لجريدة عمان:
2025-11-16@19:05:33 GMT

الصحافة والإعلام بين الثقة والتضليل

تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT

تواجه الصحافة اليوم كثيرًا من التحديات المرتبطة بتعقيدات العصر وتحولات الوعي بالإعلام وأدواره، إضافة إلى ممكنات الصحافة وأدوات العمل الصحفي غير التقليدية، بين الطرح التسويقي والطرح الاستقصائي، الصحافة الوصفية وصحافة الحلول، صحافة الإثارة وأنسنة الصحافة.

كثير من الموضوعات المختلف عليها بين السعي للحقيقة والسعي للمادة والبقاء التنافسي مع تشعب وتضخم القنوات الإعلامية والإعلاميين بمختلف أنماط الإعلام والصحافة.

نتابع اليوم معركة هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتخاذ إجراءات قانونية ضدها متهمًا إياها بتحريف مضمون خطابه.

الهيئة أكدت تلقيها رسالة رسمية من ممثلي ترامب، موضحة أنها ستقدّم ردّها في الوقت المناسب.

يُشار إلى أن برنامج «بانوراما» الذي بثّته هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» في أكتوبر الماضي، تضمّن مقطعًا مُعدّلًا من خطاب الرئيس ترامب، بما يوحي بأنه دعا إلى اقتحام مبنى الكابيتول، في حين كان يتحدث فعليًا عن التعبير السلمي عن المواقف السياسية. وبعد هذا المقطع مباشرة، عرض البرنامج مشاهد لأشخاص يتوجهون نحو مبنى الكابيتول، ما أعطى انطباعًا بأنهم يستجيبون لنداء ترامب؛ رغم أن هذه اللقطات صُوّرت قبل بدء خطابه أمام الآلاف من أنصاره في واشنطن.

أثارت هذه الحادثة موجة انتقادات واسعة داخل بريطانيا، انتهت باستقالة الرئيس التنفيذي للهيئة تيم ديفي بعد رحلة عمل داخل المؤسسة استمرت لعشرين عاما، ورئيسة قسم الأخبار ديبورا تيرنيس.

وقد أعلن تيم ديفي استقالته من منصبه قائلاً: «هذا قراري الشخصي تماماً»، معربًا عن امتنانه لرئيس مجلس الإدارة ومجلس الإدارة «على دعمهما الراسخ طوال فترة عملي، وخلال الأيام الأخيرة».

تلقت بي بي سي رسالة من محامي ترامب تطالب بـ «تراجع كامل وعادل» عن الفيلم الوثائقي، واعتذار، وأن «تعوّض بي بي سي الرئيس ترامب بالشكل المناسب عن الضرر الذي تسببت به». وفي رسالتها إلى الفريق القانوني لترامب، عرضت خمسة مبررات رئيسية لسبب عدم اعتقادها بأنها تواجه قضية ينبغي الرد عليها:

أولاً، إن بي بي سي لم تكن تملك حقوق توزيع عرض حلقة بانوراما على قنواتها في الولايات المتحدة، ولم توزعها خارج بريطانيا. وعندما كان الوثائقي متاحًا عبر خدمة «بي بي سي آي بلاير»، كان الوصول إليه مقتصراً على المشاهدين في المملكة المتحدة وحسب.

ثانياً، إن الوثائقي لم يتسبب بضرر لترامب؛ إذ أُعيد انتخابه بعد وقت قصير.

ثالثاً، تقول إن المقطع لم يكن يهدف إلى التضليل، بل إلى اختصار خطاب طويل، وإن عملية المونتاج لم تُنفّذ بسوء نية.

رابعاً، أنه لم يكن من المفترض النظر إلى المقطع بمعزل عن السياق؛ إذ لم تتجاوز مدته 12 ثانية ضمن برنامج مدته ساعة كاملة، وتضمّن أيضاً العديد من الأصوات المؤيدة لترامب.

وأخيراً، فإن الرأي المتعلق بالشؤون العامة والخطاب السياسي يحظى بحماية واسعة بموجب قوانين التشهير في الولايات المتحدة. وقال مصدر داخل بي بي سي: إن هناك اعتقاداً قوياً داخل المؤسسة بسلامة القضية التي قدمتها، وبمتانة دفاعها.

بالمقابل، دافعت وزيرة الثقافة ليزا ناندي عن بي بي سي؛ حيث تحدثت عن الثقة الواسعة التي تتمتع بها بي بي سي، ووصفتها بأنها «منارةٌ للناس في أوقات الظلام» تُوحّد البلاد، سواء من خلال برنامج «خونة المشاهير» أو تغطيتها ليوم النصر في أوروبا.

لكن دونالد ترامب وصفها بأنها «أسوأ من الأخبار الكاذبة» زاعما أن المؤسسة وصحفييها فاسدون».

كما حث زعيم الديمقراطيين الأحرار، السير إد ديفي، رئيس الوزراء كير ستارمر، على «اتصال هاتفي بترامب» لوضع حد لتهديده برفع دعوى قضائية و«الدفاع عن حياد واستقلال هيئة الإذاعة البريطانية».

