ماذا وراء دعوة الحوثي السعودية للتوقيع خارطة السلام؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
أثار إعلان جماعة "أنصار الله" الحوثية، استعدادها للمضي في طريق السلام، ودعوتها السعودية قائدة التحالف العربي ضدها، إلى التوقيع على خارطة الطريق التي تم التوصل إليها وتنفيذها، تساؤلات عدة حول دلالات هذا الموقف من قبل الجماعة.
وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى هذا الموقف من جماعة الحوثي أنه تطور مهم في خط سير الأحداث التي تشهدها الساحة اليمنية، فإن كثيرين يشككون في جدية الجماعة التي لديها حساباتها من وراء هذا الإعلان.
وجاء الإعلان من الجماعة الحوثية على لسان، رئيس المجلس السياسي التابع لها، مهدي المشاط، عشية الذكرى العاشرة لانطلاق "عاصفة الحزم" بقيادة الرياض 2015، في وقت سبق هذا الإعلان تهديد أطلقه عضو المجلس والقيادي في الجماعة ذاته، محمد علي الحوثي، للمملكة.
وقال محمد الحوثي في لقاء مع قناة "المسيرة" الحوثية، إن الوضع القائم بين الجماعة والسعودية هو "خفض تصعيد" وليس "هدنة" داعيا المملكة إلى أن "تحرك موضوع السلام وتمضي فيه"، مضيفا أن المراوغة ليست في صالحها.
"تلاعب في الوقت"
وفي السياق، قال رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث في اليمن، عبدالسلام محمد، إنه من الواضح أن" السعوديين يتجهون نحو الاتفاق مع الحوثي والخروج من حالة الحرب والابتعاد عن الوضع اليمني وملفاته المعقدة والبقاء في موقع الوسيط بين أطراف الحرب".
وأضاف محمد في حديث لـ"عربي21" أن التعامل مع الحوثيين صعب جدا، لأن الجماعة بين ليلة وضحاها تغير شروطها، مستبعدا "حدوث اتفاق نهائي خصوصا بعد أحداث البحر الأحمر ".
وأشار الباحث اليمني إلى أن الحوثيين بدأوا بعد أحداث البحر الأحمر يرفعون سقوفهم وشروطهم باتجاه دول الخليج وخاصة السعودية في ما يتعلق بالتعويضات وإعادة الأعمار.
وقال إنه في الوقت الذي يطلب فيه أحد قيادات الجماعة السلام كما جاء في تصريحات "المشاط"، يخرج قيادي آخر يحذر السعودية ويهددها، كما ورد في تصريحات محمد علي الحوثي.
وأكد رئيس مركز أبعاد اليمني أن الجماعة تتلاعب بالوقت، لكنها تفكر قبل أي اتفاق بالسيطرة الشاملة على اليمن، فضلا عن تسيد الجزيرة العربية.
واعتبر محمد أن حديث الجماعة الحوثية عن السلام مجرد لعب بورقة الوقت، وإذا توافقت أي جهة معها، فستطرح شروطا جديدة وبسقف أعلى من السابق.
"خارطة الطريق توقفت"
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، قد أعلنت في وقت سابق الشهر الجاري، عن توقف خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها نهاية العام الماضي من قبل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ.
وقال رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، وفق ما نقلته وكالة "سبأ" للأنباء الحكومية، إن خارطة الطريق للحل توقفت في اليمن، نتيجة التصعيد العسكري في جبهات القتال بالمحافظات اليمنية، وما يحدث من تحشيد وعسكرة وعمليات حوثية في البحر الأحمر.
وأواخر ديسمبر 2023، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بمجموعة تدابير لـ"وقف شامل" لإطلاق النار في عموم البلاد، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
وقال مكتب غروندبرغ حينها، في بيان: "بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في العاصمة السعودية الرياض والعاصمة عُمان مسقط، بما في ذلك رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، وكبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، فإن غروندبرغ رحب بتوصل الأطراف إلى الالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن".
"جني الثمار"
من جانبه، يرى رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري أن جماعة الحوثي تضغط باتجاه جني ثمار المرحلة الماضية في ظل تعزيز حضورها كقوة باتت القوى الدولية عاجزة عن مواجهتها وكسر شوكتها.
وقال الخضري في حديثه لـ"عربي21" إن الجماعة تعرف أن الوضع العربي في أسوأ أحواله وإنَّ السعودية بحاجة إلى تحقيق سلام في اليمن لأنَّ مِن شأن انفجار الوضع اليمني تضرر المملكة بشكل أو بآخر.
وبحسب الباحث اليمني فإن التحالف العربي للأسف، أضاع فرصا عديدة دون أن يغتنمها لصالح استعادة الدولة حيث توجَّه لتمزيق الجغرافيا اليمنية وعسكرتها وإضعاف الدولة ليجد نفسه اليوم أمام قوَّة تهدد مصالحه وتفرض أجنداتها عليه.
وتابع بأن الجماعة بعد تسع سنوات من عاصفة الحزم باتت قوية متمكِّنة على الأرض، مؤكدا أن هناك مسعى لمنحها صيغة قوة إقليمية يتعاطى معها الغرب من منطق مراعاة مطالبها، في حين أن دول الخليج باتت في موقف أضعف.
ولم يستبعد أن يكون تحرُّك الجماعة في هذا التوقيت بإيعاز غربي لدفع السعودية إلى التطبيع في مقابل إغلاق الملف اليمني وتأمين جبهتها الجنوبية، خصوصًا أن المملكة لا تزال تستعصي حتى اللحظة عن قبول التطبيع بشكل علني".
