سابقا كانا يدرسان معًا في كييف ثم فرقتهما الحياة لفترة طويلة في اتجاهات مختلفة. وبعد 30 عامًا جمعتهم مرة أخرى في عام 2014 في لوغانسك.
شومير يحارب ضد القوات المسلحة الأوكرانية منذ بداية العمليات العسكرية في دونباس ومعه الزوجة الرفيقة زويا.
.المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دونباس دونيتسك لوغانسك
إقرأ أيضاً:
التشخيص الخاطئ في خدمة غزاة السودان
مع أول طلقة في هذه الحرب اللعينة اتخذتُ موقفًا داعمًا للدولة ومؤسساتها ضد ميليشيا الجنجويد البربرية. هذا الموقف، الذي فصّلته مرارًا وتكرارًا، يرتكز على فرضية أساسية تتلخص في أن المليشيا الهمجية ليست دواء مناسبا لعيوب الدولة السودانية وان هذا ليس مجرد نزاع داخلي، بل غزو أجنبي.
إنّ التركيز علي أهمية العامل الخارجي لا يعني تجاهل جذور الصراع الداخلية. بل يعني الاعتراف بأن الحرب تُدبّر بالكامل تقريبًا من الخارج. فالخارج يتخذ القرارات الرئيسية، ويوفر جميع الأسلحة الفتاكة والمعلومات الحساسة، ويموّل الذراع السياسي للميليشا، ويدير حملات دعائية مُعقدة ممولة بملايين الدولارات. والأهم من ذلك، أن الخارج يوفّر أيضًا الغطاء الدبلوماسي الذي يُحيّد مراكز القوة الدولية ويُشلّ وسائل الإعلام العالمية والرأي العام في الداخل والخارج. ويتصدى للدعاية الممولة بسخاء وطنيون سودانيون بلا مقابل وبشجاعة نادرة ندرة محمد كمبال وسوزى خليل ووليد أب ركب.
كان موقفي، ولا يزال، غير محبوب على الإطلاق بين رفاقي السابقين من اليسار وفي الأوساط العلمانية والليبرالية. أصرّوا على أن الحرب مجرد صدام بين جنرالين بنفس درجة السوء – أحمد وحاج أحمد – ، أو صراعًا فصائليًا بين أجنحة مختلفة لرأسمال طفيلي، أو مؤامرة من الإخوان لقمع الثورة مع أن الأخوان لم يطلقوا كتائب ظل أو يشعلوا حربا أهلية في ١١ أبريل ٢٠١٩ بل سلموا السلطة دون أن يشعلوا حربا وان البشير قال للضباط الذين أتوا لإعتقاله “علي بركة الله، أبقوا عشرة علي البلد”.
الأصدقاء السابقين، فسروا دعم الدولة بانه يعني الانحياز إلى الإخوان والدكتاتورية العسكرية. ونتيجةً لذلك، فقدتُ العديد منهم ء. لكن، بصفتي شخصًا انطوائيًا، متوحدًا ويردو،، وجدتُ في العزلة راحةً لا عبئًا، مُتحررًا من وطأة التفاعل الإنساني المرهق.
والآن، أصدر التاريخ حكمه. يؤكد إجماع المنظمات الدولية ووكالات الاستخبارات الغربية ووسائل الإعلام العالمية أن السودان يواجه بالفعل غزوًا أجنبيًا. وهذا يُثبت بشكل قاطع أن التشخيص من قبل اليسار والليبراليين بان هذا صراع داخلي، سوداني-سوداني على السلطة في جوهره – كان خاطئًا تمامًا.
بسبب تراكم هذه الأدلة العالمية، عدّل البعض في اليسار وفي الأوساط الليبرالية خطابهم بمهارة، واعترفوا بدور أجنبي “معقد” ولكنهم حاولوا تبريره أو جعله يبدوا طبيعيا بمختلف الحجج المتهافتة مثل القول بان الجيش له من يدعمه من الخارج أو أن تدخل الأجانب في الحروب الأهلية متوقع. وقد فندنا هكذا تهافت في كتابات سابقة ولا داعي للإعادة.
ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الذين أجبرهم الإعلام العالمي علي الاعتراف بالدور المدمر للأجانب في إبادة الشعب السوداني، لم يكن لهذا الاعتراف أي تأثير يُذكر على موقفهم الأساسي من الحرب أو خطابهم أو مطالبهم. وهذه مفارقة مركزية: كيف يُمكن للمرء أن يكتشف أن الصراع هو مشروع إمبريالي يهدف إلى تفتيت الوطن، دون أن يُراجع موقفًا قائمًا على فهم مُعاكس؟ كيف يكون الموقف ثابتًا وكذلك التموقع والخطاب والمطالب والتحالفات، بغض النظر عن كونه غزوا أجنبية أم صراعا بين جنرالين أو بين أجنحة راسمالية طفيلية؟
أما الليبراليون علي سنة خطاب الهويات الأمريكي، القايلين روحهم يسار، الذين اتهمونا بالعنصرية بنزع الجنسية السودانية عن الجنجا بالقول أن هذا غزو، ديل بنقول ليهم، بنقول ليهم، بنقول ليهم …. ما بنقول ليهم حاجة. وكذلك الذين دعوا للحياد والإستثمار في توازن ضعف بين طرفي النزاع برضو ما بنقول ليهم حاجة.
ليس هدف هذا المقال هنا إلقاء اللوم على أحد. فجميعنا نُخطئ، والتشخيص الخاطئ جزء من طبيعة البشر. القضية الأهم هي أن هذا الخطأ تحديدًا خذّل المعارضة والتصدي ومنح الغزاة ميزة هائلة مجانا، لأنه ساهم في تضليل العالم بشأن الطابع الحقيقي للحرب بإخفاء البعد الأجنبي الحاسم. وهذا فصل حزين في كتاب تاريخ القوي السودانية التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية والعلمانية والمدنية.
الطريق إلى الأمام واضح. على القوى السياسية الفاعلة الآن أن تتحمل مسؤوليتها بأن تُسمّي هذه الحرب بمسماها الصحيح: غزو أجنبي. ثم عليها أن تُجيب على الأسئلة العملية المُلِحّة المترتبة التي تلي:
ما هي أولوياتنا بالضبط والوطن يستبيحه الغزاة بالإبادة والإغتصاب اليومي؟
هل يجوز الحياد بين “طرفي النزاع”؟
ما هي أفضل طريقة لمقاومة هذا الغزو بالوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية وغيرها؟
والأهم من ذلك، هل لدينا القدرة على مُقاتلة الجيش الوطني والغزاة الأجانب في آنٍ واحد؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فيجب توضيح تفاصيل هذه الاستراتيجية التي تحارب الغزاة والجيش والاخوان في آن واحد.
كيف يكون الوطني في حياد تجاه غزو أجنبي؟
ما الفرق بين “إعتزال الفتنة” واعتزال الدفاع عن الوطن ولو بالكلمة في وجه غازٍ جائرٍ؟
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب