«العمل» تكثف حملات التفتيش بالقطاع الخاص للتأكد من تطبيق الحد الأدنى للأجور
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
كثفت وزارة العمل حملاتها التفتيشية على منشآت القطاع الخاص، للتأكّد من التزامها بتطبيق قرار المجلس القومي للأجور بزيادة الحد الأدنى للمرتبات إلى 3500 جنيه بدلًا من 3 آلاف جنيه مع مرتبات شهر يناير الجاري.
تحسين المستوى المعيشي للعاملين بالقطاع الخاصوأكّد عبدالوهاب خضر، المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة العمل، أنَّ الزيادة التي أقرّها المجلس القومي للأجور تأتي تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتوفير جميع أنواع الرعاية والدعم للعاملين بالقطاع الخاص، وتحسين مستواهم المعيشي.
وأضاف أنَّ جميع منشآت القطاع الخاص، أبدت تعاونها واستجابتها الفورية لقرار المجلس القومي للأجور، وإقرار الزيادة في الحد الأدنى للمرتبات، لافتا إلى أن الوزارة لم تتلق أي اعتراضات أو طلب استثناء من أي من منشآت القطاع الخاص، حول زيادة الحد الأدنى للمرتبات.
وأشار إلى أنَّ حملات التفتيش على القطاع الخاص تتمّ بتوجيهات من وزير العمل حسن شحاتة يجريها المفتشون الحاصلون على صفة الضبطية القضائية، إذ لن تنحصر مهمتهم في التأكّد من تطبيق الحد الأدنى للأجور فقط، وإنما ستشمل حملات التفتيش بحث شكاوى العاملين، ومدى حصولهم على حقوقهم ومستحقاتهم المالية، ومراجعة تنفيذ توصيات مسئولي الحملات السابق وإزالة أسباب الشكاوى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحد الأدنى للأجور القطاع الخاص الضبطية القضائية بالقطاع الخاص القطاع الخاص الحد الأدنى
إقرأ أيضاً:
جهاز الاستثمار والقطاع الخاص
يشتكي بعض أصحاب القطاع الخاص ورواد الأعمال مما يسمونه ضعف السوق وبطء النمو الاقتصادي، ويعزون تلك المشكلة إلى أكثر من سبب. أول الأسباب، حسب رأي بعضهم، هو طول الإجراءات الحكومية وصعوبة الحصول على التراخيص اللازمة، وهو سبب كثر الحديث حوله إلى درجة اختلطت فيها الحقيقة بالمبالغة. السبب الثاني هو قلة الإنفاق التنموي الحكومي، وما يقال إن الحكومة تعطي الأولوية لخدمة الدَّين العام على حساب احتياجات النمو الاقتصادي، وهناك شبه إجماع على الحاجة إلى زيادة الإنفاق التنموي. أما السبب الثالث الذي يعزو إليه بعض أصحاب الأعمال مشكلة ضعف السوق وبطء النمو الاقتصادي فهو منافسة جهاز الاستثمار والشركات التابعة له للقطاع الخاص في عدد من الأنشطة الاقتصادية. هذا المقال لن يناقش السببين الأول والثاني، وإنما سيبحث في السبب الثالث، وذلك بغض النظر عن قناعة الكاتب بأهمية دور الحكومة القوي في الاقتصاد.
