منذ منتصف نوفمبر الماضي، هاجمت جماعة الحوثي في اليمن عشرات السفن التجارية في البحر الأحمر، بذريعة دعم غزة وللمطالبة بوقف الحرب وفك الحصار عن سكانها، لكن مؤخراً بدت علامات على التراجع عن نهج الهجمات الحوثية عما بدت عليه خلال الأشهر الماضية.

ولا يعلم سبب هذا التراجع أهو مرتبط بهجمات واشنطن ولندن وحلفائها على الحوثيين، المستمرة منذ يناير الماضي، أم أنها جاءت مع تصاعد التوتر المباشر بين "إسرائيل" وإيران مؤخراً؟

لكن ما لفت الأنظار مؤخراً رحيل سفينة إيرانية كانت في البحر الأحمر لتقديم المعلومات للحوثيين عن السفن، وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كانت الهجمات عقب ذلك ستتوقف، أم أن الأمر ليس مرتبطاً بتلك السفينة.

انسحاب سفينة

في أحدث أنباء تناقلتها وسائل إعلام عالمية (18 أبريل 2024) من بينها وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن سفينة التجسس الإيرانية "بهشاد" المرتبطة بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، غادرت موقعها بالقرب من سواحل اليمن، وهي في طريقها إلى إيران.

وربطت الوكالة بين مغادرة السفينة موقعها وبين الاستعدادات الإيرانية لهجوم محتمل من "إسرائيل".

وتقول الوكالة إن "بهشاد"، وهي سفينة استخباراتية ولوجستية كما يقول الخبراء، أبحرت من موقعها بالقرب من سواحل اليمن في 4 أبريل الجاري، ثم توقفت عن بث موقعها حتى 18 أبريل، عندما عادت للظهور بالقرب من مضيق هرمز.

وخلال الفترة التي غادرت فيها السفينة، أعلنت مهمة "أسبيدس" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي في جنوب البحر الأحمر (6 أبريل) أنها اعترضت صاروخاً أطلقته جماعة الحوثي، وهو ما أدى إلى حماية سفن تجارية، فيما لم تعلن عقبها أي هجوم آخر.

وأوضحت وكالة "بلومبيرغ" أن إشارات السفينة الإيرانية التي كانت تجمع المعلومات تشير إلى أنها ستصل إلى ميناء بندر عباس الإيراني (18 أبريل).

دعم إيران

يذكر تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في ديسمبر من العام الماضي، أن "القوات شبه العسكرية الإيرانية توفر معلومات تتبع يستخدمها الحوثيون في اليمن لشن هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر".

نقلاً عن مسؤولين أمنيين غربيين وإقليميين، قالت الصحيفة: إن "المعلومات الاستخبارية يتم جمعها بواسطة سفينة إيرانية في البحر الأحمر ثم يتم نقلها إلى الحوثيين، مما يسمح للجماعة المدعومة من إيران باستهداف السفن التي تم تعطيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها".

ونقلت الصحيفة حينها عن مسؤول أمني غربي قوله: "الحوثيون لا يملكون تكنولوجيا الرادار لاستهداف السفن".

وأشاروا إلى أن "سفينة جمع المعلومات الاستخبارية حلت محل سفينة تجسس إيرانية تعرضت للقصف في هجوم عام 2021 يعتقد أن إسرائيل نفذته".

وسفينة "سافيز" التي تعرضت حينها للقصف كانت لجمع المعلومات الاستخباراتية وكانت مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وكانت متمركزة في البحر الأحمر خلال السنوات القليلة الماضية لدعم قوات الكوماندوز الإيرانيين الذين يتم إرسالهم لمرافقة السفن التجارية.

أما سفينة "بهشاد"، التي جاءت بدلها، فكانت مسجلة كسفينة شحن تجارية لدى شركة مقرها طهران، فرضت عليها وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات كواجهة لخطوط الشحن التابعة لإيران التي تديرها الدولة، وتواجدت عقب قصف "سافيز" في أبريل 2021.

