التقارب السوري التركي المحتمل.. ما هي فرص التوصل إلى اتفاق؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
أشار الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، مؤخرا إلى رغبتهما في استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ أكثر من عقد.
فصرح إردوغان بأنه سيوجه قريبا دعوة للاجتماع بالأسد للمرة الأولى منذ قطعت أنقرة ودمشق علاقاتهما الدبلوماسية عام 2011، بعد تحول الاحتجاجات ضد الحكومة السورية والحملة الوحشية التي شنتها قوات الأمن هناك، إلى حرب أهلية.
وأعلنت تركيا وقوفها في صف المعارضة السورية الساعية للإطاحة بالأسد، وما زالت تحتفظ بقوات في شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة.
وليست هذه المرة الأولى التي تجرى فيها محاولات لتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن المحاولات السابقة باءت بالفشل.
وساطة روسيةوتضغط روسيا، أحد أقوى داعمي حكومة الأسد التي لها في الوقت نفسه علاقات وثيقة مع تركيا، من أجل استئناف العلاقات الدبلوماسية.
ففي ديسمبر 2022 أجرى وزراء الدفاع التركي والسوري والروسي محادثات في موسكو، في أول اجتماع وزاري بين تركيا وسوريا منذ عام 2011. كما توسطت روسيا في اجتماعات بين مسؤولين سوريين وأتراك العام الماضي.
إلا أن المحادثات لم يكتب لها النجاح، وواصل مسؤولون سوريون انتقادهم علنا للوجود التركي في شمال غرب البلاد. وصرح الأسد في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز عربية في أغسطس الماضي بأن الهدف من محاولات التقارب من جانب إردوغان هو "إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سوريا".
كيف تختلف هذه المرة؟يبدو أن روسيا تسعى مجددا لإجراء محادثات بين الخصمين. لكن في هذه المرة، عرض العراق - الذي تشترك حدوده مع تركيا وسوريا - القيام بدور وساطة، كما فعل سابقا بين الخصمين الإقليميين السعودية وإيران.
وتعليقا، قال آرون لوند، الزميل في مركز أبحاث "سنتشري إنترناشيونال"، إن العراق ربما عرض الوساطة كأحد سبل تخفيف الضغط التركي عن حزب العمال الكردستاني، الانفصالي الذي يشن تمردا ضد تركيا منذ الثمانينيات، وله قواعد في شمال العراق.
وأضاف لوند أنه من خلال دفع التقارب مع سوريا، ربما تسعى بغداد "إلى إيجاد أحد أشكال التواصل الإيجابي مع تركيا، وخفض تهديد تركيا بالتدخل".
كذلك تغير الوضع الجيوسياسي في المنطقة في ظل حرب غزة، ومخاوف من تحولها إلى صراع إقليمي أوسع.
وقال محلل الشؤون التركية ومدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة، أوزغور أونلوهيسارسيكلي، إن البلدين ربما يشعران بعدم الأمان، لذا يسعيان إلى إقامة تحالفات جديدة في مواجهة أي تأثير إقليمي محتمل للحرب.
ماذا تريد تركيا وسوريا؟وأضاف أونلوهيسارسيكلي أن إردوغان ربما يسعى إلى التقارب مدفوعا - ولو جزئيا - بمشاعر العداء المتصاعدة لسوريا وسط أبناء بلده. لذا يرجح أن إردوغان يأمل في التوصل إلى اتفاق قد يمهد الطريق لعودة العديد من اللاجئين السوريين في بلاده البالغ عددهم 3.6 ملايين لاجئ.
أما من جانب سوريا فيعد استئناف العلاقات مع تركيا خطوة نحو إنهاء عزلة الأسد السياسية في المنطقة، بعدما ظل منبوذا لأكثر من عقد عقب حملة القمع الحكومية الوحشية ضد المتظاهرين عام 2011، ومزاعم ارتكاب جرائم حرب طفت على السطح بعد ذلك.
ورغم خلافاتهما حول الوجود التركي في شمال غرب سوريا، فإن لدى دمشق وأنقرة مصلحة مشتركة في الحد من الحكم الذاتي للأكراد في شمال شرق سوريا.
وقال أونلوهيسارسيكلي إن تركيا ربما تشعر بالقلق من احتمال تدهور الوضع الأمني في شمال شرق سوريا في حال سحبت واشنطن قواتها المتمركزة هناك حاليا في إطار تحالف ضد داعش، مضيفا أن ذلك ربما يتطلب من تركيا "التعاون - أو على الأقل التنسيق - مع سوريا لمعالجة تبعات الانسحاب الأميركي".
ويرجح جوزيف ضاهر، الباحث السويسري - السوري والأستاذ الزائر في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، أن حكومتي البلدين تأملان في تحقيق "مكاسب اقتصادية" متواضعة من خلال التقارب. فرغم أن التجارة لم تتوقف على الإطلاق، إلا أنها تجري حاليا من خلال وسطاء، في حين يسمح استئناف العلاقات الدبلوماسية بالقيام بعمليات تجارية رسمية.
ما هي احتمالات أن تؤدي المحادثات إلى اتفاق؟لا يرجح محللون أن تؤدي المحادثات إلى انسحاب تركي كامل من شمال غرب سوريا تطالب به دمشق، أو إلى أي تحول كبير آخر على الأرض في المستقبل القريب.
وقال لوند إنه رغم أن مصالح البلدين "تتلاقى فعليا إلى حد كبير، إلا أن هناك أيضا خلافات واسعة، والكثير من الذكريات السيئة والمرارة" التي قد تعرقل "عقد اتفاقات حتى على مستوى أدنى".
وأضاف أن إردوغان والأسد ربما ينتظران نتيجة الانتخابات الأميركية، التي يمكن أن تحدد الدور الأميركي في المنطقة مستقبلا، قبل التوصل إلى اتفاق بينهما.
كما ذكر لوند أنه على المدى الطويل "يقول المنطق أن الوضع يفرض شكلا من التعاون بين تركيا وسوريا... إنهما دولتا جوار تتشابك مصالحهما، والجمود الحالي لا يفيد أيا منهما".
وأشار أونلوهيسارسيكلي إلى أنه لا يرجح التوصل إلى "اتفاق كبير" نتيجة المحادثات الحالية، لكن زيادة وتيرة إجراء حوارات قد تسفر عن "بعض من إجراءات بناء الثقة".
وقال ضاهر إن النتيجة الأكثر ترجيحا للمحادثات هي إبرام بعض "الاتفاقيات الأمنية" بين الجانبين، ولكن ليس انسحابا تركيا كاملا من سوريا على المدى القصير، خاصة وأن الجيش السوري أضعف من أن يتمكن من السيطرة على شمال غرب سوريا بمفرده.
وأضاف "سوريا غير قادرة وحدها على استعادة شمال غربي البلاد بأكمله، وعليها التعامل مع تركيا".
كيف ينظر إلى الاتفاق المحتمل في تركيا وسوريا؟في تركيا وفي مناطق سوريا الخاضعة لسيطرة الحكومة، ينظر الكثيرون إلى احتمالات التقارب بشكل إيجابي. ومن جانب آخر، اندلعت احتجاجات في شمال غرب سوريا ضد احتمال تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، الداعمة للمعارضة السورية.
كما ينظر الأكراد السوريون بريبة وتخوف إلى التقارب المحتمل بين البلدين. وجاء في بيان للسلطة التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا ان المصالحة المرتقبة ستكون بمثابة "مؤامرة ضد الشعب السوري" و"شرعنة واضحة للاحتلال التركي" للمناطق ذات الأغلبية الكردية التي استولت عليها القوات المدعومة من تركيا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: استئناف العلاقات شمال غرب سوریا ترکیا وسوریا فی شمال غرب التوصل إلى إلى اتفاق مع ترکیا
إقرأ أيضاً:
حماس تؤكد إصرارها على التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بغزة
عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن حركة المقاومة الفلسطينية حماس أكدت إصرارها على التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وليس اتفاقا جزئيا.
في غضون ذلك انتقدت وكالات الإغاثة خطط إسرائيل للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة والاستعانة بشركات خاصة لتوصيل الغذاء للأسر، بعد شهرين من منع الجيش خلالها دخول الإمدادات إلى القطاع.
ولم تقدم إسرائيل سوى تفاصيل قليلة عن خططها، التي أُعلنت عنها يوم الاثنين الماضي في إطار عملية موسعة تقول إنها قد تشمل السيطرة على قطاع غزة بأكمله.
وفي الوقت الحالي، سيستمر الحصار حتى إجلاء واسع النطاق للسكان من المناطق الشمالية والوسطى إلى الجنوب، حيث سيتم إخلاء منطقة مخصصة لذلك قرب مدينة رفح الجنوبية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.
وقالوا إن القوات الإسرائيلية ستفحص الداخلين إلى المنطقة لضمان عدم وصول الإمدادات إلى حماس، مع ما وصفته وكالات الإغاثة بـ"محاور" خاصة للتعامل مع التوزيع.
وقامت إسرائيل بالفعل بتطهير حوالي ثلث الأراضي لإنشاء "مناطق أمنية"، وقد عززت خطة المساعدات، إلى جانب خطط نقل جزء كبير من السكان إلى الجنوب، المخاوف من أن النية العامة هي احتلال كامل.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن الخطة "تتناقض مع المطلوب"، كما شككت وكالات أخرى في الخطة، التي لم يتم إطلاعها عليها إلا شفهيًا، وفقًا لمسؤولين في مجال الإغاثة.
وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، على منصة التواصل الاجتماعي إكس: "من الخطأ تمامًا أن يتولى طرف في النزاع - في هذه الحالة إسرائيل - مسؤولية المساعدات المنقذة للحياة للمدنيين".
وأضاف: "إن خطة المساعدات الإسرائيلية الجديدة هذه غير كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات غزة، وتمثل انتهاكًا تامًا لجميع المبادئ الإنسانية".
واتهم مسؤولو الإغاثة إسرائيل بتجاهل تعقيد توزيع المساعدات في بيئة مثل غزة، التي دمرتها 19 شهرًا من الحرب التي دمرت الكثير من بنيتها التحتية وشردت جميع سكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريبًا عدة مرات.
وذكروا إن الخطط الأخيرة تبدو وكأنها تردد صدى الخطط الإسرائيلية التي رُفضت في وقت سابق من الحرب.
واتهمت إسرائيل وكالات بما في ذلك الأمم المتحدة بالسماح لكميات كبيرة من المساعدات بالوقوع في أيدي حماس، التي تتهمها بالاستيلاء على الإمدادات المخصصة للمدنيين واستخدامها لقواتها الخاصة.