هل ستطلب بي بي سي من الحكومة البريطانية التدخل عبر قنوات خلفية؟ وهل سيُقنع اتصال من رئيس الوزراء كير ستارمر ترامب بتغيير رأيه؟ ثم هل يرغب ستارمر أصلاً في التدخل واستغلال رصيده السياسي مع الرئيس الأمريكي؟

علاقة ترامب العدائية مع الصحافة ليست بنت هذه الحادثة، بل هي حوادث متكررة لصدامات عديدة حيث وافقت شبكة ABC على دفع 15 مليون دولار كتسوية مع ترامب في دعوى التشهير التي رفعها ضد الشبكة والمذيع جورج ستيفانوبولوس العام الماضي، وفي يوليو من هذا العام وافقت شركة باراماونت ـ الشركة الأم لشبكة CBSـ أيضًا على دفع 16 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية رفعها ترامب بشأن مقابلة في برنامج «60 دقيقة» مع نائب الرئيس آنذاك كامالا هاريس في خريف العام الماضي، تماما كما حدث مع BBC، حيث كانت شكوى ترامب تتعلق بالتحرير في البرنامج؛ حين ادعى أن حديث هاريس قد عُدِّل عمدًا لمصلحتها وإيذائه.

ختاما: لا أجد مبررات هيئة الإذاعة البريطانية مقنعة (مع حرفيتها وحجم خبراتها) مهما كان شخص المشتكي المتضرر من البرنامج المتضمن مغالطات؛ سواء كانت مقصودة أم غير مقصودة، وكان الأحرى بها تحري الدقة حفاظًا على استقلاليتها وشفافية طرحها سعيا وراء الحقيقة وحدها، بعيدًا عن أي توجهات سياسية محتملة.

لكنها ليست المرة الأولى لوقوع الصحافة والإعلام عموما في فخ المصالح، ولا أحسبها الأخيرة يقينا، ما دامت المؤسسات الصحفية الكبرى تتكئ في مرجعيتها إلى نفوذ أو سلطة سواء كانت مادية أو سياسية. 

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هیئة الإذاعة البریطانیة بی بی سی

إقرأ أيضاً:

الهند تواجه رسوم ترامب ورفع تكلفة تأشيرات العمل بتعزيز الثقة المحلية

تشهد الهند تحوّلا ملحوظا في توجهات نخبتها التقنية، في وقت نقلت فيه وكالة بلومبيرغ حالة "الثقة الهادئة" التي تسود أوساط الهندسة والتكنولوجيا عقب القيود الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على تأشيرات العمل من نوع "إتش– ون بي" (H-1B)، التي ارتفعت رسومها إلى 100 ألف دولار بقرار من إدارة الرئيس دونالد ترامب.

فبعد أسابيع قليلة من إعلان الرسوم الجديدة، انتشرت لافتات ضخمة في إحدى محطات المترو قرب "المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي" تحمل عبارات مثل: "ما زلنا نرعى تأشيرات إتش– ون بي" و"100 ألف دولار لن تمنعنا من توظيف الأفضل"، في حملة أطلقتها منصة التوظيف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي "ميتافيو".

ووفقا لبلومبيرغ، تعكس هذه الحملة شعورا متزايدا داخل القطاع التكنولوجي الهندي بأن القيود الأميركية لم تعد العامل الحاسم في رسم المسارات المهنية.

طموحات جديدة تتشكل داخل الحرم الجامعي

ومع اقتراب موسم التوظيف السنوي في الجامعات الهندية، كشف أساتذة وطلاب في اثنين من أبرز معاهد التكنولوجيا هناك -في حديث لبلومبيرغ- أن العمل في أميركا لم يعد "شرطا للنجاح"، بل أصبح خيارا بين عدة خيارات.

وقال مدير المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي، رانغان بانيرجي: "قد تكون هذه فرصة لبعضنا"، في إشارة إلى تأثير سياسة التأشيرات والتوترات التجارية بين الهند وأميركا.

وذكّرت بلومبيرغ بأن إدارة ترامب فرضت في أغسطس/آب رسوما جمركية بنسبة 50% على الواردات الهندية، وهي الأعلى في آسيا، قبل فرض رسم 100 ألف دولار على الطلبات الجديدة لتأشيرات العمل من نوع "إتش– ون بي".

ويرى بانيرجي أن هذه الإجراءات قد تدفع جزءا من الكفاءات الهندية إلى البقاء في بلادهم أو العودة إليها.

تحوّل في الوجهة التقليدية للهجرة التقنية

ولطالما تدفق خريجو المعاهد الهندية للتكنولوجيا -التي تقبل أقل من 2% من المتقدمين- إلى أميركا للعمل في قطاعات المال والتكنولوجيا.

إعلان

وقد خرج من هذه المعاهد قيادات عالمية بارزة، مثل ساندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابِت"، وأرفيند كريشنا الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم".

لكن بلومبيرغ تشير إلى أن هذا المسار لم يعد الطريق الوحيد لبعض شركات التكنولوجيا العالمية مثل:

مايكروسوفت أمازون جيه بي مورغان تشيس غولدمان ساكس

وتوضح أن هذه الشركات أسست مراكز قدرات عالمية ضخمة داخل الهند، تعتمد عليها اليوم في أعمال إستراتيجية عالية المستوى، بعدما لم تعد مجرد مكاتب دعم خلفية كما في تسعينيات القرن الماضي، وخلص بنك أوروبي إلى أن تعطل عملياته في الهند سيضر بأنشطته أكثر من تعطل مقره الرئيسي.

كما أن النظام البيئي للشركات الناشئة في الهند يواصل نموه، بعد الإدراج القوي لشركة "غروو"، التي أسسها خريجو المعاهد الهندية للتكنولوجيا، في السوق المحلية هذا الأسبوع.

وقال بانيرجي: "نريد لطلابنا أن يكونوا صانعي وظائف لا باحثين عنها"، مؤكدا أن اللحظة ملائمة جدا لنشوء حركة ابتكار محلية.

رسوم التأشيرات الباهظة تقلل جدوى الهجرة المهنية نحو أميركا (رويترز)اقتصاد في صعود.. وفرص تتوسع

وتسعى الهند لتجاوز اليابان ولتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ يشكّل قطاع الخدمات أكثر من نصف الناتج المحلي، وتواصل المدن الهندية الكبرى مثل بنغالور وحيدر آباد وبونه جذب الشركات العالمية بفضل الأعداد الكبيرة من المهندسين المتخصصين.

وقال مؤسس المعهد الهندي للتكنولوجيا أشوك جونجونوالا إن نسبة معقولة من طلاب العلوم التكنولوجية يبقون في الهند، لافتا إلى أن البلاد تمتلك "قدرات هائلة من المواهب الخام".

وتذكّر بلومبيرغ بأن خريجي المعاهد الهندية للتكنولوجيا لا يمثلون سوى جزء صغير من 1.5 مليون مهندس يتخرجون سنويا في الهند. لكن القلق أكثر وضوحا في الكليات الهندسية الأقل مرتبة، إذ ما زال كثيرون ينظرون إلى التعليم الأميركي باعتباره "مسارا للارتقاء الاجتماعي".

وقال فينيت غوبتا، الشريك المؤسس لشبكة الإعداد الجامعي "جامبوري التعليمية" إن "نظام التعليم العالي في أميركا غير قابل للمضاهاة".

ومع ذلك، كشفت بيانات منصة كومن آب -وفقا لبلومبيرغ- أن طلبات الالتحاق من الطلاب الهنود بالجامعات الأميركية انخفضت 14% منذ عودة ترامب للبيت الأبيض.

جيل يتردد ويعيد حساباته

وقال أكشاي شارما (19 عاما) من المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي إنه لطالما خطط للذهاب إلى أميركا، لكنه بات يدرس خيارات متوازية داخل الهند وخارجها، وأضاف: "العام الماضي لم أكن لأفكر في ذلك".

وتشير بلومبيرغ إلى أن المعاهد الهندية للتكنولوجيا من أقدم المؤسسات الهندسية في البلاد، وأن شبكة المعاهد التي تضم 23 مؤسسة تخرّج نحو 25 ألف مهندس سنويا فقط.

وقالت أربان تولسيان الزميلة في مؤسسة الأبحاث أوبزرفر: "نحن لسنا معتمدين إلى هذا الحد على التأشيرة الأميركية، ولا ينبغي أن نكون كذلك، لأن سياستهم ليست تحت سيطرتنا".

كما نقلت بلومبيرغ أن المعهد الهندي للتكنولوجيا/ بومباي تلقى في العام الأكاديمي 2024/2023 نحو 1475 عرض عمل، منها 78 فقط من شركات دولية، من دون توضيح إن كانت الوظائف داخل الهند أم خارجها.

إعلان بدائل تتجاوز أميركا

وتُظهر بيانات التوظيف الأولية -وفق صحيفة تايمز أوف إنديا- أن الطلاب "غير متأثرين كثيرا بالرسوم الجديدة، وأن الزخم التوظيفي ما زال قويا".

وقال كارثيك رافي كومار، من المعهد الهندي للتكنولوجيا، إن "الذهاب إلى أميركا لم يعد مغريا كما كان، وهناك كثير من العروض من شركات وبلدان أخرى".

مقالات مشابهة

  • "ملتقى الصحفيات الخليجيات" يسلط الضوء على دور وإنجازات المرأة في الإعلام
  • ترامب يقاضي BBC ويطالبها بتعويضات تصل إلى 5 مليارات دولار.. ما القصة؟
  • BBC تتحدى تهديدات ترامب وتتمسك بموقفها المثير
  • الهند تواجه رسوم ترامب ورفع تكلفة تأشيرات العمل بتعزيز الثقة المحلية
  • 5 مليارات دولار.. ترامب يطلب تعويضا من بي بي سي بعد فيديو الكابيتول
  • ترامب يقاضي هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.. ماذا فعلت؟
  • “بي بي سي” تعتذر لترامب وترفض تعويضه
  • نصر إبراهيم: الثقة في لاعبي الزمالك يجب ألا تهتز
  • BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي