تمويل الإنفاق عبر الديون .. إغراء تجب مقاومته
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
المناطق_متابعات
كان هناك تركيز كبير على السياسة النقدية في أعقاب الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية، وهذا أمر مبرر. لكن إذا كانت الاضطرابات الأخيرة في أسواق السندات تشير إلى شيء، فإن الرياح تتغير. وهذا يستدعي تجديد التركيز على السياسة المالية، ومعه إعادة ضبط التفكير فيها.
استجابة لكوفيد والحرب، طلب من الحكومات أن تكون بمنزلة “ملاذ أول في تأمين مواطنيها”.
وبجمع كل ذلك، فإننا نقدر سنويا أن الإنفاق الإضافي فوق المستويات الحالية يمكن أن يتجاوز 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (ستة تريليونات دولار) بحلول 2030 في الاقتصادات المتقدمة، ويتجاوز 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (5.3 تريليون دولار) في الاقتصادات الناشئة والنامية. وبأي مقياس، فإن هذه الأرقام هائلة.
في الأيام الذهبية التي شهدت أسعار فائدة منخفضة لفترة طويلة، كان بوسع الحكومات تمويل إنفاقها عبر الاقتراض منخفض التكلفة. وفي بيئة اليوم ـ حيث أصبح من الصعب سياسيا خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب ـ فإن الإنفاق الممول بالديون ربما لا يزال يبدو مغريا. ورغم ذلك، فإن هذا سيكون خطأ فادحا، حيث يضع الديون على مسار غير مستدام مع ارتفاع تكاليف الاقتراض ارتفاعا حادا.
مع ارتفاع الديون إلى مستويات قياسية، وارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، وتوقعات النمو عند أضعف مستوياتها في عقدين، فإن الانضباط مطلوب ـ حتى بالنسبة إلى مصدري العملات الاحتياطية. في الواقع، الولايات المتحدة تعاني بعض أكبر حالات العجز، حيث بلغ 8 في المائة هذا العام، ومن المتوقع أن يكون في المتوسط 7 في المائة على مدى الأعوام القليلة المقبلة.
وبهذه المعدلات، سينمو صافي مدفوعات الفائدة الحكومية العامة في الولايات المتحدة من 8 في المائة من الإيرادات (486 مليار دولار) في 2019 إلى 12 في المائة (1.27 تريليون دولار) في 2028. نظرا إلى مركزية الولايات المتحدة في ظروف التمويل العالمية، فإن ترتيب أوضاعها المالية يشكل أهمية قصوى بالنسبة لها وإلى الحكومات الأخرى، التي تتضرر من ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملات.
لكن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي ينبغي لها أن تستجيب لهذه النصيحة. رغم اختلاف التفاصيل، فإن بعض مبادئ إعادة ضبط تفكير السياسة المالية مشتركة بين الجميع.
أولا، يتعين علينا أن نعيد النظر فيما تستطيع الحكومات أن تفعله. لا يمكنها أن تكون ملاذا أول في تأمين مواطنيها لجميع الصدمات. بلغ متوسط تدابير دعم الجائحة 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات المتقدمة، و10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة. وأنفقت الاقتصادات الأوروبية في المتوسط 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لحماية الأسر والشركات من أزمة الطاقة التي حدثت العام الماضي.
إن عددا قليلا من الدول لديها القدرة على تكرار هذه الجهود. نظرا إلى عالم أكثر عرضة للصدمات، لا بد من إعادة بناء الاحتياطيات المالية المستنفدة وتوسيع نطاقها. ينبغي لأي استجابات مستقبلية للصدمات أن تستهدف الفئات الأكثر ضعفا بشكل أفضل وأن تكون مؤقتة من حيث التصميم. وبالنسبة إلى بعض الاقتصادات المتقدمة التي تعاني شيخوخة السكان، فإن إصلاحات الاستحقاقات أمر لا مفر منه. يتعين على كثير من الاقتصادات الناشئة والنامية أن تعمل على تقليص أثر الشركات المملوكة للدولة، التي ترهق الخزينة العامة وتفشل في كثير من الأحيان في تقديم الخدمات بفاعلية. أما بالنسبة إلى السياسات الصناعية، فينبغي أن تكون محددة زمنيا، وموجهة بشكل فاعل لمعالجة إخفاقات الأسواق، ومنظمة جيدا لمنع السعي وراء المردود وخسارة المنافسة. يتعين علينا أن نكون صريحين: بالنسبة إلى كثير من السياسات الصناعية، لا تتم تلبية هذه الشروط ببساطة.
