أعادت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة طرح الكثير من الأفكار حول ثيمة الحرب والسلم، ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، وإنما في العالم أجمع، كما أنها أعادت، إلى جوار النقاشات السياسية، طرح نقاشات ثقافية وفلسفية عميقة حول جوهر القضية الفلسطينية والسياقات التاريخية المرتبطة بها بعد فترة سبات طويلة نسي العالم فيها أن شعبا ما زال يناضل من أجل تحرير أرضه وإعلان دولته.
وفي هذا العدد من ملحق جريدة عمان الثقافي نخصص ملفا حول «الحرب على غزة» يحاول أن ينظر إلى القضية عبر أبعاد متنوعة.. فإلى جوار المقاربات الفلسفية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيجد القارئ قراءة في الأعمال السينمائية التي تناولت الصراع من زوايا عدة، بينها الزوايا الإنسانية، وكيف عالجت السينما فكرة النضال الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني.. كما يجد القارئ قراءة في تناول الفن التشكيلي للصراع والثيمات التي اشتغل عليها ليكون أداة من أدوات المقاومة.
ومن غزة.. من قلب الصراع.. ينشر الملحق مجموعة من النصوص التي كتبها شعراء وقاصون ومثقفون فلسطينيون تحت القصف مباشرة، حتى لكأن رائحة البارود وقنابل الفسفور الأبيض تفوح من كل كلماتها التي تصور لحظة الشعور بالألم وموت الضمير ووحشية المحتل.
إن الحرب على غزة -كما نستطيع أن نقرأ في الكثير من المقاربات التي كتبت في هذا العدد- أكبر من مجرد سلسلة أحداث متعاقبة، إنها برؤية أخرى مرآة تعكس الحالة الإنسانية الأكبر، وتعقيدات التاريخ، والهُويات، والقوميات، والأيديولوجيات وأيضا، النضال من أجل تقرير المصير.
إن أبرز ملمح تحدثت عنه الكتابات في هذا الملف كان ملمح «موت الضمير» العالمي أمام مشهد قتل الأطفال بشكل وحشي وغير مسبوق في تاريخ الحروب، فيما تكتفي دول العالم بالصمت في أفضل الحالات، وبالتحريض والدعم العسكري في أسوئها وأكثرها مع الأسف الشديد.. وأمام هذا المشهد يتساءل الكتاب عن الطبيعة الإنسانية ذاتها وإلى أي درجة وصلت من التوحش واللامبالاة في لحظة مواجهة المعاناة والظلم.
وإذا كان الملف يطرح بعض الرؤى حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومستقبله، فإنه يفتح الباب أمام نقاشات جديدة أكثر عمقا وقدرة على الاستمرار والإقناع حول القضية من مختلف الزوايا بما في ذلك جدوى التطبيع مع إسرائيل، وهل السلام معها ممكن، ومناقشة الصراع في صورته الأكبر من الناحية الفلسفية والجذور الفكرية والأيديولوجية.
إننا ننظر إلى هذه المحاولة بوصفها تكريما لصمود الروح الإنسانية في مواجهة الشدائد، وشهادة على قوة الكلمة في نقل أعمق المشاعر وأعمق الحقائق.. رغم أننا ندرك، يقينا، أنه جهد يتضاءل كثيرا أمام مشهد أم تحتضن طفلتها الشهيدة أو أب يحمل أشلاء طفله في كيس بلاستيكي بعد أن قامت قوات الاحتلال بقصف المستشفى الذي كان يتلقى فيه الحد الأدنى من الرعاية الصحية ويذهب ليواريه التراب في مشهد لا يمكن أن تنساه الذاكرة الإنسانية الحية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی هذا
إقرأ أيضاً:
مشعل: القضية الفلسطينية استعادت حضورها الدولي والطوفان كشف الوجه الحقيقي لـ"إسرائيل"
الدوحة - صفا
قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج، خالد مشعل، إن القضية الفلسطينية تقف على حضور غير مسبوق، فقد تم استعادة روح القضية على الساحة الإقليمية والدولية، بعد أن كانت مخبأة في الأدراج، تفرض نفسها على الجميع.
وأضاف مشعل، في برنامج "موازين" على قناة الجزيرة مساء اليوم الأربعاء، أن القضية الفلسطينية اكتسبت مساحات جديدة، والمقاومة بعناوينها المعروفة، دخلت على شرائح جيل الشباب الأمريكي والأوروبي، 51% من الشباب الأمريكيين ليسوا مع القضية الفلسطينية فقط، بل مع حماس ومع المقاومة، هذا كسب جديد وكبير للقضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن القضية الفلسطينية أعادت الروح للمنطقة وللأمة، وبعد أن دخلت الأمة في نفق مظلم من عملية السلام والتطبيع ومحاولة التعاون مع "إسرائيل"، فقد استيقظت الأمة واستعادت الروح تجاه القضية.
وتابع: "نقف اليوم مع صناع هذا الطوفان، بعد عامين زاخرين بالبطولة والإبداع، والصمود والمعاناة عند الحاضنة الشعبية العظيمة في غزة التي صنعت كل هذا المجد".
وشدد على أن المسؤولية تجاه الحاضنة الشعبية في غزة كبيرة، ليست مسؤولية قيادة حماس وحدها، ولا القيادة الفلسطينية، بل الأمة كلها، وسنظل معهم بكل طاقتنا.
وأوضح أن الحراك الإقليمي والدولي تحدث في مؤتمراته عن حل الدولتين الذي كان محرماً في السابق، لأن "إسرائيل" كانت ترفضه ودمرته، وتخلت عنه الإدارة الأمريكية.
وأشار إلى أنه "خلال عامين كشف وجه "إسرائيل" القبيح، فتراها في الساحة الدولية وتجرأت عليها الدول، في الوقت الذي لم يكن أحد من الساسة والقادة قادر على التجرؤ عليها، وأصبح الإسرائيلي منبوذا لأنه ينتمي لكيان قاتل، فالإبادة الجماعية جريمة هولوكوست حقيقة".
وأردف: "كل ما نتحدث عنه من مكتسبات وتأثيرات عميقة للطوفان على مدار عامين، لكن ثمنه كان قاسياً علينا بلا شك، أكثر من 70 ألف شهيد، و200 ألف جريح، ومعاناة إنسانية ضخمة، هذا ثمن باهظ وقاسٍ دفعته غزة بالذات، وتدفعه الضفة اليوم، ولكن إن شاء الله سنعبر هذه المرحلة نحو التحرير".