عربي21:
2025-05-18@04:29:38 GMT

يريدون احتلالا عربيا لغزة

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

عندما تنتهي الحرب الإسرائيلية على غزة، وستنتهي يوما، لا شك في ذلك، سيصطدم العالم بأسئلة حول من يُعمّر القطاع ومن يديره وكيف.

اليوم يبدو سؤال من يحكم ومن يُعمِّر متواريا لأسباب منها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يمتلك أي فكرة حول «اليوم التالي» وفي حالة إنكار تمنعه من تخيّل ذلك اليوم الذي يعني حتما نهايته المذلّة.



مشكلة «اليوم التالي» أن كل خياراته صعبة وربما مستحيلة. خيار عودة حماس لتحكم كما كانت قبل السابع من أكتوبر مرفوض من خصومها. السلطة الفلسطينية مشلولة وعاجزة عن أن تدير القطاع كما تريد لها بعض الأطراف الدولية. حكم العشائر الذي تحبذه إسرائيل فاشل وهو استنساخ لتجارب أخرى ماتت في المهد.

من الأفكار التي طُرحت نشر قوات دولية تتولى الإدارة الأمنية للقطاع بمشاركة قوة عربية.

في البداية رفضت الدول العربية هذا الخيار، خصوصا الدول التي جرى التلميح إلى احتمال مشاركتها في القوات الدولية المفترضة. وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد، استنكر حديث نتنياهو عن مشاركة محتملة لأبوظبي في إدارة القطاع. تعلّمنا في هذه المنطقة إذا نفى مسؤول عربي خبرا أو معلومة فاعلم أنها صحيحة أو في الطريق لتصبح كذلك. صحيفة «الفاينانشال تايمز» تحدثت الإثنين الماضي عن «ليونة» عربية لم تكن موجودة، ونقلت عن دبلوماسيين عرب استعداد بعض العواصم العربية للمشاركة في القوات الدولية المحتملة. قالت الصحيفة إن هذا الاقتراح واحد من مجموعة أفكار سُلِّمت حديثا للإدارة الأمريكية.

لم يحدد الدبلوماسيون الذين تحدثوا للصحيفة دولا بعينها، لكن من السهل تخيّل أنها لن تخرج عن دائرة الأردن ومصر والإمارات والبحرين والمغرب.

نظريا وبعيدا عن تعقيدات الحالة الفلسطينية وغزة، يبدو الاقتراح مثاليا، إذ لا يوجد أفضل من قوة عربية متجانسة لمهمة كهذه على أرض عربية. لكن على الأرض سيكون الاقتراح وصفة مثالية لكارثة وإخفاق آخر من الإخفاقات الكبرى التي مُنيت بها المنطقة.

ليس من الظلم للجيوش العربية أن يقول المرء إنها تصلح لأي شيء إلا الحرب أو فرض السلام. لقد تعرضت هذه الجيوش للإهانة خلال حروبها مع إسرائيل. كما برهنت عن إخفاق فادح في مواقف ميدانية أخرى مثل حرب تحرير الكويت (مثلا: نشرت مصر فرقتين مدرعتين لكن سرعان ما قامت أمريكا بتهميشهما عندما عجزتا عن التعامل مع مقاومة محدودة من الجيش العراقي. الجيش السعودي غارق في مستنقع اليمن منذ 2015 على الرغم من الدعم الأمريكي المستمر له).

ولا يوجد ما يوحي بحدوث تغيير نحو الأفضل رغم الأموال الباهظة التي أنفقها العرب على التسلح والتمارين الميدانية.

المشكلة لم تكن يوما مالية. إنفاق الجيوش العربية مجتمعة ليس بعيدا عن إنفاق دول حلف شمال الأطلسي. وتقديرات مجلة الإيكونومست العريقة تفيد أن إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي الست، ومعها مصر والأردن، على التسلح والخدمات العسكرية، بلغ العام الماضي 120 مليار دولار، وهو ثلث ما أنفقت دول حلف شمال الأطلسي الـ30 مجتمعة في العام ذاته.

كل هذا وعند أول امتحان عسكري أو استراتيجي تسارع الحكومات العربية للاستنجاد بأمريكا وبريطانيا.
جوهر المشكلة أن الإنفاق العسكري العربي يذهب غالبا لشراء ولاءات في العواصم الغربية وكسب ودّ المجموعات واللوبيات النافذة هناك. لهذا كثيرا ما شملت المشتريات عتادا وأسلحة لا حاجة لها أو تجاوزها الزمن. وهذا سببه أن إرادة صاحب القرار السياسي تطغى على خبرة القائد العسكري ورأيه، فيوافق السياسي على صفقات من دون العودة إلى العسكري أو حتى إبلاغه.

وسينسحب هذا الخلل على غزة فيطغى رأي السياسي الجالس في قصر فخم على رأي العسكري الذي يواجه تعقيدات الميدان الأمنية والسياسية والنفسية.

قبل أيّ حديث عن تفاصيل عملية وفنية، يجب القول إن أكبر عائق أمام تنفيذ الفكرة معنوي: العار الأخلاقي المرافق لها.

عمليا، الحديث عن قوات حفظ سلام يتطلب وجود طرفين متحاربين. لكن المنتظر أن إسرائيل لن تكون موجودة في غزة بعد الحرب الحالية، فأي صراع يُخشى منه وإسرائيل غير موجودة؟ هل المقصود حفظ الأمن والنظام العام؟ هذا يعني الخوف من وجود جهات غير نظامية تكدّر الأمن العام. هل المقصود حماس أم «داعش» مثلا؟ هل يُخشى من اضطرابات اجتماعية من أجل الخبز والكرامة وحرية التنقل؟ في هذه الحالة، هل ستتصدى القوة المقترحة إلى سكان غزة إذا ما احتجوا على أوضاعهم المعيشية التي ستكون أكثر من مأساوية؟

العقبة الأخرى هي أن إسرائيل لم تُبد أي اهتمام بموضوع القوات الدولية المُطعَّمة عربيا. إسرائيل، كما يتسرب في إعلامها المحلي، تفضل أن يتولى إدارة الشؤون المدنية في غزة بعض قادة العشائر من الجنوب.

أما العقبة الأكبر فهي أن العرب، بسبب ظروفهم المعقدة وخلافاتهم العميقة وهشاشتهم، غير مؤهلين ليكونوا قوة قائدة تفرض رأيها وقرارها. ناهيك عن أن الجيوش العربية لا تمتلك أي خبرة في حفظ السلام بالطريقة التي دأبت عليها الأمم المتحدة. لهذا فالأرجح أن تكون القوة العربية مجرد تابع للقوات الدولية كما كانت في حرب الخليج وغيرها.

أما إذا تعلّق الأمر بحفظ النظام العام، فأين هو الجيش العربي (وحتى الشرطة) الذي يمتلك هذه الخبرة والحنكة؟

كيفما قلبنا الأوراق النتيجة واحدة: نحن أمام مشروع استعماري لغزة يريح إسرائيل من الصداع اليومي. إنه فخ تنصبه أمريكا للعرب بعد فخ تمويل إعادة الإعمار. إذا ما خرجت الفكرة إلى النور ستكتفي إسرائيل بترف السيطرة على الجو وتتولى أمريكا السيطرة على البحر (من خلال الميناء العائم الذي يجري بناؤه) بينما يتحمل الآخرون، ومنهم العرب، تبعات المواجهة اليومية مع أهالي غزة الذين لن يستطيع أحد أن يُنسيهم أن هذه القوة هي ثمرة صفقة أمريكية لئيمة.

الجيوش العربية مكوَّنة في العادة من أبناء عامة الناس الذي تسكن المعاناة الفلسطينية وجدانهم. وهذا يجعل من الصعب أن يرضى جندي عربي بأن يجد نفسه في مواجهة مع سكان غزة أو جزء منهم. إن أقل واجب تجاه سكان غزة بعد الأهوال التي عاشوها أن يُمنحوا حق اختيار مَن يحكمهم.

(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال رفح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

السوداني خلال القمة العربية يعلن اطلاق 18 مبادرة وتبرعات لغزة ولبنان بـ40 مليون دولار

الاقتصاد نيوز - بغداد

أعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم السبت، عن إطلاق 18 مبادرة وتقديم تبرعات بقيمة 40 مليون دولار لإعمار غزة ولبنان، مؤكداً أن العراق ينتهج سياسة عدم الاصطفاف في المحاور.

وقال السوداني في كلمة العراق التي ألقاها خلال افتتاح القمة العربية في بغداد، "أعلن العراق عن إطلاق 18 مبادرة وتقديم تبرعات بقيمة 40 مليون دولار لإعمار غزة ولبنان. إن العراق يتبع سياسة خارجية تقوم على الشراكة والتعاون كأولوية، مع تعزيز المصالح المشتركة للبلدان، والالتزام بمبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بالإضافة إلى التصدي للإرهاب بكل صوره."

ورحب السوداني بضيوف القمة العربية، قائلاً: "أرحب بكم باسم الشعب العراقي وبضيوف قمتنا، وفي مقدمتهم السيد بيدرو سانشيز، رئيس وزراء مملكة إسبانيا، التي تربطنا بها علاقات عميقة. كما نرحب بالأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، مثمنين جهوده ومواقفه الداعمة لقضايانا العربية."

وأكد السوداني على أن "العراق يسعى دائماً ليكون مركزاً للفكر والحضارة، وداراً للتآخي والتعايش والوحدة، وملتقى للأشقاء والأصدقاء، مشدداً على أهمية وضع مصلحة شعوب المنطقة فوق كل اعتبار في ظل الأحداث العالمية الراهنة."

وأشار السوداني إلى "التزام العراق بالحلول القائمة على الحوار والتفاهم، ودوره في تقريب وجهات النظر المختلفة، من خلال دبلوماسية بناءة تهدف إلى تنمية روابط الأخوة والدين والفكر المعتدل."

وفي الشأن الفلسطيني، جدد السوداني "دعمه لحقوق الشعب الفلسطيني، مطالباً بوقف العدوان المستمر الذي يغذي الصراع والعنف، ورفض التهجير القسري، مع التأكيد على أهمية فتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية."

وشدد السوداني على "ضرورة اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ غزة، ودعا إلى إعادة تفعيل دور وكالة الأونروا في القطاع والضفة الغربية، مع دعم وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وإدانة الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق."

وفيما يتعلق بسوريا، أكد السوداني "موقف العراق الثابت في دعم وحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها على أراضيها، مع الرفض التام لأي اعتداء أو هيمنة على أي جزء من أراضيها."

وأشاد السوداني "بقرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا، معرباً عن أمله في أن يسهم ذلك في التخفيف من معاناة الشعب السوري."

كما جدد دعم العراق لوحدة اليمن وسيادته،" مؤكداً "ضرورة إنهاء الصراع والانقسام هناك لوقف معاناة الشعب اليمني."

وفي الشأن السوداني، دعا السوداني إلى "الحفاظ على وحدة السودان وحقن دماء أبنائه، مع ضرورة إيجاد حلول مستدامة للأزمة الإنسانية."

وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، شدد السوداني على "أهمية الحوار لحل الخلافات، مؤكداً دعم العراق لاستقرار ليبيا وإنهاء الانقسام الداخلي."

واختتم السوداني كلمته بالتأكيد على أن "القمة الرابعة والثلاثين ليست مجرد لقاء، بل بداية لمشروع جديد يضمن مستقبلًا يليق بشعوب المنطقة وتطلعاتها."


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • قمة بغداد تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية عربيا
  • القمة العربية تطالب بزيادة الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف الحرب في غزة
  • منصور بن زايد يشارك في القمة العربية التي بدأت أعمالها في بغداد
  • السوداني خلال القمة العربية يعلن اطلاق 18 مبادرة وتبرعات لغزة ولبنان بـ40 مليون دولار
  • الصحة العالمية: لا نستطيع إيصال مساعدات لغزة بسبب حصار إسرائيل
  • لا نستطيع إيصال مساعدات لغزة بسبب حصار إسرائيل
  • ما الذي قاله السفير الأمريكي في “إسرائيل” بعد خروجه من الملجأ
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • علي جمعة: بعض الناس يريدون أن يجعلوا كلام الله محلا للمناقشة بدعوى الحرية
  • “الأونروا” تُحذر من تلف مساعدات تمنع “إسرائيل” إدخالها لغزة