موقع 24:
2025-06-02@06:08:07 GMT

من روسيا إلى غزة: جذور المأساة الفلسطينية

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

من روسيا إلى غزة: جذور المأساة الفلسطينية

بمناسبة ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية وخصوصاً العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، عدت إلى أوراق بحثية وكتابات قديمة مر على بعضها عقدان أو ثلاثة، تعالج وتبحث الجذور البعيدة للصراع حول فلسطين، وتحديداً صلة التاريخ اليهودي حول العالم بالسعي منذ نهاية القرن التاسع عشر لأن يكون هذا البلد هو «أرض المعاد»، التي يجب أن تكون هي الوطن القومي لكل يهود العالم.



والملفت في استعراض الملامح والمراحل الرئيسة في التاريخ اليهودي العالمي، أن ذلك الاختيار لفلسطين ومن بعده كل تلك العقود الطويلة من الصراع الدموي حولها، تكمن جذوره البعيدة في روسيا القيصرية والمناطق التابعة لها.
وقد اختلفت مدارس تاريخية كثيرة حول بدايات وجود اليهود في روسيا، وأسبابه ومساراته، إلا أنها تجمع على مروره بمراحل مختلفة، حملت على تنوعها وجهين متناقضين ومتكاملين في الوقت نفسه: الأول هو ولادة واستمرار وجود مشاعر عداء عميقة لليهود في المجتمع الروسي المسيحي أصبحت تسمى فيما بعد «معاداة السامية»، والآخر هو استمرار اليهود في لعب أدوار مركزية في المجتمع والدولة الروسيين سواء كانت مالية واقتصادية أو سياسية على الرغم من قلة عددهم بالقياس للسكان الروس المسيحيين الأرثوذكس.
في ظل هذين الوجهين، نمت جذور عزلة انعزال اليهود بداخل روسيا وعداء السكان المحليين لهم، بسبب وضعهم المتميز كتجار ووسطاء ما بين روسيا وبين دول الشرق ودول الغرب الأوروبي. وقد زاد من هذه العزلة المحاولات العديدة التي قامت بها النخب اليهودية لتهويد بعض من حكام روسيا ونبلائها، وتحويلهم عن المذهب المسيحي الأرثوذكسي، مما ولد ردود فعل عنيفة من الكنيسة الروسية وفي أوساط الفلاحين والنبلاء الروس، زاد منها الدور الاحتكاري المالي والتجاري لليهود، والذي لم تنج منه أي من الطبقتين.
وأتى موقف اليهود في بدايات القرن السادس عشر المؤيد لمملكة بولندا في حربها ضد روسيا التي كانوا يسكنون أرضها، لتضاف إلى التراكمات السابقة وتخلق موجة هائلة من العداء والاضطهاد الشعبي والحكومي للوجود اليهودي في الأراضي الروسية كلها.
وكان مجيء القيصر بطرس الأكبر للحكم عام 1682 بداية لمرحلة جديدة من تحسن وازدهار أوضاع اليهود الروس، حيث كان هو المؤسس الحقيقي للتوجه نحو الغرب الأوروبي في المجتمع الروسي. ولعب رأس المال اليهودي دوراً مهماً في تشجيع ومساندة هذا السعي نحو «أوربة» روسيا، ما ترتب عليه تخفيف كثير من القيود التي كانت مفروضة عليهم في روسيا والاستعانة بكثير منهم كمستشارين ـ وخاصة ماليين ـ في حاشية القيصر.
وما لبثت أن أدت سيطرة اليهود السياسية والمالية على سياسات الإمبراطورية الروسية إلى عودة الصدام من جديد معهم، وليتخذ القياصرة التالون الرافضون للتوجه الأوروبي الغربي قرارات عديدة بالتضييق عليهم، ومنعهم من دخول الأراضي الروسية وبقائهم فقط في مستوطنات خاصة بهم في الأقاليم المحيطة بها.
وأتت الأحداث الجسام التي شهدها عهد القيصر ألكسندر الثاني في النصف الثاني من القرن 19 لتكون هي المفجر المباشر لما سمي فيما بعد بالمسألة اليهودية ونشأة الصهيونية فكراً وحركة. فعلى الرغم من التسامح غير المسبوق لهذا القيصر مع اليهود وإلغائه معظم الإجراءات التعسفية التي طالتهم في عهود أسلافه، فإن هذا لم يمنع من مشاركة عدد منهم في اغتياله عام 1881.
وترتب على ذلك الاغتيال والعودة إلى الروح القومية الروسية، أن اندلعت موجة ضخمة من الانتقام الشعبي والحكومي من اليهود الروس، شملت عشرات من المذابح لهم وصل ضحاياها إلى عشرات الآلاف.
في هذا المناخ المضطرب خرجت إلى الوجود أهم ظاهرتين في التاريخ اليهودي الروسي والعالمي، أي الهجرة الكثيفة لليهود من الأراضي الروسية، وظهور الصهيونية كحل مقترح للمشكلة اليهودية. وبذلك يوضح إمعان النظر، أن كل ما جرى بعد ذلك ـ ولا يزال ـ من مآس للشعب الفلسطيني تقع جذوره الحقيقية في الأراضي الروسية البعيدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الأراضی الروسیة

إقرأ أيضاً:

بعد أيام من استشهاد أولاده التسعة.. الطبيب حمدي النجار يلحق بأطفاله في خان يونس

الطبيب حمدي النجار يلحق بأطفاله في خان يونس.. أعلن مجمع ناصر الطبي عن استشهاد الدكتور حمدي النجار، والد الأطفال التسعة الذين استشهدوا في قصف جوي استهدف منزل العائلة في خان يونس قبل نحو أسبوع، بحسب ما أفاد مراسل الجزيرة هاني الشاعر.

وتكشف تفاصيل المأساة عن قصة مؤلمة، حيث كانت الطبيبة آلاء زوجة الدكتور حمدي النجار على رأس عملها في مجمع ناصر الطبي عندما وقعت الغارة الجوية على منزلها في 23 مايو

واستقبلت الطبيبة تسعة من أطفالها متفحمين بفعل غارة جوية استهدفت منزلها، فيما وصل زوجها الطبيب حمدي مصابًا بجروح حرجة إلى جانب طفلهما الناجي الوحيد آدم الذي أصيب بجروح حرجة.

وروي المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البر تفاصيل المأساة قائلا الدكتورة آلاء لديها 10 أبناء، أكبرهم لم يتجاوز 12 عاما، وفي صباح المأساة، خرجت مع زوجها الدكتور حمدي النجار ليوصلها إلى عملها، وبعد دقائق فقط من عودته، سقط صاروخ إسرائيلي على منزلهم.

وأضاف عبر حسابه في منصة إكس: استُشهد تسعة من أطفالهما: يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، وسيدرا. أُصيب الطفل الوحيد المتبقي، آدم، كما أُصيب زوجها الدكتور حمدي، الذي يرقد حاليا في العناية المركزة.

اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية بغزة: قصف المدنيين خلال وجودهم في مراكز توزيع المساعدات إجرام وهمجية

لحق بأبنائه التسعة.. استشهاد زوج الطبيبة آلاء النجار في قصف إسرائيلي جنوب غزة

مسؤول في «حماس»: لم نرفض اقتراح ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة

مقالات مشابهة

  • وجدي زين الدين: إسرائيل ترتكب فظائع غير مسبوقة في غزة.. والمجتمع الدولي يتجاهل المأساة
  • تصعيد متبادل.. قتلى أوكرانيون وهجمات داخل الأراضي الروسية
  • زيلينسكي: لا أعلم ما سيثيره الروس في الجولة الثانية من المفاوضات
  • بعد أيام من استشهاد أولاده التسعة.. الطبيب حمدي النجار يلحق بأطفاله في خان يونس
  • استشهاد الدكتور حمدي النجار ملتحقا بأطفاله الشهداء الـ9 في خان يونس
  • الأونروا: مساعدات غزة لا تتناسب مع حجم المأساة الإنسانية
  • “ألاونروا”: مساعدات غزة لا تتناسب مع حجم المأساة الإنسانية
  • أونروا: المساعدات التي ترسل لغزة سخرية من المأساة الجماعية
  • تحريض إسرائيلي على المقدسيين: وجودهم يقلص عدد اليهود في القدس
  • المتاحف الروسية تفتح نافذة على التاريخ: معرض “روسيا والشرق” يصل إلى سلطنة عمان