إقالة فريق من الجيش ليس حدثاً فريداً بل هو أمر في حكم العادي و لكن أن يصدر القرار متضمناً إعادته إلي درجة (جندي) فهذا أمر واضح الدلالة على قصد الإذلال.
هذا ما فعله رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في حق نائبه الذي أقاله مؤخراً بنيامين بيل مول.
إنها إقالة مشبعة بالمرارة من رجل تم ترفيعه و تعيينه في أعلى مراتب الدولة و للقرار تفسير واحد محتمل أن هذه الخطوة المفاجئة و السريعة تشي بمحاولة للإنقلاب تم كبتها قبل وقوعها .
حالة بنجامين هذا تشبه حالة حميدتي في السودان و مثلما أمسك هذا الأخير بالمواقع الرئيسة و المهمة في البلاد من نيابة الرئيس و موقع المسؤول الأول عن الإقتصاد حدث لبنجامين بول مول ذلك فعين نائباً للرئيس مسؤولاً عن الإقتصاد و مديراً للأمن. إضافة للثراء الواسع المفاجئ .
ثم أنه على صلة قوية بذات الدولة التي رعت حميدتي و الدعم السريع. إختلف الوضع في جنوب السودان بأن تم إقصاء الرجل قبل أن يتمكن من مفاصل السلطة.
قرار عزل بنجامين صدر معية قرارات أخري كان من أهمها إعادة توت قلواك إلي موقعه مستشاراً أمنياً للرئيس مما يعني أن ما تم يمثل إبعاداً لمن هم في صف العداء للسودان و الأقرب للدعم السريع و من يدعمه كما يعني إعادة أصدقاء السودان و في مواقع مهمة هي الرئاسة و الأمن.
التغييرات التي تمت مهمة للسودان و لكن العلة فيها أنها أتت في وقت يعاني الجنوب من إحتقان قريب الإنفجار إذ أن الرئيس سلفا اتخذ قرارات عديدة تؤزم الأوضاع و علي رأسها إقالة نائبه الأول رياك مشار و تقديمه للمحاكمة و رياك ليس بالشخصية التي يسهل إبعادها فله قوة عسكرية معتبرة و رمزية وسط قبيلته و هي التي تلي الدينكا في النفوذ والسيطرة .
للنوير العديد من القوي العسكرية الخطرة التي يمكن أن تهدد عرش سلفاكير إذ هنالك الجيش الأبيض الباطش و القوي و الحارس لمنافع النوير و مصالحهم .
في النوير قوات ساكنة و هي التي كان يقودها بيتر كديت أو فاولينو متيب إضافة لقوات مشار . و للشلك أيضاً أعين تنظر و ترصد .
فقدت القبائل الإستوائية موقع نائب الرئيس و كان يشغله جيمس واني إيقا .
من العسير حكم الجنوب دون وفاق مع أهل الإستوائية الذين تقع العاصمة العريقة في إقليمهم .
توت قلواك على صلة قوية بالسودان و مؤخرا تحدثت بعض شخصيات متمردة من المسيرية عن قوات له تأذت منها .
ظل قلواك مقرباً و مخلصاً لرئيسه و لكن هل ستنمحي مرارة الإبعاد و الإقالة من حلقه أم ستكون دافعاً لخطوة إنتقامية تهدد عرش سلفا كير ؟
تعرضت مواقع نفط مهمة في السودان لضربات من التمرد تهدد فرص الجنوب في تحسين أوضاعه المالية و أيضاً تؤشر إلى أن الجهة التي كانت وراء النائب المقال بنجامين بول قد تدخل إلي دائرة عداء مباشرة لحكومة جنوب السودان .
في تقلبات حكومة الجنوب بين وجود موالين للسودان و معادين له فإن الأمر الواضح أن إمداد المرتزقة و الدفع بهم للسودان لم يتوقف بل يتم التجنيد من قبل التمرد في مناطق قريبة من مناطق التأزم في السودان خاصة في بحر الغزال في واو و أويل و غيرها .
الرئيس سلفا كير و طوال تأريخه في الحكم و قبل ذلك في موقع الرجل الثاني في الحركة الشعبية لم يكن من يحمل وداً و لا تظهر منه أدنى علامات القرب من السودان .
أيا ما يكن الوضع الحالي لحكم الجنوب فإن الأوضاع فيه لا تقول بإستمرار إستقرار الدولة ، و الطلقة التي ستخرج في القصر الرئاسي ستكون هي الشرارة التي سيصعب إخمادها .
راشد عبد الرحيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السودان.. تعرّف على الانتهاكات التي ارتُكبت في مدينة الفاشر
Published On 15/11/202515/11/2025|آخر تحديث: 14:19 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:19 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2
شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