موقع 24:
2025-05-20@19:10:06 GMT

فلول "الربيع العربي" ودماء الفلسطينيين

تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT

فلول 'الربيع العربي' ودماء الفلسطينيين

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل ارتكاب جرائمها الفظيعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من غزة إلى الضفة، تحاول بعض الأطراف التي اعتادت الصيد في المياه العكرة، استغلال الوضع لخدمة مشروعها التخريبي الذي أثبتت الأيام أنه لا يصب في الأخير إلا في مصلحة أعداء الأمة، ولا يخدم إلا المراهنين على فشلها وتخلفها وهزيمتها الحضارية.


الواضح، أن هناك من يحاول انتهاز الفرصة للتحريض على الأنظمة الوطنية المعتدلة التي سعت دائما إلى تحصين ما يمكن تحصينه من جدار العروبة المهدد بالانهيار والاندثار، ليس فقط من القوى الإقليمية والدولية التي لا تخفي أطماعها ولا أجنداتها التوسعية، وإنما كذلك، وبالأساس، من قوى داخلية ذات مرجعيات عقائدية وفكرية متشددة، وذات مشاريع حزبية وطائفية وفئوية لا تزال تعتقد أنها قادرة على تحقيقها بالاعتماد على التضليل الإعلامي وفبركة المعطيات وتزوير الحقائق والإساءة إلى الرموز الوطنية والقومية التي طالما أثبتت حكمتها وجديتها وعمق رؤيتها وقدرتها على خدمة دولها وأمتها.
لقد عادت فلول ما سمي بالربيع العربي، لتنتهج ذات الطريق ولتعتمد نفس الأسلوب في تقسيم المجتمعات والأنظمة العربية وفق معايير سبق أن تبين فشلها، وإن تلاشت وذهبت ريحها بعد فاصل قصير من حكم التحالفات الشاذة التي كانت في الأصل وليدة مخابر الاستخبارات الغربية، ثم جاءت في سياق شكل جديد من الثورات الملونة كان الهدف منه الوصول إلى ما عجزت عنه إسرائيل حاليا وهو تهجير الفلسطينيين من ديارهم، وخاصة في غزة، والدفع بهم إلى صحراء سيناء المصرية.

إن التحالفات التي تشكلت قبيل وخلال ثم بعيد فوضى الربيع العربي، لا تزال هي ذاتها اليوم قائمة على أهدافها الأولى، وإن اختلفت أشكالها ومواقعها وأدواتها، وهي تتحدث عن موجة جديدة من الثورات قد تندلع في أي وقت، دون أن تلاحظ من حولها أن الشعوب دفعت غاليا ثمن الفوضى الخلاقة، وأنها لم تعد مستعدة لدفع المزيد من أجل طموحات حركة أو شعارات حزب أو أهداف جماعة.
خلّفت فوضى الربيع العربي خرابا في البنى التحتية بمقدار 900 مليار دولار، وبحسب تقارير الأمم المتّحدة، وفي تقديرات أوّلية لما تحتاجه إعادة الإعمار في الدول المذكورة، تحتاج سوريا إلى 350 مليار دولار، ومثلها ليبيا والعراق، كما يحتاج اليمن إلى 200 مليار دولار، وبلغ حجم الخسائر السنوية في الناتج المحلي الإجمالي العربي بقيمة 640 مليار دولار، وارتفع  إجمالي المديونيّة العربيّة من 328 مليار دولار في العام 2007 إلى 673 مليار دولار في العام 2017، كما تشرد الملايين من العرب خارج ديارهم، واتسعت دائرة الفقر والبطالة والتضخم وجاع الملايين في أوطانهم، وساد الفساد بشكل غير مسبوق، فكأنما الجراد أتى على الأخضر واليابس في الأقطار المنكوبة حينا باسم الدين والشريعة وأحيانا باسم الوطنية والديمقراطية، وظهر من علامات الشر الأشر منها، واستيقظت الفتن الدينية والمذهبية والطائفية والمناطقية، وتحركت الأطماع الشخصية والأسرية والفئوية للاستفادة من حالة الانفلات الذي عمّ كل شيء، فكانت خيبة الشعوب المريرة والقاسية من كل الشعارات التي رفعها “الربيعيون” بما في ذلك شعارات الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.
وأغرب ما في الأمر، أن الشارع العربي الذي انتفض مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سرعان ما عاد إلى هدوئه وسكونه، وتخلى عن شعاراته الفضفاضة، وبات مكتفيا بملاحقة الأخبار عبر قنوات التلفزيون وصفحات التواصل الاجتماعي، وكأنه اكتشف أن هناك من يتجهون إلى استغلال مواقفه الوجدانية والحماسية وغضبه التلقائي مما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون، واختار أن يسحب البساط من تحت أقدامهم، خصوصا وأن هناك من سعى بوضوح إلى بث الفتنة بين الشعوب وقياداتها، وبين هذه الدول وتلك، وهناك من اعتقد أن بإمكانه الالتحاق بقطار الربيع العربي بعد مغادرته مختلف محطاته من الأولى إلى النهائية.
قد يتساءل البعض لماذا لا تزال مسيرات الغضب تنشط بقوة في باريس ولندن وبرلين وواشنطن وغيرها؟ ولماذا لم يعد لها وجود في شوارع الدول العربية؟ ليأتي الجواب بأن العرب لم يعد لهم ثقة في الخطاب الإعلامي المنفلت، ولا في الشعارات الأيديولوجية المتشددة، ولا في المواقف الحكومية والحزبية والنقابية التي لم تغادر مواقع جبهة الصمود والتصدي التي تأسست في مثل هذا الشهر من العام 1977، ولم تعد أسماعها لاستقبال أصوات أخرى غير بث الإذاعات الموجهة.

