الشعبوية ضد العلم: جوائز نوبل في زمن التغير المناخي وما بعد كورونا
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
بلغ قيمة جوائز هذا العام أحد عشر مليون كرونة سويدية، بما يعادل حوالي 930 ألف يورو
لا يوجد سوى عدد محدود من الجوائز التي تتمتع بمكانة أكبر من جوائز نوبل. تُكرم مثل هذه الجوائز في الغالب باحثين في فئات علمية مختلفة بعد أن اكتسبوا مكانة في تخصصاتهم على مدار عقود. لكن على مستوى المجتمع اهتزت هذه المكانة التي يحظى بها العلم في السنوات الأخيرة: إذ أصبحت الأصوات الشعبوية في السياسة والمجتمع المدني تشكك علناً بشكل متزايد في النتائج العلمية، مثل تلك المتعلقة بأزمة المناخ وجائحة كورونا، وذلك دون أن تقدم حججاً مضادة محددة.
في مثل هذه الأوقات قد تصبح جوائز نوبل أكثر أهمية. ومن المقرر الإعلان عن الفائزين بها هذا العام ابتداء من يوم الاثنين المقبل (2 تشرين الأول/أكتوبر 2023) في ستوكهولم وأوسلو، بدءاً من الفئات العلمية الخاصة بالطب والفيزياء والكيمياء.
وإذا ذهبت الجوائز هذه المرة إلى نتائج حول موضوعات راهنة نسبياً تمس المواطنين مثل تطوير لقاحات كورونا، فقد يعزز ذلك أيضاً الثقة في الحقائق العلمية. ودائما ما تظل أسماء الفائزين بجوائز نوبل سراً حتى لحظة الإعلان الرسمي عنهم.
مقارنة بين ألمانيا وأمريكا
يقول عالم الاتصالات ماتياس كورينغ من جامعة مانهايم الألمانية: "لقد أصبحت الشعبوية المناهضة للعلم بالفعل أداة تعبئة سياسية"، موضحاً أن النخب السياسية - أو كما يُطلق عليهم في اللغة الشعبية "أولئك الذين في الأعلى" - تحاول استغلال قضايا علمية من أجل توليد صدى سياسي.
يقول كورينغ: "ما يمكنك ملاحظته هو الاستقطاب بين السكان، وهو ما يسعى إليه السياسيون الشعبويون، ويوسعونه قدر الإمكان، ويستغلونه باستمرار"، مشيراً إلى أن هذا الاستقطاب في الولايات المتحدة وصل إلى مدى أكثر حدة مما هو عليه في ألمانيا.
كانت أيضاً الثقة في النتائج العلمية ومكافحة المعلومات المضللة موضوعاً يشغل فلك جوائز نوبل منذ سنوات. فقد حذرت مؤسسة نوبل خلال قمة جوائز نوبل حول موضوع "الحقيقة والثقة والأمل" التي عقدت في واشنطن في نهاية أيار/مايو الماضي قائلة: "المعلومات الكاذبة تضر بثقتنا في العلوم وتمثل خطراً بأن تصبح واحدة من أكبر التهديدات لمجتمعنا اليوم". وفي ذلك الوقت دعت المؤسسة فائزين بجوائز نوبل وخبراء لاستكشاف كيفية مكافحة هذه الاتجاهات.
"العالم لديه مشكلة"
وقال المدير التنفيذي لمؤسسة نوبل، فيدار هيلجيسن: "نرى في جميع أنحاء العالم أن هناك جهوداً ممنهجة للغاية لتقويض العلوم والحقيقة وتمزيق أجزاء كبيرة من النسيج الاجتماعي للمجتمع... نحن إذن أمام مشكلة. العالم لديه مشكلة".
ودعمت عالمة الجيوفيزياء ورئيسة الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، مارسيا ماكنوت، تحذيرات هيلجيسن قائلة: "عندما ننظر إلى تأثيرات المعلومات الكاذبة والمضللة، نجد أنها لا تقتصر على العلم. نراها في السياسة، وفي الصحة، ونراها في المجتمع بأكمله". وأضافت في تصريحات أخرى: "العلم لا يكتمل أبداً، ولا يكون مثاليا أبداً، لكنه أفضل ما لدينا".
عندما يُجرى الإعلان عن الفائزين بجوائز نوبل هذا العام لتكريمهم على اكتشافاتهم الاستثنائية، سيصبح كبار العلماء مرة أخرى في مرمى اهتمام الجمهور العالمي. وبحسب وصية مخترع الديناميت ومؤسس الجائزة ألفريد نوبل (1896-1833)، فإن الهدف من الجائزة هو تكريم أولئك الذين قدموا للإنسانية أكبر فائدة من خلال اكتشافاتهم. تبلغ قيمة جوائز هذا العام أحد عشر مليون كرونة سويدية (حوالي 930 ألف يورو) لكل فئة، أي بزيادة قدرها مليون كرونة عن العام الماضي.
واحة الثقافة - لماذا لن يحصل ستيفن كينغ على جائزة نوبل أبداطقس منعزل عن الواقع؟
يشكك عالم الاتصالات كورينغ فيما إذا كانت الجوائز الشهيرة يمكن أن تكون مصدراً للثقة في العلوم، مشيراً إلى أن جوائز نوبل يمكن أن تضطلع بالتأكيد بدور في تسليط الضوء على أهمية العلم، فهي تكرم في نهاية المطاف إنجازات تاريخية، لكنه يرى أن منح جوائز نوبل صار يمثل طقساً "منعزلاً عن الواقع إلى حد ما" بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بالعلم في كل الأحوال، وقال: "سوف ينظر الأشخاص المتشككون إلى هذا باعتباره تربيتة تأكيدية على ظهر المعسكر المضاد"، موضحاً بعبارة أخرى أن من لا يؤمن بالعلم، فلن يكون مهتماً بجوائز نوبل.