نتطرق أولا إلى ما إذا كانت المشكلة التي يطرحها بعض أصحاب القطاع الخاص هي مشكلة طارئة ومخالفة للقواعد التي يجب العمل بها، أم هي أصيلة في المبادئ والأطر التي تحكم أو تنظم مجالات الاستثمار لكل من القطاع الخاص والقطاع العام في البلاد. لنبدأ بالنظام الأساسي للدولة، حيث تنص المادة الرابعة عشرة منه، وهي تتعلق بالمبادئ الاقتصادية للدولة، على ما يلي:
«تكفل الدولة حرية النشاط الاقتصادي على أساس العدالة الاجتماعية والتوازن بين النشاطين العام والخاص.. إلخ». يتبيّن من روح هذه الفقرة أن ممارسة النشاط الاقتصادي في البلاد مفتوحة للقطاعين العام والخاص، وأن الدولة تكفل التوازن بينهما. لكن النظام الأساسي للدولة لم يحدد الأنشطة الاقتصادية التي يسمح أو لا يسمح للقطاع العام أو للقطاع الخاص بالعمل فيها، كما أنه لم يضع لأي من القطاعين سقوفا أو نسبا تحد من نشاطهما الاستثماري. من زاوية أخرى ينص محور الاقتصاد والتنمية في رؤية عمان ٢٠٤٠ على أن الاقتصاد العماني «منتِج ومتنوع ويقوم على الابتكار وتكامل الأدوار وتكافؤ الفرص، يسيّره القطاع الخاص، وتحققه تنمية شاملة»، وهذا نص صريح يؤكد أن القطاع الخاص هو الذي يسيّر الاقتصاد العماني. أما جهاز الاستثمار العماني، فقد حددت المادة الخامسة من نظام الجهاز أهدافه، وهي تتلخص في إدارة وتنمية واستثمار أصول سلطنة عمان، وتكوين احتياطيات، والمساهمة في توفير إيرادات للميزانية العامة، والمساهمة في تنفيذ استراتيجيات وسياسات الحكومة، وتعزيز بيئة الاستثمار في البلاد. هنا أيضا لم يضع نظام جهاز الاستثمار قيودا على استثماراته في أي نشاط اقتصادي ولم يضع حدودا لتملكه في أي قطاع أو مشروع استثماري. ولهذا السبب توجد استثمارات للجهاز والشركات التابعة له في كل القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة والزراعة والعقار والسياحة والإمداد (اللوجستيات) والاتصالات والبنوك.
ولمعرفة المزيد عما صار متعارفا عليه عن أهمية دور القطاعين العام والخاص في التنمية، نورد بعضا مما جاء في وثائق خطط التنمية الخمسية عن هذا الموضوع، ونكتفي بالخطتين الأولى والعاشرة بسبب تشابه كل الخطط في ذلك.
تنص الفقرة (ط) من أهداف خطة التنمية الخمسية الأولى (١٩٧٦-١٩٨٠) على ما يلي: «استكمال مقومات قيام اقتصاد وطني حر يرتكز على نشاط القطاع الخاص على أساس المنافسة الحرة البعيدة عن الاحتكار». أما الخطة الخمسية العاشرة (٢٠٢١-٢٠٢٥) فقد كان من بين أهدافها ما نصه: «تسعى الخطة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية ذات القيمة المضافة المحلية العالية... ومساندة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تدعيم ترابطها بالمؤسسات الكبيرة.. إلخ». كذلك من بين أهداف الخطة الخمسية العاشرة أن تصل نسبة مساهمة القطاع الخاص إلى ٦٠٪ من إجمالي الاستثمارات.
مما ورد أعلاه من نصوص أو إشارات قانونية حول القطاع الخاص والقطاع العام، فإننا لم نلحظ وجود تعريف قانوني واضح للقطاعين. كما أنه ليس واضحا ما إذا كان تعريف أي منهما يعتمد على المظلة القانونية الذي يعمل في إطارها كل قطاع، مثل أن يكون قانون الشركات هو المظلة للقطاع الخاص، ونظام جهاز الاستثمار العماني هو المظلة للقطاع العام. كما أنه غير واضح ما إذا كان من القطاع العام هو كل نشاط اقتصادي تصل نسبة ملكية الحكومة في الشركة أو المؤسسة إلى حد معين، وما دون ذلك هو من القطاع الخاص. ليس واضحا كذلك ما إذا كان المقصود «بالقطاع العام» هو فقط قطاع الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم والإسكان.. إلخ، أم أنه يشمل كذلك القطاع الإنتاجي، مثل الصناعة والزراعة والمعادن.. إلخ. لذلك فإن البحث في هذا الموضوع من الجوانب القانونية يستدعي دراسة قوانين أخرى تتعلق بالنشاط الاقتصادي في البلاد. لكن المؤشر الأهم لمعرفة مدى مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد هو ما جاء في وثيقة الخطة الخمسية العاشرة، التي ذكرت أن من بين أهداف الخطة أن تصل نسبة استثمارات القطاع الخاص إلى ٦٠٪ من إجمالي الاستثمارات. هنا أيضا يبرز تساؤل حول ما إذا كانت تلك النسبة تشمل استثمارات جهاز الاستثمار والشركات التابعة له، أم هي فقط نسبة مشاركة القطاع الخاص من غير استثمارات جهاز الاستثمار وشركاته!
