ميقاتي يدعو لانتخاب رئيس للبنان يقود التعافي
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
دينا محمود (بيروت، لندن)
أخبار ذات صلةتجددت التحذيرات في لبنان من الدخول في «نفق مظلم» ما لم يتم التوافق على انتخاب رئيس للبلاد خلال الحوار المزمع في سبتمبر، وسط تأكيدات أن البلاد لن تتعافى ما لم يتحرك اللبنانيون بإطار التحاور والتلاقي.
وأعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال اجتماع مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أمس، عن استعداده لأن يكون «جسر عبور بين جميع اللبنانيين وأن يتحاور في كل الموضوعات التي تجمع اللبنانيين».
وأكد ميقاتي، في بيان، وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للبلاد يقود عملية الإنقاذ والتعافي، محذراً من «عدم تعافي البلاد في حال لم يتم التحرك ولو ضمن إطار التحاور والتلاقي»، معتبراً أن «لبنان من دون رئيس جمهورية وبحكومة تتولى تصريف الأعمال، ومجلس النواب لا ينعقد، والمناكفات السياسية بلغت أقصى حد». من جانبه، دعا بطريرك الموارنة إلى التوصل لاتفاق بخصوص انتخاب رئيس للجمهورية في ظل شغور المنصب بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر الماضي.
بدوره، حذر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في تصريحات صحفية، من دخول بلاده في «نفق مظلم» ما لم يتم التوافق على انتخاب رئيس خلال الحوار المزمع في سبتمبر.
وقال بري إن «حوار سبتمبر فرصة لبلوغ اتفاق ينهي الأزمة الرئاسية».
ومع استمرار الشغور الرئاسي، يتوالى استمرار الأزمات التي تواجه لبنان والتي كان لميليشيا «حزب الله» الإرهابية النصيب الأكبر بحدوثها بسبب تعنتها وإفشالها إيجاد حلول تنهي هذه الأزمات.
ويزيد من هذه الأزمات، تعقيد عملية اختيار رئيس جديد للمصرف المركزي، وخضوعها للمساومات والمزايدات التي تمارسها ميليشيا «حزب الله» على الساحة السياسية، بما أفشل عمليات التصويت في مجلس النواب. كما أدت ألاعيب «حزب الله»، إلى الفشل في تنصيب حكومة كاملة الصلاحيات في بيروت، عقب الانتخابات النيابية، التي أُجريت في مايو 2022، لتظل مهام السلطة التنفيذية بشكل كامل، في يد نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال، على ضوء عدم وجود رئيس للجمهورية. وبحسب مصادر مطلعة على المشاورات التي أُجريت من أجل اختيار خليفة لسلامة خلال الأسابيع القليلة الماضية، حاول بعض من رُشِحوا لتولي المسؤولية، الحصول على ضمانات من مكونات الطبقة السياسية، وعلى رأسها «حزب الله»، وذلك بما يكفل قبول هذه الأطراف، تبني أي خيارات صعبة مطلوبة، لإجراء الإصلاحات المالية الضرورية، ويمهد الطريق للحصول على القرض، الذي طال انتظاره، من صندوق النقد الدولي.
ولكن تعنت «الحزب» وحلفائه فيما يتعلق بتقديم مثل هذه الضمانات، أدى إلى أن تبوء هذه المحاولات بالفشل، ما قاد إلى أن يصبح المنصب المصرفي الأرفع في لبنان، من نصيب نائب سلامة مؤقتاً، بعدما تراجع عن استقالة كان قد لوح بتقديمها قبل أسابيع، للضغط من أجل اختيار شاغل دائم لذلك الموقع.
وفي ظل هذه الأوضاع المعقدة، يؤكد متابعون للشأن اللبناني، أن مهمة اختيار حاكم جديد لمصرف لبنان، ربما تبدو الآن شبه مستحيلة، بالنظر إلى أن الشخصية التي ستُسند تلك المسؤولية إليها، يجب أن تتمكن من الحصول على دعم مختلف أركان معادلة الحكم، بمواقفها شديدة التباين، إلى حد التناقض.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: لبنان الحكومة اللبنانية الأزمة اللبنانية أزمة لبنان البرلمان اللبناني الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي انتخاب رئیس حزب الله
إقرأ أيضاً:
محللون للجزيرة نت: زيارة عباس للبنان تمهّد لنزع سلاح المخيمات
بيروت- في زيارة رسمية تستمر 3 أيام، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العاصمة اللبنانية بيروت، واستهل جولته بلقاء مع الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون في قصر بعبدا، على أن يجتمع غدا مع رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام.
