«المصري للفكر» عن «الوعد الصادق»: نقلت الصراع بين طهران وتل أبيب لمستوى جديد
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
نشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية تقريرًا عن مستقبل الصراع الإسرائيلي الإيراني، بعد تنفيذ إيران عملية «الوعد الصادق» فجر الأحد الماضي، ردًا على قصف إسرائيل قنصلية إيرانية في العاصمة السورية دمشق قبل أسبوعين.
بداية الصراع الإسرائيلي الإيرانيوأوضح المركز أنَّه مع قدوم رجال الدين إلى الحكم في طهران عام 1979 بعد نجاح الثورة الإيرانية انخرط النظام السياسي في صراع طويل ومعقد مع إسرائيل، وكان يتمّ الصدام بشكل غير مباشر عبر وكلاء إقليميين في لبنان والعراق واليمن وسوريا، فيما اشتبك الجانبان في شكل هجمات نووية في إيران أو ضد مرافق في إسرائيل في شكل مأطر للصراع، ولكن عملية «الوعد الصادق» هي أول حدث تستهدف فيه طهران إسرائيل بشكل مباشر في هجمات انطلقت من إيران، في إشارة إلى تحول نوعي في مسار صراع الجانبين.
ولم تكن حرب السفارات والقنصليات بين إيران وطهران جديدة، إذ اتهمت تل أبيب طهران بتفجير قنصلية إسرائيل في الأرجنتين في مدينة بيونس آيريس في مارس 1992 أي قبل 32 عامًا من تفجيرات القنصلية الإيرانية في دمشق.
ولفت التقرير الصادر عن المركز إلى أنَّ عملية الوعد الصادق تفتح بابا واسعا أمام إسرائيل لتنفيذ ضربة في الداخل الإيراني، بعد أن كان لا يوجد قصف مباشر بين الطرفين بشكل معلن، ليتنقل الصراع إلى مرحلة جديدة للغاية قد تنذر بوقوع صدامات عسكرية أوسع نطاقا لتظهر مرحلة «اللا عودة» التي لا يمكن معها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
هدف الهجوم الإسرائيليواختتم التقرير الإشارة إلى أنَّ الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية كان هدفه كسر الأعراف الغربية القائمة على ترجيح عدم مهاجمة الأراضي الإيرانية، واللجوء إلى العقوبات الاقتصادية عليها طهران فقط، مع هدف أخر وهو احتمالية تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل لضرب أهداف حيوية داخلية في إيران، وسط الانشغال العالمي بحرب غزة وحرب أوكرانيا وروسيا، والصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إسرائيل إيران طهران سوريا الوعد الصادق
إقرأ أيضاً:
“الوعد الصادق 3”.. قراءة عسكرية لمسار تطور الرد الإيراني على “إسرائيل”
وفي الوقت الذي رأت فيه “إسرائيل” أن ضربتها الأولى الغادرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي استهدفت فيها قادة أساسيين للحرس الثوري وللجيش الإيراني بالإضافة إلى مروحة الاستهدافات التي طالت مواقع عسكرية ومنشآت علمية ونووية إيرانية، ستكون ضربة حاسمة وستجعل إيران ترضخ وتستسلم، جاءت توقعات الكيان مختلفة بالكامل. وما يجري اليوم، داخل عمق الكيان وعلى كامل جغرافية فلسطين المحتلة، من استهدافات وتدمير وإصابات كبيرة، يؤكد بما لا يقبل الشك أن إيران لم تستعد المبادرة والتماسك والتوازن في القيادة والسيطرة وحسب، أيضًا فرضت على العدو “الإسرائيلي” مناورة هجومية فعالة ومتقدمة، لا يبدو أنه قادر على مواجهتها أو حتى على استيعابها.
هذه المناورة الهجومية الإيرانية ضد الكيان، يمكن الإشارة إلى أهم عناصرها، وهي:
أولاً- فرضت الوحدات الجو فضائية الإيرانية مناورة استهداف صاروخي باليستي متصاعدة، بشكل فعال، من خلال العناصر الآتية:
1. توسع في جغرافية الاستهداف، حيث تطال الصواريخ والمسيرات الإيرانية مدن الكيان ومناطقها كلها، في فلسطين المحتلة، وبشكل تتزايد فيه أعداد الإصابات على نحو لافت وصادم.
2. تنوع في نماذج الصواريخ الباليستية، وبشكل تتصاعد فيه قدرات وفعالية كل موجة صواريخ عن التي سبقتها، ليأتي في الموجة الأخيرة صاروخ “قاسم سليماني” بميزاته الفعالة، فيكون الصاروخ الأكثر تأثيرًا في عمق الكيان، بسرعته اللافتة وبقدرته على المناورة والتفوق على منظومات الدفاع الجوي “الإسرائيلية”، وبقدرته التدميرية الاستثنائية .
3. تنوع الأهداف، حيث توزعت من استهداف للمواقع العسكرية ولمنظومات الدفاع الجوي وللمطارات إلى استهداف لمراكز القيادات الأساسية للكيان، إلى استهداف مراكز حيوية ذات طابع استراتيجي، مثل الملاجئ والغرف المحصّنة وشركات الكهرباء والطاقة في حيفا وفي غيرها، بالإضافة إلى استهداف مروحة واسعة من الأبراج السكنية الضخمة داخل مدن الكيان، وخاصة في “تل أبيب”.
ثانيًا- برهنت القيادة الإيرانية السياسية والعسكرية، في هذه الحرب أو المواجهة الحساسة والاستثنائية، أنها قد حضّرت نفسها جيدًا لمواجهة كيان الاحتلال، حيث تتصاعد قدرة التدخل الإيراني عسكريّا في الكيان، فتتصاعد معه قدرة التأثير في مستوياته كلها: السياسية والعسكرية والشعبية. ولا يبدو أن القيادة في إيران في صدد التراجع أو التخفيف من مستوى تصاعد فعالية معركتها الهجومية ضد “إسرائيل”. وهذه القيادة، أيضّا، تُظهر وتُبرهن صدقية واضحة وفعلية بالالتزام بوعودها بإدخال قدرات صاروخية أعلى وأشد قدرة كل مرة، ليشكّل هذا الأمر – أي صدقية إدخال القدرات بمستوى متصاعد- عامل ضغط إضافي، يزيد من الضغط الهائل الذي تفرضه صواريخها الفعالة داخل الكيان.
أمام هذه الفعالية، وأمام هذه الصدقية، وأمام هذا الثبات على المستويات كافة، والتي تظهرها إيران اليوم في هذه الحرب ضد ” إسرائيل”، وأمام ما بدأ يرشح من تفككك ومن فقدان للتوازن داخل الكيان، على مستوى القيادة والجبهة الداخلية، جراء الخسائر الضخمة والمؤلمة وغير المتوقعة، لم يعد لـ”إسرائيل” من خيار غير البحث الجدي والسريع عن مخرج مناسب من هذا المستنقع القاتل الذي إوقعها فيه نتنياهو، ليكون المخرج الوحيد المتبقي لها، وقف الحرب والقبول مرغمة بما كانت تشدد إيران عليه وتتمسك به من حقوق طبيعية وثابتة؛ وهي:
أولاً- إنهاء أشكال العقوبات كلها المفروضة عليها، واستعادتها لحقوقها المصادرة من دول خارجية ومؤسسات مالية دولية.
ثانيًا- اعتراف الجميع، وخاصة “إسرائيل”، بحق إيران امتلاك قدرات نووية علمية وتطويرها لأغراض سلمية.
*كاتب لبناني