تشهد الهند تحوّلا ملحوظا في توجهات نخبتها التقنية، في وقت نقلت فيه وكالة بلومبيرغ حالة "الثقة الهادئة" التي تسود أوساط الهندسة والتكنولوجيا عقب القيود الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على تأشيرات العمل من نوع "إتش– ون بي" (H-1B)، التي ارتفعت رسومها إلى 100 ألف دولار بقرار من إدارة الرئيس دونالد ترامب.

فبعد أسابيع قليلة من إعلان الرسوم الجديدة، انتشرت لافتات ضخمة في إحدى محطات المترو قرب "المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي" تحمل عبارات مثل: "ما زلنا نرعى تأشيرات إتش– ون بي" و"100 ألف دولار لن تمنعنا من توظيف الأفضل"، في حملة أطلقتها منصة التوظيف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي "ميتافيو".

ووفقا لبلومبيرغ، تعكس هذه الحملة شعورا متزايدا داخل القطاع التكنولوجي الهندي بأن القيود الأميركية لم تعد العامل الحاسم في رسم المسارات المهنية.

طموحات جديدة تتشكل داخل الحرم الجامعي

ومع اقتراب موسم التوظيف السنوي في الجامعات الهندية، كشف أساتذة وطلاب في اثنين من أبرز معاهد التكنولوجيا هناك -في حديث لبلومبيرغ- أن العمل في أميركا لم يعد "شرطا للنجاح"، بل أصبح خيارا بين عدة خيارات.

وقال مدير المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي، رانغان بانيرجي: "قد تكون هذه فرصة لبعضنا"، في إشارة إلى تأثير سياسة التأشيرات والتوترات التجارية بين الهند وأميركا.

وذكّرت بلومبيرغ بأن إدارة ترامب فرضت في أغسطس/آب رسوما جمركية بنسبة 50% على الواردات الهندية، وهي الأعلى في آسيا، قبل فرض رسم 100 ألف دولار على الطلبات الجديدة لتأشيرات العمل من نوع "إتش– ون بي".

ويرى بانيرجي أن هذه الإجراءات قد تدفع جزءا من الكفاءات الهندية إلى البقاء في بلادهم أو العودة إليها.

تحوّل في الوجهة التقليدية للهجرة التقنية

ولطالما تدفق خريجو المعاهد الهندية للتكنولوجيا -التي تقبل أقل من 2% من المتقدمين- إلى أميركا للعمل في قطاعات المال والتكنولوجيا.

إعلان

وقد خرج من هذه المعاهد قيادات عالمية بارزة، مثل ساندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابِت"، وأرفيند كريشنا الرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم".

لكن بلومبيرغ تشير إلى أن هذا المسار لم يعد الطريق الوحيد لبعض شركات التكنولوجيا العالمية مثل:

مايكروسوفت أمازون جيه بي مورغان تشيس غولدمان ساكس

وتوضح أن هذه الشركات أسست مراكز قدرات عالمية ضخمة داخل الهند، تعتمد عليها اليوم في أعمال إستراتيجية عالية المستوى، بعدما لم تعد مجرد مكاتب دعم خلفية كما في تسعينيات القرن الماضي، وخلص بنك أوروبي إلى أن تعطل عملياته في الهند سيضر بأنشطته أكثر من تعطل مقره الرئيسي.

كما أن النظام البيئي للشركات الناشئة في الهند يواصل نموه، بعد الإدراج القوي لشركة "غروو"، التي أسسها خريجو المعاهد الهندية للتكنولوجيا، في السوق المحلية هذا الأسبوع.

وقال بانيرجي: "نريد لطلابنا أن يكونوا صانعي وظائف لا باحثين عنها"، مؤكدا أن اللحظة ملائمة جدا لنشوء حركة ابتكار محلية.

رسوم التأشيرات الباهظة تقلل جدوى الهجرة المهنية نحو أميركا (رويترز)اقتصاد في صعود.. وفرص تتوسع

وتسعى الهند لتجاوز اليابان ولتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، إذ يشكّل قطاع الخدمات أكثر من نصف الناتج المحلي، وتواصل المدن الهندية الكبرى مثل بنغالور وحيدر آباد وبونه جذب الشركات العالمية بفضل الأعداد الكبيرة من المهندسين المتخصصين.

وقال مؤسس المعهد الهندي للتكنولوجيا أشوك جونجونوالا إن نسبة معقولة من طلاب العلوم التكنولوجية يبقون في الهند، لافتا إلى أن البلاد تمتلك "قدرات هائلة من المواهب الخام".

وتذكّر بلومبيرغ بأن خريجي المعاهد الهندية للتكنولوجيا لا يمثلون سوى جزء صغير من 1.5 مليون مهندس يتخرجون سنويا في الهند. لكن القلق أكثر وضوحا في الكليات الهندسية الأقل مرتبة، إذ ما زال كثيرون ينظرون إلى التعليم الأميركي باعتباره "مسارا للارتقاء الاجتماعي".