من الطبيعي في بلد نامٍ، مثل عُمان، أن يكون القطاع الخاص غير قادر أو أنه غير راغب في الاستثمار في بعض القطاعات أو الأنشطة الاقتصادية، وذلك لأسباب منها المخاطر العالية للاستثمار في بعض المشاريع أو عدم توفر الموارد المالية أو الخبرات التقنية اللازمة. كما أن الحكومة قد تبعد القطاع الخاص عن الاستثمار في بعض القطاعات بغرض إيجاد توازن اجتماعي أو لتجنب وقوع بعض الأنشطة فريسة للاحتكارات، بما قد يؤدي إلى تربح rent seeking ينتج عنه إثراء فاحش لبعض الفئات على حساب الفئات الاجتماعية متوسطة أو منخفضة الدخل. لكن بعض أصحاب القطاع الخاص أو أصحاب الأعمال يشتكون أن جهاز الاستثمار قد توسع في الاستثمار في قطاعات وأنشطة اقتصادية ما كان من الضروري له دخولها.
ويرى هؤلاء أن ما لدى الجهاز من موارد وممكنات يحرم القطاع الخاص من منافسته في أنشطة هي في الأساس من مجالات القطاع الخاص الأكثر جدوى والأقل مخاطرا. ويرى هؤلاء أن دخول جهاز الاستثمار والشركات التابعة له في بعض الأنشطة الخدمية، مثل بناء أو تملك المخازن أو تقديم خدمة نقل الطرود أو بناء عقارات ثم تأسيس صناديق لشرائها ثم إعادة تأجيرها للشركات التابعة للجهاز، قد أضر بقدرة القطاع الخاص على المنافسة في سوق تلك الأنشطة. في المقابل، يجدر التنويه بأن طرح جزء من أسهم بعض الشركات في مجموعة أوكيو للاكتتاب العام كان خطوة مهمة لتعميق البورصة وتوسيع قاعدة المستثمرين، سواء كانوا من الأفراد أو من شركات القطاع الخاص. لكن شكاوى بعض أصحاب القطاع الخاص من منافسة الجهاز لهم يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وذلك من أجل تحقيق أهداف خطط التنمية التي أكدت كلها على أهمية دور القطاع الخاص في الاقتصاد. وحيث إن خطة التنمية الخمسية العاشرة هي الآن في أشهرها الأخيرة، فإنه من السهل معرفة ما إذا كان أحد أهدافها، وهو وصول نسبة استثمارات القطاع الخاص إلى ٦٠٪ من جملة الاستثمارات، قد تحقق أم لم يتحقق، وبالتالي معالجة المشكلة وتصحيح الوضع في الخطة القادمة.
خلاصة القول، إنه ليس ثمة، فيما اطلعنا عليه من الأنظمة والقوانين المتصلة بالنشاط الاقتصادي، ما يقيد دخول جهاز الاستثمار العماني في أي مشروع يرى الجهاز أو الشركات التابعة له أنه مشروع ذو جدوى من الناحية الاقتصادية. لكن الحماسة لربحية المشروع وجدواه يجب ألّا تكون الهدف الأهم للنشاط الاستثماري لجهاز الاستثمار العماني، بل عليه مساعدة القطاع الخاص على القيام بالدور اللازم في الاقتصاد. كما أن دخول الجهاز في بعض الأنشطة الاستثمارية يجب ألّا يؤدي إلى إضعاف تنافسية القطاع الخاص أو إخراجه من أنشطة مهمة وحيوية لبقاء الدور الرئيس له في تسيير الاقتصاد، وذلك كما تؤكد عليه رؤية ٢٠٤٠ وجميع الخطط الخمسية للتنمية.
د. عبدالملك بن عبدالله الهنائي باحث في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية