الجديد برس| خاص| تشهد محافظة حضرموت، الشريان الاقتصادي شرقي اليمن وأكبر محافظات البلاد مساحة وثروة، تطورات متسارعة تعيد رسم خارطة الصراع الإقليمي والداخلي في آن واحد. فالمحافظة التي ظلت لعقود بعيدة عن مركز الاشتباك، تحوّلت اليوم إلى “نقطة الغليان” الأكثر حساسية، في ظل سباق محموم بين السعودية والإمارات لإحكام السيطرة على السواحل والثروات النفطية، عبر أدوات محلية متصارعة أبرزها حلف قبائل حضرموت الموالي للرياض، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي.

تعزيزات إماراتية مقابل حشود قبلية… شرارة انفجار وشيك اندلعت الأزمة الأخيرة مع وصول تعزيزات عسكرية ضخمة تابعة للمجلس الانتقالي إلى ساحل حضرموت، بالتزامن مع حشد قبلي واسع بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت. وتؤكد التحركات المكثفة للطرفين أن المحافظة باتت تعيش مرحلة “الصفيح الساخن” التي تنذر بانفجار عسكري في أي لحظة. التصعيد بدأ بتهديدات مباشرة أطلقها القيادي في الانتقالي، أبو علي الحضرمي، ضد الشيخ بن حبريش، متهماً قوات الحلف بأنها “عصابات لقطع الطرق وتهريب المخدرات”. وفي المقابل، دعا بن حبريش إلى لقاء عام للمشايخ والمقادمة والوجهاء لمناقشة ما وصفه بـ”التهديدات الوجودية” لحضرموت. وصول التعزيزات من عدن إلى المكلا وانتشارها في الساحل لم يكن قراراً عفوياً، بل يعكس توجهاً إماراتياً مباشراً نحو فرض أمر واقع بالقوة، وقطع الطريق أمام أي ترتيبات سعودية من شأنها تغيير موازين القوى. صراع محاور… وولادة ساحة حرب جديدة من خلال التأمل في مجريات الاحداث، نلحظ أن الأزمة في حضرموت تتجسد ضمن أربعة محاور رئيسية: المجلس الانتقالي الجنوبي (ذراع الإمارات)، الذي يسعى الانتقالي إلى استكمال مشروعه “الجنوب العربي” -حسب وصفه- عبر السيطرة على أهم وأغنى المحافظات. بالنسبة له، حضرموت ليست مجرد أرض، بل “ركيزة الدولة المنشودة” بما تملكه من ثروات نفطية وموانئ وبحر واسع. حلف قبائل حضرموت (ذراع السعودية)، والذي يقدّم نفسه صوت أبناء المحافظة ومطالبهم في “التمكين الحضرمي” وما يصفه ايضاً بـ “الحكم الذاتي” وإدارة الثروة والقرار. ويرى القبائل أن تحركات الانتقالي “غزو منظم” يستهدف هويتهم وحقوقهم. المنطقة العسكرية الأولى وقوات الإصلاح، التي تعيش حالة ارتباك وانهيار بفعل الصراع الإماراتي–السعودي عليها، حيث تقترب قوات الانتقالي من سيئون في محاولة لإسقاط آخر معاقل الإصلاح في الهضبة النفطية. القوات السعودية، اذ بدأت الرياض بإعادة تموضعها عبر دعم مباشر لحلف قبائل حضرموت، وإرسال أكثر من 200 آلية عسكرية عبر منفذ الوديعة لتأسيس قوة جديدة باسم “قوات حماية حضرموت” كبديل للقوات التقليدية. هذه المعادلة تجعل حضرموت ساحة حرب مفتوحة تُدار فيها المعارك بالوكالة بين الرياض وأبوظبي، مع توظيف الأطراف المحلية كأذرع متقدمة في المواجهة. السعودية تغيّر قواعد اللعبة «ألوية جديدة ومحافظ جديد» تطور لافت قلب الموازين خلال الأيام الماضية، تمثل بإعلان السعودية إنشاء عشرة ألوية لحماية حضرموت تحت قيادة الشيخ عمرو بن حبريش، في خطوة تهدف إلى بناء قوة موالية للرياض بالكامل، إلى جانب تقويض نفوذ الانتقالي في الساحل والحقول النفطية، والسيطرة على ميناء الضبة النفطي، ما يمثل ضربة مباشرة للإمارات. سياسياً، وجهت الرياض صفعة قوية لأبوظبي بإقالة المحافظ الموالي لها مبخوت بن ماضي وتعيين سالم الخنبشي، المعروف بمواقفه المناهضة للانتقالي. هذا التعيين ينسف التحشيدات التي كان الانتقالي يستعد لتنظيمها في سيئون. الإمارات تتجه للتصعيد وطارق صالح يدخل المشهد في ظل التقدم السعودي، دفعت الإمارات بقوة تابعة لطارق صالح إلى معسكرات غرب المكلا، كدفعة أولى لقوات إضافية مخصصة لدعم الانتقالي في هجوم مرتقب على حلف قبائل حضرموت. ويأتي ذلك استكمالاً للدور الذي لعبه طارق في شبوة عام 2022 عند طرد قوات الإصلاح، ما يعكس إصرار الإمارات على تعبئة كل أوراقها لمنع الرياض من الهيمنة على الهضبة النفطية. مأرب تدخل دائرة الصراع… تحذيرات من “إسقاطها من الداخل” امتد ارتداد الصراع من حضرموت إلى مأرب، حيث دقّ نائب الرئيس الأسبق علي محسن ناقوس الخطر، محذراً عبر مستشاره الإعلامي، سيف الحاضري، من” خطة لإسقاط مأرب من الداخل”. مشيراً إلى وجود أطراف – لم يسمِّها – تعمل على إعداد “مَسلَخ للجميع” من قلب المدينة، في إشارة إلى الفصائل المدعومة إماراتياً التي كثفت انتشارها مؤخراً في مركز نفوذ الحزب. واتهم الحاضري السعودية بالتواطؤ، مؤكداً أن ما يجري في حضرموت هو محاولة لانتزاع المنطقة العسكرية الأولى عبر قوات المجلس الانتقالي، بالتوازي مع “تخدير” رئيس حلف القبائل بوعود التهدئة، ضمن مخطط يهدف – بحسب تعبيره – لإنهاء ما تبقى من نفوذ الإصلاح في مأرب وتعز والمهرة. تتزامن كل هذه الاحداث مع رفع قوات طارق صالح في المخا شعارات تتوعد بالتقدم نحو مأرب، وسط تكهنات بأن الإمارات تعمل على تصفية آخر الجيوب التابعة للإصلاح. المنطقة العسكرية الأولى… على حافة الانهيار تشير التطورات داخل وادي حضرموت إلى حالة انهيار وارتباك في صفوف قوات المنطقة العسكرية الأولى، بعد، احداث عسكرية وقعت اليوم، حيث قامت العسكرية الأولى بقصف جبال تريم بالدبابات، وتنفيذ حملة اعتقالات واسعة في منطقة الغرف، بالتزامن مع تقدم قوات الانتقالي باتجاه سيئون بضوء سعودي أخضر. هذه التحركات تعكس نهاية مرحلة كاملة من النفوذ التقليدي للإصلاح في شرق اليمن. السعودية والإمارات.. «معركة نفوذ أم بداية الفراق الاستراتيجي؟» توضح التحركات الميدانية والسياسية أن الطرفين دخلا مرحلة “كسر العظم”، فالسعودية بدأت مرحلة الهجوم لإعادة هندسة الخارطة العسكرية شرق اليمن واستعادة نفوذها التاريخي. أما الإمارات، فتدفع نحو فرض واقع جديد في الساحل والسيطرة على حضرموت كمركز اقتصادي للدولة الجنوبية التي تدعمها- حسب وصفها-. وبينما تتنافس القوتان على الأرض، تتعرض حضرموت لخطر التفتت وجرّها إلى صراعات عسكرية داخلية تقوّض الاستقرار، وتهدد بتحويل المحافظة من “خزان الثروة اليمنية” إلى “ساحة حرب إقليمية ودولية” عبر وكلاء محليين بدعم سعودي وإماراتي تخدم قوى التحالف الأمريكي البريطاني والمشروع الإسرائيلي في السيطرة على المنطقة. حضرموت بين مطرقة الوكلاء وسندان المصالح الدولية من خلال ما سبق، ندرك أن حضرموت اليوم تحولت إلى نموذج أكثر تعقيداً للصراع السعودي الإماراتي في اليمن، والذي يمكن فرزه في خمسة نقاط: قبائل تبحث عن وعود التحالف في التمكين وذاتية إدارة. قوى انفصالية تريد فرض مشروعها بالقوة. دولة شكلية منحها التحالف صفة الـ (شرعية) سرعان ما انهارت عبر انشاء مراكز نفوذ سعودية إماراتية متصارعة. تحالف إقليمي- سعودي إماراتي- منقسم حول تقاسم الثروة والنفوذ. قوى دولية راعية للتحالف (أمريكا وبريطانيا) تعمل على استثمار كل ذلك خدمة لمصالحها ونفوذها وخدمة للمشروع الإسرائيلي في المنطقة. ومع استمرار الحشود العسكرية وارتفاع مستوى الاستقطاب السياسي والمناطقي، يبدو أن محافظة حضرموت تقف على عتبة تحول تاريخي، إما نحو تسوية تفرضها إرادة خارجية وفق مشروع يخدم مصالح القوى الإقليمية والدولية الراعية للتحالف، أو نحو انفجار شامل قد يفتح باباً جديداً من الفوضى ويضاعف تمزق المحافظة، وكلاهما خياران يخدمان قوى التحالف الإقليمية (السعودية والامارات) والدولية ( أمريكا وبريطانيا) على حساب أمن واستقرار المحافظة، ويضعا حضرموت وأبنائها وبقية مناطق سلطة حكومة عدن تباعاً تحت الوصاية والنفوذ والهيمنة لقوى التحالف الإقليمي الدولي.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الصراع السعودي الإماراتي حضرموت المنطقة العسکریة الأولى حلف قبائل حضرموت بن حبریش