وقال فينيت غوبتا، الشريك المؤسس لشبكة الإعداد الجامعي "جامبوري التعليمية" إن "نظام التعليم العالي في أميركا غير قابل للمضاهاة".

ومع ذلك، كشفت بيانات منصة كومن آب -وفقا لبلومبيرغ- أن طلبات الالتحاق من الطلاب الهنود بالجامعات الأميركية انخفضت 14% منذ عودة ترامب للبيت الأبيض.

جيل يتردد ويعيد حساباته

وقال أكشاي شارما (19 عاما) من المعهد الهندي للتكنولوجيا/ دلهي إنه لطالما خطط للذهاب إلى أميركا، لكنه بات يدرس خيارات متوازية داخل الهند وخارجها، وأضاف: "العام الماضي لم أكن لأفكر في ذلك".

وتشير بلومبيرغ إلى أن المعاهد الهندية للتكنولوجيا من أقدم المؤسسات الهندسية في البلاد، وأن شبكة المعاهد التي تضم 23 مؤسسة تخرّج نحو 25 ألف مهندس سنويا فقط.

وقالت أربان تولسيان الزميلة في مؤسسة الأبحاث أوبزرفر: "نحن لسنا معتمدين إلى هذا الحد على التأشيرة الأميركية، ولا ينبغي أن نكون كذلك، لأن سياستهم ليست تحت سيطرتنا".

كما نقلت بلومبيرغ أن المعهد الهندي للتكنولوجيا/ بومباي تلقى في العام الأكاديمي 2024/2023 نحو 1475 عرض عمل، منها 78 فقط من شركات دولية، من دون توضيح إن كانت الوظائف داخل الهند أم خارجها.

إعلان بدائل تتجاوز أميركا

وتُظهر بيانات التوظيف الأولية -وفق صحيفة تايمز أوف إنديا- أن الطلاب "غير متأثرين كثيرا بالرسوم الجديدة، وأن الزخم التوظيفي ما زال قويا".

وقال كارثيك رافي كومار، من المعهد الهندي للتكنولوجيا، إن "الذهاب إلى أميركا لم يعد مغريا كما كان، وهناك كثير من العروض من شركات وبلدان أخرى".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات المعهد الهندی للتکنولوجیا فی الهند إلى أن

إقرأ أيضاً:

أميركا تصنف 4 جماعات في أوروبا منظمات إرهابية

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن تصنيف أربعة تنظيمات تابعة لحركة "أنتيفا" كمنظمات إرهابية أجنبية، في إطار جهود إدارة ترامب لمواجهة ما وصفته بـ"التهديد المتزايد للعنف اليساري المتطرف" في الداخل والخارج.

وأكدت الوزارة أن الجماعات المصنفة تورطت في أعمال عنف وتفجيرات، تهدف إلى زعزعة استقرار الدول الغربية وتقويض أسس الحضارة الغربية.

ومن بين هذه الجماعات، جاءت "الدفاع الذاتي الطبقي الثوري"، وهي جماعة أناركية ومعادية للرأسمالية تنشط في اليونان، وتبنت سابقا تنفيذ هجمات بعبوات ناسفة استهدفت وزارة العمل اليونانية ومكاتب شركة سكك حديدية كبرى.

 وشددت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استمرار جهودها في تتبع وتفكيك شبكات "أنتيفا" حول العالم، ومنعها من الوصول إلى النظام المالي الأميركي.

وبموجب هذا التصنيف، تفرض عقوبات مشددة على كل من يقدم دعما ماليا أو لوجستياً لتلك الجماعات، كما يُحظر عليها التعامل مع الكيانات الأميركية.

مقالات مشابهة

  • جلسة نقاشية تستعرض دور معايير الجودة في تعزيز الثقة بالمنظومة الصحية
  • رئيس فنزويلا للأميركيين: هل تريدون غزة جديدة في أميركا الجنوبية؟
  • عشرات القتلى والمصابين بانفجار بمركز شرطة في كشمير الهندية
  • ترامب يبرر رفع رسوم الهجرة: نحتاج إلى مهارات أجنبية
  • الإعفاء من رسوم استقدام عمال المنازل يحفف من أعباء الرعاية ويحسّن جودة الحياة
  • فايننشال تايمز: الوسطاء السابقون أصبحوا تجار سلاح الصراع الهندي الباكستاني
  • ‏”تيته” تبحث مع وزير الخارجية الجزائري خارطة الطريق السياسية والتحديات التي تواجه تنفيذها ‏
  • أميركا تصنف 4 جماعات في أوروبا منظمات إرهابية
  • دول عربية بينها اليمن ضمن أسوأ البلدان في العالم التي تواجه المجاعة