ويرى كورينغ أن عدم ذهاب جائزة نوبل في الطب السنوات الماضية إلى مطوري لقاحات كورونا، الذين أنقذوا في النهاية أرواحاً لا حصر لها حول العالم، يمثل فرصة ضائعة. وكان مطورو لقاحات تقنية الرنا المرسال (mRNA) من بين أبرز المرشحين للفوز بالجائزة منذ أزمة كورونا عام 2020، لكنهم حتى الآن يخرجون خاليي الوفاض من الجائزة. يقول كورينغ إنه حتى لو تم تكريمهم هذه المرة، "لن يتم اكتساب ثقة منكري كورونا ومعارضي اللقاحات المتشددين".
خ.س (د ب أ)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: كورونا المناخ الشعبوية ديناميت العلم ما بعد الحداثة معلومات مضللة كورونا المناخ الشعبوية ديناميت العلم ما بعد الحداثة معلومات مضللة جوائز نوبل هذا العام
إقرأ أيضاً:
تغييب أثر الرأي العام العالمي خطرٌ داهم
صراحة نيوز ـ حاتم الكسواني
رغم تشكل الرأي العام لصالح عدالة القضية الفلسطينية ، وقضايا الشعوب المقهورة المتطلعة للعدالة الإجتماعية والخروج من حالة الفقر والسيطرة ورفض الإستقواء . وتبقى الهمجية الصهيونية والإستقواء الأمريكي خير مثال على تغييب الرأي العام العالمي لسلوكهما وضربهما عرض الحائط لمواقف الشعوب وقرارات الشرعية الدولية .
فمثلا لم يحقق الرأي العام العالمي أي أثر في قرارات المستوى السياسي لليمين الإسرائيلي المتعلقة بشن حرب الإبادة في غزة ، أو في تعامل المستوى السياسي الأمريكي مع الدول ذات السيادة في كندا وامريكا اللاتينية وأوروبا والدول العربية في آسيا وأفريقيا من خلال إعلانها نيتها ضم كندا وجرينلاند وقناة بنما لسيادتها أو نيتها الاستيلاء على غزة والطلب من مصر عدم تقاضي أية بدلات عن مرور سفنها من قناة السويس والطلب من دول الخليج العربي والسعودية للإستثمار بمليارات الدولارات في الإقتصاد الأمريكي، وفرض تسوية على روسيا واوكرانيا في حربهما وإجبار اوكرانيا بغقد صفقة المعادن النفيسة مقابل ما صرفته أمريكا في دعمها لحربها مع روسيا .
ونجد أيضا أن الرأي العام العالمي لم يحقق مطالب الجماهير العالمية في إلتزام الدول بمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان بصورة شكلت إنفلاتا دوليا تمثل بعدم الإستجابة لقرارات هيئة الأمم المتحدة ، ومحكمة العدل الدولية ، بل أن الدول المعتدية عسكريا لم تتورع عن إرتكاب جرائم الإبادة الجماعية وضرب المرافق الحيوية المحرم الاعتداء عليها وفق شرعة الأمم المتحدة وقراراتها كمرافق الطاقة والمياه والمرافق الصحية من مستشفيات وعيادات ومراكز صحية ، والمرافق التعليمية والمطارات المدنية ودور العبادة ، أو إستخدام أسلحة الحصار والتجويع والتعطيش للمدنيين العزل … وغيرها .
وقد كان من أسباب ذلك نمو التطرف في معظم دول العالم ، ووصول الأحزاب اليمينية لسدة الحكم في كثير من دول العالم حيث نجد ذلك جليا في إسرائيل وأوروبا وامريكا ، وفشل كل محاولات الشعوب في الدول ذات الحكم الشمولي ” دول حكم الحزب الواحد ” أو دول حكم العسكر من إنجاح ثورات الربيع الهادفة لإحداث الإصلاح الديموقراطي، والإحتكام لصناديق الإقتراع المفضية لحكم الشعب .
ويرسم هذا الأمر صورة سوداء قاتمة لمآلات التطور السياسي والاجتماعي والإقتصادي للدول ، ومآلات اماني الشعوب بالحرية والاستقلال والتحرر من التبعية وتقرير المصير .
ونحن نرى بأن حال العالم ينذر بالخطر وبتدهور معايير السلم العالمي والامن المجتمعي ، الذي سيقودنا لا محالة إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر في ظل إمتلاك عديد من الدول لأسلحة الدمار الشامل حيث سيتشكل بعدها عالم مدمر مهزوم بلا ضوابط أو قيم ياكل فيه القوي الضعيف ولا تحكمه معايير إنسانية ولا منظمات دولية … عالمٌ تسود فيه شريعة الغاب .
كل ذلك يدعونا إلى قرع ناقوس الخطر والدعوة إلى إحترام رأي الشعوب ومواقفها إتجاه قضايا العالم ، لأن الرأي العام للشعوب هو المقياس الحقيقي الذي يجب أن تعتمده دول العالم في إتخاذ قراراتها العسكرية والاقتصادية والاجتماعية