تكاد قضايا البيئة على كوكب الأرض تنتهي مادامت الحياة قائمة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد شعر الساسة بخطورة التهديد البيئي على الحياة، فنادوا إلى عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل لبحث قضايا الفساد في الأرض، مثل التلوث بأنواعه، وارتفاع درجة الحرارة، واقتلاع أشجار الغابات، وظهور الأمراض الخطيرة مثل الإيدز وكورونا وجنون البقر وحمى الضنك والتلوث الصناعي والمائي وغيرها.
وانقسم المتحدثون إلى عدة أقسام، أهمها العلماء والاقتصاديين وعلماء البيئة أنفسهم. ولا تزال القرارات بشأن حسم وضع حدّ فاصل بين الخطأ والصواب ، تسير ببطء شديد، وما كان من فرق العمل إلا تقليل خطر التدهور البيئي.
ومن المستحيل القضاء على التلوث – وهو من أهم مشاكل البيئة – بشكل نهائي، ولكن التخفيف منه شيء ممكن. على سبيل المثال، يقوم البنك الإسلامي للتنمية في المملكة العربية السعودية، في موسم الحج كل عام، بتصدير ذبائح الهدي إلى الدول الفقيرة، وتلفّ هذه الذبائح بأكياس مبرّدة لئلا تصاب بالعفن وتصل إلى الدول المعنية، حيث يستفيد الفقراء منها وفقًا لحاجتهم، وبذلك يتم تخفيف التلوث في مشعر منى خلال أيام التشّريق التي تشهد تركيزات غازات ضارة عالية. ومن الطبيعي التأكيد على سلامة الحجاج من جميع الأمراض من قبل السلطات السعودية كل عام.
لقد نجحت المملكة العربية السعودية في تسّيير الحشود المليونية خلال يوم عرفة ونفرة الحجاج من عرفات إلى المزدلفة، ثم رمي الجمرات والحلق والتقصير وطواف الإفاضة، وقضاء أيام التشريق في مشعر منى، ثم التعجيل أو قضاء أربعة أيام في منى، كما جاء في القرآن الكريم: “فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ”.
ولأعمال البنك الإسلامي للتنمية في مجال الحج فوائد بيئية أخرى ، من بين هذه الفوائد، يشترط على الحجاج استخدام أكياس معينة لنقل أمتعتهم ومستلزماتهم الشخصية، وهذه الأكياس تكون مصنوعة من مواد قابلة للتحلل الحيوي، مممّا يقلل من تراكم النفايات في المشاعر المقدسة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر البنك الإسلامي للتنمية وغيره من المؤسسات المالية الإسلامية ، من الرواد في تمويل المشاريع البيئية، حيث يتم توجيه استثماراتهم نحو مشاريع تهدف إلى الحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، مثل مشاريع الطاقة المتجددة والزراعة العضوية وإدارة الموارد المائية.
ويمكن للإعلام أن يلعب دورًا هامًا في رفع الوعي بقضايا البيئة وتعزيز السلوك البيئي المستدام ، وتسليط الضوء على قضايا البيئة والتأثيرات السلبية للتلوث والتغير المناخي، وتعزيز الممارسات البيئية الحسنة والابتكارات التكنولوجية التي تحمي البيئة.
علاوة على ذلك، يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورًا في تعزيز المشاركة المجتمعية في حماية البيئة وتعزيز الوعي والتثقيف وتشجيع المجتمعات على المشاركة في المبادرات البيئية المحلية مثل حملات تنظيف الشواطئ أو زراعة الأشجار.
بشكل عام، يمكن أن يعمل الإعلام بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والمؤسسات المالية والعلماء والباحثين والجمهور،على تعزيز الوعي بقضايا البيئة وتبني السلوك البيئي المستدام.
والله الموفق.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
ورشة بأبوظبي حول «دور الأعشاب البحرية في استدامة النظم البيئية»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاستضاف مركز ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ، أكبر مركز متخصّص في أبحاث وإنقاذ وإعادة تأهيل وإطلاق الأحياء البحرية في المنطقة، مؤخراً أول ورشة عمل علمية إقليمية عربية حول الأعشاب البحرية، بالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي ومعاهدة المحافظة على أبقار البحر المنبثة عن اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، وذلك بحضور البروفيسورة إيما جاكسون، رئيسة الجمعية العالمية لأعشاب البحر، والتي تشارك في هذا الحدث لدعم جهود البحث والتعاون في هذا المجال الحيوي.
جمعت ورشة العمل نخبة من الباحثين البحريين وخبراء البيئة من الإمارات، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والبحرين، والكويت، والأردن، وسلطنة عمان، حيث تناولوا الدور الحيوي لبيئات الأعشاب البحرية في دعم النظم البيئية الساحلية في العالم العربي، وتبادلوا أحدث المعلومات والخبرات حول هذه الأنواع، كما ناقشوا سبل تعزيز جهود الحفاظ عليها وحمايتها.
وتُعد الأعشاب البحرية من النباتات البحرية المزهرة التي تنتشر في المناطق الساحلية حول العالم، وتلعب دوراً أساسياً في دعم النظم البيئية البحرية من خلال تقديم خدمات بيئية حيوية، مثل إنتاج الأكسجين، وتثبيت الرواسب، واحتجاز الكربون الأزرق، فضلًا عن كونها بيئة طبيعية رئيسية للعديد من الكائنات البحرية، بما في ذلك الأنواع المهاجرة مثل أبقار البحر والسلاحف البحرية. فعلى سبيل المثال، تحتضن شواطئ أبوظبي، التي تمثل نحو 4% من إجمالي مساحات الأعشاب البحرية في العالم، واحداً من أكبر تجمعات أبقار البحر المهددة، والتي تعتمد بشكل شبه كامل على الأعشاب البحرية في غذائها، حيث تستهلك البالغة منها ما يصل إلى 40 كيلوجراماً يومياً.
وعلى الرغم من الأهمية البيئية الحيوية لمروج الأعشاب البحرية، فإنها تشهد تراجعاً مقلقاً على مستوى العالم، حيث تفقد ما يقارب 110 كيلومترات مربعة سنوياً منذ عام 1980، نتيجة لضغوط بيئية وتنموية، أبرزها التوسع العمراني في المناطق الساحلية وموجات الحر البحرية.
تقنيات الرصد
أكد أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي، أهمية المشاركة في الورشة، وقال: «تلتزم هيئة البيئة - أبوظبي بالتعاون مع شركائها المحليين والإقليميين والدوليين للعمل على تطوير أدوات حماية أنظمتنا البيئية البحرية، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الرصد المتقدمة، لتعزيز فهمنا لمروج الأعشاب البحرية وحمايتها في جميع أنحاء المنطقة العربية نظراً إلى أهميتها في حفظ التنوع البيولوجي واحتجاز الكربون ما يعزز مرونة أنظمتنا البيئية الساحلية.
وقالت الدكتورة إليز ماركيز، مديرة مركز ياس سي وورلد للبحوث والإنقاذ: «تمثل الأعشاب البحرية عنصراً أساسياً في النظم البيئية البحرية، حيث تؤدي دوراً حيوياً ليس فقط في دعم التنوع البيولوجي، بل أيضاً كمخازن طبيعية للكربون الأزرق. ومن خلال برنامجنا البحثي المتخصّص، يواصل المركز جهوده لتعزيز الفهم العلمي لأنظمة الأعشاب البحرية في الخليج العربي والمنطقة ككل. وتُعد هذه الورشة خطوة بارزة نحو إطلاق تعاون علمي متقدم يعزّز أبحاث الأعشاب البحرية».
وسلّط ممثلو اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة الضوء على مبادرة الأعشاب البحرية 2030، التي جرى إطلاقها خلال فعاليات «COP28».