بين طهران وواشنطن: التأثير الخارجي عامل حاسم في تشكيل الحكومة العراقية
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
15 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: يشهد العراق صراعاً سياسياً متصاعداً مع اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث يسعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى تجديد ولايته غير أن هذا المسعى يواجه معارضة شرسة من أجنحة أخرى داخل الإطار الشيعي نفسه، فيما يبرز واشنطن وطهران كعوامل حاسمة في مصير الحكومة.
ويبدو أن هذا الصراع ليس مجرد مساومات داخلية، بل هو مواجهة دراماتيكية تهدد بتمزيق النسيج السياسي الشيعي، مع ارتفاع معدلات التوتر إلى مستويات لم تشهدها بغداد منذ سنوات.
يفيد التحليل أن الرفض الإيراني لتجديد ولاية السوداني ينبع أساساً من تقديرات في طهران ترى أنه بات أقرب إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد تعزيز الروابط الاقتصادية مع شركات أمريكية عملاقة في قطاع النفط، مما يثير مخاوف من فقدان النفوذ التقليدي.
ومن وجهة نظر محايدة، يمثل السوداني نموذجاً للخط الوسط في العلاقات مع إيران، لكنه يواجه ضغوطاً أمريكية لا تتزعزع للحد من هذا النفوذ، كما أكدت تصريحات المبعوث الأمريكي مارك سافايا عن ارتياح واشنطن لأداء الحكومة الحالية، مقابل شرط صارم بتفكيك الميليشيات المرتبطة بطهران.
تشير قراءات الواقع إلى أن القوى المقربة من إيران داخل التحالف تبتعد تدريجياً عن توجيهات السوداني، خاصة مع ظهور مبعوث أمريكي مباشر إلى العراق، الذي يعكس خطوة واشنطن الأخيرة بتسمية مبعوث خاص، مما يعمق الانقسامات داخل الإطار التنسيقي.
وتتحدث مصادر مطلعة عن حملات داخلية لتشكيل تحالفات سنية-كردية تستثني الأجنحة الإيرانية، في محاولة لإعادة رسم الخريطة السياسية .
تشير المراصد الانتخابية إلى أن ائتلاف السوداني الذي حقق أكبر حصة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، لن يتمكن من تشكيل حكومة دون مساومات طويلة الأمد، قد تمتد لأشهر.
تقول التقديرات أن واشنطن توافق ضمنياً على السوداني كشريك أعمال، لكنها لا تدعمه بشكل كامل خوفاً من أن يصبح جسراً للنفوذ الإيراني المتبقي، في حين يرى الإيرانيون فيه خيانة للـ”محور المقاومة”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
باحث إسرائيلي: نتنياهو تحت دهس ترامبي غير مسبوق وواشنطن تفرض قبضتها
كشف الباحث الإسرائيلي شلوم ليبنر، الزميل الأول غير المقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط، والذي خدم سبعة رؤساء وزراء إسرائيليين على مدى ثلاثة عقود، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بات يفرض سيطرة واضحة على المشهد السياسي الإسرائيلي في مرحلة ما بعد حرب غزة، في ظل ضغوط داخلية غير مسبوقة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتراجع قدرته على المناورة.
وفي تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، أكد ليبنر أن اندفاع ترامب نحو إبرام اتفاق دائم في غزة قد يشكل “ضربة قاضية” للحكومة الإسرائيلية، في وقت يعيش فيه الشرق الأوسط نسخة سياسية مكثفة من مشهد “تبديل الحرس”، مع اشتداد التنافس على تحديد ترتيبات ما بعد الحرب.
فراغ قيادي.. واستقالة مسؤولين كبار
وأشار ليبنر إلى أن اقتراب القتال في غزة من نهايته، خلافا لرغبة بعض حلفاء نتنياهو الذين يطالبون باستمرار العمليات، خلق فراغات كبيرة في القيادة داخل إسرائيل. فقد استقال رون ديرمر، أقرب مستشاري نتنياهو والذراع الأكثر ثقة لديه في التواصل مع إدارة ترامب، بعد أيام من إقالة مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي في 21 تشرين الأول/أكتوبر. كما يستعد رئيس ديوان نتنياهو، تساحي برافيرمان، لمغادرة منصبه متوجها إلى لندن سفيرا للاحتلال الإسرائيلي.
ويرى ليبنر أن هذا الانهيار المتتابع في الصفوف العليا لحكومة نتنياهو سيترك “فجوة تشغيلية هائلة” في لحظة حساسة لإسرائيل.
ترامب يملأ الفراغ.. ويضع نتنياهو تحت الضغط
وفي ظل هذا التراجع، يؤكد الباحث أن ترامب “تحرك بقوة لملء الفراغ”، ليصبح المتحكم الأول في مسار الترتيبات داخل غزة، مهددا في 29 تشرين الأول/أكتوبر بقوله: “إذا لم تحسن حماس التصرف، فسيتم القضاء عليها”.
ويشير التقرير إلى أن نتنياهو أصبح يعتمد اعتمادا شبه كامل على المظلة الأمريكية الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، وهو ما جعله أكثر عرضة لضغوط البيت الأبيض. وقال ترامب في مقابلة ببرنامج 60 دقيقة يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر: “لقد ضغطت على نتنياهو… لم تعجبني بعض تصرفاته، وقد رأيتم ما فعلت حياله”.
وشهدت الأسابيع الأخيرة زيارات متتالية لترامب ونائبه جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كاين، إضافة إلى المبعوثين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بهدف ضمان امتثال نتنياهو للبرنامج الأمريكي لإنهاء المواجهة.
كما أنشأت واشنطن مركز تنسيق مدني–عسكري داخل الاحتلال الإسرائيلي يديره مئات من المسؤولين الأمريكيين لمتابعة “تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار”، في خطوة يقول ليبنر إنها رسخت موقع ترامب “كحَكَم نهائي في كل ما يتعلق بغزة”.
نتنياهو متهم بالتنازل عن السيادة
ويضيف ليبنر أن نتنياهو، الذي كان يتفاخر سابقا بتنظيم العلاقات مع واشنطن قائلا: “اتركوا أمريكا لي”، أصبح الآن هدفا لاتهامات داخلية بالتفريط في سيادة إسرائيل لصالح ترامب.
ويقول إنه خلال الأسابيع الماضية دخل المسؤولون الأمريكيون لإلغاء خطط إسرائيلية انتقامية، تضمنت تقييد دخول المساعدات وتوسيع انتشار الجيش في غزة، كما أعلن ترامب لمجلة “تايم” أن ضم الضفة الغربية “لن يحدث”، محذرا: “إذا فعلت إسرائيل ذلك فستخسر كل دعمها من الولايات المتحدة”.
ملفات شائكة تضعف موقع نتنياهو
وبحسب ليبنر، فإن نتنياهو يواجه تحديات استراتيجية في التفاوض على المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، إذ تشمل الملفات الأكثر حساسية: ( شكل الحكم في غزة، مستوى نزع سلاح حماس، حدود انتشار جيش الاحتلال).
ويرى الباحث أن هذه القضايا قد تضع نتنياهو في صدام مباشر مع أجندة ترامب التي تميل إلى “تقديم تنازلات واسعة مقابل تسريع الاستقرار”.
كما يثير اتجاه ترامب لإشراك تركيا وقطر في القوة الدولية المقترحة لغزة، مع تراجع دور السعودية والإمارات، استياء واسعا داخل الاحتلال الإسرائيلي. وينقل ليبنر عن مسؤول أمريكي قوله إن الإسرائيليين “أصيبوا بالغثيان” بعد الاطلاع على مسودة القرار المتعلق بهذه القوة.
نهاية سياسية تقترب؟
ويخلص ليبنر إلى أن نتنياهو، الواقع تحت حصار داخلي واحتجاجات متصاعدة وائتلاف متصدع، قد يكون قريبا من “نقطة اللاعودة”. فاندفاع ترامب نحو اتفاق دائم في غزة وربط ذلك بمسار التطبيع العربي قد يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل على المدى البعيد، لكنه قد يعني في الوقت ذاته “النهاية السياسية لحكومة نتنياهو”.