إقرأ أيضاً:

حلف قبائل يفرض سيطرته الكاملة على آخر معاقل الانتقالي في هضبة حضرموت النفطية

الجديد برس| خاص| تمكنت فصائل محلية مدعومة سعوديًا، الأحد، من السيطرة على آخر المعسكرات الموالية للإمارات في الهضبة النفطية بحضرموت شرقي اليمن، وذلك في ثاني أيام الزحف نحو آخر معاقل أبوظبي في الساحل. وأظهرت صور تداولتها منصات حضرمية محسوبة على حلف القبائل قائد قواتها المعروفة بـ”حماية حضرموت” وهو يدخل معسكر حماية الشركات النفطية التابع للمنطقة العسكرية الثانية والمتمركز في وادي حضرموت، دون أي مقاومة. وأشار ناشطون إلى أن القوات الموالية للإمارات انضمت طواعية إلى صفوف القبائل، ورفضت خوض القتال ضدها، ما يعكس انقسامات داخل أتباع أبوظبي في المنطقة. وتعد هذه الخطوة ثاني صفعة تتلقاها الفصائل الإماراتية في حضرموت شرقي اليمن، بعد يوم واحد من سيطرة القبائل على حقول النفط الخاضعة لحماية القوات الثانية، حيث أعلن قائدها السابق انخراطه ضمن القوى الإماراتية. وتشير التطورات الأخيرة إلى قرار قبائل حضرموت بتطهير مناطقها من بقايا النفوذ الإماراتي، تمهيدًا لمعركة مرتقبة في الساحل، وسط تحشيدات كبيرة تجريها القبائل نحو تلك المناطق.

مقالات مشابهة

  • مع اقتراب قوات الانتقالي.. العسكرية الأولى بحضرموت تعلن حالة الطوارئ القصوى ومؤسسات حكومية تخلي مبانيها
  • توكل كرمان تؤكد وقوفها مع حضرموت ضد مليشيا الانتقالي
  • قائد العسكرية الأولى وقيادات في درع الوطن يتفقدون المواقع الأمامية ويؤكدون على رفع الجاهزية
  • عاجل: قوات المنطقة العسكرية الأولى توقف تقدّم قوات الانتقالي في أطراف ساه ومصدر عسكري ينفي أي انسحابات.. تفاصيل المواجهات
  • الانتقالي يواصل تعزيزاته العسكرية في حضرموت وبترومسيلة توقف الإنتاج
  • هجوم جديد يستهدف الانتقالي بالتزامن مع دعم جوي سعودي وتحريك قوات عسكرية صوب حضرموت
  • يبدأ اليوم.. مليشيا الانتقالي تصعد وتعلن بدء اعتصاما مفتوحا في سيئون ضد "العسكرية الأولى"
  • حلف قبائل يفرض سيطرته الكاملة على آخر معاقل الانتقالي في هضبة حضرموت النفطية
  • عاجل: تصعيد مفاجئ وموجهات مسلحة في حضرموت: قوات الانتقالي تتقدّم نحو الهضبة وحلف القبائل يردّ بسيطرة على قطاعات بترومسيلة رغم دعوات التهدئة