وتأتي الزيارة في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوتر على الحدود الجنوبية للبنان، مما أضفى بُعدا سياسيا وأمنيا بالغ الأهمية على المحادثات.
وأكد الجانبان، في بيان مشترك، رفض العدوان على غزة ولبنان، ودعوا المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وإلزام تل أبيب بتنفيذ اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وقرار مجلس الأمن 1701.
وناقش الطرفان مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لتحسين أوضاع المخيمات، وسط تأكيد فلسطيني على احترام السيادة اللبنانية "وإنهاء مظاهر السلاح الخارج عن سلطة الدولة".
وتُعد هذه الزيارة الأولى لعباس في عهد الرئيس عون، وتفتح الباب أمام مقاربة جديدة لملف السلاح الفلسطيني، في ظل تحوّلات إقليمية وضغوط داخلية ودولية متزايدة.
إعادة السيادةويرى الكاتب الصحفي يوسف دياب، أن من يقرأ بين سطور البيان المشترك اللبناني الفلسطيني الصادر عقب الزيارة، يدرك تماما أن ملف السلاح الفلسطيني في لبنان قد انتهى إلى حد كبير وبشكل لا رجعة فيه.
إعلانوينص البيان صراحة -حسب دياب- على أن موضوع السلاح غير الشرعي في لبنان أصبح من الماضي، مما يعني أن العمل الفلسطيني المسلح في لبنان لم يعد قائما، وهي المرة الأولى -منذ اتفاق القاهرة عام 1969 الذي أقرَّ العمل المسلح من جنوب لبنان- التي يُعلن فيها عن نهاية دور السلاح الفلسطيني في لبنان.
ويضيف دياب للجزيرة نت أن الأمر لا يقتصر على السلاح الفلسطيني فقط، بل يشمل اللبناني أيضا، كسلاح حزب الله، وهو ما يتوافق مع ما أعلنه الرئيس عون في خطاب القسم، حيث أكد لبنان قراره العودة إلى اتفاق الهدنة الموقع عام 1949، أي عدم وجود أية "أعمال عدائية" من جنوب لبنان تجاه إسرائيل، ومنع مهاجمة الأخيرة لبنان.
ويصف دياب زيارة عباس إلى لبنان بـ"التاريخية"، خاصة وأن البيان المشترك أعلن إنهاء كل الأعمال المسلحة داخل لبنان، فلسطينية كانت أو من أطراف أخرى، مما يعني أن الدولة اللبنانية استرجعت زمام المبادرة وأصبحت صاحبة القرار في ملف الحرب والسلم.
ويضيف أن الزيارة أرست مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وأسست لنظرة لبنانية مختلفة تجاه فلسطين كقضية محقة، ولكن دون أن يكون لبنان منطلقا لأي عمل عسكري ضد إسرائيل، إلا ضمن إجماع عربي شامل، حينها سيكون لبنان جزءا من مواجهة عربية موحدة مع إسرائيل.
وأشار دياب إلى مسار جديد دخله لبنان في بناء الدولة، وأن زيارة عباس "فتحت طريق ترميم ما تعرضت له العلاقات اللبنانية الفلسطينية من تشويه" وأكدت أن الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير هي التي باركت وأشرفت على إنهاء الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان، مع بقاء ملف اللاجئين معلّقا بانتظار تسوية سياسية شاملة وكبرى.
آلية ضبط السلاحمن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية، أن المبدأ العام المتوافق عليه هو أن حصرية حمل السلاح يجب أن تكون بيد الدولة اللبنانية، ويحظى ذلك بإجماع الكل، خاصة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التي "لا تعارض ضبط السلاح داخل المخيمات بل تؤيد تنظيمه، شرط وجود جهة مشرفة على التنفيذ بالتنسيق مع السلطات اللبنانية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لها".
إعلانويقول قمورية للجزيرة نت، إن الوضع في مخيم عين الحلوة ومخيمات الجنوب يختلف عن سواه، إذ لا تقتصر السيطرة على منظمة التحرير، بل تتقاسمها فصائل أخرى مثل حركة حماس، والجهاد الإسلامي، وحركات إسلامية منها "عصبة الأنصار" وغيرها.
وهذه الفصائل -حسب قمورية- لديها خلافات مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني، ولا ترتاح لفكرة أن تتولى هذه القوات المسؤوليات الأمنية داخل المخيمات.
وبرأي المحلل "هذه الفصائل ستخلق ذرائع عدة لرفض تسليم سلاحها ما لم تحصل على ضمانات غير متوفرة حتى اللحظة". ولفت إلى أن هناك ارتباطا واضحا بين مسألة سلاح المخيمات وسلاح حزب الله، وأن "الحزب يبرر احتفاظه بالسلاح انطلاقًا من معادلة: لا يمكن تسليم سلاحنا طالما هناك سلاح خارج إطار الدولة، وما دامت المخاطر قائمة" حسب قمورية.
ويشير قمورية إلى أن أي معالجة لسلاح الفصائل الفلسطينية لا يمكن فصلها عن سلاح حزب الله، وأن "عدم حسم ملفات سلاح الطرفين سيبقي الأمر مطروحا للنقاش، دون حلول قريبة أو سهلة".
وفي المخيمات التي تشرف عليها منظمة التحرير، خاصة في الشمال والبقاع وبيروت، يوضح قمورية، أن الوضع مختلف، حيث تتولى القوات الفلسطينية مسؤولية الأمن بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وسط ضمانات تتعلق بالسلاح والاستقرار، لكنه يلفت إلى أن حقوقا مشروعة للاجئين، كالعمل والتملك، يجب توفيرها لضمان حياة كريمة لهم.
ولذلك، يعتبر المحلل السياسي أن ملف سلاح الفصائل ليس طارئا أو عاجلا، ويجب أن يعالج بهدوء وروية، لأن أي خطوة متسرعة قد تؤدي إلى مشاكل كبيرة، نظرا لحساسية المخيمات، ولا يمكن للبنان مواجهة الملف بمفرده، وأنه لا بد من تفاهمات واتفاقات واضحة قبل أي خطوة تنفيذية.
مخاوف وتحديات
من جانبه، يرى الكاتب الفلسطيني ظافر الخطيب، في حديث للجزيرة نت، أن زيارة عباس إلى لبنان، من حيث المبدأ "تمثل جهدا ضروريا ومطلوبا" في سبيل صياغة تفاهمات لبنانية فلسطينية. ويضيف "ينظر للزيارة وما تمخض عنها من بيان مشترك، كخطوة تأسيسية نحو بناء تفاهم شامل على مختلف المستويات بين الجانبين".
إعلانويشير الخطيب إلى أن تعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية يبقى أمرا بالغ الأهمية، لكون لبنان جارا لفلسطين ويحتضن أعدادا كبيرة من اللاجئين. ورغم اعتباره أن البيان المشترك، خطوة في الاتجاه الصحيح، فإن المخاوف لا تزال قائمة، خاصة في ظل الوضع الإقليمي المتقلب، حسب وصفه.
وحذَّر الخطيب من اختزال العلاقة مع الفلسطيني ببعدها الأمني فقط، وهو ما عانى منه الفلسطينيون طويلا، متخوفا من أن يكون الهدف الحقيقي هو نزع سلاح الفصائل الفلسطينية.
ويؤكد في المقابل على ضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم المدنية والاجتماعية، مبينا أنه ورغم أن البيان أشار إلى تحسين أوضاعهم، فإن الأسئلة تبقى مطروحة: كيف سيتم ذلك؟ وبأي آليات؟.
لكن الخطيب، ورغم تقييمه الإيجابي، يشير إلى جملة من الحقائق التي تستدعي التوقف عندها:
أولا: تأتي هذه الزيارة في سياق حرب كرّست -ظاهريا- ما يُعرف بـ"منطق الشرق الأوسط الجديد"، وهو منطق يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية. لكن هذا لا يعني أن المقاومة قد مُنيت بهزيمة نهائية أو أن الطرف الآخر حقق نصرا حاسما، وما تزال المنطقة تغلي، ولم تنضج بعد تسوية نهائية تفتح الباب أمام استقرار حقيقي. ثانيا: الطرفان الرسميان، اللبناني والفلسطيني، يتحركان تحت وطأة ضغوط خارجية وشروط مفروضة عليهما. ثالثا: البيان المشترك جاء كاستثمار في التوازنات الجديدة التي فرضتها المرحلة، ففي الوقت الذي استطاع فيه لبنان إعادة انتظام مؤسساته الدستورية، لا تزال الحالة الفلسطينية تراوح مكانها، عاجزة عن تحقيق أي تقدّم على صعيد الوحدة الوطنية.