الشرطة السودانية تعلن استرداد سجلات المجرمين والمطلوبين للعدالة وتحدد مواقع استخراج شهادات السفر
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
عطبرة- تاق برس- اعلن اللواء شرطة عبدالكريم حمدو مدير الادارة العامة للادلة الجنائية، في الشرطة السودانية، عن استرداد نسخة من نظام سجلات كل المجرمين والمطلوبين للعدالة بجانب العمل على استعادة واسترداد البصمة. وأشار إلى أن عمل الأدلة الجنائية مستمر في كافة ولايات البلاد دعما للعمل الجنائي عبر خدمة فحص الحالة الجنائية (الفيش) لكل المعاملات داخل السودان كالمرور وتصديق السلاح.
وقال حمدو طبقا للمكتب الصحفي للشرطة، إن خدمة شهادة حسن السير والسلوك الخاصة بالسفر للخارج تتوفر فقط في مدينتي عطبرة وبورتسودان.
ونوه إلى أن الحرب الدائرة في الخرطوم افقدت الادارة نظام فحص الجينات الوراثية (Dna) بجانب كل الكلاب الشرطية الا ان هنالك كلاب شرطية أخرى مدربة تعمل في الولايات وتساهم في كشف الجرائم اخرها جريمتي قتل وقعت بمدينة الحواتة بولاية القضارف.
وأوضح أن الادلة الجنائية تتدخل في جرائم تزوير شاسيهات العربات والتزوير في الارقام المتسلسة للاسلحة ولديها الكفاءة في اكتشاف اي عمليات تزوير ترتكب بشانها.
ونوه ان ادارته استنافت مباشرة نشاطها من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل وتعمل ضمن لجنة تفعيل العمل الجنائي التي تعني بالجرائم والانتهاكات والمخالفات التي ارتكبت اثناء الحرب وتطمئن المواطنين ان خدمات الادارة متاحة الان في كل الولايات
المصدر: تاق برس
إقرأ أيضاً:
مخطط لحماية الثورة السلمية السودانية- رؤية واقعية لمواجهة القمع والحرب
طرحت هذا التصور في ليلة سياسية عبر تطبيق "زووم"، شارك فيها عدد من الطلاب السودانيين في جنوب شرق آسيا، وذلك لمناقشة قضايا الحرب والثورة في السودان، والسعي نحو رسم معالم لخطة حماية الثورة السلمية وسط هذا الواقع بالغ التعقيد.
الوضع الحالي في السودان يُعبّر عن مرحلة من الانهيار والتشظي، حيث تتعرض الثورة السلمية لقمع منهجي يُحاول تجريدها من أدواتها وتفريغها من مضمونها الأخلاقي. يتمثل هذا القمع في الحظر الأمني للتظاهرات، والاعتقالات التعسفية، وحملات التشويه الممنهجة، فضلاً عن محاولات خلق خطاب بديل يُصور السلمية كفعل عدمي غير مجدٍ.
لكنّ الثورات العظيمة لا تموت، بل تعيد تعريف نفسها حين تتغير الظروف. المطلوب ليس الانكفاء أو الانتحار السياسي، بل تطوير أدوات نضال تُناسب اللحظة التاريخية وتُبقي على جوهر الثورة: مدنية، سلمية، شعبية.
الخطوة الأولى في حماية الثورة تبدأ من الداخل، من إعادة بناء التنظيم الذاتي للثوار. خلايا المقاومة يجب أن تكون لا مركزية، مرنة، وقادرة على العمل بسرية في الأحياء، الجامعات، وأماكن العمل. لا بد من تجاوز المركزية السابقة التي سهّلت على الأجهزة القمعية تفكيك الحراك. هذا لا يعني غياب القيادة، بل إعادة إنتاجها من القاعدة إلى الأعلى، لا العكس.
ثمّة حاجة ملحة إلى توحيد الخطاب السياسي. فوضى البيانات، وتعدد المنصات، واختلاف الأولويات أربكت الشارع وأضعفت الروح الجمعية. آن الأوان لإطلاق منصة جامعة لقوى الثورة تُحدّد بدقة الأهداف السياسية العاجلة مثل وقف الحرب واستعادة الحكم المدني، والغايات الكبرى مثل بناء الدولة الديمقراطية القائمة على العدالة والمواطنة.