يشير الخبير العسكري والاستراتيجي د.علي الذهب، إلى أن السفينة الإيرانية "تعمل في إطار ترددي، حيث سبق أن غادرت وعادت"، مؤكداً في الوقت ذاته أنها مسجلة كسفينة تجارية.

ويرى أنها ربما "تؤدي مهام لوجستية، ومن الممكن أن تقدم خدمات تجسسية ونشاطاً معلوماتياً مع أطراف أو شركاء إقليميين لإيرانيين من دول أو ما دون الدول، وعلى وجه الخصوص الحوثيين".

لا يستبعد الذهب أن تكون غادرت بسبب الخوف من هجمة إسرائيلية انتقامية، لكنه بالوقت ذاته يستبعد، في ، أن يكون خروجها من البحر "بسبب الهجمات الإيرانية على إسرائيل"، ويرى أنه قد تكون هناك عوامل أخرى "والمسألة تفسر على هذا النحو لأنها جاءت في هذا الظرف".

ويعتقد أيضاً أن لدى إيران سفناً أخرى حربية تتبع الحرس الثوري الإيراني أو القوات المسلحة الإيرانية في البحر الأحمر، "وهذه السفن تؤدي مهام استخباراتية وتجسسية ونقل المعلومات، وتتبادلها بطريقة مهنية واحترافية بين مختلف هذه القوات".

ولفت إلى أن إيران "تعمل في إطار استراتيجية منع الوصول البحرية، وهي استراتيجية يمكن أن تؤديها هذه السفينة التي غادرت؛ من خلال القيام بعمل استخباراتي كتبادل المعلومات مع شركاء إقليميين، لكن وجودها في البحر الأحمر تحت ذريعة كونها تجارية يجعلها في محل شك".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي: اليمن ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم

قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (undp)، إن اليمن يعد من أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم، في ظل الصراع الذي تشهده البلاد منذ عقد من الزمن.

 

وقال البرنامج الأممي في تقرير حديث له إن حصة الفرد من موارد المياه المتجددة لا تتجاوز ال80 مترًا مكعبًا سنويًا، وهي أقل بكثير من العتبة العالمية البالغة 1000 متر مكعب التي تُعرّف الإجهاد المائي.

 

وأضاف "بما أن اليمن لا يمتلك أي أنهار دائمة، فإنه يعتمد بشكل كبير على هطول الأمطار والمياه الجوفية التي تتناقص بسرعة".

 

وأكد التقرير أن المجتمعات الريفية تتأثر بالأزمة المائية بشكل غير متناسب. يفتقر أكثر من 14.5 مليون شخص في اليمن إلى خدمات مياه الشرب المأمونة والصرف الصحي، ويعيش معظمهم في المناطق الريفية والتي يصعب الوصول إليها.

 

وقال "في قرى مثل صبر في تعز، حيث تعيش رنا، لا يزال الناس يجلبون المياه من الآبار التقليدية، وكثيرًا ما يمشون مسافات طويلة في ظل ظروف قاسية. وبدون بنية تحتية موثوقة، تواجه هذه المجتمعات خسائر متكررة في المحاصيل، وتدهور الأراضي، وفرص اقتصادية محدودة. تدفعهم هذه العوامل إلى المزيد من الفقر وتزايد الهشاشة".

 

وزاد "النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر، لأنهن المسؤولات عادةً عن جمع المياه. ففي بعض المناطق الريفية من اليمن، تمشي النساء والفتيات لساعات في كل اتجاه لجلب المياه. لا يؤثر هذا العمل الذي يستغرق وقتًا طويلاً على صحتهن وسلامتهن فحسب، بل يساهم أيضًا في ارتفاع معدلات التسرب من المدارس بين الفتيات ويقيد قدرة النساء على المشاركة في التعليم أو الأنشطة الاقتصادية أو صنع القرار المجتمعي.

 

وتابع التقرير أن "عبء جمع المياه هو عبء جسدي واجتماعي واقتصادي. وإدراكًا لذلك، يعمل مشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية لتعزيز الصمود في قطاع الزراعة والأمن الغذائي (IWRM-ERA)، الممول من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) من خلال بنك التنمية الألماني (KfW)، على ضمان الإدماج الهادف للنساء في جميع أنشطته. تشارك رنا قائلة: "نحن كنساء، نشارك في كل شيء. بدءًا من تحديد احتياجات المجتمع وصولاً إلى التخطيط وحضور الأنشطة".

