، فربما تتراجع قدرة الفرد على مقاومة الإغراء أو إدراك حدود المحتوى المناسب، مما يقوّض مفاهيم مثل العفة، والاحترام.
وما يجب التأكيد عليه هو أنه حتى لو اقتصر الأمر على بالغين، فإن التحقق الرقمي ليس مضمونا بالكامل. وقد يحدث تسريب أو تقاطع مع قاصرين، ما يفتح الباب لمشاكل قانونية وأخلاقية.
ولذلك يجب علينا أن نضمن أن تعديلاً كهذا لا يُضعف قيم الأسرة، ولا يُسهّل إساءة استعمال الذكاء الاصطناعي، ويمكن تحقيق هذا الأمر من خلال:
تقديم حملات تسهم في زيادة وعي الشباب وتحدد المسموح والمحظور عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
الأسرة والمجتمع مدعوّان إلى مواكبة التغير، لا فقط بالرفض، بل بالتحاور، وأن نعلم أبناءنا كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة تحترم كرامتنا، وتتفق مع ديننا الحنيف.
ضرورة تطوير «مصفوفة قيم رقمية» تدمج بين القيم المحلية والممارسات العالمية.
في الختام، إن قرار ChatGPT بالسماح للمحتوى الإيروتيكي للبالغين يُعدّ منعطفاً جديداً في علاقة المجتمعات بالذكاء الاصطناعي، وفي قدرة هذا الأخير على اختراق المحرمات الدينية والثقافية والقيمية. وهو ما يمكن أن يحمل في طيّاته تغيّرات يمكن أن تؤثر على الشباب، وعلى بنية القيم في المجتمع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هالة الألفي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
شاهد: طائرة مقاتلة يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي
كشفت شركة "شيلد إيه آي" (Shield AI) المختصة في صناعة تكنولوجيا الدفاع عن أحدث ابتكاراتها، وهي طائرة مقاتلة مزودة بأسلحة وصواريخ وقادرة على الإقلاع والهبوط العمودي دون الحاجة إلى ممر خاص لها ودون الحاجة إلى طيارين بشر بفضل تحكم الذكاء الاصطناعي بها، وفق تقرير نشرته "سي إن بي سي".
وتعد الشركة واحدة من الشركات الناشئة في قطاع الأسلحة وتكنولوجيا الدفاع بوادي السيليكون، وبلغ تقيمها في الفترة الأخيرة أكثر من 5 مليارات دولار بعد حصولها على تمويل تجاوز 240 مليون دولار.
وتستطيع الطائرة التي تدعى "إكس بات" (X-Bat) التحليق على ارتفاع يتجاوز 1500 متر مع مدى يتخطى 3 آلاف كيلومتر، فضلا عن قدرتها على الإقلاع والهبوط العمودي الذي يوفر لها إمكانية الهبوط والإقلاع في أي مكان دون الحاجة لوجود ممر خاص بها.
وتؤكد الشركة أن تقنية الهبوط والإقلاع العمودي كانت موجودة منذ فترة كبيرة لدرجة أن الاختبارات على هذه التقنية بدأت في عام 1950، ولكن للمرة الأولى ترفق هذه القدرة مع الذكاء الاصطناعي الذي يتحكم بشكل كامل في الطائرة وكافة أنظمتها.
وبذلك لا تحتاج "إكس بات" إلى وجود طيار داخلها للقيام بأي شيء من مهامها، سواء كانت الإقلاع والهبوط أو حتى الهجوم على الأهداف باستخدام أنظمة الأسلحة المرفقة.
ويعود الفضل في ذلك إلى نموذج الذكاء الاصطناعي الذي تطلق عليه الشركة اسم "هايف مايند" (HiveMind) وهو الذي يتحكم في كافة أسلحتها وطائراتها.
ويؤكد المدير التنفيذي لشركة "شيلد إيه آي" أثناء حديثه مع "سي إن بي سي" أن منظومة الذكاء الاصطناعي هي حجر الأساس الذي تبني عليه الشركة جهودها المستقبلية، مشيرا إلى كونه المحرك الرئيسي لتطوير الجيل التالي من الطائرات المقاتلة.
إعلانكما استخدمت الشركة سابقا منظومة "هايف مايند" للتحكم في طائرات "إف-16" (F-16) الشهيرة والواسعة الانتشار، ورغم أنها كانت تجربة لجودة وإمكانات النظام، فإنها حققت نجاحا باهرا.
وتعد طائرة "إكس بات" أول طائرة مقاتلة مزودة بأسلحة وصواريخ تقدمها الشركة للمتعاقدين معها، إذ كانت تقدم سابقا طائرة أخرى أقرب إلى المسيرات تدعى "في-بات" (V-Bat) وهي مخصصة لمهام البحث والاستطلاع.
ورغم أن استخدام المسيرات في الحروب بعد تزويدها بالأسلحة يعد أمرا معتادا في الآونة الأخيرة، فإن هذه المرة الأولى التي تظهر فيها طائرة مقاتلة مزودة بأسلحة تحاكي طائرات "إف-35″ و"إف-16" والتي تتجاوز أسعارها 100 مليون دولار وتعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، مبشرة ببزوغ عصر جديد في الحروب الجوية.