المقاومة السلمية لا تعني الاقتصار على التظاهر في الشارع. بالعكس، يجب توسيع مفهوم العصيان المدني ليشمل مقاطعة اقتصادية للكيانات المرتبطة بالعسكر والدعم السريع، وتعطيل جزئي ومدروس للمؤسسات الخدمية الرسمية، وإطلاق حملات عدم تعاون تتسم بالاستمرارية والذكاء.
الفن والثقافة والإعلام ليست كماليات في المعركة، بل أدوات مركزية فيها. الثورة السودانية أثبتت منذ بدايتها أنها ثورة وجدان بقدر ما هي ثورة مطلبية. الأغنية، الصورة، القصيدة، الفيديو القصير، يمكن أن تهزم دبابات كاملة حين تمسّ ضمير الناس وتُعيد لهم الإحساس بالكرامة والقدرة. نحتاج إلى إنتاج إبداعي كثيف يعكس همّ الثورة اليومي، ويُفند روايات الحرب والخضوع، ويُعيد الثقة لجمهور أنهكته التضحيات.
لا بد كذلك من تفعيل أدوات المقاومة الرقمية. اختراق الفضاء الإلكتروني الذي تحتكره سرديات السلطة ومرتزقة الإعلام أمر بالغ الأهمية. هذا يتطلب بناء إعلام بديل، آمن، سريع التفاعل، ومؤثر في الرأي العام المحلي والدولي. البودكاستات، الصحف الرقمية، مجموعات الواتساب والتليغرام المشفرة، كلها ساحات مقاومة ينبغي استغلالها.
القاعدة الشعبية هي روح الثورة. لا يمكن حماية الثورة من النخب فقط، بل من الناس البسطاء الذين صدقوا وعدها الأول بالكرامة والحرية. تمكين النساء والشباب في مجتمعاتهم المحلية، دعم المبادرات النسوية، تنظيم لجان الإغاثة والمطابخ المجتمعية، إنشاء مراكز تعليمية مؤقتة في مناطق النزوح، كل ذلك يضع الثورة في صميم الحياة اليومية.
على الصعيد الدولي، يجب تجاوز الشعارات الفضفاضة، والعمل المهني الدقيق على توثيق الجرائم والانتهاكات، وجمع الأدلة بشكل قانوني، والتواصل مع المؤسسات الحقوقية. كما يجب فضح دور بعض الدول الأجنبية التي تساهم في تغذية الحرب وتسليح الأطراف المتصارعة. حملات التضامن الإقليمي والعالمي تحتاج إلى بناء تحالفات مع حركات مماثلة في إفريقيا والعالم العربي والشتات السوداني.
الخطاب السياسي الثوري يجب أن يتجدد. لغة الثورة لا يمكن أن تبقى في مكانها بينما يتحول المشهد من حرب خاطفة إلى صراع وجود. لا بد من رواية جديدة تُخاطب الجوع والخوف والبؤس اليومي، دون أن تُفرّط في الحلم الكبير. شعارات مثل "الثورة جوع لا يُقهر بالرصاص" و"سندوس الظلم بأقدامنا العارية" ليست مجرد كلمات، بل إشارات لمزاج ثوري جديد أكثر تواضعًا وواقعية.
يجب الحذر من الفخاخ السياسية التي تُنصب باسم التسوية أو الواقعية. الثورة يجب ألا تتحالف مع أي قوى عسكرية حتى لو ادّعت الوقوف في صفها. الصراع بين الدعم السريع والجيش ليس معركة الثورة، بل يجب أن تُبقي على مسافتها النقدية من الطرفين. المطلوب هو دولة مدنية بالكامل، لا اختيارات انتقائية بين عسكري وآخر.
الثورة كذلك ليست مكانًا للعنصرية أو الجهوية. كل خطاب يزرع الكراهية بين المكونات السودانية يخدم أعداء الثورة. الوحدة الشعبية ليست حلمًا رومانسيًّا، بل شرط وجود الثورة نفسها. آن الأوان لتحالفات أفقية بين الخرطوم، دارفور، كردفان، النيل الأزرق، الشرق، الشمال، والوسط، قائمة على الهموم المشتركة والمصير الواحد.
الثورة لم تنتهِ. هي فقط تمر بمرحلة إعادة تشكيل. ليست صعودًا دائمًا، لكنها لم تنكسر. فكما عادت بعد مجازر فض الاعتصام، يمكن أن تعود اليوم. المطلوب فقط أن نستبدل السؤال من: "كيف نُسقط النظام؟" إلى "كيف نُعيد بناء المجتمع المقاوم؟" وهذه ليست مهمة مستحيلة، بل حتمية.
zuhair.osman@aol.com