 

ونقل التقرير عن رنا قائلةً: "تحدث صراعات أحيانًا على الوصول إلى المياه، خاصة عندما تكون المصادر شحيحة".

 

وطبقا للتقرير فإن الأبحاث تشير إلى أن 70-80 بالمائة من جميع الصراعات الريفية في اليمن مرتبطة بالمياه. ويؤكد هذا الانتشار الكبير للنزاعات المتعلقة بالمياه على هشاشة المجتمعات التي تعاني بالفعل من مصادر مياه محدودة وغير ثابتة. وتزيد عوامل مثل النزوح وتحول أنماط هطول الأمطار من الضغط على شبكات إمدادات المياه في اليمن، مما يؤدي إلى تفاقم الصراع المستمر منذ عقد من الزمان.

 

وأكد التقرير الأممي أن الأمن الغذائي في اليمن يرتبط ارتباطًا عميقًا أيضًا بالوصول إلى المياه. منذ عام 2024، يواجه أكثر من 17 مليون يمني انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي وفقًا لتقارير الأمم المتحدة الأخيرة. يرتفع هذا العدد خلال فترات الجفاف أو الصراع.

 

ولفت إلى أن سوء الوصول إلى المياه يؤدي إلى الحد مما يمكن للمزارعين زراعته وكميته. وقال "تفشل المحاصيل بشكل متكرر، وتتأثر الثروة الحيوانية، مما يؤدي إلى انخفاض توافر الغذاء وارتفاع الأسعار. ويزيد الاعتماد على أنظمة الري غير المستدامة والمحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل القات من تفاقم المشكلة".

 

ويرى المزارعون مثل رنا تقدمًا ملحوظاً في جهود حصاد مياه الفيضانات وتحسينات البنية التحتية، ولكن البلاد بحاجة ماسة إلى حلول مائية مستدامة لتحقيق استقرار في الإنتاج الغذائي.

 

توضح رنا: "نفذ مشروع IWRM-ERA التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي العديد من التدخلات في منطقتنا، مثل بناء الجدران الاستنادية وتحسين الوصول إلى المياه. تساعد هذه الجدران على التحكم في مياه الفيضانات، مما يمنعها من إتلاف الأراضي الزراعية. كما أنها تساعدنا على جمع مياه الأمطار التي نستخدمها لري الأشجار والمحاصيل. وقد أدى هذا إلى نمو ملحوظ في أشجارنا وزيادة إنتاج المحاصيل".

 

ويرى التقرير أن الفقر يعد سببًا ونتيجة لأزمة المياه في اليمن. حيث يعيش حوالي 80% من سكان اليمن تحت خط الفقر، ويعتمد معظمهم على الزراعة والموارد الطبيعية من أجل البقاء.

 

في المناطق التي تعاني من ندرة المياه -وفق التقرير- تواجه الأسر خيارات مستحيلة بين شراء الطعام، أو الوصول إلى المياه، أو إرسال الأطفال إلى المدرسة.

 

 


مقالات مشابهة

  • تقرير إسرائيلي: مخاوف من تصعيد محتمل على الجبهة الشمالية
  • تقرير أممي: اليمن ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم
  • تقرير أمريكي: عودة النشاط التجاري إلى البحر الأحمر ليست قريبة
  • تصعيد تجاري جديد بين واشنطن وبكين مع بدء فرض رسوم موانئ متبادلة على السفن
  • قمة شرم الشيخ تُنعش الآمال بعودة حركة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس
  • الحوثيون يختطفون سفينة تجارية في ميناء رأس عيسى
  • هل تستعيد حركة الشحن في البحر الأحمر نشاطها بعد توقف حرب غزة؟
  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • خبراء الملاحة البحرية لا يتوقعون عودة الشحن البحري إلى البحر الأحمر في الوقت القريب
  • جزيرة هرمز الإيرانية.. طبيعة سريالية تجذب السياح