21 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: تكشف أرقام جافة عن تناقض يهز الأساسات: رئاسة الجمهورية، رمز الاستقرار الوطني، تغرق في بحر من الصرفيات التشغيلية، بينما يئن الشعب تحت وطأة الفقر الذي يلتهم أحلامه. إنها لوحة مرعبة لدولة غنية بالنفط، فقيرة في عدالة توزيع الثروة، حيث يتحول كل دينار إلى سلاح ذي حدين: يغذي الرفاهية العليا، ويحفر قبر الأمل في الأسفل.

الكشف المفجِّر: 27 مليار دينار في سبعة أشهر

وكشفت إحصاءات اقتصادية حديثة عن حجم صرفيات رئاسة الجمهورية الذي بلغ 27.655 مليار دينار عراقي خلال السبعة أشهر الأولى من العام، أي نحو 4 مليارات شهرياً.

هذا الإنفاق الهائل، الذي يعادل ثروة صغيرة، يتكون بنسبة 99% من نفقات تشغيلية: رواتب منتفخة، رحلات سفر فاخرة، مستلزمات إدارية مترفة، وحماية أمنية تكلف كالجبال.

أما الاستثمارات التنموية، فهي مجرد وميض ضئيل لا يتجاوز 151 مليون دينار، أي أقل من 1% من الإجمالي.

هذا التفاوت ليس مجرد أرقام؛ إنه إعلان عن فشل في الإدارة، حيث يبتلع التشغيل اليومي موارد يجب أن تبني جسوراً ومدارس، لا قصوراً وطائرات خاصة.

و بينما تتدفق هذه الأموال في دوامات الترف، يعاني أكثر من 17% من العراقيين – نحو 8 ملايين نسمة – من الفقر المدقع، وفقاً لاستطلاعات حديثة من وزارة التخطيط. في بعض المحافظات الجنوبية، يتجاوز الفقر 50%، حيث يعتمد 96% من الأسر على بطاقات التموين الغذائي للبقاء، ويتقاضى الفرد المتوسط دخلاً شهرياً لا يزيد عن 200 ألف دينار، مقابل إنفاق يفوق 248 ألفاً.

هذا الفقر ليس مصادفة؛ إنه نتاج تاريخ من الإنفاق غير الفعال، حيث يوظف القطاع العام 38% من القوى العاملة بتكاليف فلكية تصل إلى 40% من الميزانية السنوية، بينما يتآكل الاستثمار في الصحة والتعليم.

و في السنوات الماضية، شهدت العراق ميزانيات عملاقة – 152 مليار دولار في 2023 – مليئة بالعجز الهائل، ومع ذلك، لم تُبنَ شبكات مياه أو كهرباء كافية، مما يفاقم الجوع والمرض. الفقر هنا ليس إحصاء؛ إنه صرخة مكتومة لشعب يرى نفطه يغذي الرفاهية، لا يروي عطشه.

يثير هذا الإنفاق تساؤلات مدوِّية حول كفاءة إدارة الأموال العامة، في بلد يعتمد 85% من ميزانيته على النفط المتقلب. التركيز الشديد على التشغيل يعكس ثقافة إدارية تُفضِّل الاستقرار القصير الأجل على التنمية المستدامة، مما يعرِّض الاقتصاد لصدمات عالمية.

خبراء يحذِّرون من أن مثل هذه الصرفيات تشبه قنبلة موقوتة، تهدد بالتضخم والديون، بينما يبقى الشعب في دائرة الفقر. الحكومة تتحدث عن برامج مكافحة الفقر، لكن الواقع يصرخ بعكس ذلك: موارد تُهدر في الترف، بينما ينهار الاقتصاد الاجتماعي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الإطار:إيران الحبيبة ستحسم المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة

آخر تحديث: 19 أكتوبر 2025 - 11:42 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال القيادي في حزب الدعوة عدي عبد الهادي، وعضو الإطار التنسيقي، الأحد، إن “الانتخابات المقررة في تشرين الثاني المقبل مهمة ومفصلية، والجميع يجمع على ضرورة نجاحها وضمان مستوى عالٍ من الشفافية!!”. ويضيف أن “هناك حالياً من خمسة إلى ستة مرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، رغم أن الانتخابات لم تُجرَ بعد، لكن بشكل عام، إيران الحبيبة ستحسم المرشح النهائي لرئاسة الحكومة المقبلة بالاتفاق مع الزعامة الإطارية،هذا الاعتراف، الذي جاء من داخل إحدى الكتل الأشد تأثيرًا في المعادلة السياسية، يسلّط الضوء على ظاهرة “التدخّل الممنهج” في تشكيل السلطات التنفيذية، والتي لم تعد استثناءً بل تحوّلت إلى جزء من النمط العام لتشكيل الحكومات في العراق. تحوّل النفوذ الخارجي من عامل طارئ إلى عنصر ثابت في عملية إنتاج القرار، سواء عبر دعم مرشحين بعينهم، أو من خلال التأثير على مسارات التفاوض بين الكتل.

مقالات مشابهة

  • مرصد:أكثر من (27) مليار ديناراً صرفيات رئاسة الجمهورية خلال (7) اشهر من العام الحالي!!
  • مرصد عراقي: صرفيات رئاسة الجمهورية 4 مليارات دينار شهرياً
  • حكومة إقليم كوردستان تعلن ايداع 120 مليار دينار في حساب المالية العراقية
  • تغريم مصارف وشركات صرافة عراقية 91 مليار دينار خلال 9 أشهر
  • البورصة العراقية تتداول أسهما بقيمة 18 مليار دينار خلال الاسبوع الماضي
  • الإطار:إيران الحبيبة ستحسم المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة
  • بالوثيقة..أكثر من (155) مليار دينار ديون شركتي زين وآسيا سيل للحكومة والسوداني”ساكت”
  • وثيقة.. ديون اسياسيل وزين العراق أكثر من 155 مليار دينار
  • الدول الأكثر فقرا على مستوى العالم (إنفوغراف)