البوابة نيوز:
2025-05-10@13:48:37 GMT

محمد العشى.. بسالة الحلم والتحدى المشروع!

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

 

 فى البداية تعرفت عليه على أنه أحد الفنانين الهواة، الذين لا يملكون إلا الموهبة فقط، مع إجادتهم لإستخدام الوسائل التكنولوجية التى تيسر الكثير من العمليات المعقدة فى التأليف والتوزيع الموسيقى، ثم يستعينون بمتخصصين كى يكملون لهم الجانب المنقوص، فيكتبون ويصيغون لهم ألحانهم، كى يتم تقديمها بشكل محترف!..

ولكن فوجئت حين وجدته فنانا محترفا، يحرز أهدافا فى ملعب الكبار، وهو خريج كلية التجارة، ولم ينتم فى يوم من الأيام لأى مؤسسة تعليم موسيقى!.. فيتم تكليفه من كبار المتخصصين وأمهرهم بالتوزيع الأوركسترالى، فى مناسبات هامة يمثلون فيها إسم مصر!.. وتعجبت حين تناقشت معه ووجدته مدركا لأدق التفاصيل الفنية، والتى قد تغيب عن الدارسين، بسبب الإستسهال!.. ولأننى أدرك حتمية الدراسة فى هذه المجالات، وأن الموهبة وحدها لا تكف، كنت على يقين بأنه درس وتعلم، ولكن لم أتخيل أن يكون قد حصل هذا العلم بالجهد الذاتى!..وأنه لم يملك سوى الشغف والدأب، دون أن تتوفر له أى إمكانيات!..ورغم أنه لا يزال فى أوج عطائه الفنى والمهنى، إلا أن رحلة كفاحه ونجاحه أبهرتنى، ووجدتها قصة ملهمة، وخاصة فى زمننا الذى أصبح فيه الأغلبية يبحثون عن النجاح السريع، ويتعجلون النتائج دون أن يأتون بكل الأسباب!..ولد محمد العشى فى مدينة السويس الباسلة فى عام١٩٧٧، فى أسرة مثقفة، ولكن ليس لديها إهتمامات موسيقية.. فوالده هو الكاتب الصحفى حسين العشى الذى لقب بمؤرخ المقاومة الشعبية بالسويس، والذى أسس جريدة (الوعى)عام١٩٦٦، وقام بتأليف العديد من الكتب الهامة، وعمل أيضا رسام كاريكاتير، وكان له كتابات شعرية بالعامية، وعدة أغاني في الإذاعة المصرية.. وفى نفس الوقت عمل مديرًا عامًا لشركة بتروجاس بالسويس، ثم مساعدا لرئيس الشركة القابضة للغازات)..وكان نائبا بمجلس الشورى، ورئيسا لمجلس إدارة نادي منتخب السويس..أنجب حسين العشى محمد ووفاء، ونشأ الطفلان على الثقافة والأدب وفن الكاريكاتير، وسماع عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهما من أساطين الغناء.. ولكن لم يزد إهتمام الأسرة الموسيقى عن المتبع فى أغلب البيوت المصرية التقليدية، فلم تتفتح عين الأبناء على آلات موسيقية من حولهما مثلا، أو يجدوا إهتماما بإقتناء إسطوانات للموسيقى العالمية..ولكن لحسن الحظ إلتحق محمد بمدرسة، كانت هى الوحيدة بالسويس التى تملك غرفة مخصصة للموسيقى، وبمجرد دخوله لغرفة الموسيقى لأول مرة، شعر بإنجذاب جارف للبيانو، وأصبح يقتنص الثوانى والدقائق، كى يداعب البيانو بأصابعه ويسمع نغماته، وتطور حبه للموسيقى وأصبح يقضى ساعات فى محاولة عزف بعض الألحان التى يحبها، وكانت المفاجأة حين أهداه والده أورج صغير بعد عودته من الحج..ولكن رغم ثقافة الأب ووعيه وسعة أفقه، إلا أنه بمجرد أن شعر بتعلق إبنه البكرى بالموسيقى وميله الكبير لها، رفض ذلك وحارب موهبته بكل قوة، وكان دائم الخلاف معه، وخاصة لصرامته الشديدة معه، كما هو متبع من الكثير من الآباء، والذين يظنون أن ذلك هو الطريق كى يرث أبناؤهم منهم القوة والصلابة.. ولم يجد الإبن سوى حضن جدته لأمه، والتى كانت تشجعه وتدعمه بقوة وتحميه، فكان بيتها هو ملاذه الآمن، وقضى فى غرفته فى منزلها -والتى ولد بها أيضا- أجمل سنوات عمره..كان حزنه شديدا عندما فقد الأورج الذى يقتنيه، ولم يستطع شراء غيره، ولم يجد أمامه سوى رسم مفاتيح الأورج على المكتب، وكان يقضى الساعات وهو يقوم بتدريب أصابعه على المكتب وكأنه بيانو!..كان محمد شغوفا بالموسيقى، محبا لكل ما يتعلق بها، فأخذ المناهج الموسيقية المقررة فى التعليم الأساسي على محمل الجد، وبدأ يتعلم قراءة النغمات والإيقاعات، ويحاول تطبيق ما يتعلمه على الأغانى التى يعرفها..وفجأة قرر أن يدخل مسابقة تابعة لوزارة التربية والتعليم عن المحافظة، فحقق المركز الثانى وهو فى الصف الأول الإعدادى، ثم المركز الأول فى السنتين التاليتين، وعلم نفسه عزف الماندولين، والجيتار، وحاول أيضا تعلم الفيولينة.. وحين أصبح فى الصف الأول الثانوى أصبحت وزارة التربية والتعليم تستعين به لتدريب الطلاب فى مدارس أخرى بالسويس، وكان يتقاضى ثلاث جنيهات عن الحصة!..ولشدة شغفه بالموسيقى وتعلمها، كان يدخر مصروفه، كى يأتى إلى القاهرة يوم الجمعة بسيارة أجرة، كل أسبوعين أو ثلاثة تقريبا، ويذهب من الموقف إلى محل بابازيان فى عماد الدين على قدمه، وفقا لوصف بعض أصدقائه الأكبر سنا، ولم يكن يشعر بأى تعب، وإستمرت تلك الرحلة لثلاث سنوات تقريبا، كى يشترى بعض النوت الموسيقية العالمية والكتب التعليمية..وكان يذهب من وراء والديه، ولكن بعلم جدته ومعونتها..أدرك محمد مبكرا أن الله قد منحه موهبة، وأراد أن يثقلها، فلم يكتف بتعلم النوتة الموسيقية، بل حاول تعليم الهارمونى لنفسه، وكان يقضى ساعات محاولا تحليل ما يقتنيه من مقطوعات عالمية، كى يفهم طريقة البناء الهارمونى، وطرق التعبير دراميا بالموسيقى..وشارك فى تكوين فرق موسيقية فى السويس مع زملائه الهواة، وكان الصدام شديدا مع والده السياسي البارز فى السويس، حين يذهب إلى إحدى الحفلات أو الأفراح ويجد إبنه فى الفرقة الموسيقية!.. ورفض الأب بشكل قاطع أن يلتحق إبنه بكلية موسيقية بعد الثانوية العامة، فإلتحق بكلية التجارة، لكنه لم يستسلم، وأصر على حلمه، فكان يذهب إلى كلية التربية النوعية بجامعة قناة السويس، ليتعلم من المعيدين والاساتذة قدر إستطاعته..وكانت المرة الأولى التى يفتخر والده بموهبته، حين أُعلن فى التليفزيون فوزه بالجائزة الأولى لقصور الثقافة على مستوى الجمهوية!..فأهداه والده أورج جديد بعد كل تلك السنوات!..لم يترك محمد أى فرصة تجمعه بالموسيقى، فشارك مبكرا فى أنشطة قصور الثقافة، ووضع موسيقى لبعض المسرحيات، وشارك فى فرق الجامعة، وكان يقوم بتدريب الكورال والفرق..وحرص دائما على التعلم وإكتساب مهارات جديدة فى التأليف والتوزيع الأوركسترالى، رغم الفرص التى أتته مبكرا بالتوزيع لكبار المطربين، ووضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال الدرامية..وكان من الممكن أن تفقده شغف الإستزادة من العلم..لكنه لم يكتف بالتعلم الذاتى للعلوم الموسيقية نظريا وتطبيقيا..وإشترى المناهج الكاملة لكليات(تيرينتى وبيركلى)الموسيقية، ووجد أن تلك المناهج كان قد تعلمها بالفعل أثناء رحلته الدوؤبة!..لذلك لم يكن غريبا بعد هذه الرحلة شديدة الصعوبة، والتى بدأت بشغف العلم لتحقيق الحلم، أن نراه أحد الأسماء الهامة فى المجال الموسيقى، ونجد إسمه بارزا فى المحافل الدولية، بما إمتلكه من شغف وإصرار وإخلاص وجدية، رغم ضعف الإمكانات!

*أستاذة بأكاديمية الفنون

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الوسائل التكنولوجية

إقرأ أيضاً:

نور الإبتهالات يضيء مسرح معهد الموسيقى العربية وفرقة الإنشاد الديني تتألق بأنغام السماء

تنظم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام حفلًا مميزًا لفرقة الإنشاد الديني، وذلك في تمام التاسعة مساء الأحد الموافق 11 مايو، على خشبة مسرح معهد الموسيقى العربية، حيث يتجدد اللقاء مع باقة من أعذب الأناشيد والتواشيح الدينية التي تلامس القلوب وتغذي الأرواح.

برنامج فني متنوع يحمل عبق النقاء الروحي

 

يتضمن الحفل مجموعة مختارة من المؤلفات الروحانية التي تُعد من كلاسيكيات الإنشاد الديني، أبرزها: أسماء الله الحسنى، سلام على النبي، يا صلاة الزين، صلوا على نبينا، يا رسول الله يا سندي، يا الله، عليك سلام الله، يا بشير الرحمة، نور عرش الله، خذوني على عيبي، أشتاق يا الله، يا رب صلِّ على نبينا، إلى جانب أنشودة أسماء وصفات الرسول. 

 

وقد أشرف على إعداد وتحفيظ هذا البرنامج الفنان مصطفى النجدي، فيما يؤديه نخبة من نجوم الفرقة، وهم: حاتم زايد، بلال مختار، إبراهيم فاروق، حسام صالح، أحمد حسن، محمد حسين، كريم زيدان، ومحمد نشأت.

فرقة الإنشاد الديني مسيرة عطاء ممتدة منذ السبعينيات

 

تأسست فرقة الإنشاد الديني عام 1972 على يد الموسيقار الراحل عبد الحليم نويرة، الذي قاد أولى حفلاتها في العام التالي، واضعًا حجر الأساس لمشروع فني يهدف إلى الحفاظ على التراث الغنائي الديني. 

 

وقد تميزت الفرقة بتخصصها في تقديم الألحان الدينية الأصيلة، إلى جانب اكتشافها ورعايتها للمواهب الشابة، عبر تدريبهم على أداء الأناشيد والإبتهالات وفق منهجية فنية دقيقة.

حضور دائم في المناسبات الدينية بدار الأوبرا

 

منذ انطلاقها، ارتبطت الفرقة بالمناسبات الدينية الكبرى التي تحييها دار الأوبرا المصرية على مسارحها المختلفة بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور، حيث دأبت على تقديم عروض تفيض بالخشوع والروحانية، لتكون منبرًا فنيًا يعكس جماليات الموروث الديني ويعيد تقديمه برؤية معاصرة تحافظ على أصالته.

دعوة لعشاق الفن الروحي لحضور أمسية لا تُنسى

 

يمثل هذا الحفل فرصة مميزة لعشاق فنون الإنشاد الديني للاستمتاع بأمسية فنية ذات طابع روحاني عميق، تلتقي فيها القيم الدينية السامية بجماليات الأداء الموسيقي، في إطار ثقافي راقٍ يعكس اهتمام الدولة المصرية بالحفاظ على الهوية الروحية والفنية في آن واحد.

مقالات مشابهة

  • نور الإبتهالات يضيء مسرح معهد الموسيقى العربية وفرقة الإنشاد الديني تتألق بأنغام السماء
  • مدبولي يفتتح محطة الصب السائل بميناء غرب بورسعيد.. إضافة نوعية تعزز قدرات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
  • مراسل سانا: وصول رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع إلى دولة البحرين على رأس وفد رسمي وكان في استقباله الشيخ حمد بن ناصر آل خليفة نجل ملك البحرين
  • اقتصادية قناة السويس: محطة رورو ستكون من أكبر مراكز خدمات دحرجة السيارات
  • ناهد السباعي: شعرت أنني فى أيد أمينة بـ أشغال شقة وارتجلنا بعض المشاهد l خاص
  • باحث: الهدنة الروسية الأوكرانية تشهد هدوءًا محدودًا ولكن لا تُحَل المشكلة
  • راجح داوود: منتجو «الكيت كات» تعجبوا من الموسيقى التصويرية لهذا السبب
  • دفاع برشلونة الهش يقضي على الحلم الأوروبي
  • هل دراسة الموسيقى كتخصص جامعي حرام؟.. دار الإفتاء تُجيب
  • الحزب الحاكم في جورجيا يختار رئيسا جديدا له