هيئات الأزهر تستعرض في مؤتمر علمي رؤيتها لصناعة وعي فكري آمن
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
ترأس الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، الجلسة الرئيسة بمؤتمر كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن"، والذي شارك فيها ممثلي الهيئات الأزهرية، للنقاش حول رؤية الهيئات الأزهرية في صناعة وعي فكر آمن، لتحصين الشباب وتحقيق استقرار المجتمعات.
وقال فضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن الهيئة تأتي على رأس المرجعيات الإسلامية في العالم الإسلامي، المنوط بها التصدي لمشكلات الأمة وواقعها، وهي مهمة ثقيلة خاصة في ظل الأحداث المتلاحقة، والهيئة عبر تاريخها تصدت لكثير من القضايا التي كانت تؤرق المجتمع في زمانه، ومسؤولية كبار العلماء هي البحث عن حلول للقضايا التي تطرأ في كل عصر، مشيرا إلى أن الهيئة تصدت لكل المشكلات العالمية وأحدثت في كل مواقفها توازنا أعاد للمجتمع استقراره وحفظ له أمانه، بجانب حفاظها على ثوابت الدين وتشريعاته التي حاول البعض في هذه المرحلة أن ينتهكها بدعوى الحرية وغيرها من الدعوات التي تهدف إلى النيل من ثوابت الدين، موضحا أن الهيئة تعمل على تصحيح الفكر من خلال سلسلة من اللقاءات التي يواظب عليها أعضاء الهيئة للتلاحم مع الشباب والنقاش لحمايتهم من التجريف الفكري الذي يحاول أن يعصف بعقول شبابنا.
من جانبه، دعا الدكتور عبد الدايم نصير، مستشار فضيلة الإمام الأكبر لشئون التعليم، إلى ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى تحصين الشباب عبر كل المنصات باستخدام كافة الأساليب، وهذا هو دور المؤسسة الدينية، لأن تأثيرها كبير على الشباب، فمرحلة الشباب هي المنوط منها التغيير وبالتالي تحتاج إلى حماية كبيرة وبخاصة أن الشباب أكثر تعرضا لمستجدات الأمور، ويجب أن نعمل على إعاقة الانحرافات الفكرية من الوصول إليهم، وأن نملأ فراغات الشباب بأشياء مفيدة، وهذا هو واجبنا جميعا.
وبين فضيلة الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والدعاة، إن الشراكة بين المؤسسات الدينية والهيئات الأزهرية، تحتاج إلى المضي قدما في التجديد والمواكبة، وهو ما دفعنا اليوم للحوار والنقاش حوله، بجانب التنسيق بين كل الهيئات المعنية بالفكر والدعوة، لأن التنسيق يضمن لهم قوة إضافية ويحقق تكاملا يستطيع أن يواجه الانحرافات الفكرية مهما كانت قوتها، وأن يكون هناك وحدة منهج وليس وحدة منبر، لأننا في حاجة إلى كل المنابر، بجانب التنسيق مع كافة المنابر التي تصل إلى الشباب في دعم منهج الأزهر.
وفي كلمة التعليم قبل الجامعي، قال الشيخ عوض الله، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية، إننا في قطاع المعاهد نعمل على تشكيل الوعي لدى طلابنا وفق تعاليم الإسلام، مع الأخذ في الاعتبار المستجدات التي تطرأ في الحياة بشكل عام، كما نعمل على إعداد المناهج بشكل يسهم في الاستقامة الفكرية والانضباط الأخلاقي والانتظام السلوكي، وما زالت عملية التطوير مستمرة تماشيا مع مستجدات القضايا التي تظهر، لنضمن حماية أبنائنا من الأفكار المتطرفة التي يسعى البعض إلى ترويجها في مجتمعاتنا.
من جانبها أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، أن اللغة العربية هي الضمانة الحقيقة لحماية الوعي وتحقيق الفكر الأمن، لذا نسعى في الأزهر الشريف على ترسيخ اللغة العربية في المجتمعات الإسلامية، من خلال جملة من البرامج والمشروعات التي تهدف إلى صناعة شباب يعتز بلغته العربية وثقافته الإسلامية، وهو ما يضمن انحدار الأفكار المتطرفة التي تحاول اختراق المجتمع، لذا نعمل على تحقيق العديد من المبادرات من خلال الشراكة مع العديد من الجهات، لأن الأزهر يؤمن بأهمية تكامل الجهود
ونظمت كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر مؤتمرها الدوري الثالث، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن"، انطلاقًا من إيمانها الراسخ بضرورة مناقشة التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه العالم الإسلامي، والسعي إلى توحيد الجهود الدعوية لبلورة حلول فعالة، لتعزز وعي فكري سليم يحصن المجتمعات من الأفكار المتطرفة ويواجه الغزو الثقافي بعلم راسخ وفهم مستنير.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الأزهر الدعوة الشباب المجتمعات العلماء صناعة وعی وعی فکری نعمل على
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: الانحراف الفكري هو البوابة الكبرى لتفكيك المجتمعات
قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إنَّ أخطر ما يواجه الأمَّة في حاضرها ومستقبلها هو الانحراف الفكري، بكل أطيافه وألوانه، موضحًا أن هذا الانحراف هو البوابة التي تُفضي إلى تفكيك المجتمعات وتمزيق أوصالها، ويبدأ عادةً من وعيٍ غير منضبط، يتحوَّل سريعًا إلى أرض خصبة لنمو الإرهاب والتطرف.