ثانيا، يتعين أن تواكب الإيرادات الإنفاق. أحد العناصر يتمثل في وضع حد أدنى للمنافسة الضريبية من أجل تخفيف السباق نحو القاع. من الممكن أن يؤدي الحد الأدنى من ضريبة الشركات بموجب الركيزة الثانية من الاتفاق الإطاري الشامل لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى تعزيز إيرادات الضرائب على الشركات العالمية أكثر من 6 في المائة. ولا بد أيضا من فرض الضرائب على الثروات بشكل فاعل عبر سد الثغرات في المكاسب الرأسمالية والضرائب على العقارات، وعبر إنفاذها. تحتاج الاقتصادات الناشئة والنامية عاجلا إلى تنمية قاعدتها الضريبية. تشير تقديراتنا إلى أنها قادرة على زيادة نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو خمس إلى ثماني نقاط مئوية، والاقتصادات منخفضة الدخل نحو سبع إلى تسع نقاط مئوية.
يجب أن يكون تسعير الكربون مطروحا على الطاولة. إذ يمكنه تحفيز التحول المناخي ودفع تكاليفه مع دعم الفئات الضعيفة في الوقت نفسه. والأهم، ينبغي للدول أن تستثمر في التدابير التي تعزز النمو وتساعد على تغطية تكاليفها، كالتعليم في الأعوام الأولى، والاستثمار في البنية التحتية المهمة، وتحسين الحوكمة.
ثالثا، ينبغي تعزيز الأطر المالية. هناك أكثر من 100 بلد لديها قواعد مالية لكن الانحرافات عنها متكررة. ولم يتمكن سوى عدد قليل من الدول من احتواء الديون منذ الأزمة المالية العالمية. هذا يتطلب خططا موثوقة ومدمجة بشكل أفضل مع الميزانيات السنوية ومرتكزة على أهداف الإنفاق. كما يجب أن تكون هذه الأطر قادرة على الاستجابة للصدمات لكن بآليات واضحة لتصحيح عدم الامتثال. ويمكن للمجالس المالية المستقلة أيضا تعزيز الضوابط والموازين.
هذه أوقات شاقة لصانعي السياسات. في خضم الصدمات المستمرة، فإن الضغط هائل من أجل تقديم الدعم الاجتماعي والتحول الهيكلي. ويعني القيام بذلك تحديد أولويات الإنفاق الكفيلة بزيادة النمو إلى جانب إجراء حوار جاد حول طرق لزيادة الإيرادات لضمان مسارات مستدامة للديون. ترتيب الأوضاع المالية ضروري لضمان قدرة الحكومات على تلبية حاجات شعوبها.
2 نوفمبر 2023 - 6:19 صباحًا شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد2 نوفمبر 2023 - 5:57 صباحًاتوقف الكهرباء عن المستشفى الإندونيسي في غزة.. وكارثة تلوح بالأفق أبرز المواد2 نوفمبر 2023 - 5:54 صباحًازعيم كوريا الشمالية يأمر بدعم الفلسطينيين أبرز المواد2 نوفمبر 2023 - 5:35 صباحًاحزب الله اللبناني: أسقطنا مسيرة إسرائيلية حلقت فوق المناطق الحدودية أبرز المواد2 نوفمبر 2023 - 5:00 صباحًاأمطار على منطقة القصيم أبرز المواد2 نوفمبر 2023 - 3:30 صباحًاالفيدرالي الأمريكي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير2 نوفمبر 2023 - 5:57 صباحًاتوقف الكهرباء عن المستشفى الإندونيسي في غزة.. وكارثة تلوح بالأفق2 نوفمبر 2023 - 5:54 صباحًازعيم كوريا الشمالية يأمر بدعم الفلسطينيين2 نوفمبر 2023 - 5:35 صباحًاحزب الله اللبناني: أسقطنا مسيرة إسرائيلية حلقت فوق المناطق الحدودية2 نوفمبر 2023 - 5:00 صباحًاأمطار على منطقة القصيم2 نوفمبر 2023 - 3:30 صباحًاالفيدرالي الأمريكي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير المؤشر الياباني يفتح على ارتفاع 1.22% تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2023 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عنالمصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أبرز المواد2 نوفمبر 2023 الاقتصادات المتقدمة الولایات المتحدة أسعار الفائدة فی الاقتصادات بالنسبة إلى أن تکون
إقرأ أيضاً:
الديون العالمية تحطم رقماً قياسياً جديداً وتتجاوز 324 تريليون دولار
كشف تقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي عن قفزة كبيرة في مستويات الدين العالمي خلال الربع الأول من عام 2025، حيث تجاوزت الديون الإجمالية حاجز 324 تريليون دولار، في أعلى مستوى تسجله على الإطلاق، وسلط التقرير الضوء على دور كل من الصين وفرنسا وألمانيا في دفع هذه الزيادة، بينما تراجعت مستويات الدين في دول مثل كندا والإمارات وتركيا، وسط تحذيرات من أن استمرار ضبابية السياسات المالية قد يفاقم التحديات الاقتصادية العالمية.
وأظهر تقرير مرصد الدين العالمي الصادر عن معهد التمويل الدولي أن الديون العالمية ارتفعت بنحو 7.5 تريليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، لتصل إلى أكثر من 324 تريليون دولار، وهو مستوى غير مسبوق.
وأشار المعهد إلى أن الصين وفرنسا وألمانيا كانت أكبر المساهمين في هذه الزيادة، في حين انخفضت مستويات الدين في كندا والإمارات وتركيا.
وأوضح التقرير أن الانخفاض الحاد في قيمة الدولار الأميركي مقابل عملات الشركاء التجاريين ساهم في زيادة قيمة الدين المقوم بالدولار، لكن الارتفاع المسجل في الربع الأول كان أكثر من أربعة أضعاف المتوسط الفصلي البالغ 1.7 تريليون دولار منذ نهاية عام 2022.
وبحسب التقرير، سجلت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي ما يزيد قليلاً عن 325 بالمئة، لكنها ظلت تتحرك ببطء نحو الانخفاض، وبلغت هذه النسبة 245 بالمئة في الأسواق الناشئة، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق.
ووفق التقرير، ارتفع إجمالي ديون الأسواق الناشئة بأكثر من 3.5 تريليون دولار إلى أكثر من 106 تريليونات دولار خلال الربع الأول من العام، واستحوذت الصين وحدها على أكثر من تريليوني دولار من هذا الارتفاع، وبلغت نسبة الدين الحكومي الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي 93 بالمئة، ويتوقع أن تصل إلى 100 بالمئة قبل نهاية 2025، أما ديون الأسواق الناشئة الأخرى (دون الصين)، فقد سجلت أيضًا مستويات قياسية من حيث القيم الاسمية، وبرزت البرازيل والهند وبولندا في مقدمة الدول التي شهدت أكبر الزيادات، رغم انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 180 بالمئة، بانخفاض يقارب 15 نقطة مئوية عن أعلى مستوى سابق لها.
وبحسب التقرير، تواجه الأسواق الناشئة رقمًا قياسيًا يبلغ 7 تريليونات دولار من مستحقات السندات والقروض حتى نهاية عام 2025، في حين تبلغ هذه القيمة في الاقتصادات المتقدمة نحو 19 تريليون دولار.
وأضاف التقرير أن تراجع الدولار ساهم في التخفيف من حدة الصدمة على الاقتصادات النامية، وحدّ من آثار التقلبات الناتجة عن الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونبّه المعهد إلى أن استمرار حالة الضبابية في السياسات قد يستدعي تبني سياسات مالية أكثر مرونة، لا سيما في الدول التي تربطها علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة.
وأعرب التقرير عن قلق متزايد من مستويات الدين الأميركي، مشيراً إلى أن الاحتياجات التمويلية الضخمة، والتي تعود جزئياً إلى خفض الضرائب، قد تؤدي إلى ارتفاع العوائد على السندات وزيادة نفقات الفائدة الحكومية، وأشار إلى أن ارتفاع المعروض من سندات الخزانة الأميركية قد يسبب ضغطاً إضافياً على الأسواق، مما يعزز مخاطر التضخم.
وخلص التقرير إلى أن رسوم ترامب الجمركية، التي تهدف إلى سد عجز الميزانية الناتج عن خفض الضرائب، قد تأتي بنتائج عكسية، لافتاً إلى أن الارتباك في السياسات التجارية أبطأ إنفاق الشركات وأثر سلباً على النمو الأميركي، مع احتمال أن تؤدي رسوم بنسبة 10% عالمياً إلى خفض الإيرادات الحكومية في حال ردت الدول الأخرى بإجراءات مضادة.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً في النمو وارتفاعاً في التضخم، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية والسياسية، ويُنظر إلى تراكم الديون، لا سيما في الاقتصادات الكبرى والناشئة، كعامل ضغط رئيسي قد يؤدي إلى إعادة تقييم السياسات النقدية والمالية العالمية، وسط تحذيرات من حدوث أزمات سيولة أو موجات تخلف عن السداد في حال استمرار المسار التصاعدي للديون.