وقال: "وعليه فالغرب يعطي الحوثيين حجما أكبر للتلويح بها ضد السعودية ودول أخرى، وأشار رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات إلى أن الجماعة الحوثية تحاول تسجيل نقطة إيجابية ولو في البعد الإعلامي على سبيل الدعاية والبروباغندا التي مِن شأنها أن تجعل الأطراف الأخرى في حرج وهي تتمسك بالحسم العسكري تجاه جماعة تهدد الملاحة الدولية وتتعاطى مع هذا الملف مِن منطلق تحقيق نقاط قوَّة لها وخصوصا الشرعية"، على حد قوله.
ومنتصف مارس/ آذار الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ خلال إحاطته أمام مجلس الأمن أن "مجال وساطته في اليمن أصبح أكثر تعقيدا رغم الجهود المبذولة لحماية عملية السلام بعيدا عن التأثيرات الإقليمية".
ومنذ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا بشن العديد من الضربات ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها بينها صنعاء، بهدف ردع الجماعة، عن الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية والقطع البحرية التجارية المتجهة إلى "إسرائيل"، في سياق تضامنها مع غزة، كما تقول الجماعة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثية السعودية اليمنية السعودية اليمن الحوثي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الحوثی خارطة الطریق أن الجماعة رئیس مرکز فی الیمن
إقرأ أيضاً:
مزارعو اليمن تحت الوصاية الحوثية.. لا حصاد بدون إذن ودفع
في سلوك يعيد إلى الأذهان ممارسات الإقطاع والجباية التي كانت سائدة في العهد الإمامي، أقدمت مليشيا الحوثي على خطوة جديدة تعكس طبيعة سيطرتها الاقتصادية على المواطنين في مناطق نفوذها، حيث أصدرت تعميمًا رسميًا يمنع المزارعين من بدء عملية الحصاد دون إذن مسبق من الجهات الحوثية.
ويأتي القرار مع اقتراب موسم الحصاد لعام 2025، في إطار حملة جبايات واسعة تستهدف مصادر الدخل الريفية بعد إنهاك القطاعات التجارية والحضرية بالضرائب والإتاوات.
وكشفت وثيقة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، صادرة عما تسمى بـ"الهيئة العامة للزكاة" التابعة لجماعة الحوثي، عن قرارات جديدة تقيّد حرية المزارعين في جني محاصيلهم، حيث نصّت بوضوح على "منع أي عملية حصاد (صراب) إلا بعد الإبلاغ المسبق والحصول على تصريح من الجهات المختصة".
وبحسب مصادر محلية في محافظات تعز، إب، ذمار الحديدة، بدأ عناصر من لجان الزكاة الحوثية بالنزول الميداني إلى القرى والمزارع، لفرض كشوفات بحصر المحاصيل الزراعية قبل حصادها، بهدف تحديد ما تسميه الجماعة "نسبة الزكاة"، بينما يصفها الأهالي بأنها إتاوات قسرية تتجاوز كل المعايير الشرعية والقانونية.
وأفادت المصادر أن هذه الإجراءات أثارت استياءً واسعًا في أوساط المزارعين، الذين يعتبرونها "نهبًا منظمًا للثمار بعد شهور من التعب والكدّ"، لاسيما في ظل ارتفاع كلفة الزراعة وشحّ المياه وغلاء الأسمدة والبذور.
ويؤكد مزارعون في مناطق إب أن عناصر الحوثي تفرض حضورها في المزارع أثناء الحصاد، وتجبر المزارعين على تسليم نسب كبيرة من المحاصيل، تحت مسمى "الزكاة أو دعم المجهود الحربي"، في حين لا يحصل المواطنون على أي مقابل من الخدمات أو الدعم الزراعي.
ويشير اقتصاديون إلى أن هذا القرار يمثل امتدادًا لسياسة ممنهجة تنتهجها الجماعة لتأميم الاقتصاد المحلي، وتحويله إلى مصدر تمويل مباشر لمجهودها الحربي. فبعد السيطرة على قطاعات الوقود والاتصالات والتجارة، تتجه الآن نحو القطاع الزراعي باعتباره آخر ما تبقى للمواطنين من مورد رزق حرّ.
وتصف مصادر حقوقية هذه الإجراءات بأنها "عودة إلى نظام الجباية الإمامي"، الذي كان يُلزم الفلاحين بتسليم جزء من محاصيلهم للحاكم أو المشرف المحلي مقابل السماح لهم بالزراعة. وتضيف أن الحوثيين يستخدمون اليوم الشعارات الدينية غطاءً لممارسات "نهب اقتصادي مؤسسي" تستهدف السيطرة على موارد المجتمع الريفي.
في المقابل، يواصل الإعلام الحوثي تبرير هذه القرارات بزعم تنظيم الزكاة ومنع التهرب، فيما يراها مراقبون أداة سياسية واقتصادية لتوسيع نفوذ الجماعة وتعزيز شبكة الولاءات التابعة لها في الأرياف، على حساب آلاف المزارعين الذين يعتمدون على مواسم الحصاد لتأمين قوت أسرهم.
ويخشى مزارعون في مناطق سيطرة الجماعة أن تؤدي هذه السياسة إلى عزوف واسع عن الزراعة خلال الأعوام القادمة، في وقت يواجه فيه اليمن أزمة غذاء حادة تهدد ملايين السكان، بحسب تقارير برنامج الأغذية العالمي.