وأضاف الجندي، خلال كلمته صباح اليوم، الأربعاء، بالندوة الخامسة في الأسبوع الدعوي السابع، الذي تُنظِّمه اللجنة العُليا للدعوة بجامعة الإسكندرية، أنَّ الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، يمثِّل في منهجه وفكره المعتدل بوصلةً راسخةً لتحقيق الأمن الفكري، باعتباره الحصن الأوثق لحماية الأوطان والعقول من الانزلاق في دوائر التشدُّد والانفلات الفكري.
وأشار إلى أنَّ بناء الوعي لا يتحقَّق إلا من خلال شراكة تكامليَّة بين الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام والصُّحبة الآمنة.
وأوضح الأمين العام أن ما يُعرف بـ"تشنُّج الوعي الفكري" إنما هو نتيجة مباشرة لترنُّح العقل بين مغذيات معرفية ملوثة تُضَخُّ عبر قنوات تقنية مجهولة، وبتوقيع أقلام مغرضة، تستهدف زعزعة الثوابت، وخلخلة القِيَم، وجرَّ الإنسان نحو دوائر الشك والتشويه، لافتًا إلى أنَّ ضبط هذه المسارات لا يكون إلا من خلال توجيه واعٍ للمنصَّات الرَّقْميَّة لبناء وعي شبابي آمن، يصدِّر خطابًا رصينًا في مواجهة الأفكار الظلاميَّة التي تستغل الإسلام لترويج التطرُّف، والإلحاد، وانحلال الأخلاق، وانهيار الهُويَّة.
وأكَّد فضيلته أنَّ الأمن الفكري ليس خيارًا هامشيًّا؛ بل ركيزة استراتيجية من ركائز الأمن المجتمعي، فهو السور الذي يحتمي به أبناء الأمَّة حين تتكاثر التهديدات، وتتفاقم التحديات، وأنَّ بناء الأوطان مرهون ببناء الوعي، فمِن دون وعي سليم لا يمكن للمجتمعات أن تُبنَى، ولا للأمن أن يتحقَّق، ولا للتنمية أن تُثمر.
وتابع أنَّ الأزهر الشريف قد اضطلع بدَور كبير في ضبط الوعي الفكري؛ من خلال تقديم خطاب عقلاني برهاني لا يقوم على العشوائية؛ بل على الأدلَّة العقلية والنقلية، مع استحضار تجارِب الأمم التي انقلبت على الفطرة، كما في قصَّة قوم لوط؛ إذْ شكَّل التمرُّد على التكوين الإنساني سببًا للعقاب الإلهي، مبيِّنًا أنَّ حماية الإنسان مقصدٌ أساسٌ مِن مقاصد الشرع.
وأردف أنَّ دلالات عبارة (وعي فكري آمن) تنبثق من مكونات تنعكس عنها نتائج؛ هي: المكون الأول (العقدي الإيماني)، ونتيجته ضبط التفكير في مسار العقيدة وتنزيه الله تعالى ورسله وكتبه وجميع ما أمرنا بالإيمان به، وبعيدًا عن هذا يتجه الوعي إلى (إرهاب الإلحاد) وفقدان الوعي للضابط المقدَّس، والمكون الثاني (الروحي والأخلاقي)، الذي يُعد صمام الأمان في وجه موجات الشذوذ والانحلال.
ولفت إلى أن الأزهر قد أولى هذا الجانب اهتمامًا بالغًا في منهجه التربوي والسلوكي، متخذًا من تراث كبار العلماء أمثال الغزالي، والجنيد، وابن عطاء الله السكندري، وغيرهم، منارات في هذا الطريق، والمكون الثالث (العقلي والمعرفي)، الذي يُشكِّل الدرع الواقية من التطرُّف والانحراف عن مقاصد الشريعة، موضحًا أن علماء الأزهر منذ القدم، وعلى رأسهم الأشاعرة، أَوْلَوا العقل مكانته الحقيقية كأداة لفهم النقل، والتمييز بين الحق والباطل.
وشدد الأمين العام في ختام كلمته على أنَّ حماية الوعي مِنَ التردِّي والهذيان لا تتمُّ إلا ببناء الإنسان، وأنَّ بناء الإنسان هو الضامن الحقيقي لحماية الأوطان، لا سيَّما في ظلِّ ما تشهده المنطقة من اضطرابات، مؤكِّدًا أن ما نحتاجه اليوم هو أجيال جديدة تجمع بين العقيدة والعمل، وبين الأخلاق والعِلم، وبين الأصالة والابتكار، وتجسِّد روح علماء الأمَّة، وأنَّ الأزهر الشريف، بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر، ماضٍ في دَوره العالمي لتعزيز الأمن الفكري، وتحقيق مقاصد التشريع، والعمل على نَشْر ثقافة التعايش والتسامح؛ في سبيل عالَم أكثر أمانًا واستقرارًا.