إن ما تحاول فلول الربيع العربي القيام به هذه الأيام، من تحريض الرأي العام على أنظمة بعينها كانت ولا تزال تمثل صف الاعتدال العربي، لا علاقة له بمآسي الفلسطينيين وهم يواجهون عدواناً إرهابياً تدعمه حكومات “العالم الحر”، ولا بمواكب الألم والأحزان من وسط ركام البنايات المهدمة، ومن فوق جثث الضحايا، ومن وراء ستائر المأساة المخضبة بدماء الأطفال والنساء والعجائز، إلا من حيث العمل على استغلال الحالة في محاولة لإعادة الحياة إلى أجندة وقعت تحت تأثير الموت السريري منذ سنوات، وتبين أن المراهنة عليها هي في الأصل مراهنة على الفشل والهزيمة.
إن ما ذهب إليه المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش، من أن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، لم يمنع فلول الربيع العربي والميليشيات والمتطرفين من استغلال ذلك لشن حرب إعلامية خبيثة ضد الخليج ودول الاعتدال العربي ونشر الأكاذيب والافتراءات، يشير إلى أن الصورة باتت واضحة لمن يدقق في التفاصيل ولمن يقرأ المشهد بجميع جوانبه وخلفياته، حيث تحولت بعض وسائل الإعلام إلى منصات إدانة وتخوين وتكفير وتجريم لهذا النظام أو ذاك، مع الترويج المتعمد لقراءات خاطئة ومعطيات كاذبة واستنتاجات واهمة وفق التقسيم المستوحى من خطاب الفوضى الخلاقة والذي يستهدف صف الاعتدال العربي ويقدم داعمي التطرف والإرهاب وممولي الميليشيات والجماعات المسلحة والمبشرين بزمن الفتنة والانقسام على أنهم القادة والزعماء الوطنيون ورموز المقاومة والتغيير وحراس الثورات الديمقراطية وهداة الشعوب إلى ما تريد.
أهم ما تعتمد عليه تلك الفلول، هو إلغاء العقل ومعاداة الحكمة والاستفادة من حالة الغباء المستشري على الكثير من مواقع التوصل الاجتماعي، وقابلية بعض الفئات الاجتماعية للخضوع إلى لعبة التضليل الإعلامي وتصديق الأخبار الزائفة والصور والفيديوهات المفبركة والتصريحات المزورة، والترويج لأفكار وتصورات معينة بمعزل عن إكراهات الواقع الإقليمي والدولي وتعقيدات الجغرافيا السياسية وطبيعة التوازنات العسكرية والإستراتيجية التي فرضها التاريخ والجغرافيا وكرستها صراعات النفوذ بين القوى الكبرى.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الربیع العربی ملیار دولار لا تزال

إقرأ أيضاً:

المشاط: 14.5 مليار دولار تمويلات تنموية ميسرة للقطاع الخاص في 5 سنوات

أعلن مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، الموافقة على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، عقب استعراض الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مستهدفات وملامح خطة العام المالي المقبل أمام المجلس، في جلسة حضرها المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي.

وتوجهت الدكتورة رانيا المشاط، بالشكر للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، و أعضاء المجلس، على جهودهم في إرساء دعائم الديمقراطية والمناقشة البناءة لمشروعات القوانين ومختلف الموضوعات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة، ود. هاني سري الدين، رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس، و رؤساء للجان النوعية، ورؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب، على المناقشة الثرية والمثمرة لمشروع الخطة خلال الأسبوع الماضي، مؤكدة أنه تم أخذ الملاحظات القيمة التي أبداها النواب في عين الاعتبار، في إطار التكامل بين المجلس والحكومة، من أجل التنفيذ الفعال لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وحرصت المشاط، على الإجابة عن استفسارات النواب، حول مشروع قانون الخطة، مؤكدة أن خطة 25/2026 أعطت الأولوية للتنمية البشرية وتلبية متطلبات قطاع الصحة في الخطة الجديدة خاصة على صعيد الاستمرار في تنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل.

 الاستثمارات العامة 

وأكدت الالتزام بسقف الاستثمارات العامة وقدره 1.16 تريليون جنيه بخطة عام 25/2026، مُقابل استثمارات مُتوقّعة عام 24/2025 في حدود تريليون جنيه، وذلك ترشيدًا للإنفاق العام، وتخفيضًا لأعباء الـمديونية الناجمة عن خدمة الدين العام الداخلي والخارجي، وإفساحًا لـمجالات أوسع لـمُشاركات القطاع الخاص المحلي في الجهود التنموية، ولذلك فإن الأولوية للمشروعات ذات نسب التنفيذ المرتفعة، لافتة إلى توقّع تزايُد الاستثمارات الخاصة لتصل إلى نحو 1.94 تريليون جنيه، بنسبة مُساهمة نحو 63% من الإجمالي مُقابل 37% للاستثمارات العامة.


وأكدت «المشاط»، أن إعداد الخطة بالآليات الجديدة قام بها كوادر ليس فقط من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بل أيضًا من وزارات أخرى؛ تلك الكوادر قادرة على ترجمة كل العناوين والتفاصيل الفنية الدولية بالخطة، موضحة أن خطة العام القادم ستشهد اختلافًا حيث ستكون خطة ملزمة لثلاث سنوات، مشيرة إلى منصة أداء لمتابعة منفذات الخطة ومؤشرات الأداء والمستهدفات.

المشاط: 700 مليار جنيه حجم الاستثمارات الكلية المتوقعة للتنمية البشرية في 25/2026الاتحاد من أجل المتوسط يتسلّم أرفع أوسمة كتالونيا تقديرًا لجهوده الإقليمية

وأشارت إلى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، على زيادة جهود الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية سواء من خلال خطة التنمية أو الموازنة العامة للدولة، لذلك فإن الموازنة الجديدة تتضمن زيادة في مخصصات برنامج «تكافل وكرامة».


وتطرقت «المشاط»، إلى الأولوية التي توليها الدولة لتنمية القطاع الخاص من خلال الإجراءات المحفزة للاستثمارات، حيث بلغت تلك التمويلات خلال الخمس سنوات الماضية بما فيها شركات القطاع الخاص الكبرى والمتوسطة وصغيرة وغيرها من شركات ريادة الأعمال، أكثر من 14.5 مليار دولار، كما تم توفير 3.9 مليار دولار تمويلات ميسرة للقطاع الخاص لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة في آخر عامين.

وأوضحت أن الحكومة تركز على القطاع الخاص حيث أن كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات مالية واستثمارية، بالإضافة إلى استقرار الاقتصاد الكلي والمندرج ببرنامج الإصلاحات الهيكلية يهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص ضمن عدد من القطاعات كقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، والاستثمارات الخارجية المتوجهة لهذا القطاع هي كبيرة جدًا، فضلا عن قطاع الملابس الجاهزة باعتباره قطاع واعد خاصة مع الإجراءات الحمائية الدولية، وكذلك قطاع الأمن الغذائي، والتصنيع

طباعة شارك وزيرة التخطيط الاستثمارات قطاع الصحة القطاع الخاص

مقالات مشابهة

  • تصل لـ 4.5 مليار دولار.. مصر تستقبل تمويلات مالية من دول الاتحاد الأوروبي
  • المجلس التصديري: 6.1 مليار دولار صادرات غذائية في 2024
  • الزمالك يستعرض المبالغ المالية التي دفعت للمحاكم الدولية
  • وزير الاستثمار: 17 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والصين
  • الاستثمار : حجم التجارة بين مصر والصين 17 مليار دولار في 2024
  • المليارات السبعة التي أهدرناها لقصف بلد لا نعرف موقعه على الخريطة
  • المشاط: 14.5 مليار دولار تمويلات تنموية ميسرة للقطاع الخاص في 5 سنوات
  • محافظ السيادي السعودي: سنضاعف استثماراتنا في أوروبا إلى 170 مليار دولار
  • 32.6 مليار دولار لا تكفي.. العراق خارج قائمة كبار حائزي السندات الأمريكية
  • 35 مليار دولار.. أوكرانيا ترفع قيمة إنتاج السلاح رغم الحرب